عربي21:
2025-03-10@07:32:41 GMT

وقفة مع استشهاد أبناء هنية

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

إسماعيل هنية ورفاقه يطالبون شعب غزة بالصمود والصبر، بينما أبناؤهم وذووهم يرتعون في فنادق الدوحة آمنين. ذلك هو المحتوى الذي دأبت على ترديده وسائل إعلام وشخصيات سياسية وإعلامية عربية، منذ السابع من أكتوبر، وبشكل يوحي بأنه بلغ مرتبة عين اليقين.

واستخدمت هذه الدعاية المقيتة لتصفية حسابات أيديولوجية وسياسية مع حركة حماس، كان الغرض منها فصل المقاومة عن حاضنتها الشعبية، وتصوير قادتها على أنهم حيتان الدولارات، الذين يضحون من أجلها بشعبهم ويدخلونه نفق الجحيم.



استخدمت هذه الدعاية المقيتة لتصفية حسابات أيديولوجية وسياسية مع حركة حماس

كانت هذه الدعاية هي ديباجة الردود على من يطالب الدول العربية بالتحرك الجدي لإنقاذ شعب غزة من آلة الموت والتضامن مع المقاومة، وراجت هذه الدعاية وصُدقت من قبل البعض، إلا أنه اعترضها خبر استشهاد سبعة من أبناء وأحفاد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بقصف صهيوني على غزة أول أيام عيد الفطر. هنا بطل السحر، ونُسفت الأسطورة، وظهر افتراء المُدّعين على رؤوس الأشهاد، وضاعت المادة الخصبة التي اعتمد عليها إعلاميون وسياسيون اقتاتوها زمنا، فكانت تبرئة لساحة قادة المقاومة من هذه التهمة البغيضة، ودفاعا عنهم ضد ما نُسب إليهم، فلا أجد لذلك مثلا سوى قول أبي تمام:

وإذا أراد الله نشر فضيلة … طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت … ما كان يعرف طيب عرف العود



لكن كيف تعامل الإعلاميون والسياسيون المروجون لهذا الادعاء بعد حادث مقتل أبناء وأحفاد هنية؟
بعض وسائل الإعلام تجاهلت الخبر الذي أوقعها في الحرج، وبعضها مرّ عليها مرور الكرام، دون الإغراق في التفاصيل. بعض الإعلاميين والسياسيين الذين طنطنوا كثيرا حول هذه الفرية التزموا الصمت، وبعضهم أدان الحادث بشكل طبيعي، وكأنه لم يتحدث بالأمس عن تنعم أولاد وعائلة هنية في الفنادق القطرية.

أليست هذه الفضيحة الإعلامية مُلزمة لهم بوقفة تصحيح لمسارهم المهني؟

قطعا لا يُنتظر أن يبدي هؤلاء أسفهم ويتقدمون بالاعتذار للأمة كلها قبل قادة المقاومة، فمن الواضح أنه عداء استراتيجي وتصفية حسابات، لكن أليست هذه الفضيحة الإعلامية مُلزمة لهم بوقفة تصحيح لمسارهم المهني؟ نحن هنا نتحدث عن أخلاق المهنة سواء كانت تتعلق بالإعلاميين أو المحللين السياسيين، الذين يخرجون على الفضائيات ويمطرون المقاومة بالأكاذيب، لا نتحدث عن واجب ديني أو عربي أو إنساني من المفترض أن يقوموا به تجاه فلسطين، وإلا فما الفرق بينهم وبين نظائرهم في الغرب، الذين طيروا في الآفاق أكذوبة قصف المقاومة لمستشفى المعمداني، وأسطورة قتل الأطفال الإسرائيليين، التي روجها بايدن بنفسه فضلا عن وسائل الإعلام!


أكاد أجزم أن إسماعيل هنية كان يستطيع أن يخرج عائلته من غزة بشكل أو بآخر، ولا أرى مانعا له من ذلك إلا الدافع الأخلاقي والقيمي، فليس دم أبنائه وأهله بأغلى من دم سائر شعبه، كما قال هو بعد أن تلقى نبأ استشهادهم.

تلقى هنية هذا النبأ وهو يتفقد الجرحى والمصابين الذين يعالجون في مستشفيات الدوحة، وكانت ردة فعله مثار دهشة واهتمام من قبل الشعوب ووسائل الإعلام العربية والغربية. كنا نتحدث عن ثبات الصحافي وائل الدحدوح ونصفه بجبل غزة، ونعتبره يمثل ذروة الصمود للفلسطينيين، وقد فقد زوجته وثلاثة من أبنائه وحفيده، واستمر في عمله إلى وقت خروجه للعلاج في قطر، لكن ثبات وصبر إسماعيل هنية فاق كل تصور.

الرجل كان يتفقد الجرحى، فجاءه نبأ استشهاد أبنائه الثلاثة وأحفاده الأربعة دفعة واحدة، لم يزد على أن نظر إلى الأرض برهة ثم دعا لهم، وأصر على استكمال برنامج الزيارة وكأن شيئا لم يصبه.

ثم يتحدث في تصريحات أعقبت الحادث عن كون هذه الآلام والدماء ستصنع المستقبل، وأن دماء أبنائه وأحفاده الذين لم يغادروا القطاع وأضيفوا إلى ستين من شهداء عائلته، ليست بأغلى من دماء شعب فلسطين، وأنها لن تزيدهم إلا إصرارا على استكمال الطريق.

