عربي21:
2025-04-16@12:03:37 GMT

طبريا.. بحيرة فلسطينية من المياه العذبة تواجه الجفاف

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

طبريا.. بحيرة فلسطينية من المياه العذبة تواجه الجفاف

توصف بأنها أخفض بحيرة مياه عذبة في العالم، وثاني أخفض مسطح مائي في العالم بعد البحر الميت، فهي تقع على عمق 213 متر تحت سطح البحر.

بحيرة طبريا أو (طبرية) بحيرة عذبة المياه تقع بين منطقة الجليل في شمال فلسطين وهضبة الجولان المحتلة، على الجزء الشمالي من مسار نهر الأردن.

يبلغ طول سواحلها 53 كم، وطولها 21 كم، وعرضها 13 كم، وتبلغ مساحتها 166 كم مربع، وأقصى عمق فيها يصل إلى 46 مترا.




                                            شروق الشمس فوق بحيرة طبريا.

وتم تسمية مدينة طبريا، عند تأسيسها في عام 20 قبل الميلاد على الساحل الجنوبي الغربي من البحيرة، نسبة إلى الإمبراطور الروماني طيباريوس قيصر(الأول). وفي النسخ اليونانية واللاتينية لـ"العهد الجديد" تذكر البحيرة باسم "بحيرة الجليل" وهو الاسم الشائع اليوم في اللغة الإنجليزية.

وتراجعت أهمية البحيرة عندما فقد البيزنطيون سيطرتهم ودخول الدولة الأموية والإمبراطوريات الإسلامية اللاحقة إلى المنطقة. وشيد قرب البحيرة "قصر المنية" في عهد الخليفة الأموي الوليد الأول (705 ـ 715).

وفي عام 1187، هزم السلطان صلاح الدين الأيوبي جيوش مملكة بيت المقدس الصليبية في معركة حطين، إلى حد كبير لأنه تمكن من عزل الصليبيين عن المياه العذبة للبحيرة.

وكانت للبحيرة أهمية قليلة في بدايات الإمبراطورية العثمانية. وشهدت انتعاشا كبيرا لمجتمعها اليهودي في القرن السادس عشر، لكنها تراجعت تدريجيا، حتى دمرت المدينة بالكامل في عام 1660. وفي أوائل القرن الثامن عشر، أعاد ظاهر العمر بناء طبريا، وأصبحت مركز حكمه على الجليل، وشهدت أيضا إحياء مجتمعها اليهودي.

في عام 1908، أنشأ يهود مزرعة في طبريا، وفي نفس الوقت تأسس "موشافات كينيرت" بجوارها في المنطقة المجاورة مباشرة للبحيرة. وفي العام التالي تأسس " كفوتزات دجانيا" والتي تعتبر أول "كيبوتس" يهودي.

في عام 1917، هزم البريطانيون القوات التركية العثمانية وسيطروا على فلسطين، بينما سيطرت فرنسا على سوريا. وفي تقسيم الأراضي العثمانية بين بريطانيا وفرنسا، تم الاتفاق على أن تحتفظ بريطانيا بالسيطرة على فلسطين، بينما تسيطر فرنسا على سوريا. وتم تحديد الحدود بعبارات عامة من خلال اتفاقية الحدود الفرنسية البريطانية والتي تدعى "اتفاق بوليه - نيوكومب" في عام 1920، والتي رسمتها عبر منتصف البحيرة. وضغطت الحركة الصهيونية على الفرنسيين والبريطانيين لتخصيص أكبر عدد ممكن من مصادر المياه لفلسطين الانتدابية أثناء مفاوضات ترسيم الحدود، فسعى المفوض السامي لفلسطين، هربرت صموئيل، للسيطرة الكاملة على بحيرة طبريا.



وأدت المفاوضات إلى ضم كامل أراضي فلسطين إلى بحر الجليل، وكلا جانبي نهر الأردن وبحيرة الحولة ونبع دان وجزء من نهر اليرموك. وتمت الموافقة على الحدود النهائية في عام 1923 بعد شريط بعرض 10 أمتار على طول الشاطئ الشمالي الشرقي للبحيرة، مما أدى إلى فصل سوريا عن البحيرة.

