«اتكلم عربي».. جهود الهجرة للحفاظ على الهوية الوطنية لأبناء المصريين بالخارج| تعرف عليها
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
ولاية رئاسية جديدة للرئيس عبد الفتاح السيسي، بدأت لاستكمال عمليات بناء الجهورية الجديدة، والتي يحتل صدارتها ملف بناء الإنسان المصري، والحفاظ على الهوية الوطنية والمصرية لأبناء المصريين بالخارج وربطهم بوطنهم الأم وجذورهم المصرية، فضلا عن سعي وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج لدعم شبابنا بالخارج لمواجهة التحديات التي تواجه الهوية الوطنية، ومن ثم فقد أطلقت وزارة الهجرة المبادرة الرئاسية «اتكلم عربي» انطلاقا من الاستراتيجية الوطنية للوزارة، لتعزيز وترسيخ روح الانتماء في نفوس الأجيال الناشئة بالخارج، من خلال تعليم اللغة العربية.
وتستعرض الوزارة استراتيجية عملها بصدد هذا الملف فيما يلي:
- حرصت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، منذ تسلم مهام منصبها، على إعطاء هذا الملف الأولوية اللازمة للحفاظ علي الهوية الوطنية لأبناء المصريين بالخارج، وذلك من خلال إطلاق المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" في فبراير ٢٠٢٣ تحت شعار "جذورنا المصرية" لتعريف أبناء المصريين بالخارج أيضًا بحضارتهم العظيمة وبتراث وطنهم مصر الضارب بجذوره في عمق التاريخ والتي كان ومازال لها الكثير من الفضل علي تطور الإنسانية ومفاهيمها السياسية والعلمية والاجتماعية، وإيمانًا بأهمية دور اللغة العربية في التواصل وتشكيل وجدان الأجيال القادمة وحرصًا منا على تعميق الولاء والانتماء لدى أبناء المصريين بالخارج والداخل على حد سواء، فقد حرصت على تنظيم مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية والتثقيفية والترفيهية والمعسكرات التفاعلية والندوات المعلوماتية، فضلا عن استغلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة للوصول إلى أبنائنا المصريين بالخارج حول العالم وربطهم بمصر تاريخا واعطائهم الفرصة لان يكونوا جزء من المستقبل.
- ومن بين هذه الفعاليات، فقد أطلقت الوزارة في مطلع شهر رمضان المبارك هذا العام 2024، من خلال صفحات الوزارة والمبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة سلسلة "حواديت ماما سماح" بالتعاون مع د سماح أبو بكر عزت، كاتبة الأطفال المعروفة وبالتنسيق مع جريدة الوطن برئاسة الكاتب الصحفي مصطفى عمار، لغرس القيم والأخلاق النبيلة في نفوس وعقول صغارنا من المصريين بالداخل والخارج على حد سواء بأساليب ابتكارية وإبداعية تناسب العصر الحديث وذلك للأطفال من سن 7 إلى 14 عاما من خلال نشر ٨ حكايات في السبت والأحد من كل أسبوع خلال الشهر الفضيل على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة للوزارة.
- تم أيضا إنتاج فيلم وثائقي قصير مدته 12 دقيقة بعنوان "حلقة الوصل" عن المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" وبرعاية وزارة الهجرة، حيث تناول الفيلم أهمية اللغة كأعظم اختراع بشري عرفه التاريخ، والتأكيد على أن مصر كانت ومازالت مهد الحضارات من خلال تصوير جولة مصحوبة بشرح تعريفي في عدد من أبرز المعالم الأثرية والدينية التي جسدت مختلف الحضارات الإنسانية في مختلف العصور على أرض الكنانة.
- في فبراير ٢٠٢٤، عقدت وزارة الهجرة فعالية "مصر المحبة منذ فجر التاريخ" في إطار المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" بمقر النادي الدبلوماسي المصري، في ضوء احتفالات الأمم المتحدة لأسبوع الوئام العالمي بين الأديان خلال شهر فبراير من كل عام، لنؤكد أن هذه القيم النبيلة نقلتها الحضارة المصرية لسائر الأمم منذ آلاف السنين لتهذب الإنسانية وتتأصل في وجدان الشعب المصري عبر العصور مما ساهم في تكوين شخصية مصرية مكتملة الأركان بانصهار الزمان والمكان قادرة على تحقيق مزيد من الإنجازات في ظل الجمهورية الجديدة التي تأسست استراتيجيتها على بناء الإنسان وإعلاء قيم المواطنة. وقد عُقدت الفعالية بحضور الفريق/ وزير الطيران المدني الذي تم الاتفاق معه علي بث فيديوهات تعريفية بشأن المبادرة على متن الشركة الوطنية مصر للطيران، ورئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، ومشاركة 70 شخصًا من كبار الشخصيات وممثلين عن الأزهر الشريف، وممثلين عن الكنيسة المصرية، وعدد من أعضاء مجلس النواب عن المصريين بالخارج، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بالإضافة إلى مجموعة من كبار الكُتاب والمفكرين والشخصيات العامة وتشمل رئيس هيئة الكتاب (معرض القاهرة الدولي للكتاب) وعدد من أعضاء الجاليات المصرية في الخارج وأبنائهم.
- استهدفت فعالية "مصر المحبة منذ فجر التاريخ" رسالة وطنية بنشر الوعي الثقافي والقومي بالحضارة المصرية وإرثها الإنساني للمصريين بالخارج والداخل على حد سواء، بالإضافة إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة عن تراث مصر القديم وعمق تأثيره على الإنسانية وعلي الوحدة الوطنية، كذلك التذكير والتعريف بأهمية اللغة العربية ودورها في عصرنا الحديث لنشر المحبة والسلام، ونشر قيم التعايش وقبول الآخر، والتعريف بسمات الشخصية المصرية، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية، بتوسيع نطاق البرامج التعليمية والتثقيفية التفاعلية الرامية نحو تعزيز انتماء شباب وأطفال المصريين بالخارج والداخل للوطن وترسيخ مبدأ الهوية المصرية.
