يمن مونيتور:
2024-11-26@03:15:13 GMT

التحالفات الاستبدادية الجديدة

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

التحالفات الاستبدادية الجديدة

ما من مثيل لنظام التحالف الأميركي على مر التاريخ. بينما قادت أثينا القديمة رابطة ديليان، وأبحر المستشار الألماني أوتو فون بسمارك بمهارة في ديناميكيات التحالفات الأوروبية في القرن الـ19، وظهرت تحالفات عالمية انتصرت في الحربين العالميتين، بيد أنه لم تكن هناك أي تحالفات في وقت السلم تتسم بقدر كبير من الاتساع والثبات والفاعلية مثل تلك التي قادتها واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية.

لقد نجح نظام التحالف الأميركي في تحقيق السلام في مناطق كانت في السابق ميادين قتل، وتمكن من تشكيل توازن قوى لصالح الديمقراطيات.

ومع ذلك، فإن وجود هذا النظام وإنجازاته قد يجعلان من الصعب على الأميركيين فهم التحدي الذي يواجهونه في الوقت الحاضر. عبر مساحة اليابسة الأوراسية الشاسعة، يقوم خصوم واشنطن بتشكيل التحالفات. أقامت الصين وروسيا شراكة استراتيجية “بلا حدود”. كما تعمل إيران وروسيا على تعزيز علاقاتهما العسكرية التي يعتبرها المسؤولون الأميركيون “تهديداً عميقاً” لـ”العالم بأسره”. فالصداقات بين الدول التي لا تلتزم المبادئ الليبرالية كالتي بين موسكو وبيونغ يانغ من جهة، وبين بكين وطهران من جهة ثانية، تتنامى وتنجح. قد يتساءل الأميركيون عما إذا كانت هذه العلاقات المتشابكة ستصل يوماً ما إلى مستوى تحالف رسمي لأعداء الولايات المتحدة لتصبح صورة طبق الأصل للمؤسسات التي تقودها واشنطن نفسها. مهما كانت الإجابة، قد يكون هذا السؤال مضللاً.

عندما يفكر الأميركيون في التحالفات، فإنهم عادة ما يفكرون بتحالفاتهم الخاصة، أي العلاقات الرسمية ذات الطابع المؤسساتي الرفيع بين الدول التي تربط بعضها مع بعض ضمانات أمنية ملزمة الإضافة إلى الصداقة والثقة الحقيقيتين. ولكن يمكن للتحالفات، أن تخدم أغراضاً عديدة وتتخذ أشكالاً شتى، كما يذكرنا التاريخ.

إن بعض التحالفات لا تعدو عن كونها مجرد اتفاقيات عدم اعتداء تسمح للأطراف المفترسة بالانقضاض على فرائسها بدلاً من أن تلتهم بعضها بعضاً. وثمة تحالفات هي عبارة عن شراكات عسكرية تكنولوجية تقوم من خلالها الدول ببناء وتقاسم القدرات التي تحتاج إليها لتغيير الوضع الراهن. حتى إن بعض التحالفات الأكثر تدميراً في التاريخ كانت عبارة عن اتفاقيات فضفاضة أو غير رسمية، وتفتقر إلى التنسيق الدقيق أو التخطيط التفصيلي بهدف مهاجمة النظام القائم من الجوانب كلها. ويمكن أن تكون التحالفات سرية أو علنية، رسمية أو غير رسمية. ومن الممكن تكريس التحالفات للحفاظ على السلام أو من أجل التحريض على العدوان. ببساطة، التحالف هو عبارة عن مجموعة من الدول التي تسعى إلى تحقيق أهداف مشتركة. والعلاقات التي ربما بدت أقل أهمية من التحالفات الأميركية الحالية، كانت قد تسببت في حدوث زلازل جيوسياسية في الماضي.

وهذا أمر بالغ الأهمية لفهم الروابط بين خصوم الولايات المتحدة الحاليين. قد تكون هذه العلاقات غير مؤكدة ومتضاربة، وتفتقر إلى ضمانات دفاعية صريحة. ومع ذلك، فإنها تعزز القوة العسكرية للدول التي تسعى إلى إعادة رسم النظام القائم وتقليل العزلة الاستراتيجية التي قد تواجهها لولا ذلك. كما أن [العلاقات] تزيد من الضغوط التي يتعرض لها النظام الدولي من خلال مساعدة الأطراف الذين تربط بينهم على منافسة القوة الأميركية على عديد من الجبهات في وقت واحد. وإذا قام خصوم الولايات المتحدة بتوسيع آفاق تعاونهم في المستقبل، وذلك من طريق مشاركة مزيد من تكنولوجيا الدفاع المتقدمة مع بعضهم بعضاً أو التعاون على نطاق أوسع في أوقات الأزمات أو الصراعات، فقد يقود هذا إلى اختلال التوازن العالمي بطرق أكثر إثارة للقلق. وفي حين أن الولايات المتحدة قد لا تواجه أبداً عصبة واحدة متكاملة من الخصوم، إلا أن توسيع التعاون بين الدول غير الليبرالية والساعية إلى تغيير الوضع الراهن على غرار حلف شبيه بالـ(ناتو) من الممكن أن يشكل تحديات كبيرة لقوة عظمى منهكة.

 

تحالفات أميركا الاستثنائية

تتشكل التحالفات بحسب الظروف المحيطة بها، وقد ظهرت تحالفات الولايات المتحدة – وخصوصاً حلف شمال الأطلسي ونظراءه في منطقة المحيطين الهندي والهادئ – خلال فترة الحرب الباردة المبكرة. في ذلك الوقت، واجهت الولايات المتحدة التحدي المتمثل في احتواء الاتحاد السوفياتي وتخفيف التوترات التي أدت في السابق إلى صراعات مدمرة في العالم الغربي. ولقد عكست الخطوط العريضة للتحالفات الأميركية دائماً هذه الحقائق التأسيسية.

فمن جهة، كانت التحالفات الأميركية اتفاقيات دفاعية تهدف إلى منع العدوان، وليس إلى ارتكابه. في البداية، قامت واشنطن بتنظيم هذه التحالفات لمنع الدول الأعضاء من استخدامها كمنصات للتوسع الإقليمي. وعندما توسعت هذه التحالفات، كان ذلك بموافقة الأعضاء الجدد. تتميز التحالفات الأميركية أيضاً ببعدها النووي. ونظراً إلى ضرورة وجود قوة عظمى بعيدة لردع الجيش الأحمر الضخم، فقد كانت الاستراتيجية النووية تشكل أهمية مركزية في ديناميكيات التحالف منذ بدايته. ولأسباب ذات صلة، فإن تحالفات الولايات المتحدة غير متماثلة. لقد تحملت واشنطن منذ فترة طويلة حصة غير متكافئة من العبء العسكري، وخصوصاً فيما يتعلق بالمسائل النووية، وذلك من أجل منع السيناريوهات التي قد تؤدي فيها دول مثل ألمانيا أو اليابان، التي كانت معتدية ذات يوم، إلى إعادة بناء قدراتها العسكرية إلى الحد الذي قد يؤدي فيه ذلك إلى زعزعة استقرار المناطق المجاورة لها.

على رغم هذه النقطة، فإن التحالفات الأميركية تتمتع بطابع مؤسساتي عميق: فهي تتميز بالتعاون ذي المستوى اللافت، وبإمكانية التعاون المكثف وقابلية التشغيل البيني والذي طور عبر عقود من التدريب المشترك. إن التحالفات الأميركية ديمقراطية أيضاً. وقد بقيت هذه التحالفات قائمة على امتداد فترة طويلة، إذ تجمع بين أبرز أطرافها مصلحة مشتركة ودائمة في الحفاظ على عالم آمن من أجل الليبرالية. علاوة على ذلك، يتم إضفاء الطابع الرسمي على هذه التحالفات من خلال المعاهدات المكتوبة وإعلانات الالتزام العامة. وهذه الشفافية متأصلة في الأنظمة الديمقراطية، التي لا تستطيع الدخول بسهولة في اتفاقيات سرية. إضافة إلى ذلك، في قلب كل تحالف أميركي يكمن تعهد واشنطن بتقديم المساعدة لحلفائها في حالة وقوع هجوم.

