أثار مصدر دبلوماسي تركي الكثير من التساؤلات، من خلال الحديث عن رسائل تم تبادلها بين واشنطن وطهران عبر أنقرة قبل “الرد الإيراني” الذي أستهدف إسرائيل بعشرات المسيرات و الصواريخ، ليل السبت الماضي، حسب رويترز.

وكشف المصدر التركي إن إيران “أبلغت تركيا مسبقا” بعمليتها ضد إسرائيل، وإن الولايات المتحدة أخطرت إيران عبر أنقرة، أنها يجب أن تكون “ضمن حدود معينة”.

هذا التصريح حسب المراقبين يجعل الضربة الإيرانية بمثابة “انفجار مضبوط بدقة داخل المختبر” وأن النتائج كانت “تحت السيطرة تماما” وجميع الأطراف كانت مستعدة ومتفاهمة على “توقيت و حجم ونتائج” الرد الإيراني.

“عمل عسكري بإدارة دبلوماسية” هكذا قال أحد المراقبين في دمشق ل “عين ليبيا “، مضيفا أن الجميع كان متقبلا لفكرة أن “إيران ملزمة بالرد” أمام جمهورها حتى لا تتآكل مقولتها السياسية و العسكرية أمام تكرار الضربات الإسرائيلية دون رد إيراني صريح.

المصدر التركي زاد الأمور وضوحا عندما قال “إيران أبلغت الولايات المتحدة عبر أنقرة أن هجومها هو رد فقط على هجوم السفارة ولن يتجاوز نطاقها ذلك”.

وبحسب مصدر”عين ليبيا” لم تكن واشنطن بحاجة لأكثر من هذا التطمين الإيراني لتوصله إلى إسرائيل، التي كانت مرتبكة و تخشى توسع الحرب في وقت تتحضر فيه للإجهاز على حماس في رفح، ولذلك كانت إسرائيل جاهزة لتلقي ضربة “مضبوطة بال ميليمتر” لا تخرج عن سياق الرد كما قالت طهران.

و كان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، تحدث إلى نظيره التركي، هاكان فيدان، قبل أيام من التصعيد الاخير، لتوضيح أن التصعيد في الشرق الأوسط ليس في مصلحة أحد.

وتعليقا على ذلك يقول مصدر “عين ليبيا” إن أنقرة نقلت وجهت النظر الأمريكة إلى طهران وأبلغتها أن واشنطن “لاتريد التصعيد” وهو بالضبط ما ارادت طهران سماعه.

وأضاف مصدر “عين ليبيا” إن ما يؤكد أن الأمور كانت تدار في أروقة السياسة بدقة هو تصريح مندوب إيران لدى الأمم المتحدة قبل أن تصل المسيرات و الصواريخ إلى “إسرائيل” بأن “العملية انتهت” ليضع الكرة في ملعب إسرائيل بقوله “إذا صعدت إسرائيل فإننا سنرد بقوة أكبر”.

مسؤولون أتراك وأردنيون وعراقيون، قالو لرويترز أمس الأحد،  إن إيران قدمت إخطارا واسع النطاق قبل أيام من الهجوم بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل، وهو ما أتاح تفادي سقوط أعداد كبيرة من الضحايا وتفاقم التصعيد، لكن مسؤولا أميركيا نفى ذلك.

وهذا ما أكده وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الأحد  بإن طهران أخطرت الدول المجاورة والولايات المتحدة قبل 72 ساعة من تنفيذ الضربات.

وقالت وزارة الخارجية التركية إنها خاطبت واشنطن وطهران قبل الهجوم، وأضافت أنها نقلت رسائل في إطار اضطلاعها بدور وساطة للتأكد من أن ردود الفعل كانت متناسبة.

ورغم ذلك، نفى مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تصريح أمير عبد اللهيان، وقال إن واشنطن أجرت اتصالات مع إيران من خلال وسطاء سويسريين لكنها لم تتلق إخطارا قبل 72 ساعة.

وأضاف المسؤول “هذا غير صحيح على الإطلاق. لم يقدموا أي إخطار، ولم يعطوا أي مؤشر بأن… هذه ستكون الأهداف فقوموا بإخلائها”.

