أول القطائف وباكورة اللطائف إنَّ اسم عملية الانتقام الإيراني لتدمير قنصليتها في دمشق لم ينتشر، حتى ظنَّ السامع أنَّ الانتقام بلا اسم، مجهول، وكان وزير الدفاع قد سماها "عملية تحذيرية"، واسم "خذوا حذركم" أولى بها، أو قد يكون اسم "بارود اهربوا" ـ اسم مسلسل سوري كوميدي بها أنسب وأليق ـ وقيل إنَّ اسمها عملية "الوعد الصادق"، ويظنّه السامع اسمًا قديمًا من البالة أو الآثار، وسماها بعضهم اسمًا فنيًا هو "قرصة أذن"، لم يكن هناك اجتهاد كبير في التسمية لأن المولود ولد ميتًا فأعياد الميلاد فيها مفاجآت أكثر من عملية قرصة أخ لأخته.
إن إيران غالبًا ما تسمي غزواتها ومعاركها بأسماء إسلامية مستوحاة من القر آن الكريم، ولتعلم أيها القارئ غير المتفاجئ أنَّ وصف الإسلام يسبق اسم الدولة، فهي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لكن أطول عطلة في الجمهورية الإسلامية هي عطلة عيد النيروز الوثنية، التي تمتد 13 يومًا يعني أطول من الأعياد الإسلامية، بأفراحها وأحزانها مجتمعة، لعل ما يليق بعملية الرد هو اسم: ليلة قصف إسرائيل بالألعاب النارية، أو ضارب ما ضربش حاجة، أو أصحاب السبت، أو أثر الفراشة، أو توبة إن كنت أخاصمك تاني توبة، أو يا نار كوني بردًا وسلامًا على إسرائيل.
لقد دخلنا عصرًا غريبًا، وكان الممثل حتى يصير نجمًا يقتضي منه مسيرة طويلة، فوجدنا ممثلين يصيرون نجومًا من أول عرض تلفزيوني، غالبًا ما يكون الممثل النجم أنثى، حلوة، وتكون من الأقليات، يقع المخرج في حبها ويتزوجها، أو يسبيها من غير خيل ولا ركاب، فتصير نجمًا يهتدي بها المتابعون في ظلمات الليل وظلمات النهار.
جاء الرد الذي سارت به الفضائيات ووكالات الإعلام: على طريقة فاتت جنبنا: "وجاني الرد جاني ولقيتو بيستناني، ولقيت أنا من الأول بضحك لك يا أشتياني": وأشتياني هو اسم وزير الدفاع الإيراني، وأمريكا تضحك للأسمراني ملء شدقيها، فبايدن يأخذ دروسًا خصوصية عن المهدي المنتظر كل أربعاء من أستاذ جامعي في البيت الأبيض، كما ذكر مرة. لنتذكر أن بول بريمير قال في فيديو شهير له، وفي مذكراته: إنَّ الحملة الأميركية على العراق كانت للإطاحة بعشرة قرون من الحكم السني (الظالم)، فهم يفضلون حكم الشيعة، لأنَّ للشيعة عنوان، وهم على قلب رجل واحد هو الولي الفقيه، خامنئي في إيران، السيستاني في العراق، وبشار الأسد في سوريا، والحوثي في اليمن، والسيستاني صاحب معجزات، فقد رأيناه يتوضأ بكوب ماء واحد، والفرات ودجلة يجريان من تحته، وهي الكرامة الوحيدة التي صورت له، فلم يقع أن صُوّر وهو يصلي أو يتلو القرآن قط!
جاء الرد، وكان الرد علنيًا، وقد علمنا منذ القديم في قواعد الحرب الأساسية التي يعملها كل أحد، أنَّ الحرب خدعة، إلا عملية قرصة أخ لأخته، خذ مثال طوفان الأقصى، الذي فاجأ الجميع، وكانت صواريخ طوفان الأقصى أصوب وأهدى سبيلًا من صواريخ إيران الكثيرة في "الليلة الكبيرة" التي يسميها المصريون "الهُليلة"، والتي سقطت كلها سهوًا في الطريق أو أسقطت في الأردن، إما لأنها فشنك، أو لأن الأردن محصنة وهذه مفاجأة لم تكن على البال!