لقد أدت هذه الميزات إلى تمتع تحالفات الولايات المتحدة بكثير من الجاذبية والفعالية والقدرة على إرساء الاستقرار. ويتجلى هذا في استتباب السلام في أوروبا وشرق آسيا منذ الحرب العالمية الثانية، كما أنه يفسر أيضاً لماذا تواجه واشنطن صعوبة أكبر في إبقاء الأعضاء المحتملين خارج هذه التحالفات بدلاً من جذبهم إليها، بيد أن التحالفات تؤثر أيضاً في وجهات نظر الأميركيين حيال التحالفات بطرق لا تساعد دائماً على فهم العالم الحديث. ففي نهاية المطاف، لا توجد قاعدة تنص على أن التحالفات يجب أن تبدو [باستمرار] كتلك التي تبرمها واشنطن، علماً أن بعض التحالفات الأكثر ضرراً في التاريخ لم تكن كذلك.

 

مواثيق المفترسين

هذه ليست المرة الأولى التي تتبنى فيها الدول الأكثر عدوانية في العالم اليوم قضية مشتركة. ففي أواسط القرن الـ20، شكلت مجموعة متنوعة من الدول ذات الأجندات الرجعية تحالفات خبيثة لدعم هجماتها المتكررة على النظام القائم.

وفي عام 1922، وقعت جمهورية فايمار الألمانية، التي كانت لا تزال تتمتع بالديمقراطية، مع الاتحاد السوفياتي، على اتفاقية رابالو، التي عززت التعاون بين الطرفين اللذين خرجا من الحرب العالمية الأولى خاسرين. وبين عامي 1936 و1940، وقعت إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية واليابان الإمبراطورية اتفاقيات بلغت ذروتها في الميثاق الثلاثي، وهو تحالف غير رسمي ملتزم بتأسيس “نظام عالمي جديد” شمولي. وخلال تلك الفترة، أبرمت برلين مع موسكو اتفاق مولوتوف – ريبنتروب، وهي معاهدة عدم الاعتداء شملت بروتوكولات في شأن التجارة وتقسيم أوروبا الشرقية. وبعد أن أفسحت حرب ساخنة في المجال للحرب الباردة، قام الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين والزعيم الصيني ماو تسي تونغ بتشكيل تحالف صيني – سوفياتي، مما أدى إلى مواءمة القوتين الشيوعيتين في معارضتهما للعالم الرأسمالي.

كانت هذه التحالفات التاريخية من بين أكثر الشراكات المختلة والمحكوم عليها بالفشل في التاريخ. وفي عديد من الحالات، كانت تلك [التفاهمات] عبارة عن هدنات موقتة بين خصمين يستميت كل منهما للقضاء على الآخر. لم يكن هناك بأي حال من الأحوال ما يشبه التعاون العميق والتعاطف الاستراتيجي اللذين يميزان التحالفات الأميركية اليوم. وهذا ليس مستغرباً، فالأنظمة الشريرة والطموحة مثل ألمانيا في عهد أدولف هتلر، والاتحاد السوفياتي في ظل ستالين، والصين خلال حكم ماو، لم يجمعها شيء أكثر من الرغبة في قلب العالم رأساً على عقب. ومع ذلك، فإن لهذا التاريخ قيمته لأنه يوضح كيف يمكن حتى لأقل الشراكات رسوخاً والمثقلة أكثر من غيرها بالتوتر، أن تمزق النظام القائم، وتولد ضغوطاً قوية لدعم المخططات العدوانية.

لم يكن اتفاق رابالو تحالفاً بكل معنى الكلمة، بل كان في الأساس بمثابة انفراج في أوروبا الشرقية، وهي المنطقة التي كان كل من ألمانيا والاتحاد السوفياتي يأملان بالتوسع فيها في نهاية المطاف. إلا أن الاتفاق والبروتوكولات السرية التي تضمنها أدت إلى تعزيز الابتكار العسكري التخريبي من جانب المنبوذين الدوليين، وخصوصاً ألمانيا. وفي مواقع تم إخفاؤها داخل الأراضي السوفياتية، بدأت ألمانيا في تطوير الدبابات والطائرات التي منعتها معاهدة فرساي من حيازتها، وأيضاً في بلورة المفاهيم التشغيلية التي ستستخدمها لاحقاً لتحقيق تأثير كبير. انهارت هذه الشراكة السرية عندما تولى هتلر السلطة، ولكن بعد أن وفرت له انطلاقة حيوية وفتاكة في إطار السباق الذي شهدته أوروبا لإعادة التسلح في ثلاثينيات القرن الـ20.

وقد ساعدت الاتفاقات الأخرى الساعية إلى تغيير الوضع القائم (التعديلية) على تقليل عواقب العدوان من خلال تخفيف العزلة التي كان من الممكن أن يواجهها المعتدون لولا ذلك. ومعاهدة مولوتوف – ريبنتروب، التي يشار إليها غالبا باسم “رابالو الجديد”، والتي وقعها هتلر وستالين عشية الحرب العالمية الثانية، استمرت أقل من عامين. ومع ذلك، خلال تلك الفترة القصيرة، قامت بحماية ألمانيا من تأثير الحصار البريطاني من خلال منحها إمكانية الوصول إلى الإمدادات الغذائية والمعادن وموارد الطاقة السوفياتية. إضافة إلى ذلك، فقد وفرت قناة يمكن لهتلر من خلالها الاستفادة من إمبراطورية اليابان المتوسعة في آسيا. سهل اتفاق مولوتوف – ريبنتروب توسع ألمانيا في جميع أنحاء أوروبا من خلال تحويل جزء كبير من أوراسيا بصورة فعالة إلى منطقة اقتصادية وراء الحدود بالنسبة إلى برلين.

لم يسهل ميثاق مولوتوف – ريبنتروب التوسع العدواني على جبهة واحدة فحسب، بل خفف أيضاً من التوترات على الجبهات الأخرى، وكان بمثابة معاهدة عدم اعتداء غذت على نحو متناقض العدوان الذي غير العالم. ومن خلال طمأنة هتلر إلى أنه قادر على مواصلة الصراع مع بولندا والديمقراطيات الغربية دون تدخل السوفيات، لعب الميثاق دوراً مهماً في إشعال شرارة الحرب العالمية الثانية في أوروبا. إضافة إلى ذلك، من خلال ضمان حرية ستالين في إعادة تشكيل محيطه دون تدخل برلين، شجع الاتفاق على الاستحواذ على الأراضي السوفياتية من فنلندا إلى بيسارابيا. لفترة حرجة مدتها عامين، خلق مولوتوف – ريبنتروب بيئة في أوروبا، حيث كانت القوى المفترسة دون عوائق من خلال تحريرها من خطر الصراع بين بعضها بعضاً.

كما عملت الاتفاقات “التعديلية” على تعزيز السلوك العدواني من خلال إيجاد سبل التضامن معاً في أوقات الأزمات. على سبيل المثال، كانت الشراكة بين ألمانيا النازية وإيطاليا متوترة في كثير من الأحيان. ولكن أثناء الأزمات المتعلقة بالنمسا وتشيكوسلوفاكيا في عام 1938، زادت ثقة هتلر لأن موسوليني، الذي كان في السابق ضد التوسع الألماني، أصبح يدعمه الآن. جعل هذا الدعم من الصعب على فرنسا والمملكة المتحدة اتخاذ إجراءات ضد عدوان هتلر. ويقدم التحالف الصيني – السوفياتي مثالاً آخر. فبعد التدخل الصيني في الحرب الكورية عام 1950، اضطرت الولايات المتحدة إلى كبح جماح تصرفاتها، مثل الامتناع عن مهاجمة أهداف في الصين، خوفاً من أن يؤدي القيام بذلك إلى صراع مع موسكو، التي كانت تدعم الصين.

وأخيراً، تمخضت التحالفات “التعديلية” عن تأثيرات مضاعفة من طريق توجيه ضربات للوضع الراهن على جبهات عدة في وقت واحد. في أعقاب المعاهدة الصينية السوفياتية، اتفق ستالين وماو على تقسيم الجهود الثورية: كثفت بكين جهودها من أجل الشيوعية في آسيا، في حين ركزت موسكو على أوروبا. هذا التقسيم للعمل أجبر واشنطن على الدخول في مناقشات صعبة حول تخصيص الموارد والأولويات. وحتى من دون التنسيق الرسمي، فإن التقدم الذي أحرزته إحدى القوى “التعديلية” خلق فرصاً للآخرين. على سبيل المثال، في أواخر الثلاثينيات، ترددت المملكة المتحدة في مواجهة ألمانيا بصورة حاسمة في أوروبا لأنها واجهت أيضاً تهديدات من إيطاليا في البحر الأبيض المتوسط واليابان في آسيا. لقد ساعدت تصرفات القوى الفاشية بعضها بعضاً عن غير قصد من خلال زعزعة استقرار نظام متوتر بالفعل بسبب عديد من التهديدات.