- بدأت الفعالية بعرض الفيلم الوثائقي "حلقة الوصل" عن المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي"، كما تضمنت الفعالية عرضا لفيديو حول الحضارة المصرية، أعده الشاعر محمود موسى، صاحب مبادرة "كبسولات لغوية"، والذي أشار فيه إلى مكانة مصر المتميزة وأهميتها للعالم، لما تمتلكه مصر من تاريخ وحضارة وسلام ومحبة، كما قدم موسى عرضا غنائيا قصيرا باللغة العربية الفصحى عن مصر منذ فجر العالم، مستعرضا تاريخها وحضارتها، وما يميز شعبها من محبة وتسامح، وتضمنت الفعالية أيضا عقد حلقة نقاشية تتناول قضية الحفاظ على الهوية المصرية والثقافية وتعزيز الولاء والانتماء لدى أبناء المصريين بالخارج من الجيلين الثاني والثالث، وربطهم بوطنهم الأم وجذورهم المصرية وذلك من خلال استعراض تعاليم الدين المسيحي وحفاوة الاستقبال والمحبة التي شهدتها السيدة العذراء والسيد المسيح عند قدومهم إلى مصر وتناول تعاليم الدين الإسلامي السمحة إعلاء لقيم المواطنة وكيف ساهمت الشخصية المصرية في انصهار هذه التعاليم داخلها لتتكون شخصية مكتملة الأركان قائمة على التسامح وقبول الآخر في مصر مهد الحضارات والأديان، ولم تخلو الحلقة النقاشية من الحديث عن أهمية اللغة العربية في ترسيخ الحب والسلام وأهم الأعمال الأدبية المصرية التي رسخت هذه المفاهيم في وجدان الشعب المصري خلال العصر الحديث ودور الأدب الشعبي في الحفاظ على التراث الثقافي المصري غير المادي وإحيائه بين أبناء المصريين بالداخل والخارج.
- تم بث أحداث الفعالية على الهواء مباشرة لجمهور التواصل الاجتماعي على منصات المبادرة والوزارة لتصل لكل مصري مغترب من أبناء الوطن الـ ١٥ مليون في الخارج.
- في إطار تنفيذ توصيات الحوار الوطني (المحور الاجتماعي) والتي تستهدف الحفاظ على الأغنية المصرية لدورها في الحفاظ على الهوية، حيث تضمنت الفعالية فقرة عزف على العود لعدد من أشهر الأغاني الوطنية والطربية المصرية الاصيلة لتعزيز دور الموسيقى المصرية في وجدان أبناء المصريين في الخارج بما ينعكس على تمسكهم بهويتهم.
- تم إعلان أسماء الخمسة الفائزين في مسابقة المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" في إطار التحدي الذي أطلقته وزارة الهجرة على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمبادرة الرئاسية “اتكلم عربي"، وهو تحدي معلومات عن ثقافة وحضارة مصر على مر العصور المختلفة، لمتابعي صفحات "اتكلم عربي" على وسائل التواصل الاجتماعي (شارك به 30 مستخدم).
- في يناير ٢٠٢٤، شاركت السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة فعاليات في الندوة الثقافية التي نظمها الأزهر الشريف بعنوان: "دور الدولة في الحفاظ على الهوية والتبصير بأخطار الغزو الثقافي"، كمتحدث رئيسي، وذلك في إطار المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" في مرحلتها الثانية، حيث تفقدت سيادتها جناح الأزهر الشريف، ضمن الفعاليات المقامة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الدورة 55، بحضور نحو ١٢٠ شخصا، كما تفقدت وزيرة الهجرة متحف المخطوطات، ضمن جناح الأزهر الشريف، والذي يتضمن نخبة من الموسوعات التاريخية المتميزة، من بينها مصحف مملوكي نسخ عام 866 هجريا، وعدد من الكتب العريقة التي أعيد ترميمها وإحيائها، وورشة فنون وإبداعات طلاب الأزهر الشريف وفنون الرسم على القماش والحفر على الخشب والفن التشكيلي، كما حرصت سيادتها على زيارة جناح "مجلة نور" المخصصة للأطفال، وكذلك زيارة مسرح العرائس في جناح الأزهر الشريف، وورشة عمل الروبوت بالجناح، وورشة الخط العربي، وركن الفتوى، والجناح الخاص بالدكتور محمود حمدي زقزوق، رحمه الله، شخصية الجناح، مشيدة بما يقدمه أبناء الأزهر بمحبة لرواد المعرض، مثمنة جهودهم لتستمر رسالة التوعية والسماحة، مؤكدة أن الأزهر الشريف هو أحد أذرع القوى الناعمة المصرية، جنبا إلى جنب مع الكنيسة المصرية، بما لهما من ثقل عالمي وانتشار كبير في مختلف أنحاء العالم.
- في ديسمبر ٢٠٢٣، نظمت وزارة الهجرة فعاليات مؤتمر "إحياء اليوم العالمي للغة العربية"، بالتعاون مع وزارة الثقافة ومنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة "اليونسكو"، في قصر الأمير طاز بالقاهرة، حيث تضمن المؤتمر عقب الكلمات الافتتاحية جلسة نقاشية بعنوان " اللغة العربية: إبداعات الحاضر وآفاق المستقبل"، وكذلك ورشة لتعليم الكتابة بالخط العربي للأطفال من المصريين بالخارج، شارك فيها ٢١ من أبنائنا بالخارج ليتعلموا كتابة أسمائهم باللغة العربية، والتي أكدت خلالها السفيرة سها جندي أهمية تمسك أبنائنا بالخارج بجذورهم وتاريخهم ومعرفة الحضارة المصرية التي علَّمت العالم مختلف الفنون، لتبقى دائما مصدر إلهام لهم ليكونوا في صدارة النابغين بين أقرانهم بالخارج وهم معتزين بهويتهم المصرية. هذا بالإضافة إلى افتتاح معرض "تجليات لفن الخط العربي"، حيث تضمن المعرض عدداً من اللوحات لكبار فناني الخط العربي المصريين وكذلك معرض لفناني مركز الحرف التقليدية وخاصة الخط والنقش على النحاس والحفر على الخشب. كما تضمنت فعاليات المؤتمر عرض فني ثقافي للإنشاد الفني قدمه الشيخ محمود يس التهامي، والذي قد أكد حرصه على التعاون في إطار المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي".
