يمكن القول بلا مبالغة أن ليل 13-14 نيسان شهد ساعات هزت الشرق الأوسط، فالاستهداف الإيراني لإسرائيل حدث تاريخي غير مسبوق ونقطة تحول ستفتح على حقبة جديدة.
مرت المنطقة بقطوع كان في الإمكان أن يتحول إلى حرب إقليمية مفتوحة، لولا الأداء الإيراني والموقف الأميركي. فإيران التي وجهت إلى الكيان الإسرائيلي أكثر من 300 صاروخ ومسيّرة وضعت خطوتها في إطار محدد على نحو لا يؤدي إلى انفلات المواجهة العسكرية، فهي أعلنت مسبقاً عن عمليتها ثم أعلنت رسميا إنتهاءها مع تأكيدها أنها لا تسعى إلى حرب واسعة.

أما الولايات المتحدة فقد أدارت الموقف عبر مؤازرة إسرائيل في اعتراض المسيّرات والصواريخ، حيث أسقطت طائراتها الحربية والطائرات البريطانية أيضاً عدد من الطائرات المسيّرة الايرانية، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في الوقت نفسه، الاكتفاء بما حصل وعدم الموافقة على أي رد إسرائيلي.

في المحصلة ظهرت طهران بوصفها قد نجحت نجاحاً استراتيجياً بأصل حصول الاستهداف، بغض النظر عن النتائج في حين أن إسرائيل في المقابل بدت مكتفية بحسب النصيحة الأميركية بنجاح عملية إسقاط معظم هذه الصواريخ.

هذا هو المشهد الأولي الذي يعني بالدرجة الأولى أن المنطقة لا تتجه إلى حرب مفتوحة، وهذا ما تعتبره واشنطن نجاحاً كبيراً لها، لكن في الأثار المترتبة، والنتائج الناشئة عما حصل والتي يمكن إدراجها تحت عنوان "ماذا بعد" و"إلى إين" وما هو "المسار الذي ستسلكه المرحلة المقبلة"، فإن الأمور تبدو أكثر تعقيداً، إذ أن إيران أعلنت انتهاء مرحلة الصبر الاستراتيجي والانتقال إلى مرحلة الردع الناشط أو الفعال وهي باتت تتحدث عن معادلات جديدة تطوي صفحة المرحلة الماضية، إذ أنها حذرت من الآن فصاعداً من أن أي استهداف إسرائيلي لمصالحها الاسراتيجية سيقابل برد مباشر، وهذا يطرح سؤالاً حول الكيفية التي ستتعاطى بها إسرائيل مع استهدافاتها ضد الإيرانيين في سوريا وفي أية أماكن أخرى.

هذا الواقع المستجد، يضع المنطقة، بحسب مصدر سياسي بارز، على فوهة برميل بارود، فإما أن يفرض على إسرائيل الانكفاء أو يحوّل استمرارها في سياساتها السابقة في ضرب الأهداف الإيرانية في سوريا ، الى شرارة لانفجار كبير. وبطبيعة الحال تفرض هذه المستجدات على الإدارة الأميركية رفع مستوى تدخلها وضغوطاتها على نتنياهو لإنهاء عاجل لمشكلة الحرب على غزة والانتقال إلى المسارات السياسية التي يحضر لها الأميركيون جدياً.

ولا يبدو أن لبنان بمعزل أيضاً عن التأثر بهذه المستجدات إذ أن احتمالات الانتقال إلى حرب واسعة على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة بات، بحسب المصدر، أكثر صعوبة وأكثر تعقيداً في ظل اتساع الجبهة ودخول العامل الإيراني على خط المواجهة مباشرة، فعلى إسرائيل أن تأخذ بالحسبان الدروس المستفادة من ليلة الصواريخ الإيرانية، لأن تل أبيب تدرك جيداً أن الحرب المفتوحة على حزب الله تعني تحول المواجهة إلى حرب إقليمية واسعة، وأن لا شيء يمنع من أن يشهد الإسرائيليون في هذه الحال انهمار الصواريخ والمسيّرات من كل هذه الجبهات، علماً أن ما بات يجمع عليه الخبراء كافة أن إسرائيل بمفردها، وبمعزل عن الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية الحليفة لها،لن تكون قادرة على مواجهة هذا الصنف من التحديات، الأمر الذي يضعها في حالة أكثر انصياعاً للإدارة السياسية الأميركية، فالتدهور الذي حصل والمخاطر المترتبة عليه في المرحلة اللاحقة يشكل بالنتيجة واقعاً ضاغطاً لسياسة الاحتواء وإطلاق مبادرات لخفض التصعيد والتعجيل في معالجة مشكلة غزة.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إلى حرب

إقرأ أيضاً:

تصاعد الهجمات الحوثية على إسرائيل.. الاحتلال يتعهد بعدم السماح بمواصلة إطلاق الصواريخ من اليمن.. وإعداد استراتيجيات للرد تتضمن اغتيالات وتدمير البنية التحتية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تشهد دولة الاحتلال الإسرائيلي تصعيدًا متزايدًا في الهجمات الصاروخية الباليستية من قبل الحوثيين المدعومين من إيران، حيث تم تسجيل أربع هجمات خلال الأسبوعين الماضيين، كان آخرها ليل أمس. 