 

الاتفاقيات التعديلية الجديدة

إن دراسة الدمار الذي أحدثته التحالفات التعديلية السابقة يسلط الضوء على أهمية التحالفات الناشئة اليوم. وهذه التحالفات الحالية عديدة وتتعزز. ومن يذكر أن هناك شراكة متنامية بين الصين وروسيا، تجمع بين الدولتين الأكبر والأكثر طموحاً في أوراسيا. إضافة إلى ذلك، فإن علاقات روسيا الطويلة الأمد مع بيونغ يانغ وطهران تنطوي الآن على المساعدة والنفوذ المتبادلين. وتعمل الصين أيضاً على تعميق علاقاتها مع إيران، استكمالاً لتحالفها الطويل الأمد مع كوريا الشمالية. على مر السنين، تعاونت بيونغ يانغ وطهران في مساعٍ مختلفة، بما في ذلك تطوير الصواريخ والأنشطة التخريبية. وبدلاً من أن يكون تحالفاً تعديلياً فردياً، فهو عبارة عن شبكة معقدة من العلاقات بين القوى الاستبدادية ذات الهدف المشترك المتمثل في إعادة تشكيل مناطقها، بالتالي النظام العالمي.

وتستفيد هذه التحالفات من القرب الجغرافي. وخلافاً لما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما أعاقت المسافات الشاسعة والمحيطات المعادية التعاون بين ألمانيا واليابان، فإن روسيا والصين وكوريا الشمالية تشترك في حدود برية متجاورة. ويمكن لإيران أيضاً الوصول إلى روسيا عبر البحر الداخلي. وهذا القرب يسهل على القوى الرجعية في أوراسيا إقامة وتعزيز العلاقات. إضافة إلى ذلك، فإن الصراعات المستمرة، تدفع هذه الدول إلى التقارب معاً، تماماً كما دفعتهم الحرب في أوكرانيا إلى التقارب من خلال جعل روسيا أكثر اعتماداً على إخوانها المستبدين، وأشد استعداداً لعقد الصفقات معهم.

لهذه العلاقات حدودها. ولدى الصين وكوريا الشمالية وحدهما بين “التعديليين” الأوراسيين معاهدة دفاع رسمية. وعلى رغم أن التعاون العسكري آخذ في الارتفاع، فإن أياً من هذه الشراكات لا تقترب من مضاهاة حلف شمال الأطلسي من حيث قابلية التشغيل البيني أو التعاون المؤسسي. ويرجع جزء من السبب وراء ذلك إلى انتشار التوترات التاريخية وانعدام الثقة المتبادلة. على سبيل المثال، تؤكد الصين بصورة متقطعة على مطالباتها الإقليمية التي تعدها روسيا ملكاً لها. ومع ذلك، على رغم هذه التحديات، فإن التعاون بين القوى “التعديلية” يؤدي إلى بعض النتائج المألوفة.

لنأخذ على سبيل المثال الطريقة التي يحفز بها التعاون الصيني – الروسي الابتكار العسكري الذي يسبب الإخلال بالنظام. على رغم حظر الأسلحة الغربي المفروض على الصين منذ عام 1989، فإنها قامت بتحديث عسكري حطم أرقاماً قياسية، وقد استفادت في سياق تنفيذه من مشترياتها من الطائرات والصواريخ والدفاعات الجوية الروسية. واليوم، تسعى الصين وروسيا إلى القيام بمشاريع مشتركة لتطوير طائرات الهليكوبتر، والغواصات الهجومية التقليدية، والصواريخ، وأنظمة الإنذار المبكر بإطلاق الصواريخ. وينطوي تعاونهم على نحو متزايد على مشاريع إنتاج مشترك سرية ومبادرات لتقاسم التكنولوجيا، وهو ما يتجاوز مجرد نقل القدرات النهائية. إذا انخرطت الولايات المتحدة في صراع مع الصين في المستقبل، فإنها ستواجه خصماً عززت موسكو قدراته العسكرية بصورة كبيرة.

وفي غضون ذلك، تزدهر علاقات روسيا في مجال التكنولوجيا الدفاعية مع الأنظمة الاستبدادية الأخرى في أوراسيا. فقد زودت إيران، على سبيل المثال، روسيا صواريخ وطائرات مسيرة بغية استخدامها في أوكرانيا، بل وساعدتها في بناء منشآت قادرة على إنتاج هذه الطائرات من دون طيار على النطاق المطلوب للحرب الحديثة. وفي المقابل، تعهدت روسيا على ما يبدو تزويد إيران بأنظمة دفاع جوي متقدمة، وطائرات مقاتلة، وغيرها من القدرات التي يمكن أن تغير ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط المضطربة باستمرار. وعلى غرار الديناميكيات التي لوحظت خلال عصر رابالو، تساعد الدول التعديلية بعضها بعضاً بنشاط في بناء القدرات العسكرية اللازمة لتحدي النظام الدولي القائم.

ومرة أخرى، تعمل التحالفات التعديلية على خفض كلفة العدوان من خلال تخفيف العزلة الاستراتيجية التي قد يواجهها المعتدون لولا ذلك. وعلى رغم العقوبات الغربية والخسائر العسكرية الكبيرة، فقد واصلت روسيا صراعها في أوكرانيا بمساعدة طهران وبيونغ يانغ، اللتين قدمتا الطائرات المسيرة والقذائف والصواريخ. إضافة إلى ذلك، لعبت الصين دوراً حاسماً في الحفاظ على تماسك الاقتصاد الروسي من خلال استيعاب الصادرات الروسية وتزويد موسكو الرقائق الإلكترونية وغيرها من السلع الأساسية ذات الاستخدام المزدوج. وعلى غرار اعتماد هتلر ذات يوم على الموارد القادمة من أوراسيا للتحايل على الحصار البريطاني، يعتمد بوتين الآن على الصين للتخفيف من التداعيات الاقتصادية الناجمة عن المواجهة مع الغرب. ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه مع قيام القوى التعديلية بتنمية شبكات مثل ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الذي يربط إيران وروسيا أو الكتلة التجارية والمالية الأوراسية التي تبنيها بكين لضمان بقاء تجارتها بعيدة من متناول واشنطن.

علاوة على ذلك، تزيد هذه التحالفات من احتمالات عدم الاستقرار العنيف في مناطق معينة من طريق الحد منها في مناطق أخرى. كانت الحدود بين الصين وروسيا في السابق واحدة من أكثر الحدود عسكرة في العالم. ومع ذلك، فقد أعفت اتفاقية عدم الاعتداء الضمنية اليوم بوتين من خطر الصراع مع الصين، مما سمح له بنشر جزء كبير من قواته العسكرية في أوكرانيا. وعلى نحو مماثل، أصبحت الصين قادرة على تبني موقف أكثر حزماً ضد المصالح الأميركية في المناطق البحرية في آسيا نظراً إلى ما تتمتع به من علاقات طيبة مع روسيا. وعلى عكس واشنطن، فإن بكين وموسكو لا تحتاجان بالضرورة إلى الانخراط في تعاون عسكري مباشر، على غرار الطريقة التي تتعاون بها واشنطن بصورة وثيقة مع حلفائها، لمواجهة النظام العالمي الليبرالي.