- إطلاق حملة ترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالوزارة على مدار شهر أكتوبر ٢٠٢٣ تحت شعار "غني لمصر.. غني للنصر.. غني بالعربي" للاحتفال بالذكرى الخمسين لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة. وقد لاقت المسابقة رواجا كبيرا بين أبناء المصريين بالخارج، حيث تلقينا 30 مقطع فيديو تم نشر أفضل 12 مشاركة منهم على عدد 2 فيديو مجمع تم من خلالهما تجميع المشاركات المتميزة لأبناء المصريين بالخارج وهم يعبرون عن فرحتهم بانتصارات أكتوبر المجيدة من خلال النشيد الوطني والأغاني الوطنية الحماسية المختلفة باللهجة المصرية واللغة العربية، وذلك تنفيذًا لتوصيات الحوار الوطني للتأكيد على أهمية الحفاظ على الأغنية المصرية لدورها في الحفاظ على الهوية المصرية.
- في إطار التنسيق والتعاون بين وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، ووزارة الثقافة، لتعزيز الهوية الوطنية لأبناء المصريين بالخارج، دعت السفيرة سها جندي وزيرة الهجرة، أبناءنا المصريين في الخارج إلى المشاركة في الدورة الرابعة من مسابقة "المبدع الصغير" والتي تنظمها وزارة الثقافة، تحت رعاية "انتصار السيسي" قرينة رئيس الجمهورية، والتي انطلقت بدءًا من 1 أكتوبر واستمرت حتى 31 ديسمبر 2023، حيث تم نشر شروط وإجراءات الالتحاق بالمسابقة لأبناء المصريين بالخارج على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة للوصول إلى أكبر عدد ممكن من أبنائنا بالخارج وحثهم على المشاركة الفاعلة في فروع المسابقة المختلفة.
- في إطار المرحلة الثانية من المبادرة، قامت وزارة الهجرة بتنظيم عدد من المعسكرات التفاعلية بالتعاون مع شركة الزمرة، والتي كان آخرها في سبتمبر ٢٠٢٣ باستضافة ورعاية المتحف القومي للحضارة المصرية ومشاركة نحو 45 طفلا، تتراوح أعمارهم من 8 إلى 13 عامًا، من مختلف الدول بينها كندا وفرنسا وإنجلترا والمملكة العربية السعودية والإمارات والولايات المتحدة، كما تم تنظيم عدد من الرحلات التفاعلية لأبنائنا من الجيل الثاني والثالث والرابع بالخارج إلى مصر لبث روح الوطنية وتعريفهم بجذورهم المصرية وبحضارتهم العريقة، حيث تم تنظيم معسكري "لوجوس" بالتعاون مع الكنيسة القبطية كل واحد منهم لحوالي 200 شاب وفتاة على مدار العام في أغسطس 2022 وأغسطس 2023 التقوا في الأولى منها برئيس مجلس الوزراء وقاموا بجولة في العلمين وفي الثانية بجولة في المتحف المصري الكبير، كما تم تنظيم عدد من المعسكرات مع مدرسة فيلوباتير الكندية والتي تم خلالها تنظيم رحلة للأبناء إلى قناة السويس، وإلى الصاعقة كما تم تنظيم معسكر للتحفيز الوطني تم تنظيمه لعدد من شباب الدارسين وبث فعالياته في فيلم "مصري" خلال احتفالات شهر أكتوبر 2022.
- تم عقد عدد من الندوات التثقيفية التي تستهدف أبنائنا في الداخل من المتعلمين في المدارس الدولية في مصر، وأبنائنا في الخارج من الجيل الثاني إلى الخامس من أبناء المصريين في الخارج، لاهتمامنا بغرس جذور اللغة العربية في وعي أبنائنا بالداخل والخارج، والاحتفاء بالشخصية المصرية وتاريخها وإرثها الحضاري، وكان آخرها بالتعاون مع د/ وسيم السيسي ود/ ميسرة عبدالله، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة للشئون الأثرية، وتم عقدها في عدد من المدارس الدولية لأبنائنا من مختلف الأعمار، بمدارس الأوروبا شولا الألمانية وكيبلينج الإنجليزية وليسيه ڤولتير الفرنسية.
- تم كذلك إعداد سلسلة من الفيديوهات التعريفية بالتاريخ والحضارة المصرية بالتعاون مع مؤسسة يارو المتخصصة في تقديم الخدمات الثقافية والتاريخية، ود. وسيم السيسي، الطبيب والمؤرخ المصري الكبير، ود. سامي عبد العزيز، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، وبموسيقى تصويرية من إهداء وتأليف الموسيقار الكبير هاني شنودة، وقد بلغ عددها 11 فيديو تم نشرهم على منصات المبادرة ومنصة يوتيوب الرسمية الخاصة بالوزارة تم تصويرها في مركز الطفل للحضارة والإبداع التابع لمتحف الطفل.
- نشر محتوى تعليمي وتثقيفي عن اللغة العربية وعن الدولة المصرية عبر العصور والحضارات المختلفة والمتعاقبة عليها على مدار المرحلة الثانية من المبادرة، بمعدل 260 منشور على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمبادرة لنصل بها إلى أكثر من 90 ألف متابع وبمعدل نحو 1.5 مليون مشاهدة لما تم نشره من فيديوهات وذلك بهدف تعريف أبنائنا في الخارج بتاريخ وطنهم الأم لتأصيله في نفوسهم وربطهم به، فجميع الشعوب تحاول التحدث بلغتهم الأم في شيء من الاعتزاز والفخر، والإنسان المتمسك بهويته دائمًا ما يكون محط إعجاب وأنظار الجميع. وقد نجحت الوزارة في الوصول برسائل المبادرة خلال مرحلتها الثانية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى 10 مليون معدل وصول إلى الجمهور المستهدف.
