عاماً من الحـرب: تداعيـات كارثية وسيناريـوهات مفتوحة
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
محمد الأمين عبد النبي
تدخل حـرب 15 أبريل عامها الثاني؛ وتصريحات القادة العسكريين تشير الي التعنت والإصرار على إنتصارات زائفة هنا وهناك؛ ولم يستوعبوا الدرس بعد، تداعيات كارثية فرضتها هذه الحرب؛ فقد أعلنت الفاو عن حاجة 18 مليون سوداني الي الغذاء، وحذر برنامج الغذاء العالمي من أزمة الجوع في مناطق الحرب؛ فيما أكدت الأمم المتحدة على ان 25 مليون سوداني يحتاجون للمساعدات العاجلة؛ وفقدان 80٪ من موارد البلاد؛ وفقد اكثر من 13 الف من المدنيين حياتهم؛ ويتضاعف عدد القتلى وسط العسكريين؛ ونزوح اكثر من 8 ملايين من السودانيين؛ بالإضافة الي إرتكاب مجازر وانتهاكات جسيمة لحقوق الانسان تصل لجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم على أساس اثني وقبلي وإغتصاب للنساء؛ وتدمير البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة؛ وتوقف المدارس والجامعات؛ وانهيار النظام الصحي وانتشار الأوبئة والأمراض؛ ونحو 4 ملايين من العاملين في القطاع الحكومي والخاص فقدوا وظائفهم؛ وتراجع الجنية السوداني وفقد 90٪ من قيمته؛ وخسر الاقتصاد السوداني مئات المليارات من الدولارات؛ وتوقفت المصانع نتيجة القصف وانعدام الأمن؛ وتعطل الإنتاج الزراعي، كل ذلك ومازال طرفي الحـرب يمنعان وصول المساعدات الإنسانية؛ ولا يعيرا اي إهتمام للمواطن السوداني؛ عطفاً على صمت وتقاعس العالم بعدم الوفاء بإلتزاماته الإنسانية؛ فقد وصفت الأزمة السودانية بالأزمة المنسية.
عاماً من الحرب ومازال قادة طرفي الحرب في غيهما؛ يتوهمان النصر العسكري؛ ومازال المؤتمر الوطني المحلول يدعو الي إستمرار الحـرب ويجهض أي عملية سياسية سلمية لإنهاء الحرب.
عاماً من الحرب عنوانه فشل كل محاولات التهدية والتفاوض والحل السلمي.
عاماً من الحرب بلغ فيه؛ الاستقطاب السياسي وسط القوى المدنية قمته؛ وقد أعلنت بعضها الانحيار لأحد طرفي الحرب (الجيش) وتخلت عن مبدأ الحياد وانخرطت في الحرب؛ مما أدى لتوسع رقعة الحرب.
عاماً من الحرب فيه؛ وصل خطاب الكراهية والعنصرية مداه؛ وحدث شرخ وانقسام مجتمعي خطير وعمليات استنفار تكرس لحرب أهلية شاملة.
عاماً من الحرب وغياب الإرادة وضياع السيادة الوطنية سيدة الموقف؛ في ظل تضارب المصالح الإقليمية والدولية في بلد منهك وموارد مهدرة أصبح ساحة لصراع نفوذ وعمليات التسليح والاطماع الإقليمية والدولية.
صحيح؛ أن هناك جهود إقليمية ودولية لإيجاد حل للأزمة؛ رغم تعثرها؛ إلا أنها تمثل أرضية لوقف الحرب وتوصيل المساعدات الانسانية وحماية المدنيين سيما جهود الايقاد والاتحاد الإفريقي ومنبر جدة ومنبر المنامة؛ وفي هذا الإطار يأتي مؤتمر باريس؛ والذي من المأمول ان يدير حواراً على مستوى وزراء الخارجية للضغط على طرفي الحـرب والتحقيق في الجرائم التي ارتكبت وحماية المدنيين؛ وتداول المانحين حول تقديم المساعدات الإنسانية والوفاء بالالتزامات والتعهدات؛ وحواراً سياسياً بين فاعلين من القوى المدنية حول قضايا الحرب والسلام.