وفر هذه التحالفات أيضاً ميزة تخريبية أخرى من خلال تعزيز احتمالية التضامن بين المستبدين في أوقات الأزمات. فعلى مدى عقود من الزمن، أدى تحالف كوريا الشمالية مع الصين إلى منع واشنطن من الرد بصورة أكثر حزماً على استفزازات بيونغ يانغ. وفي الآونة الأخيرة، ربما يتأثر سلوك الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون العدواني على نحو متزايد بالتوقعات (سواء كان مبررة أو غير مبررة) بأن بوتين سيدعمه. وبالمثل، يمكن للشراكة العسكرية المتنامية بين طهران وموسكو أن تعطي إيران دعماً دبلوماسياً أقوى، وأسلحة أفضل، لكي تقاوم، في أي مواجهة مستقبلية حول البرنامج النووي الإيراني. إضافة إلى ذلك، تجري الصين وروسيا مناورات عسكرية مشتركة في المناطق التي يمكن أن تنشأ فيها صراعات، من بحر البلطيق إلى غرب المحيط الهادئ. قد تكون هذه الأنشطة بمثابة إشارة إلى أن إحدى القوى التعديلية لن تقف مكتوفة الأيدي، بينما تتعامل واشنطن مع قوة أخرى.

تستفيد القوى التعديلية من العلاقة التكافلية الضارة لأنها تقوض النظام الدولي من اتجاهات متعددة في وقت واحد. فروسيا منخرطة في عدوان على أوكرانيا وتشكل تهديداً لأوروبا الشرقية، في حين تنشر إيران ووكلاؤها اضطرابات عنيفة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى، تتزايد عدوانية الصين في منطقة المحيط الهادئ، في حين تعمل كوريا الشمالية على تطوير برامجها الصاروخية والنووية. ويعمل هذا السلوك الجماعي على تعزيز تصور واسع النطاق بأن النظام العالمي يتدهور. كما أنها تمثل تحديات كبيرة لواشنطن، كما يتضح من المناقشات الجارية داخل الولايات المتحدة في شأن الأولويات مثل أوكرانيا مقابل تايوان وإدارة الصراعات الحالية مقابل الاستعداد للصراعات المستقبلية المحتملة. على غرار الوضع خلال ثلاثينيات القرن الـ20، تدعم الأنظمة الاستبدادية في أوراسيا بعضها بعضاً من خلال إرهاق خصمها المشترك.

 

متاعب مقبلة

يصف المحللون الأميركيون أحياناً العلاقات بين خصوم الولايات المتحدة بأنها “تحالفات مصلحية”، وهذا يعني ضمناً أن الدبلوماسية الذكية يمكن أن تعجل بالطلاق [بين المتحالفين]. ومع ذلك، فإن مثل هذا الطلاق غير مرجح في المستقبل القريب. إن الأنظمة الاستبدادية في أوراسيا متحدة من خلال أسلوب الحكم غير الليبرالي فيها وعدائها المشترك لقوة الولايات المتحدة، بل إن التوترات الدولية المتزايدة تمنحها أسباباً أقوى لكي تدعم بعضها بعضاً. والواقع أن روسيا التي لا تزال معزولة عن الغرب لن يكون أمامها خيار سوى الدخول في شراكات مع الصين وإيران وكوريا الشمالية. قد تكون الولايات المتحدة قادرة، بصورة دورية، على إبطاء عملية [الدعم المتبادل] هذه، كما فعلت في الفترة 2022-2023 من خلال تهديد الصين بعقوبات قاسية إذا قدمت لروسيا مساعدة فتاكة في أوكرانيا، لكن ربما لا تستطيع أميركا عكس الاتجاه الأوسع من هذا التوجه. وحتى لو لم ترق علاقات التعديليين اليوم إلى مستوى تحالف أوراسي كامل، فلا يزال من الممكن أن تتطور بطرق تشكل تحديات كبيرة لقوة الولايات المتحدة.

ومن الممكن أن يؤدي التعاون الوثيق بين روسيا والصين إلى تقدم عسكري كبير. وتشير التقارير إلى أنه سيتم دمج التكنولوجيا الروسية في الغواصة الهجومية من الجيل التالي للصين، وإن كان ذلك من خلال عملية “الابتكار التقليدي” بدلاً من النقل المباشر للتكنولوجيا. وإذا زودت روسيا في نهاية المطاف الصين، التي لا تزال غواصاتها صاخبة وضعيفة، تكنولوجيا تهدئة متقدمة، فقد يؤدي ذلك إلى تقويض المزايا الأميركية في مجال لا تزال واشنطن تحافظ فيه على تفوقها على بكين. وبالمثل، يشعر المسؤولون الكوريون الجنوبيون بالقلق من أن شحنات الأسلحة الكورية الشمالية إلى روسيا يمكن أن تؤدي إلى مساعدة روسية لبرامج كوريا الشمالية الفضائية والنووية والصاروخية، مما قد يؤدي إلى تسريع تطورها بما يتجاوز ما يتوقعه المحللون الأميركيون. على نطاق أوسع، مع تطور التعاون العسكري من مجرد مبيعات الأسلحة الجاهزة إلى الإنتاج المشترك أو نقل التكنولوجيا، يصبح من الصعب على نحو متزايد رصده ويزيد من احتمال حدوث قفزات غير متوقعة في القدرات التي تفاجئ المراقبين الخارجيين.

كذلك يمكن أن يخلق التعديليون في أوراسيا مزيداً من المآزق من خلال التعاون بصورة أوثق أيام الأزمات. فإذا ما نشرت روسيا، على سبيل المثال، قوات بحرية في بحر الصين الشرقي وسط توترات شديدة بين الولايات المتحدة والصين، أو إذا بعثت موسكو وبكين سفناً إلى الخليج العربي أثناء أزمة بين إيران والغرب، فقد يجعلان مسرح العمليات أكثر تعقيداً بالنسبة إلى القوات الأميركية. ومن شأن هذا أن يزيد من خطر نشوب قتال مع أحد الأطراف قد يؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه مع الأطراف الأخرى. علاوة على ذلك، قد تقدم يمكن القوى التعديلية المساعدة المباشرة لبعضها بعضاً في حالة نشوب صراع مباشر.

وفي حالة نشوب صراع صراع أميركي – صيني، يمكن لروسيا أن تنخرط في عمليات إلكترونية تستهدف الخدمات اللوجيستية والبنية التحتية الأميركية، مما يعقد قدرة واشنطن على حشد القوة والتخطيط لزجها في الصراع. ويمكن لقوة تعديلية واحدة أن تسد فجوات خطرة في القدرات، سواء من خلال إمداد جهة صديقة بالذخائر أو بتوفير المكونات الحيوية التي لا تعد مساعدات “فتاكة”، كما فعلت الصين مع روسيا في أوكرانيا. وبدلاً من ذلك، يمكنها أن تتبنى مواقف تهديدية من خلال نشر قواتها في مواقع استراتيجية. على سبيل المثال، لن يكون على روسيا في حال وقوع معركة بين الولايات المتحدة والصين، إلا أن تحرك قواتها بطريقة تهديدية نحو أوروبا الشرقية لجعل واشنطن تأخذ في الاعتبار احتمال نشوب صراعات على جبهتين.

وفي حين أنه من غير المرجح أن تكون الأنظمة الاستبدادية في أوراسيا حريصة على التضحية بنفسها من أجل بعضها بعضاً، فمن المرجح أن تدرك أن النصر الأميركي الحاسم على إحداها من شأنه أن يجعل القوى المتبقية أكثر عرضة للخطر. ولذلك، قد يسعون إلى تعزيز مواقفهم من خلال دعم بعضهم بعضاً بصورة غير مباشرة، طالما أنهم يستطيعون القيام بذلك دون الدخول بصورة مباشرة وعلني في الصراع.

تأمل المستقبل

قد لا تتوافق الروابط بين القوى التعديلية في أوراسيا مع الفهم التقليدي للتحالفات، والتي يراها الأميركيون عادة، لكنها تسفر عن تأثيرات عديدة شبيهة بالتحالفات. هذه الديناميكية ليست أمراً سيئاً تماماً بالنسبة إلى واشنطن: فكلما تقارب خصوم الولايات المتحدة أكثر، كلما شوه سلوك أحدهم السيئ [صورة حلفائه] الآخرين. على سبيل المثال، منذ عام 2022، تراجعت مكانة الصين في أوروبا بسبب توافقها الوثيق مع تصرفات بوتين في أوكرانيا. وتكمن الفرصة في الاستفادة من اصطفاف الخصوم لتسريع جهود واشنطن في بناء التحالفات، على غرار الطريقة التي استخدمت بها الولايات المتحدة تداعيات الغزو الروسي لتعزيز فهم أكثر واقعية للصين في أوروبا. يعد هذا النهج الاستراتيجي أمراً بالغ الأهمية لأن الشراكات التعديلية الحالية تعمل على تعزيز حرية العمل والقدرات التي يتمتع بها منافسو الولايات المتحدة. يجب على الولايات المتحدة أن تتكيف مع عالم يؤدي فيه الترابط بين خصومها إلى تضخيم التحديات التي يمثلونها فردياً وجماعياً.

