عربي21:
2024-09-29@08:18:39 GMT

فلسطين في مؤتمر باندونغ

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

لم يتوقف نضال الشعب الفلسطيني من أجل الاستقلال وحق تقرير المصير منذ الحرب العالمية الأولى عندما ناشد الفلسطينيون القوى الإمبريالية المجتمعة في مؤتمر باريس عام 1919 مطالبين بالاستقلال. لكن القوى الإمبريالية تجاهلت مطالبهم، كما تجاهلت مطالب العديد من الشعوب المستعمَرة الأخرى التي أيضًا ناشدت المؤتمرين لنيل استقلالها.

وقد وصل الدعم الإمبريالي للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني إلى أعلى مستوياته عندما حظي بدعم رسمي من عصبة الأمم التي أدرجت وعد بلفور في صك انتدابها الرسمي على فلسطين التي سلمتها بدورها إلى بريطانيا.

وبعد الحرب العالمية الثانية، تزايدت النضالات والدعوات من أجل الاستقلال ونيل حق تقرير المصير في جميع أنحاء العالم المستعمَر. بالإضافة إلى العالم العربي والهند وإندونيسيا وفيتنام، على سبيل المثال لا الحصر، تم إحياء حركة الوحدة الأفريقية في مؤتمرها الخامس في عام 1945 الذي عقد في مدينة مانشستر في بريطانيا، حيث طالبت أيضًا بحق تقرير المصير والاستقلال للشعوب الأفريقية الواقعة تحت الحكم الاستعماري، بما فيها المحميات والمستعمرات الاستيطانية الفرنسية في شمال أفريقيا.

ولكن بعد مرور عقد من الزمن، في نيسان / أبريل 1955، عقد في مدينة باندونغ في إندونيسيا المؤتمر الآسيوي-الأفريقي الأول برعاية كل من الهند وباكستان وبورما وإندونيسيا وسيلان ("سريلانكا" اليوم)، والذي تصادف الذكرى السنوية التاسعة والستين لتأسيسه هذا الشهر، حيث أكّد زعماء الدول المستعمرة سابقًا في آسيا وإفريقيا مركزية حق تقرير المصير في عهد ما بعد الحرب عندما أعلنوا أن حق تقرير المصير هو "الشرط المسبق للتمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان الأساسية". وكانت من بين الدول الـ 29 المشاركة 6 دول أفريقية. فبالإضافة إلى مصر وليبيا والسودان (التي لم تكن قد استقلت بعد) وإثيوبيا، كان البلدان الأفريقيان الآخران الممثلان هما "ساحل الذهب" ـ أو غانا، التي كانت لا تزال مستعمرة تابعة للتاج البريطاني ـ ومستعمرة ليبيريا الاستيطانية.

وقد جاء مراقبون من الحركات الوطنية في المستعمرات الاستيطانية في المغرب وتونس والجزائر، وكذلك من جنوب أفريقيا، حيث حضر ثلاثة مراقبين من المؤتمر الوطني الأفريقي والمؤتمر الهندي لجنوب أفريقيا، كما حضر عضو الكونغرس الأمريكي الأسود آدم كلايتون باول، الذي جاء "للدفاع عن موقف الولايات المتحدة فيما يتعلق بمشكلة الزنوج" الأمريكيين. كما حضر مفتي القدس السابق الفلسطيني الحاج أمين الحسيني كعضو في الوفد اليمني، كما حضر ممثلو إيريان الغربية الذين سعوا للتحرر من هولندا.

ما أحرزه مؤتمر باندونغ وأكّد عليه هو تراجع هيمنة القوى الإمبريالية، لا سيما الولايات المتحدة، ونفور الأخيرة من الدعوة إلى حق تقرير المصير. في واقع الأمر، كانت الدول الآسيوية والأفريقية تناضل من أجل إدراج حق تقرير المصير في الأمم المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وكانت المناقشات في اللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة قد احتدمت منذ عام 1950 نتيجة إصرار الدول المستعمِرة على إدراج بند إعفاء للدول الاستعمارية في القرار المستقبلي. وفي عام 1952، صوتت الولايات المتحدة ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي أعلن أن حق تقرير المصير هو حق من حقوق الإنسان و"قاومت بمرارة مطلب قيام القوى الاستعمارية بالإبلاغ عن التقدم الذي تحرزه الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي نحو الحكم الذاتي.".