لمَ حذرت إيران إسرائيل وقصفتها من تلك المسافة البعيدة؟ لعل نكتة أين أذنك، تصلح جوابًا لها، تُسأل: أين أذنك؟ فتمدُ يد ك اليمنى فوق رأسك إلى أذنك اليسرى! وكان يمكن لإيران أن ترد عليها عن طريق الوكيل في الجنوب، ويكون الردُّ أبلغ وأشد.
لم يكد المقاومون يفرحون بالرد، حتى انتهى، فقد كانوا نائمين، لكن إسرائيل لم تصبح كالصريم، فقد سارعت إيران إلى إعلان انتهاء الرد قبل وصول صواريخ "الهوب هوب "إلى أهدافها، يقول معلق باكستاني ظريف على تيك توك: "واحد بواحد، إيران يساوي فطور، إسرائيل يساوي سحور،" انتهى الرد كحلم ليلة صيف، لم يفرح المقاومون، لم يهنؤوا بالاستمتاع بلبوس نتنياهو في مخبئه السري تحت الأرض، أكثر من ليلة واحدة، انتهى العرض بسرعة. عملية تيك أواي.
رأينا سيد الخواتم خامنئي وفي إصبعه خاتم كبير، ثم انتهت الحرب، أسرع حرب في العالم، حرب أسلم من السلام، انتهت قبل أن يقوم خامنئي من مقامه.
توعد وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا أشتياني: أي بلد سيفتح مجاله الجوي أو أراضيه أمام هجمات إسرائيلية على إيران سيتلقى رد طهران الحازم، توعد العرب وليس إسرائيل، توعد إسرائيل أيضًا، لكن وعيده للعرب أشد، لنتذكر أن حربه مع العراق امتدت ثماني سنوات. يقول التاريخ: إنَّ فارس لم تخض بعد الإسلام معركة واحدة مع الفرنجة، كانت حروبها كلها مع العدو السني.
توعد وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا أشتياني: أي بلد سيفتح مجاله الجوي أو أراضيه أمام هجمات إسرائيلية على إيران سيتلقى رد طهران الحازم، توعد العرب وليس إسرائيل، توعد إسرائيل أيضًا، لكن وعيده للعرب أشد، لنتذكر أن حربه مع العراق امتدت ثماني سنوات. يقول التاريخ: إنَّ فارس لم تخض بعد الإسلام معركة واحدة مع الفرنجة، كانت حروبها كلها مع العدو السني. كانت أمريكا هي الحكم أو المخرج الذي يصنع النجوم، لقد عادت الهيبة لإيران وإسرائيل كليهما، وخرج محللون كبار تولوا كبرهم، يقولون إن إيران صنعت قواعد جديدة للحرب، مع أن طائراتها المسيرة سقطت بجلها في الأردن ولم يتأذ أحد في إسرائيل، سوى طفلة من العرب البدو في الأردن!
اعترضت الصواريخ كلها بمعونة أمريكا وبريطانيا وفرنسا، التي يقال إن كلفة ردها بلغت مليار دولار، وإن كلفة الحملة مليار دولار أو أزيد، وهي ليست ثمنًا غاليا لاستعادة الهيبة المفقودة في طوفان الأقصى أو في القنصلية المدمرة، هناك واحد بالمائة من الصواريخ أصابت هدفها صحراء النقب، فقد تجنبت إيران المدن، هل هذه حرب لرد الهيبة، أم حرب دعاية للأسلحة الإسرائيلية التي أهينت في طوفان الأقصى!