ثم يفاجئنا بصورة له مع زوجته الراقدة في المستشفى لتلقي العلاج، بعد أن أخبرها بالنبأ، وظهرا معا يلوحان بعلامة النصر وابتسامة الرضا والصبر على وجهيهما. إسماعيل هنية بشر يتألم كما يتألم البشر، ويقينا كان يكتم حزنه وهو يدلي بهذه الكلمات، ويقينا كان الألم يعتصر قلبه وهو يتلقى النبأ، لكن الرجل يعلم أنه في موقع المسؤولية، وأن ثباته وصبره وصموده سوف يكون له أثره الإيجابي على شعب غزة.

هذا الثبات الملحمي لا يمكن أن يكون إلا لصاحب قضية وهبها نفسه وماله وراحته وأهله وكل ما لديه

هذا الثبات الملحمي لا يمكن أن يكون إلا لصاحب قضية وهبها نفسه وماله وراحته وأهله وكل ما لديه، ليس هذا حال عبيد المال والشهرة وزخرف الدنيا، ليس هذا حال قادة يتاجرون بدماء شعوبهم.
الذين يريدون لأعضاء المكتب السياسي أن يوجدوا على أرض غزة ليتشاركوا الموت مع أهلها، وإلا فهم الجبناء الخانعين المتاجرين بالدماء، هؤلاء بأي منطق يفكرون، بأي قلم يكتبون، بأي خلقٍ يهمزون ويلمزون؟!



إن لم يكن أعضاء المكتب السياسي بعيدا عن استهداف آلة الدمار، فمن يفاوض على الأوضاع في غزة مع الوسطاء والأعداء، هل ستخرج القيادات الميدانية للقسام من الأنفاق وتستقل طائرة خاصة تحلق بها في سماء غزة تعبر بها إلى حيث طاولة المفاوضات؟ فما لهم كيف يحكمون.

قطعا لن يكف أصحاب هذا الاتجاه العدائي عن شيطنة المقاومة ورجالها، لكن ما يهمني هو الجماهير التي تتعرض لهذه المواد المضللة، ينبغي أن تكون على قدر من الوعي، لا تركن إلى الأحاديث التي تُطلق جزافا بلا إثبات قطعي، فالوقت وقت حرب، ليس هذا بالوقت الذي نستهين فيه بالدعايات ونرددها ونروجها بلا يقين، والله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه هنية غزة المقاومة استشهاد غزة هنية الاحتلال المقاومة استشهاد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إسماعیل هنیة هذه الدعایة

إقرأ أيضاً:

وقفة حاشدة في مديرية همدان تأييداً لموقف قائد الثورة المناصر للشعب الفلسطيني

الثورة نت/..
نظمت بمديرية همدان، محافظة صنعاء اليوم وقفة حاشدة مسلحة تأييدًا لموقف السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي المناصر للشعب الفلسطيني.

وبارك أبناء همدان خلال الوقفة إعلان قائد الثورة عن مهلة لمدة أربعة أيام لفتح المعابر وإدخال المساعدات إلى سكان قطاع غزة.. محذراً من أن اليمن سيستأنف العمليات البحرية ضد الملاحة الصهيونية.

وردد المشاركون في الوقفة التي حضرها وكيل المحافظة محمد دحان ومدير المديرية فهد عطية، شعارات أكدت الاستمرار في نصرة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكافة القضايا العادلة.. معلنين الجهوزية العالية لخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، مع العدو الصهيوني، الأمريكي.

وبارك بيان صدر عن الوقفة الموقف العظيم والمشرف لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في إعلانه إعطاء مهلة للوسطاء للوصول إلى حل لإدخال المساعدات إلى سكان قطاع غزة، وفك الحصار وفتح المعابر الى القطاع.

وأكد البيان جهوزية أبناء همدان الكاملة لتنفيذ توجيهات السيد القائد في حال انتهاء المهلة دون فتح المعابر وإدخال المساعدات وإنهاء الحصار عن سكان قطاع غزة.

وحث البيان الجميع لاستغلال شهر رمضان المبارك والرجوع والتوبة الى الله سبحانه وتعالى خلال أيام وليالي هذا الشهر العظيم والتقرب إلى الله والاستعانة به، والاستعداد والنفير إلى جانب القيادة والاستعداد لمواجهة العدو الصهيوني.

مقالات مشابهة

  • وقفة حاشدة في مديرية همدان تأييداً لموقف قائد الثورة المناصر للشعب الفلسطيني
  • أبناء همدان في وقفة مسلحة تأييدًا لمهلة قائد الثورة للعدو الصهيوني
  • لغز بلا أدلة.. جثة فى شقة مهجورة.. النهاية الغامضة للفنان أنور إسماعيل
  • البابا فرنسيس: نحن بحاجة إلى ”معجزة الحنان“ التي ترافق الذين هم في محنة
  • وقفة.. فشل مخطط تهجير أشقائنا الفلسطينيين
  • حسين فهمي: كل الأعمال اللي جسدت شخصية الخديوي إسماعيل وحشة
  • هذا عدد أسرى الاحتلال الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • مصطفى بكري: الشعب المصري يقف وقفة الأبطال في الأزمات
  • الساحل السوري يلتهب والمدن السورية تنتفض لدحر التمرد
  • أهالي حماة يشيعون شهداء الأمن العام الذين ارتقوا يوم أمس