ناقشت الطالبة الباحثة راغية البلعمشي الأسبوع الماضي أطروحة دكتوراه بعنوان إدارة الأمم المتحدة لنزاع الصحراء دراسة للمتغيرات السياسية والقانونية بعد 2007 وحصلت خلالها ميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر.

وتشكلت لجنة المناقشة من الدكتورة نوال بهدين، رئيسا ومقررا؛ الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي، مشرفا؛ الدكتور العميد محمد الغالي، عضوا؛

الدكتورة نجاة العماري، عضوا ومقررا؛ الدكتور عبد النبي صبري، عضوا ومقررا.

الأطروحة حسب التقرير الذي قدمته الباحثة، تتناول تساؤلات همت بالأساس مدى فعالية ونجاعة الإدارة الأممية للنزاع، وطبيعة الأسباب التي فاقمت جمود مسارها في نقطة المفاوضات غير المنتجة؟ ما يطرح قلقا إشكاليا حول واجب إتباع نفس النهج الخاص بالمفاوضات، أو التفكير في تبني اتجاهات أخرى في إطار إدارة ووساطة الأمم المتحدة، لخلق نفس جديد للتسوية؟ وهو ما يسعف من طرح الإشكالية المؤطرة للتحليل، والإفصاح عنها على الشكل التالي:

تأثير موازين القوى الإقليمية والدولية، وحركية أطراف نزاع الصحراء في تطوير وبلورة صنع القرار الأممي حول هذا نزاع، منذ سنة 2007، إعمالا بمقتضيات الفصل السادس من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، بشأن التدابير السلمية لحل النزاعات.

هذه الإشكالية التي حاولت هذه الأطروحة الإجابة عنها إنطلاقا من من مجموعة من الأدوات المنهجيةوالعلمية، التي ساهمت في قراءة النزاع داخل معطياته، والتي منها:

مقاربة تحليل النزاع:  اعتمد فيها الأطروحة على المقتربات التالية:

–  مقترب هارفارد: القائم على اختلافات المواقف من جهة والمصالح من جهة أخرى، حيث يركز على المصالح عوض المواقف كإطار للتفاوض مع الطرف الأخر.

–   مقترب الاحتياجات الإنسانية: الذي ينطلق من كون النزاعات تكمن في مجموعة من الاحتياجات الإنسانية التي لم يتم إرضائها، وتدعو إلى تحليل هذه الاحتياجات والعمل على إرضائها قصد الوصول إلى الحل.

–  مقترب تحويل النزاع: الذي يهتم بوضع حدود للنزاع من خلال ربط النزاع بالبيئة التي نشأ فيها ومحاولة تجديد هذه العلاقة، قصد تغيير شكل النزاع.

وبخصوص أدوات تحليل النزاع:

فقد تم الإعتماد على مجموعة من الأدوات، والتي تم توظيفها في في تنزيل ودراسة المادة البحثية، قصد الوقوف على مجموعة من العناصر، كما هو الحال: للدينامية، والفواعل، والأسباب، والبنى، والقضايا، والخيارات / أو الإستراتيجيات…، إلى غير ذلك من العناصر.

كما تمت الإستعانة بنموذج التصعيد لـ »غلاسل »، الذي يمكن من دراسة درجة تصعيد أطراف النزاع، على مستوى الفعل والتفاعل.

أما فيما يخص تحليل السياق أو التحليل الاستراتيجي للموضوع

فقد تم فيه ربط الأهداف بالبيئة على أساس المعطيات الداخلية والخارجية وتفاعلها مع مسلسل اتخاذ القرار وتقييم مدى النجاعة والفعالية، بالإضافة إلى تحديد الخيارات والطرق الواجب اعتمادها.

وذلك من خلال التحليل الرباعي (SWOT)الذي يتأسس على تحديد نقط القوة والضعف، إضافة للتهديدات والفرص.

