لم تكن رحلة الأمريكي مايكل جيلين إلى حطام سفينة تيتانيك قبل أكثر من 24 عامًا مجرد مغامرة للاستكشاف والاستمتاع فحسب، بل هي ساعات واجه خلالها الموت، إذ سافر إلى حطام السفينة بمشاعر متناقضة بين الخوف والقلق والمغامرة، ليكون شاهدًا على واحدة من أغرب الأماكن في العالم، وأشهر حادثة بحرية في التاريخ.

«جيلين» أول صحفي يسافر إلى حطام سفينة تيتانيك الغارق في قاع المحيط الأطلسي على مسافة تصل إلى 4000 متر، وأول إعلامي في التاريخ يقدم تقريرًا مباشرًا من سفينة تيتانيك الغارقة، يقول: «عندما تلقيت الدعوة راودني على الفور شعورين متناقضين، الأول هو الخوف من الماء، والآخر الفضول والمغامرة، فقبلت الدعوة في النهاية لأرى الحطام، وأرى ما فعله المحيط بهذه السفينة التي كانت في يوم من الأيام صرح عظيم».

وغرقت سفينة تيتانيك يوم 15 أبريل عام 1912، وكانت تُعرف حينها بـ«الأضخم»، كما سماها البعض «غير القابلة للغرق»، لكن الجبل الجليدي، وفقًا للروايات، كان سببًا في غرقها بالكامل، وراح ضحيتها أكثر من 1500 شخص كانوا على متنها، في الكارثة المحفورة في الأذهان لأكثر من قرن من الزمان.

مايكل جيلين يروي لـ«الوطن» تفاصيل رحلته المثيرة

استعد جيلين للرحلة بقلب قلق ومغامر، واحتضنته الغواصة الروسية مير 2، التي صُممت خصيصًا للصمود أسفل قاع المحيط حيث الضغط الهائل، والذي يمكن أن يؤدي إلى انفجارها، وهي غواصة يوجد منها عدد قليل فقط في العالم، وتتسع لـ3 أشخاص، وخلال الرحلة كان معه قائدها الروسي «فيكتور»، وصديقه البريطاني «بريان»، وفقا لما رواه مايكل جيلين لـ«الوطن». 

دخل جيلين الغواصة هو وبقية الطاقم، وكانت صغيرة للغاية، فاستلقى هو و«بريان» على بطونهما، وأمامهما نافذة صغيرة مستديرة يرون بها كل شيء حولهما، بينما جلس القائد على مقعد بينهما.

ساعتين للوصول إلى حطام تيتانيك

كانت الغواصة «مير 2» موجودة على سفينة، وتم إلقاءها بعد صعود الطاقم في مياه المحيط، وبدأوا في النزول ببطء بسرعة ميل واحد في الساعة تقريبًا، واستغرقوا ساعتين للوصول إلى حطام «تيتانيك»، وكان الظلام يسيطر على رحلة الهبوط بالكامل، إلا بعض الأوقات كان يشعل قائد الغواصة الأضواء: «عندما كان يشعل فيكتور الأضواء كنت أرى القليل من الأسماء البحرية، وأيضًا قطع صغيرة تشبه الثلوج تتساقط فوقنا، وهو مشهد كان رائعًا لكن المثير هو أن هذه القطع التي تشبه الثلوج هي فضلات الأسماك والكائنات البحرية».

وبينما كان الطاقم ينتظر الوصول، سمعوا صوت ارتطام هادئ، فقام القائد بتشغيل الأضواء الخارجية للغواصة، وحينها ظهر كل شيء.

الوصول إلى «تيتانيك»

رأى «جيلين» رمالًا لونها فاتح، وعدد قليل من الكائنات الحية، نجوم البحر الصغيرة والحساسة التي تتميز باللون الأبيض الساطع والأسماك الطويلة النحيلة، واستمر قائد الغواصة في التحرك.

وبعد دقائق رأى جدارًا معدنيًا أسود عليه أزرارًا ضخمة مستديرة تشبه المسامير المعدنية: «في البداية كنت في حيرة، لم أكن أعلم ما هو الجدار المعدني، لكن بعدها سمعت صوت فيكتور يصرخ ويقول، تيتانيك، لقد وصلنا إلى حطام السفينة».

ظلام وبرودة.. وسور «تيتانيك»

كان الظلام يسيطر على المنطقة بجوار حطام سفينة تيتانيك، فأشعة الشمس تخترق مياه البحر لمسافة من 400 إلى 600 قدم فقط، وكانت الغواصة تتعرق من الداخل، بسبب برودة أعماق المحيط والتي تعمل على تكثيف رطوبة الهواء داخل الغواصة: «عندما وصلنا إلى حطام السفينة، كنا في الجزء السفلي من مقدمتها، وببطء، عندما وصلنا إلى الجزء العلوي، رأينا السور الشهير، إنه السور الذي تراه غالبًا في الصور وفي فيلم تيتانيك».