بعد عام من الحرب؛ فإن البلاد مقبلة على مآلات وسيناريوهات مفتوحة الاحتمالات تتراوح ما بين إستمرار الحـرب وتحولها الي حرب شاملة وبالتالي إنهيار كامل للدولة؛ أو تدخل دولي يفرض وصايا على السودان؛ أو العودة للتفاوض وابرام إتفاق سلام بين طرفي الحـرب وإتفاق سياسي بين المدنيين ومن ثم إعلان دستوري يفتح الطريق للاستقرار والسلام والتحول الديمقراطي.
wdalamin_2000@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: من الحرب
إقرأ أيضاً:
70 عاما تحتاجها الزراعة في سوريا لإصلاح ما أفسدته الحرب
يؤكد مزارعون في شمال غربي سوريا أن الحرائق وقطع الأشجار وشح المياه أثر عليهم بشكل كبير ودفعهم إلى تغيير أنماط الزراعة والتحول من زراعة القمح إلى محاصيل أخرى.
فقد خسر هذا الجزء من سوريا مساحات واسعة من الغابات الخضراء خلال الحرب التي شنها نظام بشار الأسد على المعارضة خلال السنوات الـ14 الماضية.
ووفقا لتقرير أعدّه أدهم أبو الحسام للجزيرة، فقد أثرت خسارة هذه الغابات على المناخ وحركة الزراعة بالمنطقة بعد فقدان غالبية الغابات الطبيعية والأحراج الصناعية مما أدى إلى خسارة كثير من الثدييات والطيور والحشرات النادرة التي تحافظ على النظام البيئي.
الإصلاح يتطلب 70 سنة
وقد تعرضت غالبية غابات المنطقة لحرائق في السنوات الماضية، وتتطلب إعادتها إلى عهدها السابق من 40 إلى 70 سنة شريطة حمايتها من الحرائق والرعي والقطع، وفق ما أكده المهندس الزراعي بلال حميدي.
وتعتبر الفترة بين 2014 و2020 نقطة تحول صادمة في الغابات السورية فقد اندلعت العديد من الحرائق في مناطق عديدة بسبب قصف نظام الأسد لمواقع تقدمت منها قوات المعارضة باتجاه الساحل السوري حينذاك.
كما اندلعت وحرائق أخرى مفتعلة وزاد القطع الجائر بغية التجارة بالحطب والفحم كبدائل للتدفئة مع فقر الأهالي وندرة المحروقات وغلاء أسعارها.
إعلانوزادت هذه العوامل من حدة التغير المناخي في المنطقة فارتفع متوسط درجات الحرارة بمعدل 4 درجات مئوية بين عامي 2012 و2023، كما انخفض متوسط هطول الأمطار -حسب مديرية الأرصاد- بمقدار 35% خلال السنوات العشر الماضية.
وأدت هذه العوامل أيضا إلى زيادة الجفاف وانخفاض مستوى المياه في السدود مما ترك أثرا كبيرا على الزراعة في منطقة جسر الشغور وسهل الغاب حيث يشكو المزارعون من انخفاض كبير في الإنتاج وتكلفة باهظة في استجرار مياه الآبار لري المزروعات.
وقال بلال جمعة -وهو أحد المزارعين بالمنطقة- إن الجفاف وشح الأمطار أجبرهم على تغيير أنماط الزراعة التي اعتادوها إذ توقفوا عن زراعة القمح وتحولوا إلى زراعة محاصيل أخرى مثل الكمون وحبة البركة.
وكان هذا التحول إلى محاصيل بديلة بسبب تراجع إنتاج دونم القمح من 600 كيلوغرام إلى 250 كيلوغراما، كما يقول جمعة.
وخسر كل هكتار في المنطقة ما يصل إلى 4 آلاف شجرة مثمرة بسبب الحرائق في الفترة من 2012 حتى 2023، حتى تم قطع أشجار الزيتون وبيعها حطبا.