ونظريا تم تحديد النظريات التي يمكن العمل من خلالها: وفق بناء نظري اعتمد بالأساس

نظرية إدارة الأزمات من خلال إسقاطها على دور هيئة الأمم المتحدة في إيجاد حل لنزاع الصحراء، مع تحديد وقياس مدى فعالية إدارتها وتفاعلها مع أطراف النزاع والحلول المقدمة من طرفهم. نظرية صناعة القرار: باعتبار القرار عملية جماعية متكاملة تتداخل فيها مجموعة من العناصر المعنية بصناعة هذا القرار. نظرية اللعبة: من خلال دراسة « العقلانية » في تعاطي كل طرف من أطراف النزاع مع الملف من داخل وخارج المنظمة، مع احتساب النتائج ووضع الإستراتيجيات.

إن الغرض من هذه الدراسة ليس فقط قياس النجاعة في إطارها المؤسساتي، ولكن تحليل وتقييم  ادارة  الأمم المتحدة، في إطار تفاعلاتها الداخلية والخارجية، من خلال بناء منهجي، اعتمد بالأساس على  المنهج النسقي، باعتباره المنهج الذي يدرس طبيعة السلوكيات الناتجة عن بنية أو مجموعة من البنيات، وطبيعة التفاعلات الوظيفية المفسرة للسلوكيات السابقة، فهو من المناهج التي تتناول الظاهرة المدروسة باعتبارها نسقا يتفاعل مع أنساق خارجية أخرى عبر سلوكيات تحددها تفاعلات وظائف بنياته الداخلية.

وجدير بالذكر أن الموضوع ارتبط بثلاثة انساق متفاعلة: النسق الدولي (الأمم المتحدة والقوى العالمية الكبرى)، والنسق الإقليمي (المحيط الإقليمي للنزاع)، و(النسق الداخلي) لأطراف النزاع، وداخل كل نسق هناك بنيات تتفاعل فيما بينها لكي تحدد سلوك نسق الاتجاه الآخر.

أيضا تم تبني منهج تحليل المضمون: الذي ساعد على تحليل القرارات والتقارير وغيرها من الوثائق الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، وذلك موازاة بالمنهج المقارن حسب ضرورة البحث.

منهج دراسة الحالة: الذي يهم دراسة حالة التدبير الأممي لنزاع الصحراء كنموذج منفرد يعتمد على سرد المسار الذي اتخذه هذا النزاع، والمتغيرات التي شهدها منذ سنة 2007، ثم وضع هذا النزاع في إطار التفاعلات الدولية وموازينها، بغرض البحث عن السبل العلمية والنظرية التي من شأنها التسريع إيجاد حل وتسوية النزاع.

وهو ما أسس لفرضية تمحورت بالأساس حول تضاؤل هامش تحرك منظمة الأمم المتحدة، في ظل الهوة الكبيرة بين إصرار المغرب على مقترح الحكم الذاتي، وتشبت البوليساريو بفكرة الإستفتاء، كما هو الشأن بخصوص عمل بعثة الأمم المتحدة في الصحراء التي يرى فيه المغرب أن مهامها تقتصر على المراقبة العسكرية بينما البوليساريو تطالب بتوسيع مهمها لتشمل حقوق الإنسان، وإنطلاقا من هذه المفارقات عمدت الأمم المتحدة لتوسيع دائرة المحاورين قصد ضمان أطول فترة ممكنة من السلم في المنطقة.

وإنطلاقا من كل هذه الإعتبارات النظرية، تم تقسيم البحث الى قسمين كالتالي:

اهتم القسم الأول بدراسة صنع القرار الأممي المرتبط بنزاع الصحراء منذ 2007، مع إبراز صلاحيات الأمانة العامة، على مستوى الآليات المركزية من خلال التطرق  لصلاحيات الأمين العام الإدارية والسياسية، مع دراسة تحليلية للتقارير في بعدها السياسي، وبعديها الأمني والإنساني، وعلى مستوى الآليات الميدانية، من خلال تحديد آليات الأمانة العامة السياسية، والدبلوماسية، والأمنية والإنسانية، انطلاقا من إبراز عناصر كل آلية، وتحديد مكامن الخلل فيها، تفاعلا مع ما هو متاح للأمين العام في إطار إنتدابه لكل من المبعوث الشخصي والممثل الخالص، وتقييم هذه الصلاحيات مع اقتراح توجهات جديد  للبحث عن حل في مسار تحويل النزاع كما هو الحال عند استحضار مبدأ التقادم في أدبيات القانون الدولي.

