عام من الحرب: دمار شامل وانتهاكات مروعة
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
منتدى الإعلام السوداني: 15 أبريل 2024
فى مثل هذا اليوم من العام المنصرم 15 أبريل 2023، اندلعت الحرب الكارثية بين القوات المسلحة “الجيش” بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو، فى قلب العاصمة السودانية الخرطوم، معلنة دخول البلاد فى حالة نزاع مسلّح دموي، وسرعان ما انتشرت وتوسّعت دائرتها الشريرة، إلى كل أنحاء البلاد
خلفت هذه الحرب ورائها دمارا شاملا في البنية التحتية، وقتلت الالاف وشرّدت الملايين من المدنيين في مناطق النزاع المسلّح، ما أدى إلى حالة نزوح جماعي من الخرطوم ودارفور والجزيرة وكردفان.
لم يراعِ طرفا الحرب التزاماتهما القانونية بموجب (القانون الدولي الإنساني) الذي يحرّم ويجرّم الاعتداء على المدنيين ومساكنهم والمؤسسات المدنية، بما في ذلك، دور العبادة، والمستشفيات، والمؤسسات التعليمية، والمقار الصحفية والإعلامية، وقد ارتكب الجانبان انتهاكات فظيعة، لحقوق الإنسان من بينها القتل العشوائي للمدنيين، واغتصاب النساء، والتعذيب، والاخفاء القسري والاعتقال التعسفي.” وتجنيد الأطفال، و استهداف العاملين فى منظمات الإغاثة الدولية، وقتلهم، والهجوم على مخازن الغذاء، ومنع وصولها للمحتاجين/ات وكلها فظائع تشكل بعضها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة جماعية، وجميع هذه الجرائم موثّقة، تنتظر المسائلة، والمحاسبة للحيلولة دون الإفلات من العقاب.
لقد كان نصيب المؤسسات الصحفية الاعلامية والصحافة والصحفيين، والإعلاميين العنف الممنهج، من تدمير وتحطيم وسيطرة واحتلال مادي، وتحطيم وسرقة ونهب وسائل وأدوات الإنتاج الصحفي والإعلامي، ومطاردة وتهديد واعتقال، وتعذيب، وإخفاء قسري للصحفيين والصحفيات، وقد وصل الاستهداف الممنهج للصحفيين والصحفيات حد القتل مما جعل البلاد منطقة “إظلام إعلامي” تام وشامل، يستحيل معه على الصحفيين والصحفيات، القيام بمهامهم/ن وأدوارهم/ن المهنية، من نقل للأخبار، وتمليك الجمهور المعلومات، وممارسة الحق في التغطية الصحفية والإعلامية الحرة والمستقلة، واطلاع المواطنين على حقيقة ما يدور في السودان من نزاعٍ مسلّح، وحرب كارثية، فتكت بالملايين، ومزقت بلادنا وجعلتها فريسة سهلة للتدخلات السالبة والأطماع الخارجية. .
ولم يكتفِ طرفا النزاع بقمع أجهزة ومؤسسات الاعلام الحر، واسكات صوتها بقوّة السلاح، ولكنهما، واصلا حربا موازية في جبهة الإعلام والصحافة عبر غرف إعلامية، هدفها تلويث الفضاء الإعلامي، ببث الدعاية الحربية، وخطاب الكراهية والعنصرية والجهوية، والدعوة العلنية والمستترة، للتجييش والاستنفار الحربي، مضافاً إلى ممارسة التضليل الإعلامي، ونشر الأخبار الزائفة والمضللة والمغلوطة، والمعلومات المضطربة، وصناعة الأكاذيب مما ساهم في تفاقم النزاع وجعل من الصعب على المدنيين الحصول على معلومات دقيقة حول ما يجري في بلادهم.”
واقدم طرفا الحرب على قطع شبكات الاتصالات في البلاد بالكامل لمزيد من التعتيم الإعلامي على مجريات الحرب والجرائم التي ترتكب فيها مما تسبب في حرمان المواطنين من حقهم الطبيعي والدستوري في الحصول على المعلومات حول ما يحدث حولهم والتواصل مع احبائهم وذويهم وضيق فرص نجاتهم من ويلاتها علاوة على المعاناة التي سببتها لهم بحرمانهم من الموارد المالية الشحيحة التي تبقت لهم وعون الاخرين.