وهذا لا يطرح تحديات عملية فحسب، بل يطرح أيضاً تحديات فكرية وتحليلية. على سبيل المثال، قد تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم تقديراتها فيما يتعلق بوقت يستغرقه خصومها لتحقيق إنجازات عسكرية مهمة، مع الأخذ في الاعتبار المساعدة التي يتلقونها – أو التي من المحتمل أن يتلقوها – من حلفائهم. يجب على واشنطن أيضاً أن تعيد النظر في الافتراضات المتعلقة بمواجهة الخصوم بصورة فردية أثناء الأزمة أو الصراع، وأن تأخذ في الاعتبار الدعم – سواء كان سرياً أو علنياً، حركياً أو غير حركي، حماسياً أو متردداً – الذي يمكن أن تقدمه القوى التعديلية الأخرى مع تصاعد التوترات. علاوة على ذلك، يجب على الولايات المتحدة أن تتصدى لاحتمال أن تؤدي العلاقات مع الخصوم إلى تعزيز صورة معينة من صور عولمة الصراع، إذ يمكن أن ينتهي الأمر بالبلاد إلى خوض صراعات إقليمية متعددة ومتشابكة ضد الخصوم الذين يتعاونون بطرق مهمة، ودقيقة في بعض الأحيان.

وأخيراً، ينبغي على المسؤولين الأميركيين التفكير في الكيفية التي يمكن أن تخضع بها الشراكات بين هؤلاء المنافسين لتحولات غير متوقعة أو وفق مسارات غير مستقيمة. وتقدم الأحداث الأخيرة دروساً قيمة. على رغم أن العلاقات الاستراتيجية الصينية – الروسية نشأت على مدى عقود من الزمن، إلا أن هذه العلاقة، إلى جانب اتصالات موسكو مع بيونغ يانغ وطهران، تعمقت بصورة كبيرة خلال الصراع في أوكرانيا. كيف يمكن لأزمة مستقبلية تتعلق بتايوان، وتؤدي إلى فرض عقوبات أميركية صارمة على الصين، أن تؤثر في تقييم بكين لكلف وفوائد تشكيل تحالف أقوى مع روسيا؟ وبدلاً من ذلك، كيف يمكن أن يؤدي مزيد من انهيار النظام في إحدى المناطق إلى إغراء القوى التعديلية لتصعيد أنشطتها في مناطق أخرى؟

إن النظر في مثل هذه السيناريوهات ينطوي حتماً على تكهنات. ومع ذلك، فهو بمثابة إجراء احترازي استراتيجي ضد مستقبل تستمر فيه العلاقات – التي تجاوز كثير منها بالفعل التوقعات الأميركية – في التطور في اتجاهات مثيرة للقلق. وفي السنوات المقبلة، قد يصبح التصدي للتحدي الذي يفرضه تحالف الخصم أمراً لا مفر منه على نحو متزايد. ومع ذلك، فإن مدى مفاجأة الولايات المتحدة ليس محدداً مسبقاً.

هال براندز هو أستاذ كرسي هنري كيسنجر المتميز للشؤون العالمية في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة وزميل أول في معهد المشاريع الأميركية، وهو مؤلف الكتاب الذي سيصدر قريباً بعنوان “القرن الأوراسي: الحروب الساخنة، والحروب الباردة، وصناعة العالم الحديث”

مترجم عن “فورين أفيرز” 29 مارس 2024

 

يمن مونيتور15 أبريل، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض "جسما مشبوها" في البحر الأحمر تجاوز حدود حرب الظل.. إسرائيل وإيران تدفعان الشرق الأوسط إلى لحظة خطيرة (تقرير خاص) مقالات ذات صلة تجاوز حدود حرب الظل.. إسرائيل وإيران تدفعان الشرق الأوسط إلى لحظة خطيرة (تقرير خاص) 15 أبريل، 2024 جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض “جسما مشبوها” في البحر الأحمر 14 أبريل، 2024 تقرير حكومي: نشوب أكثر من 34 حريقاً في مخيمات النازحين بمأرب منذ مطلع 2024 14 أبريل، 2024 باير ليفركوزن يحقق الدوري الألماني رسميًا لأول مرة في تاريخه 14 أبريل، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقف العليمي والزبيدي في عدن! 28 مارس، 2024 الأخبار الرئيسية تجاوز حدود حرب الظل.. إسرائيل وإيران تدفعان الشرق الأوسط إلى لحظة خطيرة (تقرير خاص) 15 أبريل، 2024 تقرير حكومي: نشوب أكثر من 34 حريقاً في مخيمات النازحين بمأرب منذ مطلع 2024 14 أبريل، 2024 نجاة قيادي بارز في حزب الإصلاح من محاولة اغتيال شرقي اليمن 14 أبريل، 2024 جبل صبر.. المتنفس الطبيعي البديل عن الحدائق النادرة في مدينة تعز المحاصرة! 14 أبريل، 2024 إيران تعلن انتهاء الرد على إسرائيل! 14 أبريل، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 اخترنا لكم العليمي والزبيدي في عدن! 28 مارس، 2024 اللغة السقطرية ليست سهلة 23 مارس، 2024 «عمران» في اليمن 18 مارس، 2024 بايدن والورطة الحوثية 18 مارس، 2024 ‏بين العامية والفصحى 16 مارس، 2024 الطقس صنعاء سماء صافية 19 ℃ 25º - 18º 55% 2.21 كيلومتر/ساعة 25℃ الأثنين 25℃ الثلاثاء 26℃ الأربعاء 25℃ الخميس 25℃ الجمعة تصفح إيضاً تجاوز حدود حرب الظل.. إسرائيل وإيران تدفعان الشرق الأوسط إلى لحظة خطيرة (تقرير خاص) 15 أبريل، 2024 التحالفات الاستبدادية الجديدة 15 أبريل، 2024 الأقسام أخبار محلية 26٬276 غير مصنف 24٬153 الأخبار الرئيسية 13٬232 اخترنا لكم 6٬732 عربي ودولي 6٬323 رياضة 2٬175 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬080 كتابات خاصة 2٬020 منوعات 1٬882 مجتمع 1٬778 تراجم وتحليلات 1٬591 تقارير 1٬511 صحافة 1٬460 آراء ومواقف 1٬432 ميديا 1٬298 حقوق وحريات 1٬249 فكر وثقافة 852 تفاعل 775 فنون 463 الأرصاد 209 أخبار محلية 92 بورتريه 62 كاريكاتير 28 صورة وخبر 25 اخترنا لكم 8 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويتريوتيوبتيلقرامملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 أكثر المقالات تعليقاً 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين 19 يوليو، 2022 تامر حسني يثير جدل المصريين وسخرية اليمنيين.. هل توجد دور سينما في اليمن! 27 سبتمبر، 2023 “الحوثي” يستفرد بالسلطة كليا في صنعاء ويعلن عن تغييرات لا تشمل شركائه من المؤتمر أخر التعليقات yahya Sareea

What’s crap junk strategy ! Will continue until Palestine is...

Tarek El Noamany

الله يصلح الاحوال store.divaexpertt.com...

Tarek El Noamany

الله يصلح الاحوال...

Fathi Ali Alfaqeeh

الهند عندها قوة نووية ماهي كبسة ولا برياني ولا سلته...

راي ااخر

ما بقى على الخم غير ممعوط الذنب ... لاي مكانه وصلنا يا عرب و...

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الحرب العالمیة الثانیة الأنظمة الاستبدادیة على سبیل المثال أوروبا الشرقیة کوریا الشمالیة هذه التحالفات النظام القائم علاوة على ذلک إضافة إلى ذلک الصین وروسیا القدرات التی من الممکن أن فی أوکرانیا التعاون بین فی أوراسیا المتحدة فی بیونغ یانغ بین الدول فی السابق على تعزیز تقریر خاص فی أوروبا فی مناطق فی الیمن على غرار روسیا فی التی کان عبارة عن مع الصین ذلک إلى التی لا صراع مع أکثر من فی آسیا یمکن أن ومع ذلک لا تزال قد یؤدی على رغم من خلال أو غیر إلا أن فی وقت فی حین من أجل

إقرأ أيضاً:

الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.. لماذا تخشى أميركا "تحالف الرعب"؟

يتناول هذا المقال المترجم عن موقع فورين أفيرز الأبعاد العسكرية للتحالف الناشئ بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وهو محور يبدو أنه يثير الكثير من القلق في واشنطن.