أدان مؤتمر باندونغ العنصرية في جنوب أفريقيا، والاستعمار المستمر في المغرب والجزائر وتونس، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني ومطالبات إندونيسيا بإيريان الغربية (أو "غينيا الجديدة الهولندية" كما كانت تعرف في حينها)، وهو ما أرعب العالم الإمبريالي الأبيض الذي كان يخشى المؤتمر وأدانه باعتباره مؤتمرًا شيوعياً. وقد عارض الدول الإمبريالية بشدة المندوبون الآسيويون والأفارقة، وكان من بينهم المندوبون العرب من سوريا والعراق والمملكة العربية السعودية، الذين لعبوا دورًا حاسمًا في إسقاط بند الإعفاء الاستعماري وفي الدفع من أجل جعل تقرير المصير حقًّا من حقوق الإنسان. وبعد بضعة أشهر من انتهاء مؤتمر باندونغ، في تشرين الثاني/نوفمبر 1955، وافقت اللجنة الثالثة على صياغة حق تقرير المصير الذي تم اعتماده فيما بعد في قرار عام 1960 وفي مواثيق الأمم المتحدة لعام 1966.

وقد تم إنجاز ذلك بعد فيض من التحريض والمعارضة من قبل الولايات المتحدة والشركات الأمريكية لأي نفحة من حق تقرير المصير الاقتصادي في الأمم المتحدة، والإصرار على أن هذا الحق يشمل فقط تقرير المصير السياسي، لا سيما في أعقاب إجراءات الإصلاح الزراعي التي اتخذها رئيس غواتيمالا خاكوبو أربينس التي هددت الشركات الأمريكية، والتي أشارت إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1952 الذي يدعم التأميم. وقد أطاحت الولايات المتحدة بآربينس بانقلاب عام 1954. وقد سعت تشيلي بدورها، مثل بقية دول أمريكا اللاتينية، التي كانت تهيمن عليها الولايات المتحدة اقتصاديا، إلى تعديل مسودة مواثيق حقوق الإنسان خلال نفس العام لتنص على أن "حق الشعوب في تقرير المصير يشمل الحق الاقتصادي في السيطرة على مواردها الطبيعية وألا يتم حرمانها من استخدامها أو من وسائل معيشتها بسبب سياسات أي قوة خارجية." وقد شعر الأمريكيون في الأمم المتحدة بالفزع من التحركات الرامية إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي لدرجة أنهم وصفوا المحاولات السوفييتية ومحاولات العالم الثالث لمأسسة حق تقرير المصير الاقتصادي لدول العالم الثالث المستقلة بأنها شكل من أشكال "خطاب الكراهية".

وقد أدان مؤتمر باندونغ العنصرية في جنوب أفريقيا، والاستعمار المستمر في المغرب والجزائر وتونس، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني ومطالبات إندونيسيا بإيريان الغربية (أو "غينيا الجديدة الهولندية" كما كانت تعرف في حينها)، وهو ما أرعب العالم الإمبريالي الأبيض الذي كان يخشى المؤتمر وأدانه باعتباره مؤتمرًا شيوعياً. ولم تتم دعوة المستعمرة الاستيطانية اليهودية أو "إسرائيل"، شأنها شأن جنوب أفريقيا، للحضور على الرغم من المحاولات التي قادها رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو (ورئيس وزراء بورما أو نو) لدعوتها، وهو الأمر الذي عارضه الإندونيسيون بشدة. كما أيّد الهنود دعوة المستعمرات الاستيطانية في أوقيانوسيا، أي أستراليا ونيوزيلندا، واللتان رفضتهما إندونيسيا أيضًا، على الرغم من أن أيًا من المستعمرتين الاستيطانيتين لم تكن مهتمة بالحضور.