لقد استعادت إسرائيل دور الضحية، وأصبح جيشها مستحقًا لاسم جيش الدفاع، ولها حق الرد. يمكن أن يقال إن نتنياهو كسب شرعية جديدة بعد أن كان معزولًا منبوذًا يا ولدي: إذا سكت نتنياهو أظهر حكمة، وهو ليس بحكيم، وقد يرشح لنوبل للسلام.
انتهى الرد سريعًا، انتهت طعنة في الظلام، كانت حسب مواثيق الأمم المتحدة المادة 51، وقد قال بايدن لنتنياهو مهنئًا: لقد انتصرت، الفائدة الوحيدة التي لا ريب فيها هي أن الزنانة سكتت ليلة واحدة في سماء غزة، فهنيئا لأهل غزة بليلة الوعد الصادق السعيدة.
سرعان ما أعلن الرئيس الإيراني قائلًا: عملية الليلة الماضية تأتي في إطار الدفاع عن سيادة البلاد ومصالحها القومية ومعاقبة الأعداء وتعزيز الأمن الإقليمي. كان إعلانه يشبه الاعتذار: نعتبر أمن واستقرار المنطقة أمرًا ضروريًا لضمان أمننا، وسنوظف كل جهودنا لضمان السلام والاستقرار. وتتالت التعزية وتصريحات الاعتذار المقنّع من الخارجية الإيرانية: أبلغنا سفراء فرنسا وبريطانيا وألمانيا أننا نتفادى دائمًا تشديد النزاع والتوتر عبر السبل المتاحة. ورد البنتاغون بالمثل على إيران: لا نسعى إلى صراع مع إيران لكننا لن نتردد في التحرك لحماية قواتنا ودعم الدفاع عن إسرائيل.
إنها محاولة من الطرفين للعب خارج غزة، ودفن الموءودة، و"فتح اللعب" بمصطلحات كرة القدم، غالبًا سيكون نتنياهو متشجعًا لبدء اجتياح رفح، بعد أن كسب نقطة محليًا ونقطة عالميًا.
سؤال هل هي مسرحية أم تمثيلية، يقال إن مارلون براند أغلى ممثل أجرًا في العالم، وإنه دخل مسابقة تمثيل في أول حياته الفنية، وطلبت منه اللجنة تمثيل دور دجاجة كما طلبت من زملائه، فقلد الديك، ولما احتجت لجنة الحكم عليه، قال: هذه الدجاجات تحتاج ديكًا، فنال أعلى علامة في التمثيل. إن التمثيل في الحرب خدعة، وفيه صراعات دامية، ومحمود هذه الأيام، لكن لم يعد الذكر مضطرا لدور أم كامل، فهو ينفع في الكوميديا ويضرُّ في غيره.
الخلاصة: هذه الدول العربية تحتاج ديكًا.
لقد ذممنا التمثيل الإيراني، أما والله لو أن ملك دولة عربية مثل دور الديك بصوت طاووس أو صوت غراب، وإنه استطاع إنتاج طائرات مسيرة مثل طائرات إيران التي سقطت مثل طيور الأبابيل، لخرجت مظاهرات أكبر من مظاهرات إيران ولبنان في عواصم العرب التي تسمح بالتظاهر أو تمنعها فرحا بالتمثيلية الرديئة، ولقد صدقنا في الأولى وما كذبنا في الثانية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيراني إسرائيل إيران هجوم إسرائيل رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى وزیر الدفاع
إقرأ أيضاً:
مستشار للمرشد الإيراني: نجهز للرد على إسرائيل
ذكرت «رويترز» نقلًا عن وكالة الأنباء «تسنيم» الإيرانية، اليوم الأحد، أن مستشار كبير للمرشد الإيراني علي خامنئي، قال إن إيران تجهز للرد على إسرائيل، وفقًا لما ذكرته «القاهرة الإخبارية».