وقال المسؤول الأميركي إن طهران لم تبعث رسالة إلى الولايات المتحدة إلا بعد بدء تنفيذ الهجوم وكان هدفها أن يكون “شديد التدمير” وتكهن بأن إيران تقول إنها قدمت إخطارا من أجل التغطية على الإحراج الناجم عن فشل الهجوم.

وأضاف قائلا “تلقينا رسالة من الإيرانيين في وقت كان فيه الهجوم لا يزال جاريا، وذلك عبر السويسريين.

رغم ذلك، قال مسؤولون عراقيون وأتراك وأردنيون إن إيران قدمت إنذارا مبكرا الأسبوع الماضي بأنها ستنفذ الهجوم وشمل الإنذار تقديم بعض التفاصيل.

وربما تدلل نتائج الهجوم الإيراني على حجم التنسيق و الإدارة، فالخسائر شبه معدومة، ومعظم المسيرات و الصواريخ دمرت في الجو فوق دمشق و بغداد، وسمع المواطنون أصوات التفجيرات في كلا البلدين.

وقال مصدران عراقيان أحدهما مستشار أمني حكومي ومسؤول أمني إن إيران استخدمت القنوات الدبلوماسية لإبلاغ بغداد بالهجوم قبل ثلاثة أيام من وقوعه على الأقل.

ولم يُكشف عن التوقيت الدقيق للهجوم في تلك المرحلة، لكن السلطات الأمنية والعسكرية العراقية أُبلغت قبل ساعات من الهجمات، مما أتاح لبغداد إغلاق مجالها الجوي وتجنب وقوع حوادث تتسبب في سقوط قتلى.

وقال المسؤول الأمني ​​العراقي “فهمت الحكومة من المسؤولين الإيرانيين بصراحة أن الجيش الأميركي في العراق كان على علم أيضا بالهجوم سلفا”.

وقال مسؤول أردني كبير إن إيران استدعت مبعوثين عربا في طهران الأربعاء لإبلاغهم بنيتها تنفيذ هجوم، لكنها لم تحدد التوقيت.

وردا على سؤال عما إذا كانت إيران قدمت أيضا تفاصيل عن الأهداف ونوع الأسلحة التي ستستخدمها لم يرد المصدر الأردني مباشرة لكنه أشار إلى أن الأمر صحيح.

وقال مصدر إيراني مطلع إن طهران أبلغت الولايات المتحدة عبر قنوات دبلوماسية شملت قطر وتركيا وسويسرا باليوم المقرر لتنفيذ الهجوم، وأكدت أنه سيتم بطريقة تؤدي إلى تجنب استدعاء الرد.

وتبقى مسألة إلى أي مدى يمكن تجنب التصعيد موضع تساؤل، وقال المسؤول الأميركي إن بايدن أبلغ إسرائيل أن الولايات المتحدة لن تنضم إلى أي عمل انتقامي إسرائيلي.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أمريكا إسرائيل الأردن الرد الإيراني العراق الولایات المتحدة عین لیبیا إن إیران

إقرأ أيضاً:

المحادثات النووية بين واشنطن وطهران.. إيران تخطط لمد أمد المفاوضات.. والانقسامات الداخلية داخل إدارة ترامب تحسم مصير الصفقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مع تقدم المحادثات النووية بين واشنطن وطهران، حذر مسؤولان أمريكيان سابقان من أن العملية تقترب من مفترق طرق حاسم، قد تستغله إيران للحصول على تنازلات كبيرة أو لاستغلال الوقت لصالحها.

وقال كريستوفر فورد، الذي شغل منصب مساعد وزير الأمن الدولي ومنع الانتشار خلال الولاية الأولى لإدارة ترامب، إن الفجوة بين ما تطلبه الولايات المتحدة وما هو مستعد لقبوله إيران قد تكون واسعة جدًا بحيث يصعب سدها. 

وجاءت تصريحاته خلال ندوة استضافها "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي"، حيث يظهر أن هناك زخماً نحو استئناف المحادثات بين واشنطن وطهران بشأن برنامج إيران النووي.

