تحتفل الطرق الصوفية بالليلة الختامية لمولد سيدي علي البيومي الخميس المقبل الموافق يوم 18 أبريل بمسجده الكائن بمنطقة باب الشعرية بوسط القاهرة.

كانت مصر دائمًا وأبدًا منبتًا للعلماء والأولياء الصالحين، وهي ميزة قد منّ الله بها على هذه البلاد المباركة، فلا نجد مدينة ولا قرية إلا وفيها عالمًا بارزًا أو وليًا من أولياء الله الصالحين الذي تلقوا العلوم الشرعية عن الأكابر وساروا يعملون بها ويطبقونها بين الناس فأصبح لهم الكثير من التلامذة والمريدين.

 

ومن هؤلاء الأولياء الإمام الشيخ علي البيومي رضي الله عنه الذي تحل ذكرى الاحتفال بمولده، حيث ولد تقريبًا في عام 1108م كما قال علي باشا مبارك في كتابه "الخطط التوفيقية"، وذلك في قرية "بيوم" إحدى القرى التابعة لمنية غمر ( ميت غمر حاليًا) التابعة لمحافظة الدقهلية.

 شريف النسب

وهو عالم شريف النسب، يقول عنه الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار": "هو الإمام الولي الصالح المعتقد المجذوب العالم العامل الشيخ علي ابن حجازي بـن محمـد البيومي الشافعي الخلوتي ثم الأحمد علي بن حجازي بن محمد البيومي الحسني الإدريسي الشاذلي الخلوتي الدمرداشي رضى الله عنه".

تربى علي البيومي في عائلة من الصالحين فحفظ القرآن الكريم كاملًا وهو لا يزال صغير السن، ثم التحق بالأزهر الشريف ليدرس علوم الشريعة على أيدي كبار علماء عصره، فنهل من علمهم بالسند المتصل مختلف العلوم، فدرس الحديث على يد الشيخ عمر بن عبد السلام التطواني المغربي، وترقى في طلب العلم حتى أصبح يشار إليه بالبنان.

ليس ذلك فحسب بل سلك طريق التصوف حتى صار فيه من الأعلام، فأخذ في البداية الطريقة الخلتية، ثم الطريقة الأحمدية التي تنسب إلى سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه، فسلك فيها وكان رضي الله عنه يسكن منطقة "الحسينية" في القاهرة، ويعقد حلق الذكر في مسجد الظاهر خارج الحسينية، وكان يقيم به هو وجماعة، وكان يلقبه مريديه بـ "سلطان الموحدين".

اجتمع حلوة مئات المريدين الذين اتبطوا به لصلاحه وعلمه وتقواه، فالتزموه ورافقوه، وكـان يعقـد الذكـر بالمشهـد الحسينـي فـي كـل يـوم ثلاثـاء، ويأتـي هو مريديه إلى هناك يذكرون الله في صحن المسجد إلـى الضحـوة الكبـرى.

قبل مغرب آخر أيام رمضان.. دعاء وداع الشهر الفضيل

وكان رضي الله عنه يلبس قميصًا أبيضًا، وطاقية بيضاء، ويعتم عليها بقطعة شملةٍ حمراء، لا يزيد على ذلك شيئًا، لا شتاءً ولا صيفًا.

وبإيعاز من الشيخ عبدالله الشبراوي شيخ الأزهر حينها قام الشيخ علي البيومي رضي الله عنه بالتدريس في الجامع الأزهر الشريف فقـرأ فـي "الطيبرسيـة الأربعين النووية"، وحضره غالب العلماء وطلبة العلم، وقـر لـه مـا بهـر عقولهـم"‏.‏

وللشيخ علي البيومي مؤلفات كثيرة ومفيدة ومتنوعة، يستفيد منها طلاب العلم حتى الآن، من بينها: كتاب "المربع في المذاهب الأربع"، و"شرح الجامع الصغير"، و"شرح السيرة الأحمدية"، و"رسالة في الحدود"، " وشرح الحكم لابن عطاء الله السكندري"، و" شرح الإنسان الكامل للجيلي"، و"شرح شرح حكم أبي مدين المغربي"، و"رسالة التنزيه المطلق" وغيرها الكثير من المؤلفات المهمة.

وله في النصوص كتب مثيرة منها رسالة الفوز والانتباه، ورسالة فتح الرحمن والأنوار الجلية والنور الساطع، وشرح الأسماء الإدريسية، وغيرها وله حكم فى فى الزهد والعبادة والتصوف.

دعاء لحفظ اللسان من اللعن

 تغيير أحوال العصاة إلى الطاعة

وذكر الجبرتي أن الشيخ علي البيومي رضي الله عنه كان له الكثير من الكرام والأثر الكبير في تغيير أحوال العصاة إلى الطاعة، فيقول عنه: "كان يتوّب العصاة من قطاع الطريق ويردهم عن حالهم فيصيرون مريدين له وذا سمعته من الثقات ومنهم من صار من السالكين، وكان تارة يربطهم بسلسلة عظيمة من حديد في عمدان مسجد الظاهر، وتارة بالشوق في رقبتهم يؤدبهم بما يقتضيه رأيه‏".