أمام هذه التحديات الجسام، رأينا نحن الصحفيين والصحفيات في (منتدي الاعلام السوداني) تجميع جهودنا وتنسيقها، بتطوير شراكة واسعة وواعية بين مؤسساتنا الصحفية والإعلامية، وقد آلينا على أنفسنا تحمّل عبء القيام بمسؤلياتنا، وواجباتنا المهنية، بإحترافية عالية، في البحث عن الحقيقة، ونشرها، وتمليكها للجمهور ونشر وفضح الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان والدفاع عن حقوق المواطنين وفضح ومنع جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والابادة وتعزيز جهود منع الإفلات من العقاب.
لنعمل معا من أجل صحافة منحازة تماماً لقيم ومعايير الصحافة المهنية واخلاقياتها، ومواثيق الشرف الصحفي، وكل قيم الصحافة المهنية والإحترافية التي لها موقف واضح ومبين من الحرب، ومن انتهاكات حقوق الإنسان، ومن التضليل الإعلامي، صحافة تدعو لوقف الحرب.
صحافة تعمل على التصدي للمآسي الإنسانية والمجاعة والفقر والمرض التي يتعرض لها ملايين السودانيين بسبب الحرب الكارثية التي تدور في البلاد وتحشد الرأي العام الوطني العالمي للتصدي لمسؤولياته الأخلاقية في انقاذ واغاثة المواطنين بفتح مسارات آمنة للفارين من نيران الحرب والنزاع المسلّح في كل أرجاء الوطن السوداني، وتدعو لفتح كل المسارات لوصول العون الإنساني بكل أشكاله المعروفة للمحتاجين والمحتاجات، في مناطق النزاع، وغيرها من مناطق النزوح والمناطق المتأثرة بالحرب.
صحافة تعمل على اخضاع مؤسسات الخدمة العامة المدنية والعسكرية والسياسية وقادتها والعاملين فيها للمساءلة امام الرأي العام ومراقبة أدائها لمسؤولياتها وواجباتها الدستورية والقانونية والسياسية تجاه المواطنين.
بإسم الشركاء، والشراكة المهنية، فى (منتدي الإعلام السوداني)، نعلن نحن الصحفيين والصحفيات والمؤسسات والمنظمات بالمنتدي وخارجه عن انحيازنا الكامل لايقاف هذه الحرب عبر التفاوض إذ أن استمرارها يعني مواصلة الانتهاكات المروعة لحقوق الانسان والجرائم ضد الانسانية وتفاقم معاناة المدنيين الابرياء واعدام الحياة المدنية الديمقراطية، ولذلك فإننا نناشد طرفي القتال الاستجابة لمطلب الشعب السوداني العادل ممثلا في ايقاف الحرب فورا وتحقيق السلام. ان شعبنا المشرد والمعذب بالحرب يستحق مساندة كل احرار العالم ودعمهم له في انقاذه من ويلات هذه الحرب اللعينة.
مرّة أُخري وليست أخيرة، نؤكد نحن فى (منتدي الإعلام السوداني) مؤسسات وصحفيين وصحفيات، قبولنا للتحدّي الأكبر، ونجدّد عهدنا واستعدانا للقيام بمسؤلياتنا المهنية، مسلّحين بالوعي والإرادة المهنية عالية الإلتزام، وبحقنا فى السلامة والحماية التى يكفلها لنا القانون الدولي الإنساني، من أجل البحث عن الحقيقة، ونشرها بمختلف السبل والأساليب والقوالب الصحفية والإعلامية، للجمهور صاحب المصلحة الأولي والأخيرة فى معرفة الحقيقة، ومعرفة الأخبار والأنباء والمعلومات الحقيقية والآراء ووجهات النظر المتعددة عن النزاع السوداني، ونتعهد ألا ندّخر جهداً في سبيل القيام بواجباتنا ومسئولياتنا المهنية.
تنشر هذه المادة بالتزامن في منصات 27 مؤسسة ومنظمة صحفية وإعلامية مشاركة في حملة (منتدي الإعلام السوداني)
منتدى الإعلام السوداني
#ساندوا السودان
#StandWithSudan
#صحافة_حرة
#لا_للحرب
الوسومآثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع ساندوا السودان عام على حرب السودان منتدى الإعلام السوداني
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع ساندوا السودان عام على حرب السودان منتدى الإعلام السوداني الصحفیة والإعلامیة الإعلام السودانی
إقرأ أيضاً:
نقد وتحليل لمقال سمية المطبعجي: أزمة الإعلام السوداني في سياق التحديات الراهنة
وجدتُ هذا المقال في أحد المواقع الإخبارية السودانية، وأحببتُ أن أشارك رؤيتي حوله، محاولًا تسليط الضوء على القضايا الجوهرية التي طرحها، وإعادة صياغته في شكل مقال متكامل يتناول المشكلات الإعلامية السودانية بطرح جديد ومعالجة أكثر شمولًا.
