استئناف رحلات مصر للطيران بعد إعادة فتح المجال الجوي في تلك الدول
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
في البداية، قامت مصر للطيران بتعليق رحلاتها إلى تلك الوجهات بسبب الضربات التي نفذتها إيران بواسطة طائرات دون طيار وصواريخ في المناطق العسكرية المحتلة. ونتيجة لذلك، تم إغلاق المجال الجوي في الدول المذكورة أمام حركة الطيران.
يجدر بالذكر أن الإجراءات التي اتخذتها مصر تقتصر على تعليق الرحلات الجوية إلى الدول المذكورة فقط، ولم يتم إغلاق المجال الجوي المصري بشكل عام كما أفادت بعض وسائل الإعلام.
بعد بدء الهجوم الإيراني على إسرائيل، شهد المجال الجوي المصري ضغطًا كبيرًا في الدقائق الأولى. تم تغيير مسار رحلات الطيران لتجنب المناطق العسكرية المتصاعدة، وذلك وفقًا لنظام إعلانات الطيارين العالمي NOTAMs المستخدم في موقع تتبع حركة الطائرات فلايت رادار 24. أغلب الرحلات تم تحويل مسارها من المجالات المغلقة بالدول المذكورة إلى مصر.
فيما يتعلق بشركات الطيران الكبرى في الشرق الأوسط، ألغت العديد منها بعض رحلاتها، كما تم تغيير مسار بعض الرحلات الأخرى بعد إطلاق إيران العديد من الطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل صباح الأحد الماضي. ألغت طيران الإمارات بعض رحلاتها، وأيضًا ألغت رحلات الاتحاد للطيران إلى تل أبيب وعمان. تأثرت أيضًا رحلات شركة فلاي دبي الإماراتية بإغلاق مؤقت لعدد من المجالات الجوية. وبعد انتهاء العملية العسكرية الإيرانية، عادت حركة الطيران إلى طبيعتها في المجالات الجوية المتاخمة للعراق والأردن ولبنان.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مصر للطيران طيران المجال الجوي رحلات العراق الاردن
إقرأ أيضاً:
لماذا ألغت الأكاديمية البحرية محاضرة لي عن الحكمة؟
على مدار السنوات الأربع الماضية، كنت ألقي سلسلة محاضرات في فضائل مذهب الرواقية الفلسفي لطلبة الأكاديمية البحرية الأمريكية في أنابوليس بولاية ميريلاند، وكان يفترض أن أواصلها في الرابع عشر من أبريل الجاري بمحاضرة لطلاب الصف الثاني موضوعها هو الحكمة.
وقبل نحو ساعة من بدء المحاضرة، تلقيت اتصالا هاتفيا: هل يمكن أن أمتنع عن الإشارة في محاضرتي إلى رفع 381 كتابا يفترض أنها مثيرة للجدل من أرفف مكتبة نيمتز الجامعية؟ كنت قد أرسلت الشرائح التي سأعتمد عليها في محاضرتي إلى قيادة الكلية فأبدت تخوفا كبيرا من ردود الفعل الانتقامية المحتملة إذا بدا أن محاضرتي تنتهك الأمر التنفيذي رقم 14151 الخاص بـ(إنهاء البرامج الحكومية المتطرفة غير المجدية المتعلقة بالتنوع والمساواة والاحتواء والتفضيل).
ولما رفضت ذلك ألغوا محاضرتي، وألغوا كذلك كلمة كان يفترض أن ألقيها أمام فريق البحرية لكرة القدم الذي تروج كتبي عن الفلسفة الرواقية لدى أعضائه. (وصرح متحدث باسم البحرية الأمريكية لصفحة الرأي في نيويورك تايمز بأن الأكاديمية «أجرت تعديلا في الجدول يتماشى مع مهمة إعداد الطلبة للخدمة العسكرية، وأن الأكاديمية البحرية مؤسسة غير سياسية»).
ولو كانوا سمحوا لي بالمضي في برنامجي، فهذه هي القصة التي كنت أعتزم أن أحكيها للطلبة:
في خريف عام 1961، شرع ضابط بحرية شاب يدعى جيمس ستوكديل، وهو خريج الأكاديمية البحرية وسيحصل في المستقبل على وسام الشرف ويرتقي إلى رتبة نائب أدميرال، شرع في دراسة الماركسية بجامعة ستانفورد بعد طول انتظار وشوق. وحكى لاحقا فقال «لم نكن نقرأ نقدًا للماركسية. لم نكن نقرأ إلا المصادر الأساسية. طوال العام لم نقرأ إلا أعمال ماركس ولينين».