ووفقًا لتحليل لصحيفة جيروزاليم بوست، اعترضت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية "آرو" الصاروخ الحوثي دون وقوع إصابات، لكن هذه الهجمات أثارت مخاوف متزايدة بشأن التهديدات القادمة من اليمن.

الرد الإسرائيلي: تصريحات وتحذيرات قوية

وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، زار بطارية الدفاع الجوي عقب الهجوم الأخير، متعهدًا بعدم السماح للحوثيين بمواصلة استهداف إسرائيل، وأكد كاتس: "سنستهدف قادة الحوثيين في صنعاء وفي أي مكان آخر في اليمن." كما أشار إلى أن إسرائيل ستستخدم استراتيجية مشابهة لتلك التي طبقتها ضد حماس وحزب الله، والتي تضمنت اغتيالات وتدمير البنية التحتية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد في تصريحات سابقة أن إسرائيل سترد بقوة وحزم وباستخدام أساليب متطورة ضد الحوثيين. وأضاف أن التصعيد المستمر لن يمر دون عواقب، في إشارة إلى تكثيف الضربات الجوية ضد أهداف الحوثيين في اليمن.

الحوثيون: هجمات بلا رادع

على الرغم من الضربات الجوية الإسرائيلية، يبدو أن الحوثيين غير رادعين، بل إنهم يستمرون في إطلاق الصواريخ كجزء من استراتيجيتهم لتحدي الردود الإسرائيلية. يُذكر أن الحوثيين طوروا برامجهم الصاروخية والطائرات المسيرة بدعم إيراني، مما جعلهم قادرين على شن هجمات بعيدة المدى، رغم الظروف الجغرافية الصعبة في اليمن.

الدروس المستفادة من الجبهات الأخرى

يشير خبراء عسكريون إلى أن تجربة إسرائيل في غزة ولبنان قد لا تكون قابلة للتطبيق في التعامل مع الحوثيين. فعلى الرغم من نجاح العمليات الإسرائيلية في إضعاف حماس وحزب الله، إلا أن الحوثيين يتمركزون في مواقع جبلية صعبة الوصول، مما يجعل عمليات استهدافهم أكثر تعقيدًا.

كما أن الضربات الجوية وحدها لم تحقق أهدافها في غزة، حيث لا تزال حماس تسيطر على أجزاء كبيرة من القطاع وتواصل إطلاق الصواريخ. الوضع في اليمن قد يتطلب استراتيجيات أكثر شمولية لمعالجة التهديدات الحوثية.

تحديات أمام إسرائيل

مع استمرار الهجمات، يُجبر ملايين الإسرائيليين في وسط البلاد على البقاء في الملاجئ، مما يعكس مدى الخطر الذي يشكله الحوثيون. وبينما تواصل القيادة الإسرائيلية إصدار التصريحات الحادة، تظل التحديات العملياتية والاستراتيجية قائمة، مما يتطلب تحركًا أكثر فعالية لتغيير المعادلة على الأرض.

 

 

مقالات مشابهة

  • بعد تقرير عن تمديد بقائه.. السوداني: لدينا خطة منهجية لإنهاء وجود التحالف الدولي
  • نتنياهو بعد مهاجمة اليمن: مصممون على استئصال الذراع الإرهابية لمحور الشر الإيراني
  • ضربات إسرائيل ضد اليمن لن تنجح أمام الصواريخ فرط الصوتية للحوثيين
  • ما الذي يجعل يومك أكثر إنتاجية؟ العلم يجيب
  • أكثر من (711) مليون دولار حجم البضاعة الإيرانية للعراق ومن منفذ واحد خلال الأشهر التسعة الماضية
  • نتنياهو في واشنطن: زيارة مثيرة للجدل وسط مذكرات اعتقال دولية
  • نتنياهو: الحوثيون سيتعلمون الدرس الذي تعلمته حماس وحزب الله
  • حيرة في إسرائيل.. غاراتنا تفتح شهية الحوثيين لإطلاق الصواريخ
  • تصاعد الهجمات الحوثية على إسرائيل.. الاحتلال يتعهد بعدم السماح بمواصلة إطلاق الصواريخ من اليمن.. وإعداد استراتيجيات للرد تتضمن اغتيالات وتدمير البنية التحتية
  • النفوذ الإيراني في اليمن على المحك.. إلى أين تتجه المواجهة بين إسرائيل والحوثيين؟