- جدير بالذكر أن وزارة الهجرة قد أطلقت المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" نهاية عام 2019، والتي تشرف برعاية رئيس الجمهورية لفعالياتها بهدف مواجهة حرب طمس الهوية لدى أبناء مصر في الخارج من الأجيال الثاني والثالث والرابع والخامس وتعزيز وتأصيل الروح الوطنية بداخلهم، علاوة على ترسيخ قيم التعايش السلمي والمواطنة وقبول الآخر.
- وقد نجحت المرحلة الأولى من المبادرة على تشجيع أبناء المصريين في الخارج للحديث باللغة العربية والوصول لأكثر من 200 مليون مشارك من مختلف أنحاء العالم. حيث تضمنت تلك المرحلة نشر محتوى مبسط يتناسب مع الأطفال من سن 3 إلى 6 سنوات، في شكله ومضمونه بالاعتماد على نشر الكلمات العربية الشائعة، وتعليم أحرف اللغة العربية، كذلك عمليات الدمج بين هذه الأحرف كي نصل لمرحلة تكوين الكلمة، من خلال أنشطة تفاعلية للأطفال ويشارك فيها أعضاء الأسرة، إضافة إلى خلق قصص وأغان وفيديوهات تتضمن هذا المحتوى أيضًا، هذا إلى جانب إطلاق الوزارة لحملة ترويج للمبادرة على منصة تيك توك، كما أعلنت الوزارة أن النجم المصري العالمي «مينا مسعود» وكذلك الفنان المصري بأمريكا "آدم الشرقاوي" سفيرين للمبادرة.
- كما تم إطلاق تطبيق إلكتروني للمبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" بالتعاون مع دار نهضة مصر، يتيح الفرصة للأجيال المصرية الناشئة بالخارج لتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة في أي مكان عن طريق الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، بالاعتماد على أحدث طرق التعلم التفاعلية من خلال تقديم تجربة معايشة متكاملة لثقافتنا المصرية وعاداتنا وتقاليدنا لا تخلو من المرح والألعاب، وتم تدشين حملة ترويجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع أبناء المصريين بالخارج على الاشتراك بهذا التطبيق.
- ومن هنا تكمن أهمية الجهود التي تبذلها وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج في مواجهة حرب طمس الهوية في إطار المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" والتي تتجلى في عملنا على تعميق جذورنا المصرية وتعزيز هويتنا كمصريين بالداخل والخارج على حد سواء أمام العالم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: على مواقع التواصل الاجتماعی التواصل الاجتماعی المختلفة فی إطار المبادرة الرئاسیة لأبناء المصریین بالخارج أبناء المصریین بالخارج المصریین فی الخارج الحفاظ على الهویة السفیرة سها جندی بالداخل والخارج الهویة الوطنیة الأزهر الشریف الدولة للهجرة اللغة العربیة فی الحفاظ على وزارة الهجرة من المبادرة الخط العربی بالتعاون مع على حد سواء اتکلم عربی الخارج على تم تنظیم من خلال تم نشر کما تم عدد من
إقرأ أيضاً:
هل تعيد الدبلوماسية الثقافية البديلة تأسيس الهوية العربية؟ قراءة في كتاب
الكتاب: الدبلوماسية الثقافية البديلة على إعادة تأسيس الثقافة العربيةالكاتب: د. حاتم الجوهري.
الناشر: مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، 2024م
عدد الصفحات: 321 صفحة.
تاريخياً ظهر مفهوم "الدبلوماسية الثقافية" الغربية وتوظيفها السائد؛ من خلال الثقافة والتقاليد والعادات والفنون، وتشكلت مع بداية الحضارة البشرية، التي انتقلت عبر التبادل التجاري بين البلدان المختلفة، ليتعرف كل بلد أو مجموعة بشرية على ثقافة الآخر من خلال التعامل التجاري أو المصاهرة والنسب، وأحيانا كانت الثقافة والعادات والتقاليد تنتقل عبر الفرض، وعمليات الاحتلال والغزو من جماعة بشرية وتمددها وسيطرتها على أرض وسكنى جماعة أخرى.
واستمر الأمر هكذا في انتقال الثقافات والعادات ما بين الطوعية عبر التجارة أو الفرض عبر الاحتلال أو الحروب، إلى أن جاء العصر الحديث وظهور الدبلوماسية وقواعدها المنظمة والممثلين الرسميين للدول وسفاراتهم عند البلدان الأخرى دفاعا عن المصالح المختلفة لتلك الدول، ومن خلالها قامت الحضارة الأوروبية / الغربية بتطوير مجال الثقافة وانتقاله إلى الآخرين في المرحلة الاستعمارية، عبر ما سمي بـ"الدبلوماسية الثقافية" التي بدأت في النصف الأول من القرن العشرين، في كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا عبر المجالس والمعاهد الثقافية والمؤسسات الشبيهة، لتكون مصدر قوة ناعمة لأوروبا الاستعمارية تفرض من خلالها حضورها ونفوذها على الآخرين بشكل طوعي منهم، من خلال آليات ومؤسسات رسمية تحتفي بالثقافة الأوروبية وعاداتها وتقاليدها، وتعرضها على الآخرين عبر منح وتمويلات ومسارات جديدة تماما.
كانت ممارسات الدبلوماسية الثقافية القديمة ونسقها الثقافي الغربي احتكاريا ـ لحد بعيد ـ في القرن العشرين، بينما يطرح الكتاب تصورا ومقاربة بديلة للدبلوماسية الثقافية في القرن الحادي والعشرين، يخرجها من فكرة الهيمنة والاحتكار الغربي، لتكون أداة فعالة في يد الدول العربية والدول خارج المركز الغربي عموما، ليساهم هذا التصور البديل في إعادة تأسيس الثقافة العربية وتجاوز سياقات القرن العشرين ومشاريعه ومحاولاته الثقافية التي تكسرت، ولتنهض الثقافة العربية حية وتُبعث من رمادها مثل طائر الفينق الأسطوري.