من جانب أخرتم الوقوف على صلاحيات مجلس الأمن في إدارة النزاع من القرارات الصادرة والاختصاص الحصري الذي يحظى به هذا الأخير، من خلال إعداد وتقديم مسودات مشاريع القرارات، مرورا بالمشاورات القبلية وجلسات ومحاضر التصويت قبلا الاعتماد النهائي لكل قرار جديد، مع دراسة وتحليل مضمونها إنطلاقا من المدخلات المؤثرة في صناعة القرار من خلال الوثائق، وتفاعل كل من أطراف النزاع والمتدخلين فيه، مع الوقوف على المخرجات الواردة في القرارات، والتي تهم أطراف النزاع وموظفي وأعضاء المنظمة.

أما بخصوص القسم الثاني، فقد اهتم بمحددات صناعة القرار الأممي المرتبطة بالموضوع، من خلال التطرق للمحددات المرتبطة بأطراف النزاع، عبر إبراز تعاطي المملكة المغربية مع الملف على المستوى الدبلوماسي والميداني، وتعاطي جبهة البوليساريو على المستوى السياسي والميداني، دون إغفال المحددات المرتبطة بكل من الجزائرالتي تعد طرفا أصيلا في النزاع، إنطلاقا من  دبلوماسية تصريف الطرح الإنفصالي، وقياس تدخلها المباشر في الملف، وموريتانيا باعتبارها طرفا ملاحظا وانعكاس استمرارية النزاع على وضعها الإقليمي، مع التطرق لمرتكزات موقفها المبني على الحياد من هذا النزاع وإبراز أسبابه ومسبباته.

كل ذلك دون إغفال المحددات المرتبطة بموازين القوى الدولية والإقليمية، وبالخصوص المحددات الدولية لموقف منظمة الأمم المتحدة من قضية الصحراء، خاصة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، والمحددات المرتبطة بالمنظمات الدولية الحكومية الأخرى سواء تلك التي تضم المغرب في عضويتها أو تلك التي لا بعتبر عضوا فيها، دون إغفال المحددات الإقليمية لموقف المنظمة من النزاع، كما هو الحال للمحددات الإستراتيجية في مواجهة قيام دولة جديدة بالمنطقة في شقها الأمني والسياسي، والمحددات التنموية كاساس للاستقرار الإقليمي، انطلاقا من النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي يشكل إطارا لتذويب الهواجس الأمنية، ومقترح الحكم الذاتي بإعتباره أرضية تسوية سياسي واقعي وذو انعكاس تنموي.

كلمات دلالية الصحراء المغرب بحث

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الصحراء المغرب بحث الأمم المتحدة أطراف النزاع مجموعة من فی إطار من خلال کما هو

إقرأ أيضاً:

دكتوراه في الجهل

 

 

 

عبدالوهاب البلوشي

عادةً ما تكون شهادة الدكتوراه رمزًا للبحث العلمي العميق، والاجتهاد الأكاديمي، والمساهمة الفاعلة في خدمة المجتمع والإنسانية؛ فهي تُمنح لمن يُقدم إضافة حقيقية إلى مجاله، ويبحث في قضايا تؤثر إيجابيًا على حياة الناس، وتسهم في تقدم العلوم والفكر والثقافة.

لكن في المقابل، هناك من يحصلون على شهادة الدكتوراه لا لشيء سوى للتفاخر بلقب "دكتور"، دون أن يكون لبحثهم أي قيمة علمية أو نفع مجتمعي.

