عربي21:
2024-07-02@10:44:53 GMT

أثر المواجهة المحتملة بين إيران وإسرائيل على تركيا

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

بعد الرد الإيراني بعشرات الصواريخ والطائرات المسيرة، على مقتل قائدان في فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني و5 مستشارين عسكريين، مع مطلع الشهر الجاري، في هجوم إسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، وعلى الرغم من أن أمريكا ردت من أول لحظة على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية بأنها لم تكن على علم بالضربة، لكنها ومع بداية الرد الإيراني على إسرائيل كانت الدفاعات الأمريكية حاضرة لحماية تل أبيب وأجواء فلسطين المحتلة، وهو ما تفاخر به نتنياهو، في شكل من اشكال التطمين، بقوله إن كل الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية تم إسقاطها خارج أجواء إسرائيل، لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أكد أن "الحدث" لم ينتهي بعد، وقد يشير تصريح الرجل إلى ما انتهى إليه مجلس الوزراء المصغر في إسرائيلي بتفويض نتنياهو ووزير دفاعه للرد على الضربة الإيرانية وهو ما يعني مزيد من التصعيد في المنطقة على الرغم من تأكيد الرئيس الأمريكي لنتنياهو، نقله أحد مسئولي البيت الأبيض، بأن أمريكا ستعارض أي هجوم إسرائيلي على إيران، وستسعى مع شركائها "الإقليميين" لتهدئة الأوضاع في المنطقة.



وفي ظل هذه الأوضاع التي تزيد من حالة التوتر في المنطقة بعد ما يقارب السبعة أشهر من العدوان على غزة وتداعياته في البحر الأحمر بقصف ميليشيا الحوثي سفن الاحتلال الإسرائيلي، أو من يمدها بالبضائع والمارة في البحر أو باب المندب، وهو الإجراء الذي أربك حسابات سلاسل الإمداد في العالم، وينذر بمزيد من التوتر بعد الضربات التي وجهتها كل من أمريكا وبريطانيا لمصادر الصواريخ وتجمعات الحوثي التي تغير على السفن وتوقفها، ما أثر مباشرة في دول المنطقة مثل مصر التي خسرت خلال السبعة أشهر الماضي ما إجماليه 30% من واردات قناة السويس، كما أن تداعيات هذه التوترات التي لم تكن في الحسبان على تركيا، رغم محاولات أنقرة منذ اللحظة الأولي للعدوان على غزة وقف الحرب، إلا أن حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً كان صوب أعينها مع توالي الأيام وعدم تحقيق أي من أهداف الحرب في غزة سعت إلى توسيع رقعة الحرب سواء على الجبهة الشمالية في لبنان أو الذهاب لأبعاد من ذلك بإدخال إيران في الحرب.

تتشكل العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإيران من خلال تفاعل معقد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والثقافية. فتاريخياً، يتشارك البلدان الحدود والمصالح المتبادلة التي أثرت على سياساتهما التجارية والاقتصادية..تتشكل العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإيران من خلال تفاعل معقد من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والثقافية. فتاريخياً، يتشارك البلدان الحدود والمصالح المتبادلة التي أثرت على سياساتهما التجارية والاقتصادية، ويكفي أن نشير إلى أنه في عام 2023، وعلى مستوى الميزان التجاري، بلغت قيمة التجارة البينية إلى 5.49 مليار دولار، حيث بلغت صادرات تركيا إلى إيران 3.31 مليار دولار، والتي شملت الآلات وقطع الغيار والمواد البلاستيكية والمنتجات الكيماوية والمنتجات الزراعية، فيما بلعت ووارداتها 2.18 مليار دولار تمثلت في الغاز الطبيعي والمنتجات المعدنية والمنتجات الزراعي، فيما بلغ السياح الإيرانيين لتركيا 2.5 مليون زائر في عام 2023.

أما على مستوى الاستثمارات الكلية فقد عقدت منذ وصول العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا، عدة اجتماعات لتعزيز الحوار السياسي والتعاون القطاعي، ووقع البلدان على كثير من الاتفاقيات لتعزيز التجارة الثنائية بهدف رفعها إلى 30 مليار دولار سنويا، مع التركيز على قطاعات مثل البنوك والجمارك وتنمية التجارة الحدودية والأهم هو قطاع والطاقة، وقد لعبت آليات التعاون الثنائي، مثل اللجنة الاقتصادية المشتركة ومجلس الأعمال التركي الإيراني، أدواراً محورية في تعزيز العلاقات الاقتصادية، وهو ما يشير إلى فهم نمو التجارة البينية بين لاعبين إقليميين مهمين في المنطقة، فمشهد الطاقة في تركيا المعقد يتأثر بالديناميكيات الجيوسياسية، حتى مع التقدم المحرز من حكومة العدالة والتنمية في تنويع مصادر الطاقة، وسعيها إلى تخفيف الاعتماد على إيران، من خلال مشاريع إقليمية مشابهة مع روسيا مثلاً، المتمثل في خط السيل التركي، أو مع أذربيجان، المتمثل في خط(TANAP) الذي ينقل الغاز الطبيعي من حقل شاه دنيز، مع ذلك لا تزال إيران مورداً كبيراً، لا يمكن تجاهله بالنسبة إلى تركيا، وعليه فلقد كان موقف تركيا من العقوبات الأمريكية على إيران معقداً ومتعدد الأوجه، فحاولت تركيا الحافظ على موقفها التاريخي ضد العقوبات الأحادية الجانب، متمسكة بأن العقوبات الأحادية تضر بالاستقرار والسلام الإقليميين، لدرجة أنه كانت هناك حالات قام فيها أفراد وكيانات تركية بالتحايل على العقوبات الأمريكية، مما أدى إلى تداعيات من الحكومة الأمريكية ضد هذه الكيانات، ما أحرج الحكومة التركية.