وقد أعلن الرئيس أحمد سوكارنو للمندوبين وبقية العالم: "هذا هو المؤتمر الدولي الأول للشعوب الملونة في تاريخ البشرية". وقد رأى سوكارنو المؤتمر الآسيوي-الأفريقي كما لو أنه كان يحاكي "الرابطة المناوئة للإمبريالية" التي اجتمعت في بروكسل قبل انعقاد مؤتمر باندونغ بثلاثة عقود، والتي أشار إليها باعتبارها مقدمة جعلت مؤتمر باندونغ ممكنًا. وقد تحدث سوكارنو عن الاستعمار في "زيّه الحديث على شكل السيطرة الاقتصادية، والسيطرة الفكرية، والسيطرة المادية الفعلية من قبل مجتمع صغير ولكن غريب يعشعش داخل الوطن."

على الرغم من عدم دعوة الاتحاد السوفييتي، الذي تقع معظم أراضيه في آسيا، إلى المؤتمر، إلا أنه أرسل رسائل وتحيات لدعم المؤتمر. وعرض رئيس الوزراء الصيني تشاو إن لاي التعاون والاعتراف المتبادل والتسامح. وضم الوفد الصيني زعيما صينيا مسلمًا. وقد أرسلت وكالة المخابرات المركزية (السي آي إيه) جواسيس سابقين من المسلمين الذين كانت قد جندتهم ألمانيا النازية ضد الاتحاد السوفييتي قبل الحرب العالمية الثانية (والذين تم تجنيدهم من قبل السي آي إيه بعد الحرب) إلى مؤتمر باندونغ لبث الدعاية الكاذبة ضد الاتحاد السوفيتي على أنه يسيء معاملة المسلمين السوفييت بهدف تقويض مكانة السوفييت بين دول عدم الانحياز. وقد وصف أحد مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي أيزنهاور عملية وكالة المخابرات المركزية في باندونغ بأنها خطوة "مكيافيلية."

وبخلاف التضامن الهائل مع الفلسطينيين في الأمم المتحدة من قبل العدد القليل من الدول الآسيوية المستقلة في عام 1947، بحلول عام 1955، كانت الدعاية الغربية والإسرائيلية التي ادعت أن الدولة اليهودية هي التعويض العادل من قبل أوروبا عن المحرقة قد تسللت إلى خطاب عدد من الدول الآسيوية والأفريقية المستقلة، لدرجة أن هذه الدول كانت تنادي في تلك الفترة بالحقوق لكل من الفلسطينيين الأصليين ومستعمريهم اليهود، أي أنها كانت تساوي ما بين المستعمِرين والمستعمَرين. لم تفلت أي مستعمرة استيطانية بيضاء في أفريقيا من الإدانات المستمرة كما أفلتت إسرائيل منها في تلك السنوات.

وقد حضر المؤتمر الكاتب الأمريكي الأسود المقيم في باريس، ريتشارد رايت الذي ألّف كتابًا عن تجربته. وقد أعرب رايت عن إعجابه بأن ممثلي أكثر من مليار شخص "ملون" من بلدان "متدينة" سيحضرون المؤتمر، فقرر رايت، الذي نشأ داخل الطائفة البروتستانتية الميثودية والسبتية، الحضور. لم يكن رايت من المعجبين بالإسلام، وقد كان عضو سابق في الحزب الشيوعي الأمريكي لكنه ترك الحزب خلال الحرب العالمية الثانية لأنه عارض دعوته للأمريكيين السود للقتال في حرب الرجل الأبيض وأصبح مناهضًا للشيوعية يعمل مع "الكونغرس" التابع لوكالة المخابرات المركزية من أجل الحرية الثقافية". وقد وصف رايت أحد المسلمين الإندونيسيين الذين أجرى معهم مقابلة أثناء بحثه على أنه يتمتع "بنظرة شمولية" "ولدت من قناعاته الدينية وبأن الله "دكتاتوره."

