لندن- في ظل تواتر المواقف السياسية الإسرائيلية بشأن طبيعة الرد المحتمل على الهجوم الإيراني عقب استهداف تل أبيب قنصلية طهران في العاصمة السورية دمشق، تخضع سيناريوهات ملامح الاشتباك العسكري والسياسي المحتدم بين طرفي الصراع إلى تقديرات وقراءات مختلفة.

يأخذ بعض هذه التقديرات في عين الاعتبار التقاطعات بين التوتر الإيراني الإسرائيلي الحالي مع الحرب الجارية على قطاع غزة، ويقرؤها البعض الآخر في ضوء صراع مؤجّل بين الجانبين يجد الآن الظرف العسكري والسياسي الأنسب لينفجر، فيما يربطها آخرون بالتوازنات الدولية والإقليمية بالغة الحساسية التي يتحكم في خيوطها أكثر من طرف.

وفي حديث للجزيرة نت، حذر جوليان بارنز داسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "إي سي إف آر"، من المسارات غير المضمونة التي يمكن أن ينحو في اتجاهها التصعيد الجاري بين إيران وإسرائيل.

توتر

ويشدد داسي على أن أيا من طرفي الصراع لا يستطيعان التحكم في منحى التوتر وحالة عدم اليقين التي تعيش على وقعها المنطقة والتي يمكن أن تنتهي بحرب إقليمية.

ويعتقد الخبير أن الإيرانيين غير قادرين على الجزم بما إذا كانت إسرائيل ستشن هجوما مباشرا على أراضيهم، لكنهم قد يردّون على أي هجوم من هذا النوع بشكل قاسٍ وغير مسبوق مقارنة مع طبيعة الهجوم بالمسيّرات الذي تعمدوا التأكيد أنه سلسلة من الضربات المحدودة ومحددة الهدف بشكل مسبق، ولا تهدف لإشعال فتيل حرب واسعة في المنطقة.

وبذلك، يضيف، يحقق الإيرانيون التوازن بين رغبتهم في الرد بصرامة على تعرض قنصليتهم في سوريا لهجوم إسرائيلي وبين حرصهم على تجنب أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

ولكن، يرى الخبير البريطاني أن الخيار الإيراني في ضبط مستوى الهجوم على الأهداف الإسرائيلية وتحديد طبيعته يضع أيضا قدرات الردع الإيرانية محل تساؤل وتشكيك.

وأشار إلى أن "الطريقة الاستعراضية" التي تم بها الهجوم لم تؤثر في قدرة إسرائيل وحلفائها على التصدي الناجح له على نطاق واسع، مما سيضر بسمعة الردع الإيراني ويظهره على أنه ليس بالقوة المطلوبة، في الوقت الذي تستطيع فيه تل أبيب حماية أراضيها وتنفيذ هجمات ذات تكلفة باهظة ضد الأهداف الإيرانية.

مرحلة خطِرة

وأضاف مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن طبيعة الرد الإيراني يمكن أن تعطي إشارات صريحة لصناع القرار في تل أبيب بأن طهران لا تملك الإرادة ولا الرغبة في الانخراط في حرب مباشرة ضد إسرائيل.

وأوضح أنه يمكن للقادة في تل أبيب التقاط هذه الإشارة والبناء عليها ليخلصوا أن الظرف الحالي هو الأنسب لشن هجوم ضد إيران يضعف نفوذها وقوة وكلائها في المنطقة.

ويرى جوليان بارنز داسي أن دول الجوار العربية تدرك خطورة اللحظة التي تعيشها المنطقة، وفتحت أكثر من قناة اتصال مع مختلف الأطراف الفاعلة في هذا الصراع لتجنب تدحرج "تبادل الردود" العسكرية بين إسرائيل وإيران إلى حرب إقليمية يصعب تطويقها.

وأضاف أنه في الوقت الذي تنسق فيه دول عربية، لها اتفاقات تطبيع وتعاون مع تل أبيب والولايات المتحدة، لمنع أي رد إسرائيلي على الهجوم، تتواصل أخرى مع الإيرانيين لضبط منسوب التوتر.

وشدد على أن الخيط الناظم الآن لمختلف الجهود العربية هو منع جرّ المنطقة لحرب إقليمية، على الرغم من أن الهجوم الإيراني، الذي انبرت دفاعات جوية لبعض الدول العربية للتصدي له أثناء عبور المسيّرات الإيرانية لأراضيها، يحيي الحلف الإستراتيجي بين عواصم عربية وتل أبيب لمواجهة ما يوصف بـ"التهديد الإيراني".

كما أن هذا الهجوم يحشد الدعم الدولي من جديد لصالح تل أبيب، والذي تضررت صورته مع شن إسرائيل حربها ضد قطاع غزة، إلا أن تركيز دول المنطقة الآن ينحصر في تلافي أي تصعيد غير محسوب الخواتيم.

