هل تحول واشنطن دون اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
سلطت الولايات المتحدة، الأحد، الضوء على دورها في مساعدة إسرائيل على إحباط الهجوم الجوي الإيراني بينما اجتمع الرئيس، جو بايدن، مع قادة مجموعة الدول السبع، في محاولة لمنع تصعيد إقليمي أوسع، وتنسيق تنديد عالمي لطهران.
وكانت الجمهورية الإسلامية أطلقت ليل السبت "أكثر من 300 طائرة مسيّرة وصواريخ كروز" باتجاه إسرائيل ما أدى إلى جرح 12 شخصا، وفق الجيش الإسرائيلي.
وصف السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، الهجوم بأنه "تصعيد غير مسبوق"، بينما قال السفير الإيراني سعيد إيرفاني: "كانت العملية الإيرانية بالكامل في إطار ممارسة حق إيران الأصيل في الدفاع عن النفس".
هذا التصعيد، يضع الولايات المتحدة، أمام استحقاق الحفاظ على استقرار الشرق الأوسط، وفق أندرياس كلوث، المحلل لدى وكالة بولمبرغ، بينما لا يزال تهديد توسيع الصراع مع حماس في غزة واردا.
المحلل أوضح في مقال رأي نشره، الأحد، أنه من الصعوبة بمكان أن تتمكن واشنطن من ذلك، حيث أنه منذ هجوم السابع من أكتوبر، كان على الرئيس الأميركي، جو بايدن، "أن يوازن بين أهداف متعارضة".
وكشف كلوث أن تلك الأهداف، تتمثل في ضرورة دعم إسرائيل، وفي الوقت نفسه، الحد من وفيات ومعاناة المدنيين في غزة "وهو الهدف الذي فشلت الإدارة الأميركية في تحقيقه حتى الآن".
وأضاف "عليه (بايدن) أن يمنع الحرب من أن تصبح إقليمية أو حتى عالمية، وهو احتمال ممكن لأن الميليشيات التي تهاجم إسرائيل مدعومة من إيران، المتحالفة مع روسيا والصين".
وساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في إسقاط عشرات الطائرات بدون طيار والصواريخ التي أطلقتها إيران. وقالت السلطات الإسرائيلية إن 99% من الصواريخ الإيرانية تم إسقاطها دون التسبب في أي أضرار كبيرة.
وقال مسؤولون أميركيون، وفق وكالة أسوشيتد برس، إنه على الرغم من معدل الاعتراض المرتفع، فإن نية إيران كانت "التدمير والتسبب في خسائر بشرية"، وإذا نجحت الضربات، فإنها كانت ستتسبب في تصعيد "لا يمكن السيطرة عليه" في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
كبح جماح الانتقاموأضاف المسؤولون الأميركيون أن بايدن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو -في محاولة لاحتواء التوترات-، أن واشنطن لن تشارك في أي عمل هجومي ضد إيران، وأوضح الرئيس "بكل وضوح" لنتانياهو أنه "علينا أن نفكر بعناية وبشكل استراتيجي" حول مخاطر التصعيد، وفق ما ذكرت ذات الوكالة.
ويعكس هذا الضغط لتشجيع إسرائيل على ضبط النفس الجهود الأميركية المستمرة للحد من الحرب الإسرائيلية ضد حماس في غزة، والتي دخلت الآن شهرها السابع، ولبذل مزيد من الجهد لحماية أرواح المدنيين في القطاع.
والتهديد باندلاع حرب مفتوحة بين الخصمين اللدودين في الشرق الأوسط وإمكانية جر الولايات المتحدة إليه، أثار دعوات لضبط النفس من القوى العالمية والدول العربية لتجنب مزيدا من التصعيد.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأحد، أمام مجلس الأمن إن "الشرق الأوسط على حافة الهاوية. وشعوب المنطقة تواجه خطرا حقيقيا يتمثل في صراع مدمر واسع النطاق. حان الوقت لنزع فتيل التصعيد والتهدئة".
We have a shared responsibility to work for peace.
Regional – and indeed global - peace and security are being undermined by the hour.
The world cannot afford more war.
My remarks to Sunday's emergency Security Council session: https://t.co/I3ry6m7YuU pic.twitter.com/sQeH5fi0ku
وقالت مجموعة السبع، الولايات المتحدة وإيطاليا واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا، إن إيران "بأفعالها، تقدمت نحو زعزعة استقرار المنطقة وتخاطر بإثارة تصعيد إقليمي لا يمكن السيطرة عليه".
وقالوا إن دولهم "مستعدة لاتخاذ مزيد من الإجراءات الآن ردا على مزيد من المبادرات المزعزعة للاستقرار".