سمع رايت وهو على متن الطائرة المتجهة إلى باندونغ "أصواتًا متحمسة" لعرب شمال إفريقيا "يناقشون قضية فلسطين": "سواء سمحوا لنا بإثارة مسألة العدوان اليهودي أم لا [في المؤتمر]، فسوف نثيرها نحن... لن يتم التستر على جرائمهم”. وسمع رايت أيضًا "رجلًا أسمر الوجه ذا شارب رفيع" يصرخ: "اليهود أكبر عنصريين على وجه الأرض وسأثبت ذلك". وقام الرجل بتوزيع صور "للاجئين العرب الذين طردهم اليهود من منازلهم". وسأله رايت عما إذا كانت فلسطين "مطروحة للمناقشة في باندونغ"، فأكّد له الرجل "أننا سنطرحها... يجب على العالم أن يعرف ما اقترفوه! من واجبنا أن نجعل العالم يعرف." نظر رايت إلى الصور: “تظهر طوابير طويلة من الرجال والنساء والأطفال يسيرون حفاة ونصف عراة فوق رمال الصحراء، وتصوِّر أطفالاً ينامون بلا مأوى، وتكشف عن كائنات بشرية تعيش كالحيوانات”. لكنه رغم ذلك لم يتمكن من حشد أي تعاطف مع الفلسطينيين، ولا مع المندوبين العرب الذين التقى بهم على متن الطائرة.

وعندما رفع ناظره عن الصور إلى وجه الرجل العربي، الذي لم يتحدث معه إلا عن المأساة الفلسطينية وليس عن دينه، وجده رايت، تبعًا للتقاليد الصهيونية البروتستانتية والنظرة النمطية الأوروبية عن المسلمين واليهود، "ساخنًا، متعصبًا. هذا الرجل كان متديناً. لقد كان غريبًا كيف أنني في اللحظة التي غادرت فيها عالم الغرب الجاف غير الحميم والتجريدي واجهت على الفور الدين... وكان دينًا عاطفيًا عنيدًا يتغذى على نفسه ويكتفي بذاته. وقد حفّزت الأحلام الدينية اليهود على بناء دولة في فلسطين... اللاعقلانية تقابل اللاعقلانية".

 وأضاف رايت: "على الرغم من أن الحديث عن العدوان المزعوم لليهود في فلسطين كان محتدمًا في ممرات الطائرة، إلا أنني كنت أسمع فقط القليل منه؛ كل ما أمكنني فهمه هو أن اليهود يمكن أن يتعرضوا لهجوم حاد ومرير في باندونغ، وأن لديهم أعداء لديهم قضية ويعرفون كيفية عرض هذه القضية أمام الرأي العام العالمي... تذكرت أن ستة ملايين يهودي كانوا قد تعرضوا للقتل. تم قتلهم بالغاز، ومطاردتهم، وذبحهم، وإحراقهم من قبل النازيين الألمان، وكنت أعلم أن هؤلاء الناس [أي اليهود] البائسين والمسكونين بما حلّ بهم، على موعد مع المزيد من المعاناة والتجارب ليتحملوها في هذا العالم".

"تحت أعين الأمم المتحدة وبمساعدتها وموافقتها، تم اقتلاع شعب فلسطين من وطنه الأم، ليحل محله شعب مستورد بالكامل. لم يسبق في التاريخ أن حدث مثل هذا الانتهاك الوحشي وغير الأخلاقي للمبادئ الإنسانية. فهل هناك ضمانة للدول الصغيرة بأن الدول الكبرى التي شاركت في هذه المأساة لن تسمح لنفسها بتكرارها مرة أخرى ضد شعب بريء وعاجز آخر؟" هذا لا يعني أن رايت لم يكن على دراية بالعنصرية الأوروبية تجاه المسلمين والإسلام، بل قام بانتقادها، كما أشار في المحادثات اللاحقة التي أجراها في إندونيسيا. وفي المؤتمر، لاحظ أن "العالم العربي بأكمله، برئاسة عبد الناصر رئيس مصر، سيسعى إلى التعبير عن شكواه المباشرة ضد إسرائيل ودعواه غير المباشرة ضد فرنسا". ومع ذلك، لا يبدو أن رايت كان مفتونًا بالقومية الصهيونية. فعندما اقترح عليه أصدقاؤه الانتقال إلى إسرائيل في عام 1954، ذكر كاتب سيرته أنه "لم يشعر بأي صلة بفكرة الوطن اليهودي". وأضاف رايت: "سيكون الأمر كادعائي بأن إفريقيا هي بلد الزنوج الأميركيين". وبالفعل، "كانت هناك مشكلة العرب، الذين كان اليهود في إسرائيل يتعاملون معهم بقسوة القلب."

