أثار تكرار الاشتباكات في العاصمة الليبية طرابلس خلال أيام العيد وما سببته من رعب للمواطنين بعض التساؤلات عن دلالة وقوعها في هذا التوقيت، ودوافع وقوع هذه الاشتباكات وتأثيرها على المشهد العام سياسيا وأمنيا.

ووقعت اشتباكات موسعة مفاجئة بين جهاز الردع التابع لحكومة الدبيبة وبين جهاز دعم الاستقرار التابع لنفس الحكومة، استخدمت فيها الأسلحة المتوسطة ما تسبب في إغلاق الطرق والحدائق وأماكن التنزه وملاهي الأطفال خلال أيام العيد.



"فشل الخطة الحكومية"
ووقعت هذه الاشتباكات المفاجئة بعد أيام من إعلان حكومة الوحدة الوطنية برئاسة "الدبيبة" عزمها على إخلاء العاصمة من جميع التشكيلات المسلحة بعد شهر رمضان، وذكر المجموعات المسلحة المستهدفة بالاسم ومنها: جهاز الأمن العام، واللواء 444، واللواء 111، وجهاز الردع، وجهاز دعم الاستقرار.. إلا أن هذا الأمر لم يحدث بل وقعت اشتباكات بين أكبر قوتين متنافستين في طرابلس.

ولم يصدر من الحكومة أو مكتبها الإعلامي أو رئاسة الأركان التابعة لها أي تعليق حول أسباب الاشتباكات أو اتخاذ أي قرارات ضد هذه المجموعات ما أثار الغموض والتساؤلات حول الحدث.

في حين تداولت صحف محلية وناشطون أن السبب هو قيام جهاز الردع الذي يترأسه "عبد الرؤوف كاره" ذو التوجهات السلفية، باعتقال عنصرين تابعين لجهاز دعم الاستقرار الذي يترأسه "اغنيوة الككلي"، ليرد الأخير باختطاف عنصرين تابعين للردع لتندلع الاشتباكات فيما بينهما وسط صمت حكومي.


"تآكل الشرعية"
ورغم إنهاء الاشتباكات وتبادل المختطفين بين القوتين المتناحرتين إلا أن الصدام بينهما متوقع جدا خاصة بعد تمردهما على قرارات الحكومة ورفضهما خطة وزارة الداخلية بإنهاء وجودهما في العاصمة، لتطرح الاشتباكات مزيدا من الأسئلة وأهمها: ما دلالة وتداعيات هذه الاشتباكات وتكرارها على المشهد العام والانتخابات؟

من جهتها، أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن هذه الاشتباكات وحالة انعدام الأمن المزمن ليست إلا نتيجة لاستمرار الأزمة السياسية ولتآكل الشرعية المؤسسية، وأن ليبيا بحاجة إلى منح الأولوية لإجراء الانتخابات من أجل إقامة هيئات حكم شرعية قادرة على بسط سلطة الدولة ودعم سيادة القانون، وفق بيان.

"تعطيل الانتخابات"
وأكدت عضوة لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص، أنه "من المفترض أن تسعى كل الأطراف المحسوبة على القطاع الأمني والعسكري إلى توحيد الجهود وبناء مؤسسات وطنية قادرة على تأمين البلاد وتحقيق الاستقرار والسلام، والدفع نحو عقد انتخابات موثوقة، لكن ما يحدث الآن هو قيام هذه الأطراف بالعمل على اتساع رقعة القوة القاهرة للمزيد من الأزمات".

وأوضحت في تصريحات لـ"عربي21" أن "هذه الأزمات تنعكس على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والتي تساهم بشكل مباشر في انقسام المجتمع، لتضاف إلى سلسلة الانقسامات الحالية التي تشكل عائقاً كبيراً أمام أي مشروع وطني يحقق تطلعات الليبيين في العدالة والتنمية وعقد الانتخابات وتوحيد المؤسسات"، وفق تقديرها.

وتابعت: "تحقق هذا يكون من خلال عملية سياسية دستورية تحظى بثقة المجتمع وصولاً إلى حلول مستدامة تبعد شبح الحروب والتعصب السياسي والقبلي والأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي يفوت فرصة الاستقرار الشامل على الصعيد الوطني"، كما صرحت.


"تخبط وغياب لموقف دولي"
في حين قال الخبير الليبي في إدارة الأزمات، إسماعيل المحيشي، إن "الانقسام واضح في كل المؤسسات ولا أحد يملك شرعية قانونية أو دستورية وأصبح مسمى "المليشيات" ينطبق على كل هذه المؤسسات، لذا تمر البلاد بحالة من التخبط، والأطراف الدولية وبعثة الأمم المتحدة تراقب وتصرح وكأن الموضوع لا يهمها.. مع التأكيد أن كل هذه الأطراف هي المسؤولة عن كل ذلك".