 

وتجادل الكاتبة أوريانا سكايلر ماسترو، زميلة معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية في جامعة ستانفورد، والباحثة غير المقيمة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن هذا التحالف يفقد الولايات المتحدة أفضليتها العسكرية للمرة الأولى منذ عقود، ولكن الأهم أن واشنطن لم تجد بعدُ صيغة فعالة للتعامل معه بسبب مرونة الارتباط بين أعضائه وقدرتهم على التصرف مجتمعين وبشكل مستقل على السواء.

 

يضم هذا التحالف، الذي تقوده الصين افتراضيا، ثلاث دول نووية، ودولة رابعة يعتقد أنها تقف على العتبة النووية، وهو ما يخلق معضلة للقوة الأميركية المصممة على التعامل مع صراع كبير واحد في آن واحد، ولم تنخرط في جهود لاحتواء أكثر من قوة نووية في الوقت نفسه.

 

لذلك تدعو سكايلر واشنطن إلى التعامل مع الدول الأربع كمحور موحد حقيقي يهدف إلى تحدي الهيمنة الأميركية، بدلا من تضييع وقتها في التعامل مع كل دولة على حدة، واستشكاف طبيعة العلاقة التي تجمع هذه الدول مع بعضها البعض.

 

نص الترجمة:

 

في مؤتمر صحفي مشترك عقد في يونيو/حزيران 2024، أبدى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، قلقهما إزاء تعزيز العلاقات بين الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا. ولا يعد الرجلان بدعا من السياسيين الأميركيين في ذلك الموقف، فقد أصبح الاتفاق غير الرسمي بين هذه الأنظمة الأربعة موضع اهتمام في واشنطن، ووصفه المسؤولون الديمقراطيون والجمهوريون على السواء بأنه "محور شر جديد".

 

ويشير المحللون إلى أن هذه البلدان تنسق النشاط العسكري والدبلوماسي بينها، وتتبنى خطابا متشابها، ولديها مصالح مشتركة، ويبدو أنها تشترك في هدف واحد رئيسي هو إضعاف الولايات المتحدة.

 

يتمتع كل بلد من هذه البلدان بمفرده بقدرات هائلة، ولكن تظل الصين هي اللاعب المركزي في هذا التكتل، فهي تمتلك العدد الأكبر من السكان والاقتصاد الأكبر حجما، وهي التي تقدم أكبر قدر من المساعدات. وتعد بكين الحليف التجاري الرئيسي لكوريا الشمالية، كما ساعدت إيران في التعامل مع العقوبات الدولية، ووقعت اتفاقية "شراكة إستراتيجية شاملة" معها عام 2021.

 

وبشكل لا يقل أهمية، قدمت الصين لروسيا أكثر من 9 مليارات دولار من السلع ذات الاستخدام المزدوج -السلع ذات التطبيقات التجارية والعسكرية- منذ غزو الأخيرة لأوكرانيا. وقد حال هذا الدعم دون انهيار الاقتصاد الروسي، رغم العقوبات الغربية الهادفة إلى شل قدرات موسكو الحربية (تشكل البضائع الصينية حاليا 38% من الواردات الروسية).

 

ولكن الصين لا تريد أن يُنظر إليها باعتبارها زعيما لهذا التكتل، بل لا تريد حتى أن يُنظر إليها كعضو فيه من الأساس. ففي أبريل/نيسان 2023، زعم رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، أن "العلاقات الصينية الروسية تلتزم بمبادئ عدم الانحياز وعدم المواجهة وتجنب استهداف طرف ثالث". وقبلها في عام 2016، أكد فو ينغ، نائبُ وزير الخارجية الصيني أن بكين "ليس لديها أي مصلحة" في تشكيل "كتلة معادية للولايات المتحدة أو معادية للغرب من أي نوع". وبناءً على ذلك، امتنعت الحكومة الصينية حتى حينه عن توقيع معاهدات دفاعية مع إيران وروسيا، حتى إنها عملت أحيانا ضد مصالح إيران وكوريا الشمالية وروسيا في الصراعات الدولية.

 

هناك سبب واضح وراء هذا الغموض، فالصين تريد أن تحل محل الولايات المتحدة كقوة مهيمنة في العالم، ورغم أن الشراكة مع إيران وكوريا الشمالية وروسيا تساعد بكين في هذا الجهد، فإن الثلاثي يمكن أن يقوض أهدافها أيضا. فمن ناحية، تساعد الدول الثلاث في إضعاف واشنطن من خلال جذب مواردها وتشتيت انتباهها عن بكين، لكنها من ناحية أخرى تثير عداوات شديدة مع جيران أقوياء لا تريد الصين تنفيرهم مثل ألمانيا واليابان والمملكة العربية السعودية. ونتيجة لهذا، يتعين على المسؤولين الصينيين أن يسيروا على خط رفيع بين توثيق علاقتهم مع هذا المحور بما يكفي للسيطرة عليه وتوجيهه، دون الوصول إلى الحد الذين يتحملون فيه المسؤولية عن سلوكياته.

 

المؤسف أن الولايات المتحدة تسمح للصين بالحصول على أفضل ما في الأمرين. لقد ركزت واشنطن تركيزا زائدا على استكشاف ما إذا كانت هذه البلدان ستشكل تحالفا دفاعيا تقليديا، وذلك بغية فهم النهج الريادي الحالي الذي تنتهجه بكين في التعامل مع شراكاتها ومدى نجاح هذا النهج.

 

لكنْ في ظل الترتيب الحالي، تتسبب إيران وكوريا الشمالية وروسيا في إحداث المتاعب للغرب. ولأن أيا من هذه الدول ليس حليفا رسميا للصين، فلا يمكن محاسبة بكين على أفعالها. الأخطر أن هذا المحور يقسم التحالف الأميركي، حيث يرفض العديد من أصدقاء الولايات المتحدة، المنشغلين بمثيري المشكلات في مناطقهم، الانضمام إلى واشنطن في منافستها ضد بكين.

 

هذا النهج الصيني سيكون فعالا في حالة نشوب حرب، فإذا اضطرت بكين وواشنطن إلى المواجهة، فإن المحور أصبح الآن قويا بما يكفي ومنسقا في الشؤون العسكرية بحيث يمكنه خوض قتال مشترك وهزيمة الولايات المتحدة. ولأن دول المحور ليست كتلة متناسقة بإحكام، فقد تشن بسهولة صراعات منفصلة تؤدي إلى تقسيم الموارد الأميركية، وتشتيت انتباه حلفاء الولايات المتحدة، وبالتالي مساعدة الصين على الانتصار.

 

لذا يتعين على واشنطن أن تغير مسارها، فبدلاً من محاولة تخمين مدى قرب هذه البلدان من بعضها البعض أو العمل على تمزيقها، يتعين على الحكومة الأميركية أن تبدأ في التعامل معها باعتبارها كتلة واحدة، وتشجيع حلفائها في مختلف أنحاء العالم على القيام بالمثل. ويتعين عليها أيضا أن تتعامل مع الصين باعتبارها قائد هذا المحور، سواء أكان هذا هو الواقع فعليا أم لا.

 

قدم في الداخل وأخرى في الخارج

 

بحلول عام 1950، ومع اندلاع الحرب الباردة، أبرم الحزب الشيوعي الصيني والحزب الشيوعي السوفياتي معاهدة صداقة وتحالف ومساعدة متبادلة لمدة 30 عاما. هذه المعاهدة التي أُبرمت في أعقاب انتصار الشيوعيين على القوميين في الحرب الأهلية الصينية، تم تأطيرها من قبل الطرفين على أنها التقاء طبيعي بين دولتين اشتراكيتين ثوريتين.

 

وعلى هذا النحو، دعت المعاهدة بكين وموسكو إلى الدفاع عن بعضهما البعض والتشاور "بشأن جميع القضايا الدولية المهمة التي تؤثر على المصالح المشتركة للاتحاد السوفياتي والصين".