الصلاة على أرواح من فقدوا حياتهم على متن «تيتانيك»

حين وصل إلى أعلى السفينة، طلب «جيلين» من القائد التوقف للصلاة الصامتة على أرواح من فقدوا حياتهم على متنها: «لقد كان عاطفيًا جدًا التجربة التي جعلتني فجأة أشعر أن هذا لم يكن مجرد حطام سفينة، ولكنها مقبرة مائية».

تآكل أجزاء من «تيتانيك»

في بداية رحلته إلى الحطام، كانت الأمور تسير بسلاسة شديدة، إذ تدرب على رحلته لأيام طويلة، وخلال تفحص السفينة، فوجئ بتآكل أجزاء عديدة منها، وهي بكتيريا تسمى هالوموناس تتغذى على المعدن الصدئ.

بدأ «جيلين» وطاقمه في التحرك إلى الجزء الخلفي، والذي يبعد 600 متر تقريبًا عن الجزء الأمامي من السفينة، وبينهما منطقة تسمى «حقل الحطام»، فبعد تحطم السفينة، سقطت جميع محتوياتها وأدوات الركاب في القاع.

مواجهة الموت

وحانت اللحظة التي لم تكن في الحسبان، علقت الغواصة «مير 2» بعد أن اصطدم في جزء حديدي بالسفينة، وسقطت قطعة ضخمة من المعدن الصدئ عليهم، يحكي: «أدركت على الفور أننا في وضع حياة أو موت، نظرت أنا وبريان إلى بعضنا البعض، لكننا لم نتحدث إلى القائد فيكتور، كان يركز ويحاول إخراجنا من المأزق».

محاولات عديدة استمرت لإخراج الغواصة، استمر الأمر أكثر من نصف ساعة، حينها شعروا بأنهم سيموتون مع حطام السفينة: «قولت لنفسي بأن الأمر قد انتهى، سنموت، تخيلت نفسي أنضم إلى جثث كل من فقدوا حياتهم على متن تيتانيك، الذي ما زال ميتًا حتى يومنا هذا في قاع المحيط الأطلسي، شعرت بقشعريرة، وفكرت في زوجتي الشابة، كانت ذكرى زفافنا بعد أيام فقط، كان قلبي ثقيلًا من الحزن وبدأت في الاستسلام لمصيري».

الخروج من المأزق

وبعد فترة قصيرة، تغيرت الأمور، نظر إليهم «فيكتور» قائلًا بابتسامة ارتياح لن ينساها طوال حياته: «حسنًا.. لا مشكلة»، هنا بدأت الغواصة بالتحرك وخرجوا بأمان من المأزق: «بعد أن عدنا إلى سطح البحر، تحدثنا عن ما حدث، وعلمت أنه كان يتمتع بخبرة كبيرة كغواص، واعتاد أن يكون في مثل هذه المواقف، وبفضل مهارة فيكتور العظيمة الآن أنا على قيد الحياة».

كيف وصف جيلين الضغط في قاع المحيط؟

أحضر جيلين معه خلال الرحلة قرصًا مضغوطًا للموسيقى التصويرية لفيلم تيتانيك الشهير، والقهوة وأكواب ورق، ولمعرفة مدى تأثر الضغط الشديد أسفل قاع المحيط، يقول «جيلين» إن الأكواب تحولت من حجمها الكبير نسبيًا إلى حجم مضغوط صغير: «أحضرت هذه الأكواب إلى المنزل، وحتى يومنا هذا، كلما سألني أحد عن مدى خطورة ضغط المياه الذي واجهته في قاع المحيط الأطلسي، كل ما أفعله هو أن أريهم أحد هذه الأكواب، كما يقول المثل الصورة تساوي ألف كلمة».

مشاعر متناقضة

مشاعر متناقضة في أثناء رحلة جيلين التي رواها لـ«الوطن» خلال رحلته إلى حطام سفينة تيتانيك الشهيرة، التي راح ضحيتها أكثر من 1500 شخص، وهي رحلة لا ينوي تجربتها مرة أخرى، فذكرياتها ستدوم معه مدى الحياة: «هذا هو المكان الذي فقد فيه عدد لا يحصى من الناس حياتهم أو شاهدوا أحبائهم يفقدون حياتهم في تلك الليلة المظلمة والمأساوية، لقد صدمني بشدة الخراب في وسط اللامكان، في فم هذا البحر الهائج الذي لا يرحم، كان مشهد السفينة آخر شيء شاهده الضحايا قبل وفاتهم».