خطأ الاستخفاف

ويشدد الخبير البريطاني على أن المحدد الأساسي للمسار الذي ستتخذه التطورات في المنطقة، هو القرار الإسرائيلي بالرد من عدمه على الهجوم الإيراني.

ويقول إنه على الرغم من حالة الثقة التي تسود الآن تل أبيب بعد صدها الهجوم، سيكون من الخطأ تصور أن إيران ليست قادرة على شن هجوم أكثر شراسة وقوة ضد إسرائيل في حال تم استهداف أراضيها وهو ما سيُعد تهديدا وجوديا لها.

وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول الأوروبية لخفض مستوى التوتر في المنطقة، يرى بارنز داسي أن الأوروبيين قادرون على لعب دور مهم للضغط على أطراف الصراع لوقف موجة التصعيد الجارية.

وأكد أن فعالية هذا الدور مرتبطة بطبيعة التنسيق بينهم وبين الأميركيين وبرغبة واشنطن وحلفائها الغربيين في إيصال رسالة شديدة الوضوح لإسرائيل بأنهم لا يدعمون أي رد انتقامي آخر يمكن أن يجر المنطقة إلى حرب شاملة.

كما تشمل الرسالة تركيز الجهود السياسية والدبلوماسية لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب على القطاع التي إذا استمرت ستجعل احتمالات نشوب حرب إقليمية في أي لحظة توتر قائمةً وبقوة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات حرب إقلیمیة فی المنطقة تل أبیب یمکن أن على أن

إقرأ أيضاً:

قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال سابقاً: لا تستخفوا بالتهديدات الإيرانية

الجديد برس:

حذر قائد “المنطقة الوسطى وفرقة غزة” في جيش الاحتلال الإسرائيلي سابقاً اللواء غادي شامني من التهديدات التي أطلقتها بعثة إيران لدى الأمم المتحدة بشأن أي عدوان عسكري إسرائيلي شامل على لبنان.

وفي حديثه مع إذاعة “103FM” الإسرائيلية قال شامني إنه “لا يمكن الاستخفاف بالتهديد الإيراني أو بأي إيراني”، مضيفاً أن “الجيش الإسرائيلي وحكومة إسرائيل يجب عليهما أخذ هذا الكلام بجدية”.

وأشار شامني في كلامه إلى ما سماه اتساع “الفجوات بين إسرائيل والولايات المتحدة”، في إشارة إلى زيادة اتكالية الاحتلال على واشنطن، مشدداً على أن الحرب كانت لتكون أصعب على “إسرائيل” لو لم تكن الولايات المتحدة حليفاً لها.

وقال: “لو لم تكن الولايات المتحدة معنا، من خلفنا، لكان الأمر صعباً علينا جداً. أيضاً الأمريكيون يفهمون ذلك”، مضيفاً :”جزء كبير من جرأتهم وتهديدنا بهذه الطريقة، لأنهم يدركون أن الفجوات بين إسرائيل والولايات المتحدة آخذة في الاتساع في السنوات الأخيرة”.

وكانت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أكدت في بيان نشرته عبر منصة” إكس”، قبل يومين، أن “المشاركة الكاملة لمحور المقاومة هي أحد الخيارات المطروحة في حال اندلاع حرب شاملة ضد لبنان”.

وأشارت إلى أنه على الرغم من أن إيران تعد الأخبار التي يبثها الاحتلال حول عزمه شن هجوم واسع على لبنان، ليست أكثر من دعاية وحرب نفسية، فإنها في الوقت عينه تؤكد أنه إذا شرعت “إسرائيل” في عدوان عسكري شامل على لبنان فسوف تندلع حرب قاسية.

من جهتها أكدت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن “كابينت الحرب” الإسرائيلي (الذي حل بعد استقالة الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت منه) يخشى حرباً شاملةً مع حزب الله، التي ستجلب كارثة رهيبة على “إسرائيل”.

مقالات مشابهة

  • The Spectator: احتمالات الحرب بين حزب الله وإسرائيل حقيقية.. ليس أمامنا سوى الانتظار
  • تقرير لـNational Interest: الحرب بين حزب الله وإسرائيل من شأنها أن تلتهم الشرق الأوسط
  • القواعد العسكرية في قبرص.. مراكز لدعم إسرائيل والتجسس بالشرق الأوسط
  • ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها
  • قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال سابقاً: لا تستخفوا بالتهديدات الإيرانية
  • هل نحن على أعتاب حرب جديدة؟
  • كاتس: لدينا سلاح يكسر المعادلة إذا قررت إيران واليمن وسوريا والعراق ودول الشرق الأوسط تصفية الحسابات
  • الأجانب يغادرون لبنان بأعداد كبيرة على خلفية التهديدات الإسرائيلية
  • حرب غزة: قصف إسرائيلي على مناطق جنوب القطاع وإيران تهدد بخيارات شاملة إذا شنت تل أبيب حربا على لبنان
  • إيران: الهجوم الإسرائيلي على لبنان سيعني "حرب إبادة"