وأوضح في تصريحه لـ"عربي21" أن "الصراع القائم فى غرب البلاد هو صراع من أجل النفوذ والسيطرة على المؤسسات التى تمتلك الأموال والمناصب السيادية، فحتى الانقسام أخذ منحى آخر كونه تحول إلى صراع خطير يدمر اقتصاد الدولة مثل ما حدث بين "الدبيبة والمحافظ الصديق الكبير"، وفق قوله.

"اشتباكات فردية"
في حين قال الصحفي الليبي، محمد الصريط إن "الاشتباكات أو أي توتر أمني في العاصمة طرابلس هي مؤشرات سلبية ولكن ووفق لبعض المصادر فإن الاشتباكات الأخيرة بعيدة عن أي موقف سياسي بل يمكن وصفها بالتصرفات الفردية نتيجة مواقف أو موقف استفز بعض العناصر فكانت ردة فعلهم مباشرة دون التنسيق مع قياداتهم".

وأضاف: "أما دخول وزير الداخلية بحكومة الدبيبة على خط الأزمة فهو أمر طبيعي ومنطقي كون ما حدث شأنا أمنيا ويتعلق بوزارة الداخلية، فالاشتباكات حدثت داخل أحياء سكنية بأسلحة متوسطة فمن الطبيعي أن يتدخل المسؤولون الأمنيون"، بحسب رأيه وتصريحه لـ"عربي21".

"ابتزاز وفشل حكومي"
الأكاديمي الليبي، عماد الهصك قال من جانبه إن "الاشتباكات بين المليشيات الحكومية في طرابلس تتجدد كلما ظهرت دواعيها وأسبابها، وأهم هذه الأسباب الصراع على مناطق النفوذ في العاصمة، ومصادر الأموال من وزارات ومؤسسات، فكل مليشيا تسعى إلى أن تتمدد في مناطق نفوذ المليشيات الأخرى وحينها تحدث نقاط تماس ومن ثم الاشتباكات".

وأكد أن "هذه المجموعات لا تتبع الحكومة إلا شكليًا أو ماليًا ولا سلطة حقيقية للحكومة عليها، بل إن العكس هو الصحيح، فالحكومة الغارقة في الفساد هي أسيرة لابتزاز هذه المليشيات، وكل طرف من الأطراف السياسية في العاصمة يحاول أن يستقطب إحدى هذه المليشيات للاستقواء بها ضد الأطراف الأخرى أو إحداث حالة من التوازن على أقل تقدير، وما الصراع بين الصديق الكبير والدبيبة إلا مثال صارخ لهذا التوظيف"، وفق رأيه.

وتابع: "أما وزير الداخلية الطرابلسي فهو جزء من هذا المشهد المليشياوي وما نال منصبه هذا إلا من خلال هذه المليشيات، فلن يكون جزءا من الحل بل نتيجة لهذا الانفلات الأمني وغياب المؤسساتية عن هيكلية الدولة، فالحكومة ما هي إلا رؤوس سياسية ومالية متصارعة ولها مليشيات تصطف وراء كل رأس من هذه الرؤوس"، كما قال وصرح لـ"عربي21".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاشتباكات الدبيبة الحكومة ليبيا المليشيات ليبيا الحكومة اشتباكات المليشيات الدبيبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه الاشتباکات فی العاصمة

إقرأ أيضاً:

هكذا فشلت خطط الاحتلال للتهجير في قطاع غزة أمام صمود الفلسطينيين

سعت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ اليوم الأول لحرب الإبادة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر لعام 2023، إلى التلويح بخطط لتهجير الفلسطينيين من مناطق سكنهم، وهو ما بدأ بشكل جلي عبر عمليات النزوح الواسعة من مناطق شمال القطاع ومدينة غزة قبيل الاجتياح البري.

وتسبب قصف الاحتلال العشوائي وتدميره للأحياء السكنية في نزوح الفلسطينيين إلى مناطق وسط قطاع غزة وجنوبه، إلى جانب تعزيز جيش الاحتلال لوجوده العسكري في منطقة ما تسمى "نتساريم"، وفصل القطاع بشكل كامل، ومنع المواطنين من العودة إلى منازلهم.

وساهمت مجازر الاحتلال واجتياحاته المتكررة سواء في الشمال أو الجنوب، إلى تكرار موجات النزوح، وسط تقارير عن خطط إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى خارج قطاع غزة.

ورغم فشل مخطط التهجير القسري في بداية الحرب الحالية، لم تخف حكومة نتنياهو الهدف الحقيقي من وراء العمليات العسكرية خاصة في شمال القطاع، والساعية لتهجير سكانه الفلسطينيين، ووضع حجر الأساس لبناء المشروع الاستيطاني بالقطاع.

تهجير الفلسطينيين
وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة، لم تقتصر الدعوات المتكررة لتشجيع تهجير الفلسطينيين على وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بل صدرت عن وزراء في حزب الليكود وزعيمه نتنياهو الذي بدا متحمسا ومنفتحا لمخطط التهجير، حيث صرح باجتماع لحزبه في كانون الأول/ ديسمبر 2023، أنه يسعى لـ"تحقيق الهجرة الطوعية لسكان غزة لدول أخرى".