يساعد الطرح البديل للدبلوماسية الثقافية الدبلوماسية العامة، في تبني مقاربة تقوم على أولوية الجغرافيا الثقافية الرافعة في الحاضنة العربية، مع توسعة نطاقها الجغرافي عبر مستودع هويتها الناعم لتشمل البعد الإسلامي والأفريقي، لتحتوي التناقضات مع تركيا العثمانية الجديدة وإيران المذهبية الشيعية، وتحرر "البان أفريقانيزم" أو حركة "عموم أفريقيا" التاريخية العظيمة من الأفروسنتريزم أو "المركزية العنصرية السوداء"، لتكون مصر قلبا نابضا لحاضنة ووحدة جغرافية جديدة وفاعلة في القرن الحادي والعشرين.ازدهرت الدبلوماسية الثقافية الغربية ومركزيتها عموما في شكل منح خارجية تَشَدُّ الرحال من الشرق والجنوب نحو الغرب، يمينه ويساره، إذ يعتبر البعض أن نفوذ الغرب الأيديولوجي أيضا وشبكة علاقاته الدولية وتفاعلاتها شكلا نوعا من الدبلوماسية الثقافية (وهذه نقطة التقاء مهمة بين الدبلوماسية الثقافية البديلة ومسألة إعادة تأسيس الثقافة العربية، فعند مستوى عميق من ترسبات الثقافة العربية الأيديولوجية كان هناك قبول لتلك المركزية، يجعل هناك ربطا جوهريا بين صعود الدبلوماسية الثقافية البديلة والتأسيس لتصورات ثقافية عربية جديدة في مختلف المناحي).
قام تعريف الدبلوماسية الثقافية البديلة في القرن الحادي والعشرين على أساس أن الدبلوماسية الثقافية البديلة: هي فكرة مركزية جديدة تكسر السياق الاحتكاري الغربي لمفهوم الدبلوماسية الثقافية؛ وتعتمد على تبادل المزيج الثقافي المتنوع الخاص بكل دول العالم ـ والدول العربية تحديدا ـ ومنحه المكانة نفسها دون قياسه إلى نموذج معياري أوروبي/ غربي، والترويج للآليات والمسارات والمشاريع الثقافية في هذا السياق، ودون أن تصطدم مباشرة أيضا ـ بالضرورة ـ هذه الدبلوماسية الثقافية البديلة بالنظريات الثقافية التي ورثت وهم المركزية الثقافية الأوروبية، تحديدا نظريات الصدام الحضاري/ الثقافي النشطة والفاعلة حاليا، لتسعى الدبلوماسية الثقافية البديلة لأن تطور علاقات وتراكمات خاصة بها، وأن تسعى لتوفير التمويل لتلك النشاطات حتى ولو استفادت من التصورات الفرعية في المؤسسات الثقافية الدولية التي يسيطر عليها الغرب.
يضيف الكاتب هنا: "لأسباب تاريخية وموضوعية على الذات العربية أن تكون محطة رئيسية من محطات الدعوة لتلك الدبلوماسية الثقافية البديلة وبزوغها، والتأسيس لها وبعثها للحياة كطائر فينق ينهض من رماده، ويكون لها دور فاعل في حراكها، تحديدا في دورها الذي يرفد الدبلوماسية العامة ويرفد سياسات الدول العربية الخارجية، ويربط ذلك بمحاولة إعادة تأسيس الثقافة العربية في واقع إقليمي وعالمي متدافع وساخن، تكاد الذات العربية أن تكون في مركز تلك التدافعات وصراعها الثقافي وصدامها الحضاري، والأهم أن الدبلوماسية الثقافية البديلة ستساعد في تغيير الصورة النمطية السلبية عن العرب التي روج لها الاستشراق الغربي، ومن ثم ستكون سندا وقوة ناعمة للحق العربي ووجهة النظر العربية على المستوى السياسي والاقتصادي والجيوثقافي.
يمكن فهم الدبلوماسية الثقافية البديلة بوصفها أداة فعالة ممكنة لمساعدة الذات العربية في عبور مراوحتها للمكان ونهضتها من عثرتها، وتساعد في تجسير المسافات وتجاوز الاستقطابات القديمة وإرثها المكبل، إذ يرى بعضهم أن التمثلات السياسية إرث القرن العشرين قد تركت أثرا سلبيا ما (مع تكسر مشروع القومية العربية وتفكك سردية الخلافة العثمانية)، ليصير ممكنا أن تمثل الدبلوماسية الثقافية ومكوناتها العميقة والتاريخية والراسخة، جسرا محتملا يمر من عليه المستقبل العربي انتظارا لإنتاج خطابات وتصورات سياسية جديدة، تتجاوز ندوب الماضي وجراحه، حيث تصبح الثقافة أقوى المكونات الإنسانية التي تمارس دورها حينما تتعثر باقي التمثلات الأخرى (السياسية تحديدا)، وهذا وجه الأسطورة والرمزية في موضوع الثقافة ودورها القادر على إعادة بعث الأمم من كبوتها، أو من رمادها كما طائر الفينق في مقاربة لدور الدبلوماسية الثقافية الممكن وإعادة تأسيس الثقافة العربية واضطلاعها بدورها، عندما تعجز التمثلات السياسية والأيديولوجية.