وعلى الجانب الآخر، فقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل نمواً ملحوظاً على مر السنين، حيث بلغت صادرات تركيا إلى إسرائيل 7 مليارات دولار في عام 2022، فيما بلغت صادرات إسرائيل إلى تركيا 2.33 مليار دولار في عام 2022. وتشمل قطاعات الاستثمار الرئيسية بين تركيا وإسرائيل مجموعة متنوعة من الصناعات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث تجذب صناعة التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل المستثمرين الأتراك المهتمين بالأمن السيبراني والأجهزة الطبية وتطوير البرمجيات. وعلى العكس من ذلك، يوفر الاقتصاد التركي المتنامي فرصاً في قطاعات البناء والبنية التحتية والسياحة، وهي قطاعات أبدى المستثمرون الإسرائيليون اهتماماً بها، بينما يشهد قطاع الاستثمار في الطاقة نشاطاً كبيراً، خاصة مع اهتمام تركيا بصادرات الغاز الطبيعي الإسرائيلي، ثم إنَّه لا تزال الزراعة قطاعاً حيوياً، يستثمر البلدان في تكنولوجيتها لتحسين الإنتاجية والاستدامة، ويأتي في مرتبة معتبرة من اهتمامات المستثمرين في البلدين، تأتي صناعة السيارات، حيث تمتلك تركيا قاعدة صناعية كبيرة، فيما تواصل صناعة المنسوجات والملابس في تركيا، جذب مزيد من الاستثمارات، بالإضافة إلى قطاع المعادن، بما في ذلك تجارة قضبان الحديد الخام والمنتجات المعدنية الأخرى.

لا شك أن المناخ السياسي لعب دوراً مهماً تاريخياً في تشكيل التفاعلات الاقتصادية بين تركيا وإسرائيل. وغالباً ما أدت فترات التوتر السياسي إلى فتور في العلاقات الاقتصادية وتراجع في الاستثمارات، وفي السنوات الأخيرة، لعبت ضغوط لوبي المال والأعمال لا سيما في تركيا دوراً كبيراً في الضغط على الحكومة التركية، بالأساس والإسرائيلية في المقابل إلى بذل مزيد من الجهود لفصل المصالح الاقتصادية عن الخلافات السياسية، مما سمح باستمرار الاستثمار في القطاعات الرئيسة مثل التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية، وهو ما انعكس على مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة، لا سيما في ظل خطة الحكومة لتنويع مصادر التمويل في هذا القطاع الحساس، كما أن السياحة مثلت نشاطاً اقتصادياً مهم ومشترك بين البلدين بعد فتاوى تركيا بوجوب زيارة المسجد الأقصى لمساندة المرابطين فيه من الفلسطينيين وتنمية مواردهم، فيما يرى الإسرائيليون في تركيا بلداً جذاب ورخيص.

العلاقة التركية مع كل من إيران وإسرائيل، في ظل اقتصاد نامي للبلد أورو ـ آسيوي، تعد معقدة ومتشابكة، فتركيا تحتاج كلا البلدين، وإن كانت كفة إيران أرجح لتركيا بحكم الجوار والتاريخ والثقافة، إلا أن التزامات تركيا السياسية والعسكرية تجعلها مدفوعة لحكم الأمر الواقع إلى الميل إلى الكفة الأمريكية المساندة بطبيعة الحال لإسرائيل، حتى لو شكل ذلك لها خسائر على المستوى الاقتصادي، ففي حالة السيناريو الافتراضي لاندلاع حرب بين إيران وإسرائيل، يمكن لأمريكا أن تقدم لتركيا التعاون والمساعدة الاستراتيجية. فلدى الولايات المتحدة مصلحة راسخة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وضمان حرية الملاحة عبر الممرات المائية الحيوية، وحماية إمدادات الطاقة، ومنع تصاعد النزاعات المحلية إلى أزمات عالمية، وهو الموقف مستبعد في ظل حكم العدال والتنمية، ما يعني أن تركيا ستنحاز إلى موقف أكثر اعتدالاً يدفع إلى مزيد من التعاون مع الولايات المتحدة نفسها لتعزيز الأمن الإقليمي، والحد من التهديدات العسكرية، إذ صرح ارئيس أردوغان في أكثر من مناسبة إلى استعداد بلاده للعب دور في تهدئة الصراع في المنطقة، ويبدو أن هذا الدور يمكن أن يدشن خلال الأيام القادمة لعدم رغبة واشنطن في توسيع رقعة الصراع، على الأقل حتى إنهاء أزمة أوكرانيا.