ونتيجة هذه الآراء المنتشرة على نطاق واسع في الغرب وفي بعض أروقة العالم الثالث، أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر في خطابه في المؤتمر ما يلي:

"تحت أعين الأمم المتحدة وبمساعدتها وموافقتها، تم اقتلاع شعب فلسطين من وطنه الأم، ليحل محله شعب مستورد بالكامل. لم يسبق في التاريخ أن حدث مثل هذا الانتهاك الوحشي وغير الأخلاقي للمبادئ الإنسانية. فهل هناك ضمانة للدول الصغيرة بأن الدول الكبرى التي شاركت في هذه المأساة لن تسمح لنفسها بتكرارها مرة أخرى ضد شعب بريء وعاجز آخر؟"

تضمن البيان الختامي الذي أصدره المؤتمر إدانة الاستعمار الاستيطاني الأوروبي والحرمان من حق تقرير المصير ودعم “حقوق شعوب الجزائر والمغرب وتونس في تقرير المصير والاستقلال”. أما بالنسبة للشعب الفلسطيني، فقد أعلن البيان "دعمه للشعب العربي في فلسطين، ودعا إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين وتحقيق التسوية السلمية للقضية الفلسطينية". لم تكن هذه دعوة راديكالية، ولكنها كانت أكثر انسجاما مع اللغة السائدة التي استخدمها المندوبون. فعلى سبيل المثال، أعرب المؤتمر أيضاً عن "تعاطفه ودعمه الحار للموقف الشجاع الذي اتخذه ضحايا التمييز العنصري، وخاصة الشعوب ذات الأصول الأفريقية والهندية والباكستانية في جنوب أفريقيا". في الواقع، لم يكن هناك أي ذكر لبقية المستعمرات الاستيطانية في أفريقيا، لا البرتغالية (أنغولا وموزمبيق)، ولا البريطانية (كينيا وروديسيا وسيراليون وشرق أفريقيا)، ولا حتى ناميبيا، ناهيك عن أي ذكر لما كان يحدث في ليبيريا، التي كانت مشاركة في المؤتمر.

ومع ذلك، كان مؤتمر باندونغ بالغ الأهمية في تأسيس تحالفات بين الدول الآسيوية والإفريقية في مواجهة السياسات الإمبريالية، التي استمرت الولايات المتحدة وأوروبا الغربية في اتباعها. وفي حين تم تقويض مثل هذه التحالفات على مدى العقود التالية بسبب التهديدات والضغوط والمؤامرات الإمبريالية، فإن سقوط السوفييت والمعسكر الشرقي كان بمثابة الضربة القاضية لمناهضة الإمبريالية.

ولكن في العقدين الماضيين، بدأنا نشهد صعوداً بطيئاً، ولكن أكيداً للكتل التصويتية المناهضة للإمبريالية في الأمم المتحدة، وكان آخر مظاهر ذلك هو المعارضة الشديدة للدعم الأميركي والأوروبي للإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة. ويبدو أنه رغم صعوبة المحاولات التي تبذلها الولايات المتحدة والأوروبيون، لم تتمكن أي تهديدات أو ضغوط من وقف هذه الموجة من التضامن المناهض للاستعمار مع الشعب الفلسطيني. لكن إذا كانت الإبادة الجماعية الجارية ضد الشعب الفلسطيني تشير إلى شيء، فهو إن أمل عبد الناصر في أن يكون هناك في يوم من الأيام "ضمان للدول الصغيرة بأن القوى الكبرى التي شاركت في مأساة فلسطين لن تسمح لنفسها بتكرارها مرة أخرى" لم يتحقق البتة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني مكانة الرأي فلسطين رأي مكانة مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب العالمیة الثانیة الولایات المتحدة فی الأمم المتحدة الشعب الفلسطینی حق تقریر المصیر الدول الآسیویة جنوب أفریقیا حقوق الإنسان على الرغم من فی المؤتمر مؤتمر ا على أن فی عام من قبل من أجل

