الجامعة العربية: استعادة السلام والأمن والاستقرار في السودان أهم أولوياتنا
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
أكدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أن استعادة السلام والأمن والاستقرار في السودان ستظل من بين أهم أولوياتنا، رغم الجروح الدامية التي يعاني منها الجسد العربي، قائلا "نحن واعون بمحورية وأهمية هذا البلد الكبير في ترتيبات الأمن الإقليمي والدولي".
بدء اجتماع مجلس الجامعة العربية لبحث التحرك لوقف الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين الجامعة العربية تدين الاعتداء الاسرائيلي على القنصلية الايرانية بدمشق وتعتبره انتهاكاً لسيادة سورياجاء ذلك في كلمة الأمانة العامة التي ألقاها الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، أمام أعمال المؤتمر الإنساني الدولي للسودان وجيرانه، المنعقد في باريس، اليوم /الاثنين/، بحضور وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، ووزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين.
وقال السفير حسام زكي: "نجتمع وقد بتنا على أعتاب العام الثاني لهذا الصراع الدامي الذي سوف تسجل المآسي والآثار الإنسانية المروعة المرتبطة به بأنه أسوأ حقبة في تاريخ السودان منذ الاستقلال.. وقد هجر ما يقارب 11 مليون سوداني بيته وقريته إلى قرى وأماكن نائية بل وإلى بلاد مجاورة، تاركين ممتلكاتهم ومدخراتهم عرضة لنهب مسلحين، بعضهم ليسوا من السودان نفسه، في وقت صارت الأنشطة الإنسانية شبه متوقفة، وبدأ شبح المجاعة يطل على الدولة التي كانت آمال الإقليم تتطلع إليه ليكون سلة غذائه".
وأضاف أنه وعلى الرغم من الجروح الدامية التي يعاني منها الجسد العربي ستظل الجامعة العربية تعتبر استعادة السلام والأمن والاستقرار في السودان من بين أهم أولوياتها، واعية بمحورية وأهمية هذا البلد الكبير في ترتيبات الأمن الإقليمي والدولي.
وأشار إلى أن إدراك الجامعة العربية المبكر لأسباب الأزمة المتداخلة وتداعياتها الجسيمة على مستقبل السودان جعلها تؤكد في جميع قراراتها على خمسة عناوين عامة مترابطة ومتداخلة وهي: الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية والحيلولة دون انهيارها أو المساس بسلامة وسيادة السودان، ودعم جهود تحقيق شروط وقف إطلاق نار شامل ومستدام، تحقيق الاستجابة الإنسانية الفورية، عقد مسار سياسي سوداني شامل، بقيادة سودانية، دون تجاهل أهمية استصحاب الدولة السودانية في أي مبادرات يجرى إطلاقها، وتطوير وتسريع التعاون الجاري بين جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيجاد لعلاج الأزمة.
وأوضح أن هذه العناوين الخمسة لا اختلاف حولها في اعتقادنا.. ويحتاج تحقيقها إلى تضامن وتكامل الجهود المؤدية لها، لأن ثمن تنافر الجهود سيكون باهظا. فبدون نجاح للمساعي الوطنية والإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الشروط السياسية والعسكرية للوصول لوقف إطلاق نار شامل سيظل إنشاء منبر تفاوضي ناجح بين الأطراف السياسية أملا صعب المنال، وستتعمق معاناة الشعب السوداني، وسيدخل السودان نفقا سبقته إليه دول أخرى علت فيها مصالح أمراء الحرب وانتماءاتهم الجهوية والإثنية والقبلية على حساب الانتماء للدولة والمواطنة الرشيدة لتصبح ساحة جذب لكل فكر متطرف أو أنشطة خارج القانون.
وأكد زكي، أن جامعة الدول العربية تشيد بالجهود الدولية الرامية لمعالجة الوضع الإنساني المتدهور في السودان، وعلى رأسها هذا المؤتمر الدولي المهم (المؤتمر الإنساني الدولي للسودان وجيرانه) الرامي إلى تعزيز قدرة المجتمعات السودانية والمجتمعات المضيفة في البلدان المجاورة على مواجهة الأزمة الإنسانية، وستظل على أتم الاستعداد لتحقيق أكبر قدر من التنسيق بين مخرجات المؤتمر والمبادرات الإنسانية العربية المختلفة لدعم الأوضاع الإنسانية للشعب السوداني.