يختلف دور المثقف الجديد عن المثقف القديم "المثقف القديم كان يشعر باليقين في كل شيء وكان دوره الثقافي يقتصر على اختيار جهة ما والترويج لها والدفاع عنها، سواء في الحداثة التقليدية والصراع بين الماركسية والليبرالية بتنوعاتهما، أو ما بعد الحداثة ودور الهوامش والسياسات الفرعية والنسوية والتفكيك وتجاور الأفكار.. أما الآن فالعالم في حاجة لمثقفين فاعلين مركزيين جدد يعيدون بناءه.. لمثقف يبدأ من الصفر ويتعامل مع الظاهرة البشرية بأفق منفتح يرصد الظواهر الحالية ويفترض الحلول ويختبر صلاحيتها، ويُعدِّل فيها بالخصم أو الإضافة أو الاستبدال، العالم في حاجة للمثقف الحقيقي الفاعل لا مثقف الاصطفاف واختيار جانب والترويج له... المثقفون أو العارفون والمفكرون الجدد يجتهدون بمفردهم في مجتمع عالمي وعربي يحتاج لتأسيس نظام قيمي وإنساني جديد."
ومن ثم بين الكاتب مفهوم "المحاصصة الهوياتية" وضرورة تجاوزها، حيث عرفت هذا المفهوم وتناولته ذاكرا أنه: "تم عمل محاصصة هوياتية لتناسب العقلية الأوربية ومتلازماتها الثقافية ومركزها عن العلمانية والدين والديمقراطية والاستقطاب حول نهاية التاريخ وذروته بين الليبرالية أو الشيوعية، لكن في حقيقة الأمر إذا أرادت الذات العربية أن تستعيد نفسها عليها أن تتجاوز التصنيفات الأوربية في مسألة الهوية... على المثقف العربي في اللحظة الراهنة أن يقدم خطابا يتجاوز الاستقطابات التاريخية ويعبر عن الواقع عند رجل الشارع العربي، الذي يتماس مع المحلي أو القطري، ومع القومي، ومع الديني، ولا يجد فيهم الصراع بل بجد فيهم الحياة والفطرة".
يقف المتن الأساسي للدراسة على موضوع الدبلوماسية الثقافية البديلة وإعادة التأسيس للثقافة العربية، وإلى جوار هذا المتن كانت بعض الحوارات تمر على قضايا أدبية أو موضوع الترجمة أو موضوع الإرهاب أو القضية الفلسطينية، أو الجدل بين الذات والآخر.. الخ، لكن معظم تلك القضايا كان تناولها يأتي من منظور كلي يسهم في إعادة تأسيس الثقافة العربية والبحث عن آفاق جديدة لها، وفي الوقت نفسه سبل توظيف القضايا الجزئية والفرعية كلما أمكن في نسق عام لدبلوماسية ثقافية جديدة فاعلة تخدم الذات العربية في القرن الحادي والعشرين.
نحو ثقافة عالمية جديدة.. دبلوماسية تبادل المزيج الثقافي
أعتقد أن المفهوم الشائع لـ"الدبلوماسية الثقافية" يخلط كثيرا بينها وبين مفهوم "السياسة الثقافية" للدولة على المستوي الخارجي (الدولي)، أي فيما يخص تصور البلدان لكيفية تقديم مزيجها الحضاري والثقافي للآخرين، وتحديدا من حيث قدرتها على توظيف ذلك في بناء علاقات النفوذ والتدافع في المجتمع الدولي، وأعتقد أن هذا المفهوم الأوروبي يجب تجاوزه، والمبادرة منا برؤية حضارية جديدة لا تتبنى الهيمنة وتحترم المساحات الخاصة بكل الثقافات البشرية وتقبل تدافعها كسمة طبيعية، لكنها توجهه في إطار التفاعل والتعارف والبحث عن المشترك قدر الإمكان، لا فرض النمط وهيمنته، وهذا لب تصوري لمفهوم مصري [وعربي] جديد لـ"دبلوماسية ثقافية" تحتضنه البلاد وتروج له وتتبناه تحت مسمى: "دبلوماسية تبادل المزيج الثقافي".
أسباب فشل نموذج " الدبلوماسية الثقافة" الغربية على المدى الطويل
المقاربة الغربية لـ "الدبلوماسية الثقافية" تعمل لحد بعيد على فرض أنماط ثقافية دخيلة على ثقافات دول العالم (خارج المركز الأوروبي)، وهذه المقاربة هي مقاربة مرحلية ومؤقتة للغاية قد يكسب من ورائها الغرب بعض المكاسب المرحلية من فرض الأنماط والهيمنة على المدى القصير، لكنها على المدى الطويل ستؤدي لرد فعل عكسي وقوي وعنيف ضدها، لأن بعض هذه الأنماط معادي للمزيج الثقافي لتلك الدول غير الأوروبية و"مستودع الهوية" التاريخي الخاص بها.
من ثم يؤكد الكاتب أن "مقاربة (الدبلوماسية الثقافية) العادلة القائمة على فهم الآخر، من الأساس لن تنزع للسيطرة وفرض النمط، إنما ستقوم على احترام ما عند الاخر والتواصل معه، وستعمل على تقوية أنماط مشتركة بعينها تكون متصالحة مع "المزيج الثقافي" و"مستودع الهوية" الخاص بكل دولة، حينها سيتحول كل بلد من أطراف "عملية التعاون" لحماية تلك الأنماط الثقافية المتبادلة بشدة، والدفاع عنها ضد محاولة اختراقها".
بين الأيديولوجي والأكاديمي
تراوح الحضور الأيديولوجي العربي -يمينا ويسارا- وثقافته العامة الآن بين: إما تعميمات تكفي النفس شر القتال والدخول في معترك الواقع لمحاولة استنطاقه، أو الحنين والبكائيات وتعزية النفس ببعض الذكريات القديمة والشعارات التاريخية.
على جانب آخر الثقافة الأكاديمية وممارساتها تقف في المعظم إما عند حدود التبعية للمقاربات المعرفية والثقافية الغربية، كرد فعل على الإحباط من مسارات الذات العربية وتعثر مشاريعها للنهضة في القرن العشرين، وكذلك تعثر مساعي الذات العربية لحلم التغيير والنهضة في القرن الجديد، ووقوع ثوراتها الشعبية الحالمة في فخ التناقضات أيضا.