ونصت الاتفاقية البريطانية الفرنسية على الحفاظ على الحقوق القائمة على استخدام مياه نهر الأردن من قبل سكان سوريا، وعلى أنه "سيكون للحكومة السورية الحق في إقامة رصيف جديد في سمخ على بحيرة طبريا أو الاستخدام المشترك للرصيف الحالي؛ وسيكون لسكان سوريا ولبنان نفس حقوق الصيد والملاحة في بحيرات الحولة وطبريا ونهر الأردن، في حين ستكون حكومة فلسطين مسؤولة عن مراقبة البحيرات".

وفي عام 1948، سيطرت القوات السورية على الأراضي الواقعة على طول بحيرة طبريا، بموجب اتفاقية الهدنة عام 1949 بين الاحتلال وسوريا على الساحل الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا. ومع ذلك، نصت الاتفاقية على أن خط الهدنة "لا ينبغي تفسيره على أن له أي علاقة من أي نوع بالترتيبات الإقليمية النهائية". ظلت سوريا تسيطر على الساحل الشمالي الشرقي للبحيرة حتى حرب حزيران /يونيو عام 1967.

وفي خمسينيات القرن الماضي، صاغ الاحتلال خطة لربط طبريا ببقية البنية التحتية للمياه في فلسطين المحتلة عبر الناقل الوطني للمياه، من أجل تلبية الطلب على المياه في مدنها المتنامية. واكتمل الناقل في عام 1964. وأثارت الخطة الإسرائيلية، التي عارضت فيها جامعة الدول العربية خطتها لتحويل منابع نهر الأردن، مواجهات سياسية وأحيانا مسلحة حول حوض نهر الأردن.

بالإضافة إلى نهر الأردن يصب في البحيرة وديان منها: وادي العشة (المسلخة)، وادي عبدان، وادي الجاموسة، وادي العمود، وادي الريضية (ويعرف أيضا بوادي التفاح ووادي سلامة)، ووادي الحمام.


                                              صيد السمك في بحيرة طبريا.

ونتيجة لسياسات الاحتلال فقد شهدت طبريا في السنوات الأخيرة فترة جفاف طويلة أضرت مباشرة بمنسوب مياه البحيرة بحيث كادت أن تجف بالكامل خاصة مع بروز جزيرة صغيرة في وسطها وانخفاض نسبة مياهها إلى أدنى مستوى لها لم تشهده طيلة قرن كامل.

وكثرت الأحاديث حول احتمال تعرض بحيرة طبريا للجفاف، وتساءل الكثيرون عن الأسباب التي قد تتسبب بهذا الجفاف، ويمكن القول أن الأسباب المؤدية لجفاف بحيرة طبريا هي: مشكلة الانحباس الحراري، وانخفاض معدلات الهطولات المطرية السنوية، وجفاف نهر الأردن الذي يصب فيها ويغذيها ويعد أحد أهم روافدها، الاستهلاك الكبير لمياه البحيرة من قبل الاحتلال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير بحيرة طبريا فلسطين فلسطين تاريخ بحيرة طبريا تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بحیرة طبریا نهر الأردن فی عام على أن

إقرأ أيضاً:

دولة فلسطينية موعودة

منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993، وحتى اليوم، لم تتبلور الدولة الفلسطينية الموعودة أو حتى "نواة" دولة فلسطينية. ولم يبقَ من وعود "خريطة الطريق" الصادرة عن اللجنة الرباعية عام 2003 سوى كلمات جوفاء. أما خيار حل الدولتين، فقد أصبح سرابًا دعائيًا يُستدعى فقط في أوقات الأزمات ليبدو أشبه بظلٍ في حقل. وتم سحق هذا الخيار تمامًا في طوفان ومحرقة غزة، برفض صريح من مختلف مكونات دولة الاحتلال ومصادقة الكنيست عليه.

في هذه الأثناء، يقف أرباب أوسلو على قارعة طريق الفشل، مترقبين عروضًا أميركية لا تحمل سوى وعود مفرغة، خاصة بعد استبعاد قضية القدس من طاولة المفاوضات وشطب حق العودة.