وقال إن الأمين العام للجامعة العربية وجه نداء إلى الشعب السوداني مع حلول شهر رمضان المعظم، بالتنسيق مع جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، دعا فيه إلى حقن الدماء تعظيما لهذا الشهر وعدم ادخار أي جهد في البحث عن كل ما يقرب من خيارات السلام والحوار وإيثار الوطن على ما عداه، واتخاذ خطوة جادة لإسكات المدافع وتضميد الجروح وإعادة الأمل في المستقبل، مؤكدا أن جامعة الدول العربية ستظل يدها ممدودة لكل مسعى يرنو نحو استعادة السلام والاستقرار والأمل في السودان ولصالح السودانيين.
وأضاف "قد طلب مني اليوم وقد انتهى شهر رمضان المعظم أن أجدد هذا النداء من هنا في باريس تأكيدا على ضرورة اصطفاف المساعي العربية والدولية مع آمال الملايين من الشعب السوداني الراغبة في إنهاء هذا الصراع الدامي وإنقاذ مستقبل السودان والسودانيين"، معربا عن أمله في أن تكلل أعمال المؤتمر بالنجاح.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجامعة العربية استعادة السلام السلام والأمن السودان أهم أولوياتنا الجامعة العربیة استعادة السلام الدول العربیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
رؤية نقدية لمؤتمر لندن للقضايا الإنسانية حول السودان
د. محمد عبد الحميد أستاذ مادة الحد من مخاطر الكوارث بالجامعات السودانية
لا ينطلقُ كاتب هذا المقال من أي موقف عدائي أو حتى متوجس نحو بريطانيا صاحبة الدعوة لمؤتمر لندن حول القضايا الإنسانية في السودان الذي عُقد في منتصف أبريل 2025م ... فالكاتب عمل ومايزال منذ العام 2013م ضمن فريق المدربين المشاركين بمنظمة RedR UK البريطانية وهي منظمة تعمل في تدريب الكوادر والأطر العاملة في الحقل الإنساني. كما أن الكاتب لا يشعر بالإنتماء النفسي أو الوجداني لمنظومة الحكم القائم الآن في السودان. وإنما يسعى لتسليط الضؤ من ناحية تخصصية لأوجه القصور التي شابت المؤتمر والدعوة له.
إن أهم ما نُركزُ عليه عادةً في تدريب الكوادر والطواقم الإنسانية في حالة أي تدخل إنساني هو عملية "تحليل السياق الكلي" للواقع الذي يُراد التدخل فيه. وذلك للتعرف على أصحاب المصلحة Stakeholders بإستخدام شكل فين Venn Diagram وهي الأداة التي تُحدد القوى أو الفاعِليّات المؤثرة والمتأثرة بعملية التدخل الإنساني إن كان مشروعاً إنسانياً أو برنامجاً تنموياً أو حتى دراسة مسحية... وتضمن هذه العملية عنصرين مهمين الأول: عدم ترك أي فاعل او صاحب مصلحة خلف المتدخلين. الثاني: مد جذور الثقة بين المتدخلين إنسانياً وأصحاب المصلحة لتحقيق أكبر فائدة مرجوة من عملية التدخل الإنساني.
إضافة لعملية تحليل السياق يتم التأكيد على الصبغة الإنسانية الخالصة لعملية التدخل والتي تحتكم في مجملها على مجموعة مبادئ وقيم يجب أن تُوضع في لُب عملية التدخل وهي الإلتزام بالمعايير الأخلاقية الأساسية لعملية التدخل الإنساني بعيداً عن المواقف السياسية أو التحيزات الفكرية أو العقائدية أو الإثنية أو ما إلى ذلك... وذلك بالتمسك الصارم بجملة قيم أهمها ما ورد في المبادئ الحاكمة للحركة الدولية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر وهي مبادئ (الإنسانية، الحياد، عدم التحيز، الخدمة التطوعية والإستقلالية) فإذا كانت الإنسانية بشكل عام مفهومة وتقضِي أو تهدف لحماية الإنسان وحفظ كرامته، فمن الضروري التوقف سريعاً عند مبدئي الحياد وعدم التحيز... وهما المبدآن اللذان يصنعا الثقة في الفاعل الإنساني ويمهدا له ضمن إشتراطات أخرى ما يُعرف في أدبيات الإتحاد الدولي للصليب والهلال الأحمر بالوصول الآمن Safe Access... إن التَقيّدَ بجملة هذه المبادئ والإجراءات تُبعِد الفاعل الإنساني من "غُواية الموقف السياسي" وتجعله محلاً للثقة وتضمن بالتالي سلاسة التدخل وأمن المتدخلين وبلوغ عملية التدخل غاياتها وهي تقديم الخدمات الإنسانية اللازمة للمستفيدين.
