منير أديب يسأل: هل يستفيد الإرهاب من الصراع الإسرائيلي الإيراني؟
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لا شك أنّ الصراع الإسرائيلي الإيراني الحالي سوف يُساعد في نشأة حركة جهادية بمنطقة الشرق الأوسط؛ هذه الحركة من مصلتحها نشوب حرب إقليمية في المنطقة واحتمالات أنّ يتطور هذا الصراع إلى حرب عالمية نطاقها ليس إسرائيل وإيران فقط.
خاصة وأنّ العالم انقسم في هذا الصراع إلى قسمين، وربما بدا ذلك واضحًا من جلسة مجلس الأمن الأخيرة والتي انعقدت على خلفية الضربة الإيرانية التي وجهتها طهران إلى تل أبيب، فضلًا عن المواقف والتصريحات التي ذهبت إلى الإصطفاف إلى طرفي الصراع.
داعش وتنظيمات العنف والتطرف ترى أهمية استمرار هذا الصراع وتطوره ليس لأنها تُريد فقط أنّ تصطف إلى جانب طرف دون الآخر، ولكن لأنها تُريد أنّ تُحي وجودها من خلال صراع طويل تستخدم فيها كل الدول الجماعات والمجموعات المؤدلجة في هذه الحرب.
كما أنّ الحروب تؤثر بصورة كبيرة على جهود مكافحة الإرهاب، حيث توجه هذه الجهود إلى الحرب بين الأطراف المتصارعة وإلى الصراع المستمر حتى بعد انتهاء هذه الحرب؛ فغالبًا تكون الصراعات أطول من الحروب، تعيش بعدها وتكون مقدمة للحروب قبل أنّ تنشب.
انقسم العالم قسمين ما بين مؤيد ومعارض لحق كل طرف في مواجهة الطرف الأخر وربما مدافع عنه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهذا قد يُؤدي إلى تصعيد إضافي ويحمل المنطقة إلى حرب عالمية؛ وهذا ما يبدو واضحًا من ردود الأفعال خلال الـ 48 ساعة الأخيرة بعد ضرب إيران تل أبيب بطائرات وصواريخ بدون طيّار.
وهنا تبدو أهمية الوسطاء لإحتواء ما حدث وما سوف يحدث في المستقبل لو استمر هذا الصراع على وتيرته الحالية أو تطور إلى حرب حتى ولو كانت محدوده في بدايتها، تأثيرها سوف يكون خطيرًا على أمن المنطقة والعالم؛ صحيح سوف تؤثر على مشروع إيران في المنطقة وعلى أذرعها التي إحتلت من خلالها دول عربية مستقرة، ولكن نشوب الحرب ليس في صالح المنطقة قبل أنّ يكون في صالح دولة من طرفي الصراع دون أخرى.
وخطورة تطور الصراع يتمثل في خلق بيئة للعنف؛ بيئة لن تكون الأطراف المتصارعة فيها بعيدة عنها، كما أنّ هذه الأطراف لن تتورع من استخدام خطاب الكراهية أو على الأقل استثماره، وهنا يكون الحديث عن تنامي المجموعات المتطرفة ذات الخلفية السنية والشيعية والصهيونية، كل على حد سواء.
وهذا قد يكون خليط جديد من الإرهاب الذي يطل برأسه على العالم على خلفية هذه الحرب المتوقعة، ولذلك من المهم وقف هذه الحرب ووقف تداعياتها الكارثية على أمن العالم واستقراره، وعلى الأطراف المتصارعه أنّ يتحمل كل طرف مسؤولياته المتعلقة بتحقيق الأمن، ليس على المستوى الداخلي، ولكن على مستوى مواجهة المجموعات المتطرفة المنتمية إليه والتي سوف تأخذ مساحة أكبر لو استمرت هذه الحرب وقتًا أطول.
هناك مجموعات صهيونية لا يقل خطرها عن داعش أو حتى بعض الجماعات المتطرفة ذات الخلفية الشيعية؛ كل هذه المجموعات تتمتع بقدر هائل من الكراهية؛ كراهية متبادلة قائمة على الزوال من الوجود، ولذلك وجود هذا الخطاب سوف يضع العالم أمام مأساة جديدة وكابوس لا يختلف عن كابوس داعش وسوف يُعاني منه العالم من العشر سنوات القادمة.
بات العالم منقسمًا إلى نصعين بعد الحرب الروسية الأوكرانية قبل عامين، وهذا ساعد بصورة كبيرة في ولادة حركة جهادية في شرق أوروبا، وأوروبا وأمريكا وأوكرانيا لم يتورعوا في استخدام المجموعات المؤدلجة في صراعها مع الروس كما كان في الحرب الأفغانية في العام 1979، وهو ما أدى إلى ظهور تنظيم قاعدة الجهاد فيما بعد.