 

ولكن على صعيد الممارسة العملية، سرعان ما أصبحت العلاقات بين البلدين أكثر تعقيدا، فقد تعاونت الدولتان في كثير من الأحيان، وكان أبرز ميادين تعاونهما دعمَ مؤسس كوريا الشمالية كيم إيل سونغ في حربه ضد جارته الجنوبية. لكن البلدين اختلفا حول الأحقِّ بقيادة الكتلة الشيوعية، وقد تجلى ذلك في تنافسهما على تسليح فيتنام الشمالية، ومقاومة الصين للجهود السوفياتية الرامية إلى إحداث انفراجة مع الولايات المتحدة.

 

واليوم أصبحت علاقة الصين مع خصوم أميركا تدور تحت شعار "قدم في الداخل وأخرى في الخارج". من ناحية أخرى، هناك الكثير من التعاون، على شاكلة قيام بكين في عام 2021 بتجديد معاهدة الدفاع المشترك بينها وبين كوريا الشمالية، وشرائها نحو 90% من النفط الإيراني عام 2023.

 

وفي غضون ذلك تجري الصين وإيران وروسيا مناورات بحرية مشتركة منتظمة في خليج عمان. وفي عام 2018، وافقت الصين على الانضمام إلى روسيا في مناورة عسكرية وطنية تدرب فيها الجيشان، من بين أمور أخرى، على كيفية التعامل مع حرب محتملة في شبه الجزيرة الكورية.

 

ولكن على الجانب الآخر، لم تؤيد الصين غزو أوكرانيا ولم تقدم لروسيا مساعدة عسكرية مباشرة في هذا الصدد، بل إن الخارجية الصينية اعتبرت أن لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في يونيو/حزيران الماضي وتوقيعهما على معاهدة تتضمن دعم بعضهما البعض عسكريًا إذا تعرض أيٌّ منهما للهجوم، مسألةٌ ثنائية بين موسكو وبيونغ يانغ.

 

وعندما اشتبكت الإمارات العربية المتحدة مع إيران حول مناطق السيادة البحرية، أصدرت بكين بيانًا مشتركًا مع الإمارات أعلنت فيها دعمها "لحل سلمي". وفي يناير/كانون الثاني 2024، طلب المسؤولون الصينيون من نظرائهم الإيرانيين الحد من هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر، في إشارة إلى أن استمرار الهجمات يعرض علاقاتهما الاقتصادية للخطر.

 

خلال الحرب الباردة، دفعت الصين ثمنًا لإرسال رسائل مختلطة إلى حليفها السوفياتي، وبمرور الوقت، ابتعدت موسكو عن بكين، مما أدى في النهاية إلى ما يسميه المحللون الانقسام الصيني السوفياتي. ولكنْ في هذه المرة، تستفيد بكين بشكل أمثل من موقفها "المزدوج"، حيث تحصل على الغاز الطبيعي من روسيا بخصم 44% مقارنة بما تدفعه أوروبا. ولم توقع إيران على خطاب يدين الصين بسبب عنفها ضد الإيغور في شينغيانغ، وعرضت على بكين الدعم السياسي لسيطرتها على هونغ كونغ ومطالباتها بجزيرة تايوان.

 

في الوقت نفسه، تمكنت بكين من الحفاظ على علاقات جيدة مع معظم حلفاء الولايات المتحدة. مثلا، لا تدعم كوريا الجنوبية، ولا اليابان إلى حد بعيد، جهود الردع الأميركية ضد الصين بشكل كامل، حيث تظل بكين الشريك التجاري الأكبر لكلا البلدين. وحتى الاتحاد الأوروبي لا يزال يشعر بالراحة في تداول أكثر من 800 مليار دولار من البضائع مع الصين في عام 2023، بنسبة 15% من إجمالي تجارته. وخلال زيارته للصين في عام 2023، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده لن تتبع الولايات المتحدة بشكل أعمى في الأزمات التي لا تهمها، في إشارة إلى تايوان، بينما أكد المستشار الألماني أولاف شولتز في مناسبات عديدة أن برلين ليست جزءًا من كتلة جيوسياسية ولن تنضم إلى واحدة. وبالمثل، لم تُعرّض شراكة الصين مع إيران علاقاتِها مع دول الخليج أو إسرائيل للخطر.

 

نظام الفوضى

 

في البداية، قد يبدو الأمر وكأن النهج المختلط الذي تنتهجه الصين تجاه إيران وكوريا الشمالية وروسيا مقبول لدى الولايات المتحدة. ففي ظل الوضع الراهن، لا تقدم الصين لروسيا مساعدات عسكرية صريحة لمهاجمة أوكرانيا، وتستمر في دعم الحلول الدبلوماسية لوقف البرنامج النووي الإيراني، وفي الوقت نفسه، قد تعمل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وبكين على تعديل سلوك طهران على المدى البعيد.

 

ظاهريا، يُعد الوضع الراهن أفضل من السيناريو الذي تقدم فيه بكين الدعم الكامل لهذه البلدان. ​​ولكن لا ينبغي للمسؤولين الأميركيين أن يطمئنوا إلى هذا الوضع، بالنظر إلى حقيقة أن التباعد بين الصين وشركائها أو تقاربها مع الغرب لم يضع قيودا حقيقية على بكين. ربما تلوّح الصين بإصبعها أحيانا في وجه إيران أو تنتقد روسيا بهدوء، ولكن عندما يحين الوقت، فإنها تقدم قدراً هائلاً من المساعدة لهذه الدول. على سبيل المثال، دعمت بكين حملة تضليل في عام 2022 زعمت فيها أن المختبرات البيولوجية الأوكرانية الممولة من الولايات المتحدة كانت تصنع أسلحة بيولوجية، وهو ما قدم مبررا لغزو أوكرانيا. كما تعمل الصين وشركاؤها معا لتحدي لغة حقوق الإنسان التقليدية التي تستخدمها المؤسسات الدولية، بحجة أن مفاهيم مثل الحريات المدنية وسيادة القانون هي مفاهيم غربية حصرا.

 

لكنّ دعم بكين لهذه الدول يتجلى -أكثر ما يتجلى- في مسائل الأمن والدفاع، حيث زودتها بالتكنولوجيا العسكرية المتطورة، كما شاركت الصين المعلومات الاستخباراتية مع روسيا، بما يشمل شبكتها الواسعة من الأقمار الصناعية، مما ساعد جهود موسكو العسكرية. وفي المقابل، تزود موسكو بكين بمليارات الدولارات من الأسلحة سنويا، الأمر الذي أثمر تحسنا في قدرة الصين على استهداف الطائرات والقواعد والسفن الأميركية. كما قدمت موسكو لبكين التقنيات التي يمكن استخدامها لتطوير أو تعزيز إنتاجها المحلي من الأسلحة.

 

كنتيجة جزئية لهذا التعاون، فقدت الولايات المتحدة أفضليتها العسكرية للمرة الأولى منذ عقود، فالصين وحدها لديها جنود نشطون أكثر من واشنطن، كما تمتلك بكين وموسكو معا سفنا حربية ودبابات أكثر منها. ونظرا لمدى استعداد البلدين للتعاون، فهناك فرصة جيدة لأن تتغلبا على القوات الأميركية إذا قاتلتا معا في مسرح عسكري واحد، كأن تساعد الصين وروسيا كوريا الشمالية في حرب ضد جارتها الجنوبية، أو تساعد روسيا الصين في شن هجوم على تايوان.

 

أكثر من ذلك، ربما يكون "التحالف الرباعي" قادرا على إحداث حالة من الفوضى عبر القتال بشكل منفصل (على مسارح متعددة) في وقت واحد. وسوف تعاني الولايات المتحدة لتحقيق النصر في حرب متزامنة على جبهتين، حيث صُمم جيشها لخوض حرب واحدة مع ردع نشوب الصراعات الإقليمية الأصغر. وهذا يعني أنه إذا كانت الحروب مستعرة في أوروبا، والشرق الأوسط، وفي شبه الجزيرة الكورية، وتايوان، فسوف تضطر الولايات المتحدة إلى ترك كل مسارح الحرب، باستثناء مسرح واحد، من أجل الدفاع عن وضعها، على الأقل في البداية.