وأكد مراقبون أن خطط الاحتلال للتهجير فشلت في كل مرة، وسط الصمود الفلسطيني والتمسك بالأرض، إلى جانب فشله في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.

المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخليا باولا جافيريا بيتانكور، أدانت أمر الإخلاء القسري ووصفته بأنه "جريمة ضد الإنسانية وانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي".



من جانبها، قالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن "إسرائيل تطالب من النازحين في قطعا غزة المزيد من النزوح، لحشرهم وتحديد حركتهم باتجاه وحد نحو معبر رفح الحدودي مع مصر".

ثبات فلسطيني على الأرض
وأثار تجمع أكثر من مليون فلسطيني في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع، مخاوف كبير من تنفيذ الخطط الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى مصر، لكن هذه المخططات اصطدمت برفض دولي واسع وثبات فلسطيني على الأرض.

وأمام مشاهد النزوح المتكررة ومحاولات التهجير الحثيثة التي مارستها قوات الاحتلال طيلة حرب الإبادة، تمسك المفاوض الفلسطيني بوضع بند منفصل لعودة النازحين إلى مناطق سكنهم، وذلك في إطار اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى التي بدأت صباح الأحد الموافق 19 كانون الثاني/ يناير الجاري.



وفور توقف الحرب، بدأ النازحون الاستعداد إلى العودة، وحزموا أمتعتهم ومقتنياتهم، وأخذوا يدعون جيرانهم في مخيمات النزوح، وعيونهم ترنو إلى وطء أقدامهم مناطق سكناهم أو ما تبقى من بيوت أو أشباه بيوت للعيش فيها وفوق ركامها.

مرارة الفراق
المواطن ماجد عويضة يقول: "رغم مرارة الفراق وألم ما ينتظرنا من بيوت مهدمة وأخرى مُسحت بشكل كامل وبنية تحتية مدمرة، فإننا متشوقون لأن تطأ أقدامنا غزة الحبيبة مدينتنا الجميلة التي نزحنا عنها قسرا طوال أيام الحرب المسعورة ضد شعبنا".

ويضيف: "سنعيش ونبني ونعمر بيوتنا ووطننا من جديد رغم أن المصاب جلل، إذ فقد البعض الولد والأخ والأب والأم والزوجة والمسكن والعمل، إلا أننا سنؤثر على أنفسنا ونعمل كل ما بوسعنا لتعود بلادنا كما كانت وأفضل".

وأردف قائلا: "عندما تنتهي الحرب لا تعود الأشياء كما كانت، فالدمار لا يصيب الأرض فقط بل يترك أثره في القلوب والعقول لسنوات طويلة آمل ألا تطول"، وفق حديثه لوكالة "وفا".

ونقلت الوكالة عن المواطن سفيان صبح: "كلي أمل وشوق لا ينتهيان لأهلي وإخواني الذين لم ينزحوا إلى جنوب القطاع وبقوا صامدين، فقد أرغمتنا الحرب على النزوح تارة، وترك الأهل في غزة تارة أخرى وكلا الخيارين كان صعبًا، إلا أننا لم نتوقع أن تطول أيام الحرب لهذه الدرجة، ولا أدري ما شعوري عند لقائهم بعد هذه الفترة الطويلة".

ويتابع: "فور سماعي خبر دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لم أتمالك نفسي فقد أجهشت بالبكاء، فلم أدرِ أهو من الفرح أن أزيلت الغمة أم لعدم رؤيتي لبعض أقاربي الذين استُشهدوا ودُفنوا ولم أرهم"، متمنيًا أن "تتم عودة جميع النازحين وأن يطلق سراح جميع الأسرى".

مقالات مشابهة

  • سفير قطر استقبل القصيفي: تشكيل الحكومة الجديدة يولد الاستقرار ويضمن تدفق المساعدات لاعادة إعمار لبنان
  • في 3 محافظات..قتلى وجرحى بعد تجدد المواجهات بين الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي
  • بالفيديو.. تجدد الاشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال في جنين
  • تجدد الاشتباكات مع الاحتلال بجنين ونزوح أكثر من 600 فلسطيني
  • تجدد الاشتباكات بين مقاومين وجيش الاحتلال بمخيم جنين
  • إسرائيل فشلت.. سمير فرج: نتنياهو لم يكن لديه رغبة بوقف إطلاق النار
  • زعيم المعارضة الإسرائيلية: الحكومة الحالية فشلت ويجب الاستقالة فوراً
  • تجدد اشتباكات عنيفة بين الجيش و الدعم السريع في العاصمة الخرطوم
  • السوكني: المليشيات تدعم المافيا الليبية في سرقة مشروع “بوابة الأندلس” بطرابلس
  • هكذا فشلت خطط الاحتلال للتهجير في قطاع غزة أمام صمود الفلسطينيين