إقرأ أيضاً:

جبهات الإسناد تحافظ على إشغال العدو الصهيوني وربط المصير بإنهاء حرب الإبادة بغزة

يمانيون – منت
حافظت جبهات إسناد المقاومة في غزة، على مسار مُتصاعد من الإشغال العسكري للعدو الصهيوني، وربط المصير بإنهاء حرب الإبادة على القطاع المستمرة لليوم الـ356 على التوالي.

ففي الوقت الذي أرادت فيه قوى الطغيان طي صفحة الشعب الفلسطيني للأبد، وكاد العالم أن ينسى القضية الفلسطينية، فجّرت عملية “طوفان الأقصى” البطولية تداعيات جديدة هزّت العالم، وكسرت خرافة “الجيش الذي لا يقهر”، مما لفت الأنظار وجذب الأنصار وحرّك قوى المقاومة من حولها.

وحين اندلعت الحرب على قطاع غزة، وُضعت “وحدة الساحات” والتي سرعان ما انعكست نتائجها على الأرض بصورة أخذت شكلا مختلفا أطلق عليه أمين عام حزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله وصف “جبهات الإسناد”.

وفي الثامن من أكتوبر الماضي، امتدت نار معركة “طوفان الأقصى” إلى الجبهة الجنوبية في لبنان مع إعلان “حزب الله” عدم الوقوف على الحياد، كما صرّح يومها رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفي الدين.. قائلاً: “نحن بالموقع الذي يجب أن نكون فيه”.

ومنذ اليوم الثاني لطوفان الأقصى وقبل ما يقارب العام أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان بدء عملياتها ضد كيان العدو الصهيوني عبر الحدود الشمالية دعماً لغزة وإسناداً لمقاومتها، وحددت شروطها لوقف تلك العمليات منذ البداية بشرطين رئيسيين هما: وقف العدوان على غزة وعدم السماح بهزيمة المقاومة الفلسطينية هناك.

ونجحت المقاومة الإسلامية في لبنان- حزب الله في التأثير على مسارات المعركة، ومسارات التفاوض السياسي طوال تلك المدة، بل إنها شكلت في أوقات عديدة وخاصة في الشهور الأخيرة مع اجتياح جيش العدو الصهيوني لمعظم مناطق القطاع العامل الأكثر تاثيراً وردعاً على الصعيدين العسكري والسياسي.

وتشهد الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة 48 توتراً شديدا وتبادلا يومياً للنيران الصاروخية بين جيش العدو، وحزب الله الذي حافظ على مستوى مواجهة لا تقود بلاده إلى حرب شاملة مع العدو، مُركزاً في تهديفه العسكري على المواقع العسكرية الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة.

غير أن المواجهة المحسوبة تحولت بمرور الوقت إلى معركة “حساب مفتوح” غداة اتساع رقعة الهجمات الصهيونية لمحاولة تحييد المقاومة الإسلامية في لبنان، وذلك بتفجير أجهزة البيجر الخاصة بعناصره، واغتيال قادته العسكريين، وشنّ غارات جوية كبيرة أسفرت عن مئات الشهداء وآلاف الجرحى من لبنان جنوبا إلى بقاعه، مروراً بالضاحية الجنوبية لبيروت، دون أن يغير ذلك من لهجة حزب الله بأن كل ما يجرى أثمان مقبولة “على طريق القدس”.