من جانبه، دعا نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود، المجلس إلى إدانة الهجوم الإيراني، وقال إن واشنطن ستستكشف إجراءات إضافية غير محددة في الأمم المتحدة لمحاسبة إيران وحذر من المزيد من العدوان.
وقال "دعوني أكون واضحا: إذا اتخذت إيران أو وكلاؤها إجراءات ضد الولايات المتحدة أو اتخذت إجراءات أخرى ضد إسرائيل، فستتحمل إيران المسؤولية".
إلى ذلك، قال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى التصعيد، فإنها ستواصل اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عن إسرائيل والأميركيين، حسبما قال متحدث باسم البنتاغون، نقلت عنه وكالة رويترز.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن حكومة نتانياهو المؤلفة من خمسة أعضاء تؤيد الرد في اجتماع الأحد على الرغم من انقسام اللجنة بشأن توقيت وحجم أي رد من هذا القبيل.
ويتعين على بايدن الآن "إقناع" نتانياهو والحلفاء الآخرين بعدم تصعيد التوترات في المنطقة التي أصبحت كبرميل بارود منذ بدء الحرب في غزة في أكتوبر الماضي "وبحسب ما ورد أخبر بايدن الزعيم الإسرائيلي أن الولايات المتحدة لن تشارك في أي عمليات هجومية ضد إيران في المستقبل" وفق ما ذكرت صحيفة "ذا هيل".
درء الخطر على الأميركيين في المنطقةهناك أيضًا مسألة الأفراد العسكريين الأميركيين في أماكن مثل العراق وسوريا الذين تعرضوا لوابل من الهجمات من قبل وكلاء إيران منذ أواخر العام الماضي.
وعندما سئل مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، عما إذا كان الهجوم عل قنصلية إيران في دمشق يزيد الخطر على القوات الأميركية في الشرق الأوسط – وما إذا كان ينبغي على إسرائيل إخبار الولايات المتحدة قبل استهداف أي أصول إيرانية – رفض الخوض في تفاصيل حول الضربة في سوريا.
وقال كيربي "الرسالة التي أرسلها الرئيس خلال الأيام القليلة الماضية، والتي تمت مناقشتها الليلة الماضية، هي أننا سنتخذ كل الخطوات التي يتعين علينا اتخاذها لحماية قواتنا وسفننا ومنشآتنا في المنطقة".
وأضاف أن بايدن كان يتحدث مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن الأحد حول الحاجة المحتملة لسحب أو إعادة تموضع أي وجود أميركي في المنطقة.
يرى تقرير "ذا هيل" أن من شأن الهجوم الذي شنته إيران، السبت، أن يغير أيضًا مخاوف بعض الديمقراطيين الذين أعربوا عن تساؤلات جدية بشأن الهجوم الإسرائيلي المتواتصل على غزة والخسائر الفادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وتزايدت هذه المخاوف في وقت سابق من هذا الشهر، عندما قتلت القوات الإسرائيلية سبعة من عمال الإغاثة الذين كانوا يساعدون في توزيع المواد الغذائية في القطاع المدمر.
وكانت الحرب بين إسرائيل وحماس في قلب بيان مجموعة السبع، حيث قال الزعماء إنهم سيعززون "التعاون لإنهاء الحرب في غزة، من خلال مواصلة العمل من أجل التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن لدى حماس، وزيادة المساعدات الإنسانية للفلسطينيين".
وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل تستعدان للهجوم الإيراني لعدة أيام بعد أن قالت طهران إنها سترد على "الضربة الإسرائيلية" على مبنى قنصليتها في سوريا والتي أسفرت عن مقتل 12 شخصًا، بينهم جنرالان كبيران في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وجاء قصف القنصلية الإيرانية بعد أكثر من ستة أشهر على اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الشرق الأوسط فی المنطقة فی غزة
إقرأ أيضاً:
قيادة الشرق الأوسط بعيدًا عن أمريكا
بدر بن علي الهادي
الحديث عن استقلال الدول العربية وقيادة الشرق الأوسط بعيدًا عن النفوذ الأمريكي يشكل نقطة محورية في إعادة التفكير في دور المنطقة في العالم؛ حيث بدأنا نُلاحظ تحركات سعودية جريئة في الآونة الأخيرة تعكس رغبة حقيقية في التوجه نحو استقلال سياسي واقتصادي يتماشى مع مصلحة الدول العربية والإسلامية في المستقبل.
لاحظنا سعي المملكة العربية السعودية، باعتبارها واحدة من أبرز القوى في المنطقة، إلى التحرر من الهيمنة الأمريكية، وبدء مشروع نهضة يُركز على الاقتصاد والصناعة بدلًا من الحروب والاعتماد على النفط.