جملة واحدة يصف رحلته إلى «تيتانيك»

يصف الصحفي الأمريكي رحلته إلى حطام السفية في جملة واحدة، قائلًا: «لقد كدت أن أموت في أثناء فحص أنقاض ما كان المهندسون يتباهون به ذات يوم، يقولون إنها سفينة غير قابلة للغرق، رحلتي إلى تيتانيك أظهرت لي هشاشة الحياة وغطرسة البشرية».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: تيتانيك حطام تيتانيك غرق تيتانيك المحيط الأطلسي فی قاع المحیط حطام السفینة رحلته إلى إلى حطام أکثر من

إقرأ أيضاً:

مفاجأة صاعقة! .. حطام صاروخ “سبيس إكس” يهبط في حديقة منزل بولندي

#سواليف

صدم مالك #مستودع في #بولندا عندما عثر على #حطام لصاروخ تابع لشركة ” #سبيس_إكس ” المملوكة لإيلون #ماسك في حديقة منزله.

حطام صاروخ “فالكون 9” / x.com

واستيقظ آدم بوروكي، صاحب المنزل، ليجد جسما يشبه خزانا منفجرا بالقرب من سور حديقته. وبعد الاتصال بالطوارئ، أكدت الشرطة أن الحطام يعود إلى المرحلة الثانية من #صاروخ ” #فالكون 9″، الذي أُطلق من قاعدة فاندنبرغ الجوية في كاليفورنيا في وقت سابق من شهر فبراير الجاري.

مقالات ذات صلة الديوان الملكي يعلن وفاة أميرة سعودية 2025/02/21

وقالت المتحدثة باسم الشرطة، آنا كلوغ: “أبلغ المالك عن جسم كبير بحجم 1.5 متر × 1 متر، ظهر فجأة رغم أن المكان كان مغلقا”. 

وأضاف المتحدث باسم الشرطة، أندريه بوروفياك: “نظرا لأن المرحلة الثانية من الصاروخ كان متوقعا أن تدخل الغلاف الجوي فوق بولندا صباح اليوم، قمنا بإخطار وكالة الفضاء البولندية. نحن نتحقق من كيفية وصول الجسم إلى هذا الموقع، لكن المهم أن أحدا لم يتأذ”. 

وأكدت إدارة الأمن الفضائي التابعة لوكالة الفضاء البولندية على موقعها الإلكتروني أن “دخولا غير متحكم به للمرحلة الثانية من صاروخ فالكون 9 حدث بين الساعة 04:46 و04:48 يوم 19 فبراير 2025 فوق بولندا”. وأشارت إلى أن الجسم تم تحديده برقم NORAD/COSPAR ID 62878/2025-022Y. إقرأ المزيد

وقال الصحفي العلمي كارول فوجتسيكي: “هذا يعني أن الجسم كان جزءا من عملية خروج غير متحكم بها من المدار، حيث فقد السرعة والارتفاع تدريجيا حتى دخل الغلاف الجوي بشكل طبيعي.

وفي حوالي الساعة 4:49 صباحا، كان من المقرر أن تمر المرحلة الثانية من الصاروخ فوق بولندا، ومن المحتمل أنها احترقت قبل أربع دقائق من ذلك، وهو ما قد يكون مرئيا لسكان غرب بولندا”. 

وعلى الرغم من أن حوادث سابقة لحطام صاروخ “فالكون 9” لم تتسبب في إصابات، إلا أن “سبيس إكس” قامت بتحسين إجراءات إخراج الصواريخ من المدار. ويأتي ذلك بعد حادثة عام 2021 في ولاية واشنطن، حيث سقط جزء أسطواني من الصاروخ بطول 1.5 متر في مزرعة خاصة. 

وهذا الحادث يسلط الضوء على التحديات المتعلقة بإدارة النفايات الفضائية، خاصة مع زيادة عدد عمليات إطلاق الصواريخ حول العالم.

people were saying the grok 3 ai made asteroids clone was lame because it didn’t have the asteroids break into smaller asteroids and there was no score, so i had grok add those features by asking it to

the whole process took like 5 minutes

we are all software engineers now https://t.co/iSn2Cwl4UQ pic.twitter.com/OKYOvKH0IU

— Shibetoshi Nakamoto (@BillyM2k) February 19, 2025

مقالات مشابهة

  • خطر الموت.. احذر فعل هذا الشيء بعد رحلة سفر طويلة بالسيارة
  • عمرها ساعتين.. العثور على طفلة حديثة الطفل متوفيه في الشارع بأشمون
  • مفاجأة صاعقة! .. حطام صاروخ “سبيس إكس” يهبط في حديقة منزل بولندي
  • مصرع وإصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين على الطريق الدائرى
  • سقوط حطام صاروخ تابع لـ”سبيس إكس” فوق بولندا
  • هبوط حطام صاروخ تابع لـسبيس إكس فوق بولندا
  • الافتراضات السابقة كانت خاطئة.. كشف سر الثقب الأسود في المحيط الهادئ
  • خرائط غوغل تكشف سر "الثقب الأسود" في المحيط الهادئ
  • صورة الضحية الثانية لسفاح المعمورة بالإسكندرية عمرها 63 عاما
  • حكاية منطقة ماريا في الإسكندرية.. تحفة أثرية عمرها آلاف السنين