يمر الإعلام السوداني بأزمة مركبة تتداخل فيها العوامل السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، مما يضعه أمام تحديات جسيمة تعيق أداءه لدوره الحقيقي كسلطة رابعة مستقلة. فالمؤسسات الإعلامية تعاني من غياب الاستقلالية وتراجع المهنية، حيث أصبحت العديد منها خاضعة لتوجيهات القوى السياسية أو لمصالح اقتصادية محددة، مما أفقدها القدرة على تقديم محتوى موضوعي ومتزن. في ظل هذه الأوضاع، يصبح الإعلام مجرد أداة في صراعات السلطة، بدلاً من أن يكون منبرًا حرًا لنقل الحقيقة وتمثيل قضايا المواطنين.
أحد أبرز الإشكالات التي تواجه الإعلام السوداني هو فقدان الثقة بينه وبين الجمهور. فالمتابع للمشهد الإعلامي يلاحظ بوضوح الانقسامات الحادة بين المنصات المختلفة، والتي تعكس التوجهات السياسية لأطراف الصراع أكثر من اهتمامها بإيصال الحقيقة. هذا الانحياز أضعف مصداقية الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، ما جعل المواطن يلجأ إلى وسائل إعلام خارجية أو إلى المنصات الرقمية غير التقليدية للبحث عن الأخبار والمعلومات.
إلى جانب ذلك، تعاني الصحافة الورقية من تراجع كبير نتيجة للأزمات الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع تكاليف الطباعة وانخفاض الإعلانات، مما أجبر العديد من الصحف على تقليل عدد صفحاتها أو التوقف عن الصدور نهائيًا. هذا الواقع انعكس على مستوى التغطية الصحفية، حيث باتت الأخبار مقتضبة وغير عميقة، وغابت التحقيقات الصحفية التي تتناول القضايا الجوهرية بعمق وتحليل.
الإعلام الإلكتروني، رغم أنه أصبح البديل الأبرز، إلا أنه لم ينجُ من المشكلات ذاتها، حيث تعاني العديد من المواقع الإلكترونية من ضعف في التمويل، مما يجعلها عرضة للضغوط السياسية والاقتصادية. كما أن انتشار الأخبار المضللة وعدم وجود معايير واضحة للتحقق من صحة المعلومات زاد من حالة التشويش الإعلامي، وجعل الجمهور أكثر عرضة للتلاعب والتأثير الموجه.
أمام هذه التحديات، يصبح السؤال المطروح: كيف يمكن للإعلام السوداني أن يستعيد دوره الحقيقي؟ الإجابة تكمن في ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية على أسس مهنية، وتعزيز استقلاليتها عبر تمويل مستدام لا يعتمد على دعم الأحزاب السياسية أو رجال الأعمال ذوي المصالح الخاصة. كما أن التدريب المستمر للصحفيين وتأهيلهم وفقًا لمعايير مهنية عالية سيساهم في تحسين جودة المحتوى المقدم، مما يعزز ثقة الجمهور بالإعلام المحلي.
كذلك، لا بد من تطوير سياسات إعلامية تدعم حرية التعبير مع وضع ضوابط تحمي المهنة من التوظيف السياسي والتضليل الإعلامي. فالإعلام الحر والمسؤول هو الذي يعكس واقع المجتمع بموضوعية، ويؤدي دوره في التنوير وصناعة الوعي بعيدًا عن الاستقطاب الحاد.
في الختام، يمكن القول إن الإعلام السوداني لا يزال أمامه طريق طويل لاستعادة ثقة الجمهور وتحقيق دوره المنشود. لكن ذلك لن يتحقق دون إصلاحات جذرية تشمل الاستقلالية، المهنية، والقدرة على تقديم محتوى إعلامي يعبر بصدق عن تطلعات المجتمع السوداني في الحرية والعدالة والديمقراطية.
zuhair.osman@aol.com