قد تُطرح معادلة جديدة تعتمد على التطبيع مقابل مسمى دولة. ومع ذلك، يواصل البعض التعلق بأوهام مؤتمر دولي ودولة مزعومة ماتت قبل ولادتها، في ظل تحول الولايات المتحدة من راعٍ للتسوية إلى شريك مباشر في الإبادة الجماعية. أما أفق "الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة"، فقد تحول إلى مشروع دولة وظيفية للتنسيق الأمني وحراسة الحدود.

ورغم أن "سلطة أوسلو" تلهث وراء أموال المقاصة وبطاقات الـ VIP، فقد تآكلت مبررات وجودها بفعل انخراطها في التنسيق الأمني بدلًا من تحقيق السلام أو الدفع بالمفاوضات. في الوقت ذاته، تمضي خطط التهجير لغزة والضفة على قدم وساق مع ترويج يتعالى لـ "الوطن البديل" علنًا، مدعومة بعنجهية أميركية نافذة.

إعلان

رغم ذلك، ما يزال صمود الشعب الفلسطيني وإرادته في المقاومة عاملًا حاسمًا في منع تدهور الحقوق المشروعة، كما أظهرت ملحمة غزة الأسطورية. مجرمو الإبادة الجماعية والمحرقة، يواصلون ضم الضفة الغربية، مما يقضي على مشروع "الدولة الفلسطينية" عبر قانون الكنيست الذي يمنع قيامها ضمن حدود 1967.

هذه السياسات تلقي بظلال قاتمة على عملية التسوية وحل الدولتين برمتهما، مع مستقبل سوداوي يلوح في الأفق للسلطة الفلسطينية ولحركة فتح.

تبقى الطموحات الفلسطينية رهينة الضغوط الأميركية الشرسة، في ظل تغول حكومة السلطة الفلسطينية التي تكرس خارطة طريق وحيدة عنوانها التنسيق الأمني والدور الوظيفي الذليل مقابل امتيازات فردية.

بينما على الأرض، تتسارع خطوات الدولة الفاشية لتغيير وقائع الضفة الغربية عبر قرارات سريعة، مثل ضم مستوطنات الخليل إلى منطقة النقب، وإلغاء قانون فك الارتباط عن مستوطنات شمالي الضفة، والإعلان عن آلاف الوحدات الاستيطانية، بهدف الوصول إلى مليون مستوطن في الضفة، ومليون آخر في القدس بحلول عام 2030.

هذا إلى جانب وقف صرف الحقوق المالية للشعب الفلسطيني، مما يؤدي إلى إنهاك السلطة وصولًا إلى الانهيار، ضمن خطة الحسم، وخلق وقائع ميدانية تمنع أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية.

أما بن غفير وعصابات المستوطنين، فيواصلون اقتحام المسجد الأقصى، معلنين أنه المكان الأقدس لليهود، مما ينذر بتحول المعركة إلى حرب دينية شاملة، حال استيقظت شعوب المنطقة.

تواصل الولايات المتحدة الترويج لوهْم حل الدولتين، فيما تقدم دعمها الكامل لمجازر الإبادة الجماعية، إلى جانب معظم العواصم الغربية، مع الإكثار من ترديد مصطلح "الدولة الفلسطينية".

بالنسبة لهؤلاء، جنبًا إلى جنب مع السلطة الفلسطينية وبعض الحكومات العربية، يشكل استمرار اللعبة التفاوضية ضرورة لجميع الأطراف. كل التهديدات والشروط التي تُطلق بين الحين والآخر ليست سوى ألعاب دبلوماسية لا تغير شيئًا في الواقع. قيادة السلطة اليوم هي الأكثر حرصًا على استمرار هذه اللعبة؛ لأن الإعلان عن فشلها سيضعها مباشرة داخل دائرة التهديد الوجودي.

إعلان

في المقابل، تبقى المقاومة الصامدة في غزة والمتصاعدة في شمال الضفة خيارًا بديلًا يرفض العبث والتضحية بثمار الأرواح البريئة، ويؤمن بأن تحرير فلسطين ليس تهورًا، بل واجبًا وحقًا.

