سجلت المناطق الاقتصادية الخاصة والحرة في سلطنة عمان نقلة مهمة ونوعية في نمو الناتج المحلي، مما حققت العديد من المحفزات للاقتصاد الوطني، التي تسرع عجلة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزز التجارة الخارجية مع تسجيل زيادة في الصادرات، وتحفيز في النشاط الصناعي.

ويشهد العالم تسارعا ملحوظا في نمو عدد المناطق الاقتصادية، والتي تجاوز عددها 5 آلاف منطقة موزعة على ما يقارب 150 دولة، وتأتي هذه الأرقام الكبيرة لتعكس أهمية المناطق الاقتصادية في تسريع التنمية، وتنويع الاقتصاد، وإيجاد بيئة عصرية ترتبط بهذه المناطق.

وما بين العامين 2022 و2023 تضاعف حجم الاستثمار المضاف في المناطق الاقتصادية الخاصة والحرة في سلطنة عمان ليصل ما يقارب 3.5 مليار ريال عماني، وسجلت المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة والصناعية استثمارات بلغت حوالي 19 مليار ريال عماني العام الفائت، مما انعكس الاستثمارات الاقتصادية العالية في هذه المناطق تسارع الاهتمام بالبنية الأساسية وتوفير العديد من الخدمات بشتى أنوعها لتكون ذات مناطق جذب عال للسكن والمعيشة سواء للمستثمرين أو العوائل والأفراد، حيث استطاعت خلال المرحلة الماضية استقطاب أعداد متزايدة من الأشخاص الذين يفضلون المعيشة في هذه المناطق أو بالقرب منها كونها ذات نمو اقتصادي متسارع لما تشهده من اهتمام في تنفيذ العديد من خدمات البنية الأساسية وتوفير الحدائق والمتنفسات الطبيعية بالإضافة إلى المرافق الفندقية المتكاملة والمواقع السكنية المتطورة والاهتمام بالمجمعات التجارية، مع تطوير المواقع التراثية والسياحية والاهتمام بالشواطئ المجاورة للمناطق الاقتصادية، وتحفيز الحركة التجارية ونمو المشاريع المتوسطة والصغيرة. ومع اتساع المشاريع في المناطق الاقتصادية الخاصة والحرة، تمكنت خلال المرحلة الماضية من استقطاب العديد من الجنسيات الأجنبية التي تفضل العيش بالقرب من مقر عملها، مما تساهم بشكل كبير على دفع الحركة التجارية في هذه المناطق، مع تحفيز إقامة المشاريع الخدمية ونمو حجم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

مشاريع تعزز الحياة المعيشية

وتنفذ الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة العديد من مشروعات البنية التحتية المتكاملة في هذه المناطق حيث تم العام الفائت الانتهاء من تنفيذ عدد من الطرقات الداخلية وشبكات الصرف الصحي مع إقامة الحدائق وتطوير المواقع الخدمية، كما تم افتتاح منشئات فندقية جديدة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، كما يتم خلال العام الجاري تواصل تنفيذ مشاريع جديدة تساعد على تأهيل وتطوير البنية الأساسية في هذه المناطق مع مراعاة القاطنين فيها والاستثمارات الضخمة التي أنشئت أو قيد الإنشاء، كما تحظى هذه المناطق التي تشرف عليها الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة ببنية أساسية عالية وخدمات متنوعة وفي تزايد مستمر بما يتواكب مع الحياة العصرية، وخصصت أجزاء واسعة لتوفير أنماط حياة محفزة وأخرى استثمارية، مما جعل منها واحات تشجع على توفير أنماط معيشية مختلفة.

فالمنطقة الاقتصادية الخاصة الدقم، من أبرز مناطق سلطنة عمان التي تعكس نمو نمط المعيشة وتستقطب سنويا العديد من الجنسيات للعيش فيها مما يسهم في نمو الحركة التجارية، وعامل جذب للمعيشة، ووصلت الاستثمارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إلى 6 مليارات ريال عماني حتى عام 2023 م.

كما استطاعت الدقم التي تجمع بين كفيها مشاريع اقتصادية عالمية ونمط حياة عصرية من تلبية احتياجات الحياة الحديثة، مع مواءمة المشاريع الاقتصادية لأنماط الحياة الجديدة، وذلك عبر تنفيذ مقومات سياحية ومعيشية مختلفة، مما جعل منها جاذبة للاستقرار فيها، ويصبح العامل مطمئنا بموقع عمله وحافز مهم لجلب عائلته للاستقرار في هذه المناطق الاقتصادية، ومحطة محفزة لتنفيذ العديد من المشاريع المتوسطة والصغيرة والمشاريع الأهلية.