قد يبدو غريبًا أن تبعث البحرية ستوكديل -وكان طيارا مقاتلا في السادسة والثلاثين من العمر آنذاك- للحصول على شهادة الماجستير في العلوم الاجتماعية، لكنه كان يعلم سبب ذلك، ففي رسالة بعثها إلى أبويه في ذلك العام، ذكّرهما بدرس تعلمه منهما وانطبع في نفسه: «ليس بوسع المرء في الحقيقة أن ينافس ما لا يحسن فهمه».
في ذلك الوقت، لم تكن الماركسية محض مادة أكاديمية مجردة، وإنما كانت الأساس الأيديولوجي لأكبر عدو جيوسياسي للولايات المتحدة، فكانت ذات شأن خطير، وكان السوفييت يروجون رؤية لشيوعية عالمية، وكان الصراع في فيتنام مشتعلًا، وكان الفيتناميون الشماليون يتحركون بدافع مزيج غاشم من عقيدة جامدة وحماس ثوري، فكانت الماركسية - كشأنها اليوم، فزاعة حرب ثقافية في أيدي الساسة والديماجوجيين.
بعد سنوات قليلة من إكماله دراسته، في سبتمبر 1965، تم إسقاط طائرته فوق (ثانه هوا) بشمالي فيتنام، وبينما كان يهبط بالمظلة إلى الأسر وربما القتل، لاذ عقله بفلسفة إبكتيوس التي تعرف بها من أستاذ في جامعة ستانفورد.
سيقضي السنوات السبع التالية في حالات متفاوتة من العزلة، يتعرض لتعذيب وحشي. فقد سعى آسروه عامدين إلى كسره، ربما لاستشعارهم أنه يعرف -بوصفه طيارا- شيئا عن «واقعة خليج تونكين» وهي مواجهة مدبرة مع القوات الفيتنامية الشمالية أدت إلى مزيد من التورط الأمريكي في فيتنام. اعتمد ستوكديل على رواقية إبكتيوس، لكنه أيضًا استفاد بمعرفته بممارسات قاهريه وعقليتهم.
أوضح ستوكديل ذلك بقوله «في هانوي، كنت أفهم النظرية الماركسية أكثر مما يفهمها المحققون. فكان بوسعي أن أقول للمحقق إن (لينين لم يقل هذا، أنت منحرف عن الفكر اللينيني)».
في كتاباته وأحاديثه بعد رجوعه من الأسر في سجن كان يعرف بـ(هيلتون هانوي)، كان ستوكديل كثيرا ما يشير إلى ما أطلق عليه «بيئات الابتزاز» في وصف تجربته في الأسر. إذ طولب هو ورفاقه من الأسرى بإجابة أسئلة بسيطة أو بتنفيذ مهام تبدو بريئة، من قبيل الظهور في تسجيلات مصورة، فإن رفضوا، تكون لرفضهم عواقب.
في حالتي، لم يلمح أحد في الأكاديمية البحرية بطبيعة الحال إلى عواقب لرفضي، ولكن الأمر بدا مماثلا تماما. كان عليّ أن أختار بين رسالتي وبين الاستمرار في دخول مؤسسة كان شرفًا لي دائمًا أن أتحدث فيها.
وبوصفي كاتبا، فإنني أومن إيمانا عميقا بقوة الكتب. وبوصفي صاحب متجر كتب في تكساس، كثيرا ما تكلمت عن حظر الكتب. وكان الأهم من ذلك هو موضوع محاضرتي: فضيلة الحكمة.
ومثلما أوضحت مرارًا للذين استضافوني، لم أكن حريصا بأي حال على التسبب في حرج لأحد أو التعرض للسياسة مباشرة، وإنني أفهم حجم الضغط الهائل الذي يتعرضون له، وخاصة أنهم عسكريون، ولم أكن راغبا في أن أتسبب لهم في متاعب، غير أنني كنت أشعر بأنه من الضروري القول بأن السعي إلى الحكمة مستحيل دونما اشتباك مع أفكار مزعجة (ومتحدية).
لقد استعمل الفيلسوف الرواقي سينيكا استعارة عسكرية في مثل هذا الجدل بالذات، فقد قال إن «علينا أن نقرأ مثلما يقرأ جاسوس في معسكر العدو»، وذلك ما فعله ستوكديل حينما درس الماركسية على حساب البحرية الأمريكية، وذلك ما فعله سينيكا حينما كان يقرأ إبيقور ويكثر من الاستشهاد بأقواله وهو رأس المدرسة الفلسفية المنافسة للرواقية.