وكان من البديهي أن يُصاب كيان العدو وحليفته أمريكا بالذعر والإحباط و”الهستيريا” من تلك الفاعلية والتأثير الذي فرضته جبهة الإسناد اللبنانية، وطوال شهور من المعركة حاولوا عبثاً بالترغيب والترهيب الضغط على حزب الله لوقف هذه الجبهة، ولم تنفع عمليات القصف والاغتيال، ولا رسائل التهديد التي حملها المبعوث الأميركي في زحزحة حزب الله عن موقفه الثابت والمبدئي من إسناد غزة والصفة الغربية.

وها هي “جبهة الإسناد” اللبنانية مُستمرة حتى اليوم، كمًّا ونوعًا، فقد شكّلت جبهة لبنان الجنوبية مع الكيان الصهيوني، إسناداً فاعلاً وتكتيكياً ربط وحدة المسار بين مختلف فصائل المقاومة في غزة والضفة والعراق وسوريا وصولاً إلى اليمن، ليعلن بشكل واضح عن عمل مشترك فرضته استراتيجية “وحدة الساحات” التي سبق وأن أعلن عنها.

ومن خلال هذا العنوان، نجحت الجبهة في إنتاج واقع استراتيجي وإقليمي نقيض لما يتوقعه الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وحليفها الكيان الغاصب.

وعلى الرغم من الغارات الصهيونية المكثفة التي أشعلت لبنان، وعدد الضحايا الكبير للحرب على لبنان، لم تخرج بيانات جبهة الإسناد اللبنانية عن أدبياتها، القائمة على “وحدة الساحات” وربط جبهة مصير لبنان بوقف حرب الإبادة على غزة.

وعلى مستوى جبهتي الإسناد اليمنية والعراقية تتصاعد عمليات التعاون بينهما على نحو مُطرد وهو أمر يبرز دور غرفة العمليات المشتركة لمحور المقاومة.. فـ”الجبهة اليمنية” جبهة مساندة لفلسطين وغزة، وقد أثبتت مواقفها وعملياتها النوعية والمتواصلة، والممتدة من البحرين الأحمر والعربي الى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط.. أنّ بُعد المكان لا ينفي وحدة الميدان، وذلك باستهدافها للعدو الصهيوني بالصواريخ والمسيرات، إضافة إلى استهداف السفن المتجهة إلى الكيان الغاصب، بهدف اجباره على وقف عدوانه على القطاع ورفع الحصار عنه.

وعملت الجبهة اليمنية على محاصرة العدو الصهيوني اقتصادياً، نتيجة التأثير المتتالي لضربات القوات المسلحة اليمنية في ممرات الملاحة بالبحر الأحمر وخليج عدن وصولاً إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، التي تستهدف السفن الصهيونية التجارية أو التي تتعامل شركاتها مع العدو، فانعدم النشاط التجاري في ميناء إيلات الإستراتيجي، وتوقف استقبال السفن والحاويات، مما دفعه نحو واجهة الإفلاس.

ووفق الرئيس التنفيذي لميناء إيلات غدعون غولبر، بلغت خسائر الميناء بلغ (14 مليون دولار)، قابلة للزيادة.. كما امتد تأثير الضربات اليمنية إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث أكدت أكثر من 22 شركة عالمية متخصصة بالنقل البحري في أوروبا وآسيا ارتفاع أجور الشحن بين آسيا وأوروبا بأكثر من 173 في المائة، وفق بيانات رسمية.

ويأتي هذا الارتفاع نتيجة تحويل السفن إلى طرق بديلة حول إفريقيا وهو ما يضيف أكثر من 11 ألف ميل بحري لكل رحلة، وهو ما يعني بلغة الأرقام زيادة تقدر بنحو مليون دولار في تكاليف الوقود لكل رحلة.

وتفيد معطيات نشرتها القوات المسلحة اليمنية، باستهداف أكثر من 166 سفينة مرتبطة بالعدو الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا منذ نوفمبر الماضي.