الدقم تجمع الاستثمارات والمقومات السياحية

فالدقم تجمع المقومات المعيشية والسياحية وتتميز بالمساحات الشاسعة التي تلبي احتياجات الجميع مع أهمية اعتدال الأجواء على مدار السنة وبروز جمالية الشواطئ واحتضانه لعدد من الفنادق العالمية، كما تتميز بتنوع تضاريسي وطبيعي فريد في المنطقة، فرغم ارتباط الدقم بمسمى المنطقة الاقتصادية الخاصة، إلا أن المقومات السياحية والسكنية مهيئة بشكل كبير وتشجع السائح والزائر بالاستمتاع بجمالها، حيث تحتضن العديد من المعالم السياحية والمرافق الفندقية والخدمية، التي يمكن للزائر أو السائح قضى أوقات ممتعة ومشاهدة جمال الشواطئ التي تزين كل أركان ولاية الدقم.

وخلال السنوات الماضية شهدت المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ارتفاعًا في حجم الاستثمارات التي دخلت مرحلة التشغيل نتيجة انتقال مشروع مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية إلى مرحلة التشغيل التجاري مع نهاية عام 2023 كما أن الدقم أصبحت محطة أنظار العالم فهي تحتضن منطقة خاصة لمشاريع الطاقة المتجددة وتدعم التحولات العالمية في الصناعات الخضراء ومنها إنتاج الحديد الأخضر بالمنطقة والذي يهدف لإنتاج 5 ملايين طن متري من الحديد الأخضر سنويًا، حيث سيوفر الحديد عالي الجودة لقطاع السيارات والصناعات المرتبطة بطاقة الرياح وكذلك السلع الاستهلاكية، كما يتم حاليا الأعمال التحضيرية لمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في الدقم، ومنها للالتزام باستيراد 100 طن سنويًا من الأمونيا الخضراء من الدقم بحلول عام 2027، حيث تعد المحفزات وسرعة نهوض الاستثمارات أداة لجذب العديد من الأفراد والمستثمرين للعيش في هذه المنطقة، كما أنها تسهم في خلق بيئة عصرية جاذبة، تساعد على تلبية الاحتياجات وتحقيق التكاملية في الخدمات.

المناطق الحرة والحياة العصرية

أما بقية المناطق الحرة في سلطنة عمان والتي تتوزع على ولايات صحار والمزيونة وصلالة فقد حققت استثمارات عالية العام الفائت، والتي قاربت 800 مليون ريال عماني، ويرتبط ارتفاع نسبة الاستثمارات بمدى اهتمام المستثمرين بهذه المناطق المتكاملة التي تتوفر بالقرب منها الخدمات والحياة المعيشية الأمنة للأفراد، كما يفضل العديد من الأسر بالإقامة بالقرب من هذه المناطق مما يسهل الحصول على متطلبات الحياة اليومية بالإضافة إلى القرب من مواقع الأعمال، وتمكنت المنطقة الحرة بصحار من التوقيع على العديد من الاتفاقيات التي تهتم بالبنية الأساسية وتقدم مشاريع خدمية ذات نوعيات محفزة لجذب الأسر والمستثمرين.

كما أن الاهتمام بالاستثمارات التي توفر أيدي عاملة وتزيد من استقطاب العمال في المنطقة الحرة بصحارة في ارتفع متزايد حيث تم العام الفائت التوقيع على 10 اتفاقيات جديدة بحجم استثمار بلغ 126 مليون ريال عماني من أهمها مشروعان لتدوير المواد ضمن توجه سلطنة عمان لاستقطاب مشاريع نوعية في الاقتصاد الدائري، مما يخلق وظائف جديدة وأيادي عاملة ماهرة تبحث عن الاستقرار بالمنطقة.

إيجاد أراض للاستثمارات

ولمواكبة الطلب المتزايد على إقامة المشاريع الصناعية بالمنطقة، فقد باشرت إدارة المنطقة الحرة بصحار إجراءات استصلاح 630 هكتارًا كتوسعة إضافية للمرحلة الحالية. فيما تمكنت المنطقة الحرة بصلالة من توطين عدد من المشروعات من أهمها 3 مشروعات في مجالات الصناعات الغذائية والتعدينية والمستلزمات الطبية باستثمار يقدر بـ 24 مليون ريال عماني لهذه المشاريع، فهي استثمارات نوعية ذات أهمية اقتصادية عالية وتضاف على الاستثمارات القائمة في هذه المنطقة منها الخاصة بالمجالات الدوائية والتي تعني أيضا بطاقة الرياح.