ويكمل الجبرتي فيقول: " ولما كان بمصر مصطفى باشا مال إليه واعتقده وزاره، فقال له‏:‏ إنك ستطلب إلى الصدارة في الوقت الفلاني فكان كما قال له الشيخ‏.‏ فلما ولي الصـدارة بعـث إلـى مصـر وبنى له المسجد المعروف به بالحسينية وسبيلًا وكتابًا وقمة وبداخلها مدفن للشيخ علي البيومي على يد الأمير عثمان أغا وكيل دار السعادة".

توفي الشيخ علي البيومي رضي الله عنه سنة 1183م، وخرجوا بجنازته من داره، وصلُّوا عليه بالأزهر الشريف، ورجعوا به إلى المسجد، فدفنوه في مقامه الذي أُعدَّ له، ويصف المؤرخون يوم وفاته: "وكان يوم وفاته يومًا لم يُر مثله قطُّ، رفعت الأعلام والبيارق حول نعشه، واجتمعت جميع الطوائف، وأعلنوا بالذكر، وكان يومًا مشهودًا، وهو مقام تلوح عليه الأنوار".

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الطرق الصوفية الأولياء الصالحين

إقرأ أيضاً:

شم النسيم لا يكتمل بدونها لماذا يعشق المصريون الرنجة؟

مع نسمات الربيع الأولى، يعود المصريون إلى طقوسهم المتوارثة في استقبال موسم شم النسيم، الذي يُعد من أقدم الأعياد الشعبية في مصر، حيث تتزين الموائد بأصناف تقليدية أبرزها الأسماك المملحة، وعلى رأسها الرنجة والفسيخ.

المصريون يحتفلون بشم النسيم بتناول الأسماك المملحة وعلى رأسها الرنجة والفسيخ (رويترز)

ورغم أن الرنجة كانت فيما مضى وجبة موسمية، فإن حضورها اليوم بات ممتدا على مدار العام، حسب حسين أبو السيد، صاحب مصنع لتدخين وتمليح الرنجة.

ويشير حسين إلى أن طرق التصنيع الحديثة جعلت من الرنجة خيارا آمنا ومتاحا باستمرار. لكنه يلفت إلى أن الإقبال يزداد بشكل ملحوظ خلال المواسم والأعياد، التزاما بتقاليد قديمة ارتبطت بهذه الوجبة.

الرنجة أصبحت وجبة متاحة طوال العام لكن الإقبال عليها يتضاعف في الأعياد (رويترز)

وفي خلفية هذا الطقس الشعبي، يظهر عمق تاريخي يعود إلى مصر الفرعونية، حيث يوضح إبراهيم شاهين، صاحب متجر لبيع الأسماك المملحة، أن المصريين القدماء كانوا يجمعون الأسماك التي يلفظها الشاطئ، ويخزنونها في أوان فخارية لحفظها طوال العام، مما شكّل النواة الأولى لفكرة التمليح والتخزين.

ومنذ ذلك الحين، صار يوم تساوي الليل مع النهار عيدا للاحتفاء بالطبيعة وبهجة الطعام.

تقاليد أكل الرنجة تعود إلى المصريين القدماء الذين ابتكروا التمليح لحفظ الأسماك (رويترز)

وفي أحد الأسواق، ترى الزبائن مصطفين أمام المتاجر، وبينهم سمر محمد التي ترى في الرنجة والفسيخ وجبة تفتح الشهية وتُعيد لَمَّة العائلة حول المائدة.

إعلان

وبالنسبة لها، لا يهم إن كان العيد أو موسم شم النسيم، ما دام الطقس يجمع الأحباب على طاولة واحدة.

الرنجة تعتبر طقسا يجمع العائلات ويُعيد أجواء البهجة واللمة (رويترز)

أما المهندس أبو بكر الصديق، فيُعبّر عن تعلقه بهذه العادة ببساطة ويقول إن شم النسيم لا يمر دون رنجة، وبصل، وليمون.

وهكذا، لا يبدو شم النسيم مجرد مناسبة موسمية بقدر ما هو طقس متكامل يحمل عبق التاريخ، ونكهة اللمة، وبهجة الأكل الشعبي، الذي لا يزال يثبت حضوره وسط تغيّرات العصر.

مقالات مشابهة

  • الرئيس الفلسطيني يعيّن حسين الشيخ نائبا له
  • أول رسالة من حسين الشيخ بعد تعيينه نائبا للرئيس
  • سبب وفاة الشيخ عبدالعزيز الزهراني
  • موسكو: اجتماع ويتكوف وبوتين استمر 3 ساعات وكان بنّاءً ومفيدًا
  • أوقاف كفر الشيخ تنظم قافلة دعوية كبرى بمسجد السلاهيب الكبير | صور
  • الشيخ أحمد الطلحي للحجاج: سيدنا النبي حي في روضته
  • أبطال وصناع مسلسل «برستيج» يحتفلون بانطلاق عرض المسلسل
  • كيليا نمور تقود المنتخب الوطني في المرحلة الختامية لكأس العالم للجمباز
  • شم النسيم لا يكتمل بدونها لماذا يعشق المصريون الرنجة؟
  • بالصور والفيديو.. المصريون فى بريطانيا خط الدفاع الأول عن الوطن في الخارج