هؤلاء الذين يسعون خلف الشهادة فقط، دون اهتمام بمضمونها أو تأثيرها، لا يُمكن اعتبارهم علماء أو باحثين حقيقيين، بل هم أقرب إلى تجار العلم، الذين يُفرغون الشهادات الأكاديمية من محتواها وقيمتها. فهم لا يضيفون جديدًا إلى معارف البشرية، ولا يسعون إلى حل المشكلات أو تطوير مجالات البحث، بل يكتفون بإجراءات شكلية، وتحقيق متطلبات شكلية، للحصول على شهادة يتزينون بها دون أن يستحقوها.

الضرر الذي يُسببه هؤلاء لا يقتصر عليهم فقط؛ بل يمتد إلى المجتمع بأكمله؛ فحين تنتشر ثقافة "الشهادة من أجل اللقب"، يُصبح العِلم مجرد وسيلة للوصول إلى مكانة اجتماعية أو منصب وظيفي، بدلًا من أن يكون وسيلة للرقي والنهضة. كما إنهم يسيئون لحملة الدكتوراه الحقيقيين، الذين أفنوا سنوات من حياتهم في البحث والتدقيق، وسعوا بصدق لإثراء مجالاتهم العلمية والمعرفية.

في بعض الأحيان، نجد أن هؤلاء الحاصلين على "دكتوراه بلا فكر" يتصدرون المشهد الأكاديمي، ويُقدمون على أنهم "خبراء" في مجالات لا يملكون فيها أي معرفة حقيقية، مما يُسهم في تضليل العامة، وتشويه مفهوم البحث العلمي. والأسوأ من ذلك، أن بعض المؤسسات الأكاديمية قد تسهّل حصول مثل هؤلاء على شهادات أكاديمية ضعيفة أو حتى وهمية، مما يزيد من تفشي ظاهرة “دكتوراه بلا علم”.

ولحماية مكانة شهادة الدكتوراه ومنع تحولها إلى مجرد ورقة بلا قيمة، لا بُد للجهات المعنية من التشديد على معايير البحث العلمي، والتأكد من أن من يحصل على الدكتوراه قد قدَّم بالفعل مساهمة ذات قيمة في مجاله. ولا بُد من مكافحة الشهادات الوهمية أو الضعيفة التي تمنح في مؤسسات غير معترف بها أو دون أي مجهود أكاديمي حقيقي. وأخيرًا لا بُد من فضح الدخلاء على العلم، وعدم السماح لهم بتصدر المشهد الأكاديمي أو التأثير في القرارات العلمية والمجتمعية.

إنَّ الحصول على الدكتوراه يجب أن يكون تتويجًا لمسيرة علمية حقيقية، وليس مجرد ورقة تُشترى أو لقب يُضاف إلى الأسماء؛ فالعلم ليس بالمظاهر، وإنما بالمحتوى والإسهام الحقيقي في المحافل التعليمية أو البحثية أو المجتمعية.

مقالات مشابهة

  • بانتظار الموافقة الروسية.. تفاصيل خطة الانتقال إلى مفاوضات السلام في أوكرانيا
  • روبيو: اتفاق واشنطن وكييف يمهد الطريق لإنهاء النزاع في أوكرانيا بشكل دائم
  • لترسيم الخط الأزرق والانسحاب من النقاط الـ5..إسرائيل تعلن التفاوض مع لبنان لحل النزاع الحدودي
  • دكتوراه في الجهل
  • الأمم المتحدة: عائلات بأكملها قُتلت خلال أعمال العنف في سوريا
  • الأمم المتحدة: عائلات بأكملها قتلت خلال الحملة العسكرية في سوريا
  • مساعد رئيس مجلس الشورى تستعرض أمام لجنة المرأة بالأمم المتحدة مسيرة تمكين المرأة في مجلس الشورى ومشاركتها بصنع القرار
  • ليبيا ومالطا: نزاع بحري قديم عاد إلى الواجهة بعد 45 عامًا
  • الخارجية الروسية:الاتصالات مع واشنطن مكثفة للغاية في المرحلة الحالية
  • الأمم المتحدة تعتمد 28 يناير من كل عام يوما دوليا للاحتفاء بالتعايش السلمي