إنه بيع الوهْم الأميركي مجددًا بعد ثلاثين عامًا من اتفاقية أوسلو، حيث يتم الترويج لفكرة دولة فلسطينية دون سيادة أو حدود أو القدس. القيمة الكبرى لهذه الدولة، كما يتوقعون، هي قدرتها على حماية أمن (إسرائيل)، والثمن يُقبض مباشرة عبر التطبيع، لتلحق الدول العربية بركب التطبيع دون تحقيق أي مكاسب حقيقية.

ورغم أن دولة الاحتلال تدرك أن هذا مجرد بيع للسراب، فإن هناك إجماعًا بين عصابات الإبادة على رفض القبول حتى بمجرد بيع الوهْم من واشنطن، مع تهديد بإلغاء اتفاقية أوسلو التي أصبحت ميتة.

وقد أثبت نتنياهو موقفه منذ كتابه "مكان تحت الشمس"، وعلى مدار عقود من الحكم، متباهيًا بأنه من منع قيام دولة فلسطينية. وجهوده في ضم الضفة الغربية عبر خطط الضم والحسم ليست سرًا، خاصة بعد إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وهو ما لم تواجهه أميركا بأي خطوات فعلية، بل استسلمت كما فعلت مرارًا، وكذلك تبعتها أوروبا. أما الصين وروسيا، فتلتزمان الصمت السلبي في كل مرة.

المنظومة الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تدرك كل ذلك، ولن تسمح بأن تنقلب المنطقة رأسًا على عقب في وجه الجميع، رغم تلاشي الوزن الإستراتيجي لدولة الاحتلال. هذا الوضع يجعل القضية الفلسطينية في موقع القيادة دون منازع، مما يهدد مصالح الدولة العبرية وبعض الأنظمة العربية، وبالتالي مصالح القوى الغربية أيضًا.

تعتمد إستراتيجية أميركا على إلهاء السلطة الفلسطينية والعرب بوهْم الدولة الفلسطينية، بينما تركز على مواجهة الصين وإنهاء المشروع النووي الإيراني. ويتطلب هذا تجييش المشاعر والحكومات العربية ضد إيران، واستمرار صناعة "البعبع"، مما يعقد المشهد نحو حرب إقليمية في حال استمرار تداعيات محرقة غزة.

إعلان

أميركا تسعى إلى مفاوضات لا نهاية لها مقابل تطبيع مفتوح، مما يؤدي إلى تغول على الحقوق الفلسطينية. في مواجهة ذلك، لا يجد الفلسطيني الرافض هذا العبثَ بحقوقه إلا خيار الصمود والمقاومة، وإحياء مشروع الوحدة الوطنية على هذا الأساس، وسحب الاعتراف بإسرائيل ما دام لا يوجد اعتراف بدولة فلسطين.

والخطاب الأميركي الذي يزعم السعي إلى الاستقرار، هو في جوهره لا ينصب على وقف العدوان ولا يدعو إلى تحقيق العدالة للفلسطينيين، بل يسعى إلى استئصال حق الشعب الفلسطيني في المقاومة وشطب غزة من خريطة الكفاح الفلسطيني. يهدف ذلك إلى فرض تطبيع مذلّ لا يعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وقد يقترح كيانًا بلا أساس حقيقي.

ومع ذلك، بدأت بعض الدول الأوروبية مثل إسبانيا، وأيرلندا، والنرويج بالتحرك نحو الاعتراف بدولة فلسطينية، مما قد يفتح المجال لتغيرات متزايدة تنفصل عن الهيمنة الأميركية. هذا يأتي في مواجهة السرديات المخادعة التي تحكم السياسة الأميركية من منظور معاداة السامية، وتغطي على خطر الصهيونية الذي يتكشف تدريجيًا.

أما بالنسبة لكثير من الدول العربية، فإنها للأسف لا تختلف في موقفها الجوهري عن أميركا، إذ تسعى لشراء وهْم "الهدوء" عبر مساومات خادعة. من جانبها، تستمر دولة الاحتلال في دعم المسار الأول؛ لأنه يتيح لها التعايش مع استمرار المبادرات والمفاوضات غير المثمرة، مثلما حدث منذ احتلال عام 1967.

ومع ذلك، فإن ظهور موجة جديدة من المقاومة في الضفة، تحت تأثير مأساة غزة وشبكات التواصل الاجتماعي، قد يشكل شرارة ثورة شعبية شاملة في وجه الظلم والاستبداد، خاصة في ظل الغضب الشعبي المتزايد تجاه محرقة غزة التي يشاهدها العالم عبر البث المباشر.