منذ عقود، كانت السياسة الأمريكية تشكل عاملًا رئيسيًا في تحديد مصير العديد من دول المنطقة، من خلال التدخلات العسكرية أو النفوذ السياسي، فضلًا عن الوجود العسكري الذي أدى إلى استمرار الاضطرابات في الشرق الأوسط، إلّا أن السعودية، رغم أنها كانت في كثير من الأحيان حليفًا وثيقًا لأمريكا، بدأت مؤخرًا في التوجه نحو تنويع تحالفاتها، مستفيدة من الفرص الجديدة مع قوى مثل الصين وروسيا. وهذا التحول جاء نتيجة لما وصفه البعض بأنه ضرورة استراتيجية لتجنب الاعتماد الكامل على واشنطن.
تسعى السعودية إلى اتخاذ قرارات سيادية بعيدًا عن الضغوط الأمريكية، خاصة في مجالات التجارة والأمن، فالمملكة قد بدأت بالتحرك في عدة محاور:
1. تنويع التحالفات: عبر تعزيز علاقاتها مع روسيا والصين، وهو ما يعد تحولا استراتيجيا يعكس استقلالية في السياسة الخارجية.
2. الاستقلال الاقتصادي: بدأ يظهر التركيز على تطوير الصناعات المحلية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي من خلال مشروعات "رؤية 2030"، بالإضافة إلى تعزيز مشاريع الطاقة المتجددة.
3. إصلاح الصناعات الدفاعية: في خطوة نحو تقليل الاعتماد على السلاح الأمريكي، بدأت السعودية بتطوير الصناعات العسكرية المحلية وتعزيز قدراتها الدفاعية، وهو ما يُعد حجر الزاوية في تعزيز الاستقلال العسكري.
4. تطوير القوة العسكرية: يمكن أن تشكل القيادة العسكرية العربية المشتركة بديلًا حقيقيًا للوجود الأمريكي في المنطقة، وتحقيق الاستقلال الأمني الذي يوفر حماية حقيقية للدول العربية بعيدًا عن التدخلات الأجنبية.
إلا أن هناك تحديات وملفات تضغط عليها الولايات المتحدة في التعاطي من التطور السعودي حيث تعد المملكة العربية السعودية مثلها مثل العديد من الدول الأخرى، تواجه تحديات كبيرة في طريق الاستقلال عن أمريكا.
وأبرز هذه التحديات هو التهديد الأمريكي في استخدام الملفات القديمة، مثل قضية 11 سبتمبر وحقوق الإنسان، كورقة ضغط على الرياض.
ومن أجل تجاوز المملكة هذه العقبات، يجب على السعودية أن تتحرك بحذر وأن تعمل على تعزيز الجبهة الداخلية من خلال التعليم، والإعلام، والاقتصاد. كما إن توحيد الصف العربي والإسلامي يمكن أن يكون قوة داعمة لهذا الاتجاه؛ حيث إن وجود إيمان حقيقي بالقدرة على التغيير، يدعم السعودية في قيادة مشروع وحدوي يركز على النهضة الاقتصادية بعيدة عن الحروب، وتحقيق الوحدة الثقافية بين العرب والمسلمين من خلال إصلاح التعليم وتنمية اقتصادات دول المنطقة.
وإذا تمكنت السعودية من الإيمان بقدرتها على التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية، يمكنها أن تصبح القيادة الفعلية للشرق الأوسط الجديد، وتعيد رسم خارطة القوى في المنطقة.
الطريق نحو الاستقلال العربي وقيادة الشرق الأوسط ليس سهلًا، لكنه ممكن، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والشعبية. فالسعودية ومن خلال قوتها الاقتصادية والسياسية، قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة، لكن التحديات، خاصة تلك التي قد تفرضها الولايات المتحدة، ستظل حاضرة، وستحتاج المملكة إلى اتخاذ قرارات جريئة تضمن مستقبلًا مشرقًا للدول العربية والإسلامية بعيدًا عن التبعية للقوى الغربية.
لذا يجب على المحيط الخليجي دعم المملكة العربية السعودية في رؤيتها لقيادة الشرق الأوسط وبناء شرق أوسط جديد مهتم برفاه الإنسان من خلال النشاط الاقتصادي والتجاري ومشاركة العالم في البناء بعيدا عن الحروب التي أهلكت الشرق الأوسط لأكثر من قرن مصلحة عامة لجميع دول العالم وأولى اتباعها ودعمها لتنتفع به بقية الدول.
الإنسان العربي يحتاج ليعيش كشعوب العالم الأخرى بعيدا عن الحروب وإراقة الدماء. فهل من مستمع وهل من مجيب؟!