وتسعى تركيا إلى لعب دور رجل الإطفاء في المنطقة من عدة منطلقات، أولها الصراع المحتدم على زعامة الإقليم، وهو ما سينعكس على تموضوعها السياسي الإقليمي والعالمي، ومن ناحية أخرى الحد من التأثير المحتمل في الاقتصاد التركي في حال اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل، إذ أنَّه من المرجح أن تتأثر الديناميكيات التجارية، وستتعطل تدفق السلع والخدمات، كما سيتأثر موقع تركيا الاستراتيجي كممر للطاقة بعدم الاستقرار الإقليمي، مما قد يؤثر على أسعار النفط والغاز التي يمكن أن تؤثر بدورها في التضخم وتكلفة المعيشة للمواطنين الأتراك، يضاف إلى ذلك تأثر السياحة، أحد موارد الدخل القومي التركي، ثم إنَّ المنطقة ستكون مناخ طارد للاستثمار الذي تسعى تركيا جاهدة لجلبه بعد سنوات عجاف شهدها اقتصاده لعوامل كثيرة، ستسعى حكومة العدالة والتنمية تجنبها، بكل قوة، لا سيما بعد نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة، التي كانت أحد أسباب نتائجها كان الاقتصاد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيراني إسرائيلي تركيا العلاقات إيران إسرائيل تركيا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصادیة بین ترکیا العلاقات الاقتصادیة إیران وإسرائیل ملیار دولار فی المنطقة فی ترکیا مزید من لا سیما فی عام وهو ما

إقرأ أيضاً:

حجم التبادل التجاري بين ايران وتركيا بلغ 2.3 مليار دولار خلال 5 اشهر

الاقتصاد نيوز - متابعة

بلغ حجم التبادل التجاري بين إيران وتركيا 2.3 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2024 .

وبناء على الإحصائيات التي نشرها مكتب الإحصاء التركي فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين ايران وتركيا مليارين و300 مليون دولار خلال الاشهر الخمسة الاولى من العام الجاري اي بارتفاع نسبته 5 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وبلغ حجم التجارة بين إيران وتركيا في الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي 2 مليار و189 مليون دولار.

وبحسب هذا التقرير، ارتفعت صادرات تركيا إلى إيران في الأشهر من كانون الثاني/يناير إلى ايار/مايو 2024 بنسبة 16% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق ووصلت إلى مليار و340 مليون دولار.

وكانت تركيا قد صدّرت بضائع إلى إيران بقيمة مليار و151 مليون دولار في الأشهر من كانون الثاني/يناير إلى أيار/مايو 2023؛ لكن واردات تركيا من إيران في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024 انخفضت بنسبة 7 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ووصلت إلى 960 مليون دولار في الاشهر الخمسة الاولى من العام الجاري من مليار و38 مليون دولار في نفس الفترة من العام السابق.

وبحسب هذا التقرير، صدرت تركيا في الشهر الخامس من العام الجاري بضائع بقيمة 285 مليون دولار إلى إيران واستوردت بضائع من إيران بقيمة 262 مليون دولار. وارتفعت صادرات تركيا إلى إيران في مايو/أيار بنسبة 14% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، كما زادت واردات البلاد من إيران بنسبة 20%. وفي مايو 2023، صدرت تركيا بضائع بقيمة 249 مليون دولار إلى إيران واستوردت بضائع من إيران بقيمة 217 مليون دولار.

مقالات مشابهة

  • حجم التبادل التجاري بين ايران وتركيا بلغ 2.3 مليار دولار خلال 5 اشهر
  • إيران وإسرائيل.. تهديدات تنذر بحرب كبرى
  • البحرين تؤكد ضرورة تجنب التصعيد العسكري على حدود لبنان وإسرائيل لعدم اتساع دائرة النزاع
  • The Spectator: احتمالات الحرب بين حزب الله وإسرائيل حقيقية.. ليس أمامنا سوى الانتظار
  • خبير استراتيجي: الحرب بين حزب الله وإسرائيل مسألة وقت.. والمنطقة مقبلة على خراب
  • ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها
  • تركيا تسعى للتوازن مع إيران في سوريا ولبنان؟
  • قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال سابقاً: لا تستخفوا بالتهديدات الإيرانية
  • أنقرة صدرت بـ3 مليار دولار خلال 2024.. هل العراق قادر على استخدام "الورقة الاقتصادية" ضد تركيا؟
  • علي الخامنئي: العدو خطط لتدمير النظام الإسلامي من خلال احتلال المنطقة