يدرك قادة الاحتلال ومجتمعهم، رغم التصريحات المتكررة، بعد غرقهم المذل في وحل غزة، ورغم الإبادة السادية والظلم التاريخي، أن خطة الحسم لن تقوى على مواجهة انتفاضة مسلحة تطل برأسها في الضفة الغربية وتهجير أهلها، وأنها ستذهب لغرق مأزوم أكبر.

إعلان

بناءً على ذلك، يُتوقع استغلال القيادة الفلسطينية "المعتدلة"، ومن خلفها بعض الحكومات العربية لتمرير اتفاق يضمن أولًا أمن الاحتلال مع تقديم "حلوى التطبيع"، بينما لا يُقدَّم للفلسطينيين سوى السراب مرة أخرى.

في هذا السياق، الحرص على بقاء سلطة فلسطينية منزوعة الأفق السياسي لدولة، لتلعب دورًا محوريًا في لعبة المفاوضات السياسية ضمن عملية التسوية الكاذبة. في الوقت ذاته، تستمر دعوات الحوار الداخلي للإشغال عن التقدم في مشروع أمل للفلسطينيين، حيث تُعتبر غزة رغم المحرقة اللبنة الرئيسة لهذا المشروع الواعد في التحرير والعودة.

في ظل المقاومة والصحوة الشعبية العالمية لخطر الصهيونية على البشرية التي تصاحب محرقة غزة، يبدو تحقيق أهداف الاحتلال أمرًا بالغ الصعوبة. ولهذا، وبتوجيه صهيوني وأميركي، يسعى هؤلاء إلى تحويل الصراع بين الاحتلال والشعب الفلسطيني المغلوب بالنكبة والقهر والتهجير إلى صراع داخلي فلسطيني، بينما يتم تصوير مجرمي الإبادة الجماعية كحمل إنساني وديع.

ومن هنا تتعالى لغة تحميل مسؤولية المحرقة السادية للذبيح. هذا النهج يهدف إلى إعفاء الاحتلال السادي المجرم من تبعات سياساته الإجرامية والاستيطانية والإحلالية، والتي تجلّت في حرب الإبادة على غزة، وتهويد القدس، والضم الكامل، وتوسيع المستوطنات في الضفة المحتلة، وصولًا إلى الضم النهائي ضمن خطة الحسم المعلنة.

من الضروري أن تبقى البوصلة موجهة نحو القضية الفلسطينية، وفي القلب منها القدس، مع منحها أولوية قصوى في مواجهة مشروع الاستيطان السرطاني المستشري في القدس، والضفة الغربية، وملاحقة مشروع "يهودية الدولة" عبر كافة السبل. كما يجب تحشيد أحرار العالم لهذا الهدف النبيل، وملاحقة مشاريع التسوية والتصفية عبر كشف المؤامرات شعبيًا وتصفيتها سياسيًا وإعلاميًا.

إعلان

كذلك، يجب محاصرة مشروع "الدولة ذات الحدود المؤقتة" حتى لا يصبح واقعًا، مما يحول الدولة الفلسطينية إلى كيان وظيفي محدود. وهذا يتم عاجلًا بإنجاز مهمة إستراتيجية تتمثل في القضاء على نظرية العمل السياسي الفلسطيني دون مرجعيات، وذلك عبر إعادة بناء منظمة التحرير والسلطة الوطنية على أسس وطنية تمثيلية حقيقية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.

لإرساء الحقائق وتحميل جميع الأطراف المسؤولية، يجب على الولايات المتحدة، والأمم المتحدة اتخاذ موقف واضح ومعلن لا لبس فيه، يتمثل في الاعتراف بدولة فلسطين على حدود قرار التقسيم، أو خط الهدنة لعام 1948، مع تبني جدول زمني لتحقيق ذلك.