كما أنّ روسيا حاولت استخدام ذات السلاح في حربها مع الغرب وجندت ذلك من خلال مجموعات مؤدلجة للمواجهة كان أغلبها من الشيشان، وهذا ربما يًذكرنا بتوظيف روسيا للجبهة العالمية لمواجهة أمريكا وإسرائيل والتي أنشأها تنظيم القاعدة في العام 1987 والتي أدت في النهاية لتفجير برجي التجارة العالمي في العام 2001، فتم استخدام نفس السلاح في مواجهة الأمريكان من قبل الروس.
هذا ما سوف يحدث لو استمر الصراع بين إيران وإسرائيل على وتيرته الحالية وانتهى بحرب، هذه الحرب سوف تصب في صالح المجموعات المتطرفة بغض النطر عن الدين أو الطائفة التي تنتسب إليها هذه المجموعات، والتحذير هنا لا يُعني أننا أقف في منطقة دون أخرى ولكننا نضع علامات إرشادية لشكل وطبيعة الصراع المتوقع والمكاسب التي قد تعود على الإرهاب منها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إيران ﺇسرائيل داعش الإرهاب الصهيونى هذا الصراع هذه الحرب
إقرأ أيضاً:
التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
في الحروب، لا تُطلق النيران فقط من فوهات البنادق والمدافع، بل تنطلق أيضاً من وراء الشاشات وصفحات التواصل، عبر رسائل مشبوهة وأحاديث مثبطة، في إطار ما يُعرف بالحرب النفسية. ومن بين أبرز أدوات هذه الحرب وأكثرها خبثاً: “التشكيك”. هذا السلاح الناعم تُديره غرف إلكترونية متخصصة تابعة للمليشيات، تهدف إلى زعزعة الثقة، وتفتيت الجبهة الداخلية، وبث الهزيمة النفسية في قلوب الناس، حتى وإن انتصروا في الميدان.
التشكيك في الانتصارات العسكرية، أحد أكثر الأساليب استخداماً هو تصوير الانتصارات المتحققة على الأرض من قِبل القوات المسلحة السودانية على أنها “انسحابات تكتيكية” من قبل المليشيات، أو أنها “اتفاقات غير معلنة”. يُروّج لذلك عبر رسائل تحمل طابعاً تحليلياً هادئاً، يلبسونها لبوس المنطق والرصانة، لكنها في الحقيقة مدفوعة الأجر وتُدار بخبث بالغ. الهدف منها بسيط: أن يفقد الناس ثقتهم في جيشهم، وأن تتآكل روحهم المعنوية.
التشكيك في قدرة الدولة على إعادة الإعمار، لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ رسالة أو منشوراً يسخر من فكرة إعادة الإعمار، خصوصاً في مجالات الكهرباء والمياه وإصلاح البنى التحتية المدمرة. هذه الرسائل تهدف إلى زرع الإحباط وجعل الناس يشعرون أن لا جدوى من الصمود، وأن الدولة عاجزة تماماً. لكن الواقع أثبت أن إرادة الشعوب، حين تتسلح بالإيمان والثقة، أقوى من أي دمار، وقد بدأت بالفعل ملامح إعادة الحياة تظهر في أكثر من مكان، رغم ضيق الموارد وشدة الظروف.
التشكيك في جرائم النهب المنظمة، مؤخراً، لاحظنا حملة تشكيك واسعة، تُحاول التغطية على جرائم النهب والسلب والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات طوال عامين. الحملة لا تنكر تلك الجرائم بشكل مباشر، بل تثير أسئلة مغلّفة بعبارات تبدو عقلانية، لكنها في جوهرها مصممة بعناية لإثارة دخان كثيف ونقل التركيز نحو جهات أخرى.
كيف نُساهم – دون قصد – في نشر التشكيك؟ المؤسف أن الكثير منا يتداول مثل هذه الرسائل بعفوية، وأحياناً بدافع الحزن أو القلق على الوطن، دون أن يتوقف ليتساءل: من كتب هذه الرسالة؟ ولماذا الآن؟ وما الذي تهدف إليه؟ وبهذا نُصبح – دون أن ندري – أدوات في ماكينة التشكيك التي تخدم أجندة المليشيات وتطعن في ظهر الوطن.
كيف نواجه هذه الحرب النفسية؟
الرد لا يكون بصمتنا أو بتكرار الرسائل المشككة، بل بـ:
وقف تداول أي رسالة مجهولة المصدر أو الكاتب.
عدم إعادة نشر أي محتوى يحمل ظنوناً أو يشكك أو يُحبط أو يثير اليأس.
نشر الإيجابيات، وبث الأمل، وتعزيز الثقة بالله أولاً، ثم بمؤسسات الدولة مهما كانت لدينا من ملاحظات أو انتقادات.
في الختام، التشكيك لا يبني وطناً، بل يهدمه حجراً حجراً. فلنكن على وعي، ولنُفشل هذا السلاح الخفي، بمناعة داخلية قائمة على الإيمان، والعقل، والأمل، والثقة بأن الوطن سيعود أقوى، ما دام فينا من يرفض الانكسار ويؤمن بأن النصر لا يبدأ من الجبهة، بل من القلب والعقل.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢١ أبريل ٢٠٢٥م