يمكن القول إجمالا أن بريطانيا في دعوتها للمؤتمر لم تلتزم بكونها فاعل إنساني. فقد أهملت أصحاب المصلحة في النزاع لا سيما الحكومة السودانية بإعتبار أنها صاحبة مصلحة في عملية التدخل، وقد كان يقتضي التقيّد بمبدئي الحياد وعدم التحيز. كما كان جدير بها ألاَّ تتصرف مع حكومة السودان بموقف سياسي مُسبق حتى لو كانت الأخيرة متهمة بعرقلة عمليات الإستجابة الإنسانية... وما يُثير الدهشة أن بيان المؤتمر قد أوصى بضرورة فتح الممرات الإنسانية الآمنة لعمليات الإغاثة في المعابر وهذه توصية لا يمكن تحقيقها إلا عبر التفاهم مع أصحاب المصلحة في هذه الحالة هما الحكومة وقوات الدعم السريع. وهو الأمر الذي يفقد في المحصلة النهائية بريطانيا المصداقية في التدخل الإنساني ويؤكد طغيان الموقف السياسي على الدوافع الإنسانية.
إن قصور بريطانيا في كيفية الدعوة للمؤتمر لم تقتصر فقط على الناحية الفنية وما يرتبط بها من فقدان للمصداقية، وإنما أتبعته بقصور دبلوماسي كذلك، وهو الأمر الذي ما كان ينبغي أن يفوت على دولة عُظمى كبريطانيا صاحبة الخبرة الجمّة في المجال الدبلوماسي.
مهما يكن من شئ، فالمعروف أن عقد المؤتمرات من هذه الشاكلة يُعتبر محفلاً دبلوماسياً لا سيما وأن بريطانيا قد قصدت بأن يكون متعدد المسارات Mluti track، فقد وجهت الدعوة لِطيفٍ واسعٍ من دول جوار السودان والفاعلين الإقليميين والدوليين دولاً ومنظمات وحتى دولة الإمارات المتهمة بدعم أحد طرفي الحرب. فقد كان من المفترض أن تسعى بريطانيا لتنفيذ غايات المؤتمر عبر التفاوض والتقارب المباشر مع "الأطراف المعنية الحكومة والدعم السريع" بممارسة النفوذ عليهما إما بطرح الحوافز والمغريات، أو التلويح بالعقوبات والجزاءات كل ذلك في إطار دبلوماسي هادئ ورزين يُبيّنُ للطرفين المتنازعين ويشرحُ لهما عواقب ما قد يترتب على عدم السماح بتمرير المساعدات الإنسانية من المواقع التي يسيطران عليها في الميدان.. فقد كان جدير بالمحفل الدبلوماسي أن يكفل في نهاية الأمر وسيلة ناجعة للتواصل والتفاهم ويأخذ على طرفي الحرب ميثاقا غليظاً لمراعاة جوانب المعاناة التي تحيق بالمدنيين جراء نقص الحاجات الإنسانية. وهذا ما كاد يقوله وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عند تأكيده بأن الحالة السودانية تتطلب (دبلوماسية صبورة)، فبرغم وجاهة هذا الطرح إلا أنه قد أُفرغ من محتواه تماماً بتغييب أطراف النزاع.. فلم تعد الدبلوماسية التي أنجزها المؤتمر سوى تظاهرة علاقات عامة جُمِعت فيها تبرعات وتعهدات والتزامات تماماً كما حدث في مؤتمر باريس في مايو من العام 2024م حيث أصبح مؤتمر لندن وكأنه deja vu لمؤتمر باريس.
ربما كان هذا القصور الدبلوماسي البريطاني ومن قبله الفرنسي مؤشران على أن الدبلوماسية الأوربية ليست في أحسن حالاتها. وأن إغفالها هذا الجانب المهم بهذه الطريقة وفي هذا الظرف الحرج الذي يموج بالتغيرات السياسية على الصعيد الدولي قد يقصي بها عن كونها فاعل قوي على الساحة السياسية السودانية ليفتح الأفق للاعبين آخرين لديهم أطماعهم ومصالحهم في منطقة القرن الأفريقي، كالصين وروسيا.
إن فشل بريطانيا ومن قبلها فرنسا الذريع في أحداث اختراق في الحالة الإنسانية في السودان عبر الدبلوماسية يؤكد صدقية رؤية ومقولة السياسي والدبلوماسي والمفكر السينغافوري كشور محبوباني بأن القرن الحادي والعشرين لم يعد غربياً وإنما آسيوياً.
د. محمد عبد الحميد
wadrajab222@gmail.com