وأعرب فورد عن تشككه العميق في اتجاه المفاوضات، مشيرًا إلى أن استراتيجية إيران قد تكون هي تأخير أي نتائج حاسمة حتى بعد أكتوبر، عندما تنتهي صلاحية قرار مجلس الأمن رقم 2231، مما يزيل الأساس القانوني لفرض العقوبات بشكل مفاجئ.

وقال فورد: "إذا كنت في الجانب الإيراني، سيكون هذا هو الجزء الأول من استراتيجيتي التفاوضية: إطالة العملية".

جاءت تصريحات فورد في وقت لاحق من نفس اليوم بعد إلغاء جلسة افتراضية كان من المقرر أن يشارك فيها وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في المؤتمر السنوي للسياسات النووية الذي نظمته "مؤسسة كارنيجي". 

وكان قد تم إضافة عراقجي إلى قائمة المتحدثين يوم السبت، ولكن في صباح اليوم المقرر للجلسة، أعلنت المؤسسة أن الجلسة قد ألغيت بعد أن طلب الوفد الإيراني تغييرات في اللحظة الأخيرة كانت ستمنع كل من المقدم والجمهور من طرح الأسئلة.

وأشار فورد إلى هذه الحادثة كمثال يكشف كيفية تعامل إيران مع الدبلوماسية، وقال: "لقد حصلت كارنيجي على فكرة عن أسلوب التفاوض الإيراني خلال الـ 24 ساعة الماضية. إنها أسلوب الاحتيال والتحايل... هو كان يعلم ما يفعله، وأحييكم جميعاً على تمسككم بمواقفكم".

من جانبه، أكد ريتشارد نيفيو، الذي ساعد في صياغة العقوبات الأمريكية ضد إيران خلال إدارة أوباما ويعمل الآن في "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، على نفس المخاوف، واصفًا نهج إيران الحالي بالفرصة للاستفادة من الوضع.

وقال نيفيو: "إذا كنت عباس عراقجي، عليك أن تحاول معرفة ما الذي يمكنك الحصول عليه ومعرفة ما إذا كان بإمكانك الحصول على صفقة تنازلية تمنحك موقفًا أفضل". 

وأضاف أن إيران تبحث عن تخفيف العقوبات مع تقديم تنازلات نووية محدودة، وقد تكون مشجعة من الانقسامات الداخلية داخل إدارة ترامب بشأن ما إذا كان يجب أن تكون الصفقة صارمة أو أكثر مرونة.

وأشار نيفيو إلى أن التصريحات العامة من المسؤولين الأمريكيين تشير إلى استعداد لتوقيع اتفاق أكثر مرونة.

وقال: "أعتقد أنه إذا نظرنا إلى النص الصريح لما قاله الرئيس وما قاله ويتكوف، يمكننا أن نستنتج صفقة أكثر تساهلاً وأكثر ليونة بكثير".

على الرغم من الشكوك التي عبر عنها بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق دائم، أشار نيفيو إلى أن اتفاقًا قصير المدى قد يساعد في استقرار الوضع إذا كان يحد من الأنشطة النووية ويتضمن إشرافًا قويًا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

واختتم الخبراء بالإشارة إلى أن اللحظة الحالية هي لحظة دبلوماسية هشة وغير مؤكدة، مع وجود رهانات عالية وفرص ضئيلة للخطأ.

 

مقالات مشابهة

  • الصين تدعم المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة
  • تقرير: إيران تحصّن مواقع نووية تحت الأرض
  • إيران تعرض صفقات بمليارات الدولارات على واشنطن مقابل اتفاق نووي
  • الصين: ندعم المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة
  • تقرير: إيران تعمل على تحصين مواقع نووية تحت الأرض
  • إيران تحذر من ازدواجية أمريكا قبل مفاوضات مسقط
  • واشنطن تفرض عقوبات على قطب الغاز الطبيعي الإيراني إمام جمعة.. وطهران تدين
  • المحادثات النووية بين واشنطن وطهران.. إيران تخطط لمد أمد المفاوضات.. والانقسامات الداخلية داخل إدارة ترامب تحسم مصير الصفقة
  • هل تفكك إيران الثلاثية المقدسة.. النووي والصواريخ وشبكة الحلفاء؟
  • إيران تتهم إسرائيل بالسعي لتقويض المباحثات النووية مع واشنطن