وليست الإدارة الأمريكية الحالية فريدة بأي حال إذ ترغب في قمع ما لا يروق لها من أفكار أو ما تعده أفكارا خطيرة، فمثلما كنت أعتزم أن أقول لطلبة البحرية، ثمة ضغط سياسي كبير منذ خمسينيات القرن العشرين على ما يوجد في مكتبات المؤسسات الفيدرالية من كتب. ولقد طولب أيزنهاور بأن يحظر الكتب الشيوعية من السفارات الأمريكية فقاوم.
وقال لصحفي من ذي نيويورك هيرالد تريبيون في مؤتمر صحفي بعد تنصيبه «بصفة عامة، رأيي أن الرقابة والإخفاء لا يحلان مشكلة»، وأوضح أنه يتمنى لو أن مزيدا من الأمريكيين كانوا قد قرأوا هتلر وستالين في السنين السابقة، فلعل ذلك كان ليساعد على توقع الأخطار التالية. وانتهى بقوله «علينا أن نثقف أنفسنا إن كنا راغبين في إدارة حكم حر».
سيمضي رجال البحرية الأمريكية ونساؤها إلى قيادة مهام قتالية، وقيادة حاملات طائرات، وقيادة غواصات مزودة بأسلحة نووية، وإدارة مؤسسات ضخمة، وسوف نعهد إليهم عما قريب بمسؤوليات جسام وسلطات هائلة. ومع ذلك نخاف عليهم أن تخدعهم كتب معينة أو تغسل أدمغتهم؟
لم يكن كتاب «كفاحي» لهتلر من الكتب المرفوعة من مكتبة الأكاديمية البحرية وبرغم شناعة هذا الكتاب، فإنه يجب أن يكون متاحًا للباحثين وطلاب التاريخ، غير أن السماح به يجعل من الصعب تفسير منع ديوان «أعرف لماذا يغرد الطائر في القفص» لمايا أنجيلو. ومهما يكن ظن المرء في برامج التنوع والمساواة والاحتواء (D.E.I.)، فنحن لا نتكلم هنا عن كتابات أعداء خارجيين، وإنما نتكلم في أغلب الحالات عن فن وبحوث جادة ونقد مشروع للماضي الأمريكي. فمن الكتب المستبعدة كتاب عن الجنود السود في الحرب العالمية الثانية، وآخر عن طريقة تصوير النساء اللاتي لقين مصرعهن في الهولوكوست، وآخر عن إعادة تخيل كافكا عنوانه «الرجل الأبيض الأخير». فلا ينبغي لأحد في مؤسسة عامة أن يخشى فقدان وظيفته بسبب اعتراضه على هذا التجاوز الواضح، وخاصة المكلفين بالدفاع عن حريتنا. لكن ها هو ما وصلنا إليه.
لقد أدى عدم احتجاج قادة الأكاديمية على الأمر الأصلي -الذي يتعارض في اعتقادي مع الحريات الأكاديمية الأساسية والمنطق السليم- إلا أنهم باتوا الآن في موقف أصعب، إذ يحاولون قمع الانتقادات الموجهة لهذا القرار. وهنا يذكِّرنا ستوكديل بأن «التنازلات تتراكم عندما يضغط عليك مبتز ماهر». لقد شعرت، وأنا مرتاح الضمير، أنني لا أستطيع أن أحاضر قادة ومحاربي المستقبل هؤلاء حول فضيلة الشجاعة وفعل الصواب، مثلما سبق أن فعلت في عامي 2023 و2024، وأن أستسلم في الوقت نفسه لمطالبتي بعدم الإشارة إلى هذا المسار الفظيع المخالف للحكمة.
لقد أتيح لستوكديل في لحظات كثيرة، ومفهومة، فرصة القيام بالتصرف المناسب بوصفه أسير حرب. كان بإمكانه أن يتنازل. كان بإمكانه أن ينصاع فيجتنب ألما كبيرا، ويجتنب إصابات ستحرمه من استخدام ساقه بالكامل لما بقي من حياته، بل وربما كان يمكن أن يعود إلى وطنه وأهله في وقت أسرع. لكنه اختار ألا يفعل ذلك، رفض الخيار الابتزازي وتمسك بمبادئه.