مأزق الثقافة العربية
تمر الثقافة العربية بمنعطف هام في ظل الأزمات العالمية في السنوات الأخيرة، بما يعظم من دور النماذج الثقافية والمعرفية الجادة لمواجهة تلك التحديات أمام الهوية الثقافية العربية، فالعالم الآن والبلدان العربية في حاجة لدور المثقف والعارف بشكل ملح، لاسيما في ظل تفجر تناقضات المسألة الأوروبية والأحداث التي ألقت بظلالها علي المشهد العالمي وبالتالي المشهد العربي ، ومن هنا يبرز دور أجيال من المثقفين والمفكرين يتحركون في إطار خارج النمطية.
يقول "الجوهري: العالم الآن والبلدان العربية في حاجة لدور المثقف الواعي غير المستقطب لأي جهة، ودور المثقف الحقيقي سوف يظل، الذي انتهى هو دور مثقف القرن العشرين مثقف ما قبل الثورات العربية وكورونا وصعود الأوراسية الجديدة وتفجر تناقضات المسألة الأوربية، المثقف القديم كان يشعر باليقين في كل شيء وكان دوره الثقافي يقتصر على اختيار جهة ما والترويج لها والدفاع عنها، سواء في الحداثة التقليدية والصراع بين الماركسية والليبرالية بتنوعاتهما أو ما بعد الحداثة ودور الهوامش والسياسات الفرعية والنسوية والتفكيك وتجاور الأفكار.. كان الأمر واضحا لحد بعيد، أما الآن فالعالم في حاجة لمثقفين فاعلين مركزيين جدد يعيدون بناءه. لا لمثقف الاصطفاف واختيار جانب والترويج له كما كان فيما قبل الثورات العربية وجائحة كورونا وصعود الأوراسية الجديدة وغزو روسيا لأوكرانيا، لهذا نحن عربيا الآن في حالة انعدام توازن.. مثقفو القرن العشرين وورثتهم يتحسرون على نموذجهم القديم، والمثقفون أو العارفون والمفكرون الجدد يجتهدون بمفردهم في مجتمع عالمي وعربي يحتاج لتأسيس نظام قيمي وإنساني جديد.
الوعي الشعبي العربي والنخب والتدافع الإقليمي
اعتقد البعض أن صفقة القرن قد انتهت بسقوط ترامب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية الماضية ونجاح بادين الديمقراطي، ولكن على العكس من ذلك قدم بايدن والديمقراطيون نسخة خاصة بهم من صفقة القرن، وروجت إدارة بايدن للاتفاقيات الإبراهيمية، ليتضح أن البنية الثقافية العميقة للشخصية الأمريكية المتطرفة واحدة والاختلاف قد يكون في القشرة الضحلة التي يرفعها هذا أو ذاك، لكنهما يحملان وهم المسألة الأوربية القديمة وخرافة الحضارة المطلقة التي يجب أن تسيطر على الآخر دائما. لقد ضغط بايدن من أجل انضمام السعودية إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، وقبلها حاول تفجير التناقضات بين العرب السنة وإيران الشيعة مروجا لحلف ناتو عربي تقوده (إسرائيل) في "اجتماع النقب" العام الماضي، وفي عهده أصبح اقتحام المسجد الأقصى فعلا اعتياديا، واستمرت أمريكا في تفجير التناقضات العربية وإدارتها كسياسة خارجية ضاغطة تُضعف البلدان العربية وتضعها تحت دائرة الخضوع والعجز دوما.
"الصهيونية الإبراهيمية"
تيار التطبيع القديم الذي شمل مصر بعد حرب عام 1973 ثم الأردن بعد حرب الخليج الثانية في تسعينيات القرن الماضي، كان يقوم على علاقات دبلوماسية وتبادل السفارات، وفي مرحلة لاحقة تحت ضغط الضعف الاقتصادي ظهرت التعاون الاقتصادي المحدود في "اتفاقية الكويز" مع الأردن ثم انضمت لها مصر. لكنه ظل تيارا يقوم على فكرة التعاهد والصلح ورفضه المستوى الشعبي، ولم يحقق شيئا خاصة بعدما اغتيال إسحاق رابين وموت فكرة السلام مقابل الأرض، حين كشف (إسرائيل) عن قيمها الصهيونية العميقة التي ترفض فكرة الحدود والتنازل عن الأرض، لكننا الآن مع تيار الاستلاب للصهيونية والترويج لها الذي ظهر مع صفقة القرن أمام مسألة مختلفة، هم فصيل صهيوني فعلا بما يجعلنا نطلق عليه "الصهيونية الإبراهيمية" التي تستخدم خطاب المشترك الديني لتمرير هيمنة (إسرائيل) على المنطقة العربية ومن خلفها أمريكا.
النخبة العربية وموقفها الفكري من الأحداث
النخبة العربية حاليا في أزمة؛ معظم المشاريع الثقافية في القرن العشرين قد تفككت أو ثبت عجزها، وكانت معظمها رد فعل (مع اليمين الديني) أو مجرد انعكاس باهت (اليسار والليبرالية) للمسألة الأوربية، الثورات العربية كشفت اليمين الديني فلا يكفى أن تطور نظرية مطلقة مضادة للمسألة الأوربية تستند إلى السماء دون مهارات سياسية أو اجتهادات فكرية حقيقية، وكشفت اليسار والليبرالية فلم يستطيعا التعبير عن تطلع الناس للانعتاق من الشعارات الجوفاء القديمة إرث المسألة الأوربية و استقطاباتها. الكل الآن عاجز لا يملك القدرة على الاعتراف بذلك أو البحث عن نظرية وجودية جديدة فيما بعد المسألة الأوربية، يعيشون على ذكريات نفسية مريحة عن النضال القديم، لكن هذه النخبة الثقافية ليس لديها البنية النفسية لتقديم جديد لقد تم استهلاكها، والأمل في نخبة ثقافية جديدة تتحمل مسئولية المستقبل.