هجوم الاحتلال الإسرائيلي على أماكن متفرقة إيرانيةيذكر أن، طائرات الاحتلال الإسرائيلي شنت، صباح يوم السبت الموافق 10 أكتوبر 2024، 3 موجات من الضربات الجوية على مناطق متفرقة في إيران مستهدفة محافظات طهران وخوزستان وإيلام، ردًا على الهجمات الإيرانية على مدار الأشهر الأخيرة.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، قصف الطائرات الحربية منشآت لتصنيع الصواريخ ومنظومات صواريخ أرض جو وقدرات جوية أخرى في مناطق عدة من إيران.
وعلقت وزارة الخارجية الإيرانية على هذا العدوان الإسرائيلي في بيان: «الهجمات الإسرائيلية على مواقع عسكرية ومنشآت حيوية في البلاد، يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».
وأفاد البيان الإيراني: «طهران لها الحق وملزمة بالدفاع عن نفسها ضد أعمال العدوان الخارجية»، مؤكدًا أن سلطات البلاد تدرك مسؤولياتها تجاه السلام والأمن بالمنطقة.
القصف الصاروخي الإيرانيوفي السياق ذاته، أكدت مصادر إيرانية، أن طهران مستعدة للرد الكامل على الهجوم الذي شنه طيران الاحتلال الإسرائيلي، لافتة: «إيران تحتفظ بحقها في الرد على أي اعتداء، ولا شك أن إسرائيل ستتلقى ردًا متناسبًا على أي عمل»، وفقًا لوكالة الأنباء الإيرانية «تسنيم».
الهجوم الإيراني على إسرائيل دفاعًا عن القضية الفلسطينيةأطلق الحرس الثوري الإيراني أكثر من 200 صاروخ باليستي تجاه مواقع وقواعد عسكرية تابعة للاحتلال الإسرائيلي وبعض الأماكن الحيوية، مساء يوم الثلاثاء الموافق 1 أكتوبر 2024، وبالفعل نجحتِ الهجمات الإيرانية في إصابة عدد كبير من القواعد العسكرية الإسرائيلية وأهم تلك القواعد، القاعدة الجوية العسكرية «نيفاتيم»، وإلحاق الضرر بها، وفشل القبة الحديدية في اعتراض أغلب تلك الصواريخ تسبب في ذعر إسرائيل وبث الخوف في قلوبهم.
وكانت هذه الضربات العسكرية الإيرانية متوقعة منذ اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وحسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حيث دوت صافرات الإنذار في عدة مدن إسرائيلية مختلفة، جراء إطلاق الصواريخ الباليستية من إيران، وهرع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ المتواجدة تحت الأرض للاحتماء من رشقات الصواريخ الإيرانية، وبناءً عليه أغلق المجال الجوي في مطار بن جوريون لحين إشعار آخر.
وبالتزامن مع إطلاق تلك الرشقات الإيرانية على عدة مدن إسرائيلية، قام شخصان بالتسلل حتى وصل إلى مدينة «يافا» وقتل 8 أشخاص وإصابة أكثر من 17 شخص آخرين، وذلك كرد على كافة الهجمات والانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية المتسمرة تجاه المدنيين العزل في فلسطين ولبنان.
ورغم ادعاء رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فشل الهجوم الإيراني على إسرائيل، فإن الأقمار الصناعية التقطت بعض الصور، ومقاطع الفيديو توثق الأضرار الجسمية التي لحقت بالقاعدة الجوية العسكرية «نيفاتيم» الموجودة بصحراء النقب، وهذه الإصابة نجحت في التأثير السلبي على الأنظمة الجوية الإسرائيلية.
الخارجية الأمريكية تعرب عن قلقها من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي جديدة
رئيس البرلمان الإيراني: تشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة ردا على تسييس الوكالة الدولية للطاقة الذرية
بيان أمريكي فرنسي بريطاني ألماني: ندعم اعتماد وكالة الطاقة الذرية للقرار الخاص بإيران