كما ينبغي الإعلان عن القدس عاصمة لدولة فلسطين، وبدء إجراءات سحب المستوطنات من القدس الشرقية. والعمل عاجلًا وعبر منظمة التحرير المعاد تشكيلها لاستثمار نتائج طوفان ومحرقة غزة والاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية، والبناء على فكرة الدولة بدلًا من السلطة في تشكيل النظام السياسي المستقبلي في الضفة الغربية، بما فيها القدس وقطاع غزة.

يمكن الاستعانة بالنظام الأساسي للسلطة الفلسطينية كمرحلة انتقالية إلى حين صياغة نظام أساسي أو دستور للدولة الفلسطينية. والدولة الفلسطينية المعلنة يجب أن تكون دولة لكل الفلسطينيين، سواء في الوطن أو الشتات، إلى حين تحقيق العودة. هذه الرؤية تمثل خطوة إستراتيجية نحو تحقيق العدالة المرحلية والحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني.

وحال استمر (وهذا المتوقع) التنكر للحق الفلسطيني في إقامة دولة على حدود عام 1967، تواجه القضية الفلسطينية مرحلة خطيرة قد تكون الأخطر على الإطلاق. من هذا المنطلق، يصبح تحديد الأهداف المرحلية بدقة أمرًا ضروريًا، مع الاتفاق على الأهداف الكبرى وإدارة موحدة وحكيمة للمعارك القادمة.

الحكمة تقتضي عدم الانجرار إلى مواجهات جانبية أو وهمية، والتركيز على مواجهة خطر الاحتلال في جميع الساحات، مع التشكيك في مشروعية الكيان الصهيوني استنادًا إلى القرارات الأممية مثل القرار 181 والقرار 242، وخط الهدنة لغزة عام 1967، واتفاقات التسوية العربية الفلسطينية الصهيونية، والمطالبة بالحقوق الفلسطينية كاملة.

إعلان

والعمل بشكل منهجي ومنظم لإخراج الأطراف الفلسطينية من التزامات اتفاقية أوسلو، التي تضمنت التنازل عن فلسطين عام 1948، والاعتراف بـ"إسرائيل"، والتخلي عن المقاومة والسلاح، واعتبار المقاومة إرهابًا وعبثًا.

يجب إبراز أن الاحتلال الصهيوني هو الذي أفشل خيار "حل الدولتين" وتنكر للإرادة الدولية رغم رعايتها الكاملة لوجوده وبقائه.

إلى جانب ذلك، يجب إعادة الاعتبار للعلاقة مع الداخل والشتات الفلسطيني، وخصوصًا الجمهور، وإعادة النظر في طريقة بناء المؤسسات الفلسطينية لتكون رافعة قوية وقانونية للمعركة القادمة.

كما ينبغي رفض أي اتفاقات أو ترتيبات أو حوارات تنال من حق سكان قطاع غزة والضفة الغربية في الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الاحتلال.

هذا لا يمنع إدارة المعارك في المسائل التفصيلية والتكتيكية مثل التهدئة، والحصار، والمعابر، مع مراقبة عمليات الإعمار لغزة ومخيمات شمال الضفة لضمان عدم تحولها إلى أدوات إخضاع أو قنوات تطبيع وتجسس أو وسائل إفساد وتخريب تستهدف معسكر الإرادة الفلسطينية.

"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • أبو مازن : من يحاول استهداف الأردن وإضعافه إنما يستهدف فلسطين
  • دولة فلسطينية موعودة
  • مهيدية شعل العافية فالمسؤولين ديال كازا.. مشروع لتحويل بحيرة مهملة إلى منتزه سياحي بالحي الحسني (صور)
  • الرئاسة الفلسطينية: من يحاول استهداف الأردن وإضعافه إنما يستهدف فلسطين
  • محافظ الفيوم يوقع بروتوكول تعاون لإعادة التوازن البيئي وتنمية بحيرة قارون
  • تضاعف الجفاف الثلجي يهدد النظم البيئية في العالم
  • إسرائيل تسوي قرية فلسطينية بالأرض
  • مباراة المنتخب والأردن الثامنة مساءً.. والفيفا يؤجل مكان مواجهة فلسطين !
  • أخنوش: الحكومة نجحت في تجاوز أزمة الجفاف وأنقذت مدناً كبرى من العطش
  • مياه البحيرة: انتهاء أعمال صيانة محطة إدفينا برشيد وعودة المياه لطبيعتها