تمر الثقافة العربية بمنعطف هام في ظل الأزمات العالمية في السنوات الأخيرة، بما يعظم من دور النماذج الثقافية والمعرفية الجادة لمواجهة تلك التحديات أمام الهوية الثقافية العربية، فالعالم الآن والبلدان العربية في حاجة لدور المثقف والعارف بشكل ملح، لاسيما في ظل تفجر تناقضات المسألة الأوروبية والأحداث التي ألقت بظلالها علي المشهد العالمي وبالتالي المشهد العربي ، ومن هنا يبرز دور أجيال من المثقفين والمفكرين يتحركون في إطار خارج النمطية.تناول الكتاب في فصوله الخمسة موضوع "الدبلوماسية الثقافية البديلة" والممكنة في القرن الحادي والعشرين بالنسبة للذات العربية، من خلال تصور يربط الدبلوماسية الثقافية بإعادة تعريف دور الثقافة العربية من جهتين، الجهة الأولى في نفسها وأدوارها الداخلية، والثانية في علاقتها بالثقافات الإقليمية والعالمية، معتبرا أن تلك المقاربة الثقافية والدبلوماسية يمكن أن تعمل وكأنها طائر الفينق/ العنقاء، الذي يمكن أن يبعث الذات العربية من شتاتها ومن رمادها المحترق في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وفي ظل مجموعة ضخمة من التناقضات والاستقطابات التي تفجرت على العديد من المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.
يلخص الجوهري مضمون دراسته، بأنه" قدم مفهوما للدبلوماسية الثقافية البديلة يقوم على فكرة تبادل المزيج الثقافي المتنوع للدول خارج المركز الأوربي/ الغربي، وليس على فكرة تمثل التصورات والتقاليد والبروتوكولات الثقافية الأوربية التي شاعت في القرن الحادي والعشرين، وأن تتحول تلك التقاليد إلى نمط شائع في كافة دول العالم، تتبارى وتتنافس في السعي إلى تمثلها واتباعها والتنافس في تمثيل المركز الأوربي وتهميش "مستودع الهوية" ومكونات الثقافة الذاتية والخجل منه، والنظر له بدونية".
كما احتوت الدراسة على مجموعة من المبادرات والاستراتيجيات المهمة لإعادة تأسيس الثقافة العربية، ولرفد موضع الدبلوماسية الثقافية البديلة، بحيث شكل مجمل الأفكار والتصورات التي طرحها الكاتب تصورا شبه متكامل يصلح للبناء عليه، وأن يكون مقاربة ثقافية عربية، وتضمنت مجموعة من التطبيقات التي عمل عليها الكاتب، أهمها على المستوى الإقليمي للذات العربية من خلال مشروع "المشترك الثقافي العربي" في دورات بين مصر وكل من السودان وتونس واليمن والعراق، ومن خلال مشروع "الحزام والطريق" الصيني، وعلى مستوى الدول الإسلامية من خلال مؤسسة "الإيسيسكو" ومشروع "الدبلوماسية الحضارية"، وكذلك الألكسو في ملف ودراسة نشرت عن إعادة تأسيس الثقافة العربية وتمفصلها في القرن الحادي والعشرين، وعبر المعهد العالمي للتجديد العربي ومشروع وضع استراتيجية جديدة للثقافة العربية، إضافة إلى العديد من المشاريع والتصورات الأخرى التي عمل عليها المؤلف بنفسه.
من المفاهيم الجديدة التي يمكن أن تساهم في إعادة تأسيس الثقافة العربية وبعثها من جديد كان المفهوم "الجيوثقافي" ودور الثقافة كمحرك استراتيجي للتوجهات الكبرى للدول عربيا وعالميا، وأن العالم تجاوز مفهوم "الجيوسياسي" ودور الأيديولوجيا التقليدي، واتجه للثقافة والحضارة في القرن الحادي والعشرين بوصفهما موضعا للحراك والتدافع والتمفصل في القرن الجديد، من ثم يجب أن يحضر مفهوم الجيوثقافي في بنية التصور الثقافي وحراك الدبلوماسية الثقافية العربية الجديدة.
يساعد الطرح البديل للدبلوماسية الثقافية الدبلوماسية العامة، في تبني مقاربة تقوم على أولوية الجغرافيا الثقافية الرافعة في الحاضنة العربية، مع توسعة نطاقها الجغرافي عبر مستودع هويتها الناعم لتشمل البعد الإسلامي والأفريقي، لتحتوي التناقضات مع تركيا العثمانية الجديدة وإيران المذهبية الشيعية، وتحرر "البان أفريقانيزم" أو حركة "عموم أفريقيا" التاريخية العظيمة من الأفروسنتريزم أو "المركزية العنصرية السوداء"، لتكون مصر قلبا نابضا لحاضنة ووحدة جغرافية جديدة وفاعلة في القرن الحادي والعشرين.
كما تسعى الدبلوماسية الثقافية البديلة للوصول لأرضيات ثقافية مشتركة بين الدول في قضايا بعينها، دون الاحتكاك بالتناقضات السياسية التي تفجرت في العديد من مستودعات الحاضنة الثقافية العربية تحديدا وتخومها المجاورة، خاصة التناقضات التي تفجرت بين الأبنية الفرعية المكونة للحاضنة الإسلامية: فيما بين الحاضنة العربية والحاضنة التركية (السنية/ السنية)، والحاضنة العربية والحاضنة الفارسية (السنية/ الشيعية)، والحاضنة العربية الأفريقية (الشمال/ الجنوب- الفاتح/ الغامق)، والحاضنة العربية وحاضنة دول آسيا الإسلامية (التغلب على فواصل الجغرافيا).
يقول الكاتب في خاتمة دراسته: "إن الدبلوماسية الثقافية ليست فعلا ترفيا ورفاهية لا حاجة لها، بل هي شريك أساسي في التأسيس لاستعادة الذات العربية ولحمتها في ظل استقطاب إقليمي جيوثقافي شديد، وجيوثقافي بمعنى أن هناك تدافع على الحضور في جغرافيا المنطقة وفق سرديات وروايات ثقافية تنافس رواية الذات العربية وسرديتها الثقافية.. بما يجعل من الهمية الدفاع عنها بشكل دبلوماسي ثقافي رصين ومتجذر وارسخ.