أما الجبهة العراقية فقد أشاد بها قائد الثورة السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، في خطابه اليوم الخميس.. قائلاً: إن جبهة الإسناد العراقية، قوية ومهمة.. مُشيراً إلى تنفيذ نحو 40 هجوماً بصواريخ باليستية ومجنحة ومسيرة.

وقال السيد عبدالملك: إن “جبهة الإسناد العراقية قوية وعملياتها مهمة ومؤثرة وفي تصاعد ملحوظ من غور الأردن إلى أم الرشراش وباتجاه حيفا وغيرها”.. مضيفاً: إن “البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن أصبحت مناطق محظورة تماما على العدوين الصهيوني والأمريكي”.

وشدد على أنه “طالما استمر العدوان على غزة ستبقى جبهات الإسناد كلها مستمرة، ولن نتوانى في إسناد غزة ولبنان وحزب الله”.

وعلى الجبهتين السورية والعراقية كان الإسناد باستهداف القواعد الأمريكية للضغط على إدارة بايدن الداعمة الأساسية لحكومة الحرب الصهيونية، وكذلك بقصف أهداف داخل فلسطين المحتلة.. وبذلك كرّست المقاومة في لبنان واليمن والعراق والضفة الغربية مفهوم “جبهة الإسناد” لجبهة رئيسية في القطاع الصامد.

ويُرسل الواقع العملياتي الذي أعدّته قوى المقاومة من خطّة الجهوزيّة والتصعيد وما اختزنته من مفاجآت، رسالة للعدو الصهيوني والقوى الداعمة له، مضمونها أنها لا تزال تمتلك الكثير من أوراق القوة في مواجهة كيان العدو وجيشه الذي يتخبط بأزماته على كل الصعد والجبهات.. في حين ما زالت قوى المقاومة الفلسطينية تملك زمام المبادرة، وفي تراب رفح وغزة ستدفن كل مزاعم وأوهام نتنياهو وجيشه.

وفي ظلّ هذا الواقع وتلك النتائج التي وصلت إليها المعركة وانسداد الأفق للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يمكّن واشنطن و”تل أبيب” من تغيير المعادلات وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وفي ظلّ عجز الإدارة الأمريكية أمام نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لم تجد الولايات المتحدة مناصاً من السير مع نتنياهو في خططه الجديدة للهروب من شبح الهزيمة عبر توسيع الصراع ونقل المعركة إلى لبنان.

الجدير ذكره أن جبهات الإسناد لغزة مستمرة في عملياتها ما لم تتوقف حرب الإبادة في غزة، باعتبارها فاعل أساسي بالمعركة الجارية، ودورها كشريك رئيسي لم يعد في سياق الفعل المُساند، بل أن دورها لن يتوقف إلّا بانتهاء حرب الإبادة الصهيونية.
————————————————————–
– السياسية – عبدالله المراني

مقالات مشابهة

  • مؤتمر DevOpsDays يستعرض دور الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات وتحسين العمليات والجودة
  • رئيس هيئة الرعاية الصحية يشارك في مؤتمر الأهرام الرابع للدواء
  • وزيرة السياحة: تنظيم المؤتمر السنوي لـ “مجموعة TUI” بالمغرب اعتراف بالمؤهلات السياحية التي تزخر بها المملكة
  • تدريب عملى للأطباء فى مؤتمر حميات قــنا الثالث عشر
  • مرصد الأزهر يشارك في مؤتمر حول الحرب والهجرة بميلانو الإيطالية
  • “عبد الغفار” و”الشهوبي” يشاركان في اجتماعات مؤتمر البنك الآسيوي للاستثمار في أوزبكستان
  • جبهات الإسناد تحافظ على إشغال العدو الصهيوني وربط المصير بإنهاء حرب الإبادة بغزة
  • ضمن مبادرة بداية.. مؤتمر الدقهلية الأدبى الـ١٣ بعنوان "النص والملتقى بين الأزمة والتقويم"
  • ننشر توصيات مؤتمر «تحقيق التراث» بدار الكتب
  • مؤتمر تحقيق التراث بدار الكتب يعلن توصياته