كما تعزز هذه المناطق التنويع الاقتصادي من خلال جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في قطاعات متنوعة مثل قطاع الصناعات الخضراء، وقطاع الصناعات الدوائية، وقطاع البتروكيماويات والمواد التعدينية، والصناعات الغذائية، بالإضافة إلى تخصيص مناطق للذكاء الاصطناعي، لتصبح هذه الاستثمارات المتنوعة في مختلف المناطق الاقتصادية والحرة في سلطنة عمان عامل جذب مهم لإنعاش الحياة العصرية، كما أنها تخلق العديد من المشاريع المحلية التي تلبي احتياجات الأفراد، مما يحرك بوصلة الحياة العصرية لتبقى المناطق الاقتصادية الخاصة والحرة أداة مهمة لزيادة حجم الاقتصاد الوطني في جميع مجالاته، وترسم صورة رائعة كواحة عصرية تقدم جميع الخدمات أسوة بالمناطق الاقتصادية العالمية في الدول المتقدمة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المناطق الاقتصادیة الخاصة والحرة المنطقة الاقتصادیة الخاصة فی هذه المناطق المنطقة الحرة المناطق الحرة العام الفائت فی المنطقة ریال عمانی بالقرب من العدید من

إقرأ أيضاً:

مبادرة لتحويل مدارس الأحساء إلى واحات خضراء صديقة للبيئة

انطلقت مؤخرا حملة التشجير الموسمي تحت عنوان ”حملة التشجير السنوي 2024م“ في محافظة الأحساء، إيذاناً ببدء فعاليات التشجير المكثفة في مختلف أنحاء المملكة.
ودشن الحملة الدكتور عطية الثقفي، مدير عام مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بالأحساء، إذ غرس الشتلات في الساحات الخارجية للمكتب، بمشاركة منسوبي المكتب والوحدات التابعة له.
أخبار متعلقة انتهاء المرحلة الأولى لمشروع تطوير طريق الملك عبد العزيز برأس تنورةطالبات يتعلمن أسرار الزراعة المائية والبيوت المحمية في مشتل القطيفوأوضح أن الحملة تشمل هذا العام عدداً من المواقع بالتعاون مع الجهات الحكومية، حيث جرى تشجير مركز الأبحاث والتدريب بجامعة الملك فيصل بمشاركة رئيس الجامعة الدكتور عادل أبو زناده، بالإضافة إلى عدد من المراكز التابعة لمحافظة الأحساء كمركز مريطبة والسالمية وفضيلة والزايدية.د عطية الثقفيتحسين جودة الحياةوكشفَ الثقفي عن مساعي المكتب الحثيثة لتحويل مدارس المحافظة إلى واحات خضراء صديقة للبيئة.
وأوضح أن هذه المبادرة تأتي في إطار جهود الوزارة الرامية لتعزيز الوعي البيئي وتحسين جودة الحياة، مشيرًا إلى تنظيم حملات تشجير واسعة بالتعاون مع الإدارة العامة للتعليم.
وأضاف الثقفي أن ”ثمار التعاون بدأت تظهر جلياً من خلال تشجير عددٍ كبيرٍ من مدارس البنين والبنات بمشاركة المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات، بهدف غرس القيم البيئية وتحويل المدارس إلى بيئات تعليمية مستدامة“.رؤية المملكة 2030وأكد المهندس محمد الفهيد مدير إدارة البيئة بمكتب الوزارة في محافظة الأحساء، أن هذه المبادرة تُسهم في رفع الوعي البيئي لدى النشء وتعزيز السلوكيات الإيجابية تجاه البيئة، بما يُحقق أهداف رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع حيوي وبيئة مستدامة.
م محمد الفهيد
وأشار إلى توقيع مذكرة تفاهم وتعاون مشترك بين الجانبين قبل نحو شهر برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر محافظ الأحساء.
وأكد الفهيد استمرار المختصين في مكتب الوزارة بتلبية طلبات تشجير الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة، مشيراً إلى إطلاق عدد من المبادرات التطوعية في المجالين البيئي والزراعي، وذلك توافقاً مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تستهدف الوصول إلى مليون متطوع.

مقالات مشابهة

  • إلى التي تجسد كرامة هذه المنطقة... هكذا عايد ماكرون السيدة فيروز في عيدها
  • وزير الاستثمار: الحكومة تعمل على إزالة التحديات التي يواجها مجتمع الأعمال
  • حجم الاستثمارات الخاصة ناهز 25 مليار درهم خلال النصف الأول من 2024
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مخالفين لنظام البيئة
  • رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وموانئ أبوظبي
  • بحث العديد من المحاور التي تخص المغتربين في الخارج
  • مبادرة لتحويل مدارس الأحساء إلى واحات خضراء صديقة للبيئة
  • أردوغان: سنواصل النضال ضد الفوضى التي تثيرها سياسات الاحتلال
  • مكتوم بن محمد: الإمارات جوهر الريادة الاقتصادية باحتضانها أكبر تجمع لأصحاب الثروات في المنطقة
  • التخطيط تعلن عن الأسئلة الخاصة بالتعداد السكاني