 

صحيح أن العديد من حلفاء الولايات المتحدة يمتلكون جيوشا قادرة على محاربة أعضاء "المحور الصيني"، لكن في ظل انشغالهم جميعا بمواجهة "شياطينهم" الإقليمية فإنهم سيترددون في مساعدة الدول الأخرى في صراعاتها. وفي حالة اندلاع حرب متعددة الجبهات، فسيرغب هؤلاء الحلفاء في الاحتفاظ بقواتهم في الداخل للدفاع عن النفس، ويعني هذا أن واشنطن لن يكون بمقدورها الاعتماد على حلفائها لمساعدة القوات الأميركية حين تحتاج إلى ذلك.

 

على سبيل المثال، إذا ركزت الولايات المتحدة على الدفاع عن تايوان بينما كانت كوريا الشمالية تحاول الاستيلاء على كوريا الجنوبية، فإن سول وطوكيو لن ترغبا في تقديم الدعم لواشنطن. والواقع أن المخاوف بشأن كوريا الشمالية جعلت الجارة الجنوبية تتردد فعليا بشأن السماح للقوات الأميركية المتمركزة داخل حدودها باتخاذ أي إجراءات خارج شبه الجزيرة الكورية. ومن المؤكد أن أوروبا، التي تحاول حماية علاقاتها التجارية، ستظل بعيدة عن مثل هذا الصراع.

 

وبالمثل سوف تعاني الصين لمساعدة شركائها في معاركهم الخاصة إذا اضطروا إلى مواجهة الولايات المتحدة، ودليلها في ذلك درس تاريخي قاسٍ. فخلال الحرب الأهلية الصينية، خسر الشيوعيون تايوان جزئيا لأنهم اختاروا مساعدة كوريا الشمالية، الأمر الذي أعطى الرئيس الأميركي هاري ترومان، الوقت لإرسال الأسطول السابع إلى مضيق تايوان، ولن يرغب الرئيس الصيني الحالي شي جين بينغ في تكرار هذا الخطأ.

 

ومع ذلك، سيكون كل واحد من أعضاء المحور الصيني قادرا بمفرده على خلق أزمات تستهلك موارد واشنطن وحلفائها، دون إطلاق صراعات محفوفة بالمخاطر وكاملة النطاق. والأهم أن جميعهم يمتلكون القدرة على منح بكين ميزة نوعية دون الانضمام إلى حربها الخاصة. مثلا، يمكن لروسيا أن تساعد الصين على تحمل حصار الطاقة من خلال إرسال النفط والغاز عبر البر، وذلك عبر خط أنابيب "سيبيريا – المحيط الهادي" الذي يرسل النفط الروسي إلى الأسواق الآسيوية، والقادر على تصدير 35 مليون طن سنويا إلى الصين، ومن المقرر أن ترتفع طاقته إلى 38 مليونا في عام 2025. كما يمكن لموسكو المساهمة برأس مالها وعمالتها لمساعدة الصين في التصنيع، وتمتلك الدولتان بالفعل أنظمة تصنيع مشتركة تشمل صناعة الأسلحة.

 

وإذا ما اختارت موسكو أن تصبح أكثر انخراطا في حرب بين الولايات المتحدة والصين، فسيخلق ذلك صداعا أكبر لواشنطن. على سبيل المثال، يمكن للطائرات المقاتلة الروسية أن تجري دوريات جوية دفاعية مشتركة مع القوات الصينية، كما فعلت في الماضي، بما قد يجعل الولايات المتحدة تحجم عن ضرب الأهداف الصينية، للحيلولة دون الدخول في صراع مباشر مع روسيا. وبغض النظر عن درجة تورط روسيا، فإن شراكتها مع الصين تضيف ديناميكية جديدة مرعبة إلى الحسابات الأميركية.

 

ففي الماضي، لم تضطر الولايات المتحدة قط إلى التعامل مع أكثر من منافس نووي في وقت واحد، لكن عليها الآن أن تتعامل مع موسكو وبكين معا. ومن المؤسف بالنسبة لواشنطن (والعالم)، أن محاولات منع الصراع مع إحدى هاتين القوتين من شأنها أن تقوض الردع ضد الأخرى. حدث ذلك سابقا حين وقعت الولايات المتحدة معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى مع الاتحاد السوفياتي في عام 1987 بهدف تحييد صواريخه النووية المنطلقة من الأرض. لقد نجحت المعاهدة بالفعل في خفض التوترات بين البلدين، لكنها في المقابل تركت الصين بلا قيود، مما ساعدها على اكتساب ميزة كبيرة في مجال الصواريخ الباليستية متوسطة المدى. ويمكن أن تمنح المفاوضات المستقبلية بين أي دولتين من الدول الثلاث؛ الدولةَ الثالثة حافزا جديدا لتوسيع الانتشار النووي.

 

في سلة واحدة

 

في ضوء ذلك، اقترح بعض الإستراتيجيين الأميركيين أن على الولايات المتحدة أن تسعى لتقسيم هذا المحور للتعامل معه، وهو نهج وجد آذانا صاغية لدى المسؤولين الأميركيين. ففي مارس/آذار 2023، على سبيل المثال، سعى بلينكن إلى دق إسفين بين بكين وموسكو، مصرحا بأن روسيا "هي الشريك الأصغر" في العلاقة مع الصين. وتعود جذور هذه السياسة إلى الحرب الباردة عندما عملت واشنطن على تقسيم المحور الصيني السوفياتي، ومع تزايد التباعد بين بكين وموسكو، أنشأ الدبلوماسيون الأميركيون قنوات اتصال مع نظرائهم الصينيين، مما أدى إلى إجراء الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون زيارة إلى الصين في عام 1972 أثمرت إقامة علاقات رسمية بين واشنطن وبكين بعد 7 سنوات، وفي نهاية المطاف تعاون البلدان معا في التجسس على السوفيات.

 

لكن في عالم اليوم، من المرجح أن تكون مثل هذه الجهود غير مجدية، فالتحالف الحالي (مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية) يوفر للصين الدعم السياسي، وإمدادات الطاقة، والتكنولوجيا التي لا تستطيع الحصول عليها من الغرب. والواقع أن محاولة إقناع أي من هذه البلدان بأن حلفاءها الحاليين يشكلون تهديدا أكبر من الولايات المتحدة؛ غيرُ فعّالة بقدر ما هي حمقاء. وبدلا من محاولة تقسيم هذه الكتلة، يتعين على واشنطن أن تفعل العكس: أن تُعامل أعضاءها على أنهم مترابطون تماماً، بما يعني أن "السلوك السيئ" من أحد أعضائها يؤدي إلى فرض عقوبات على الجميع.

 

وبدلاً من فرض عقوبات حصرية على الشركات الصينية التي تدعم المجهود الحربي الروسي، على واشنطن أن تعامل الدولة الصينية ككيان داعم للروس وتفرض قيودا اقتصادية ضدها، وتخبرها أن تلك القيود ستظل قائمة إلى أن تأتي روسيا إلى طاولة المفاوضات، وسوف تصرخ بكين بأنها لا تملك أي نفوذ على موسكو، وربما يكون هذا هو الحال بالفعل، ولكن مع تحملها المسؤولية، ستعمل بجدية أكبر لاكتساب النفوذ الذي تحتاجه للضغط على روسيا بنجاح.

 

إن وضع الصين وحلفائها في سلة واحدة يساعد واشنطن أيضاً على توحيد تحالفها الخاص. ربما لا تدرك أوروبا بشكل كامل التهديد الذي تشكله بكين للنظام الدولي، لكنها بالتأكيد تفهم المخاطر التي تشكلها موسكو. ومع ذلك، لم تبذل الولايات المتحدة ما يكفي من الجهد لإقناع الدول الأوروبية بالسبب الكامن وراء ارتباط الصين وروسيا على نطاق واسع، بل أكدت بدلاً من ذلك على الروابط المحدودة التي تربط بكين بالغزو الروسي لأوكرانيا. وإذا ما نجحت واشنطن في توضيح منظورها للعلاقة الأوسع، فسيكون الأوروبيون أكثر ميلا إلى أخذ التحدي الأمني ​​الذي تشكله بكين على محمل الجد، وأكثر استباقية في محاولة تشكيل سلوكها.

 

ومع ذلك، ينبغي للولايات المتحدة أن تتجنب النهج الأيديولوجي، وأن تبتعد عن تأطير المنافسة الحالية بوصفها مواجهة بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، فحتى الشركاء الديمقراطيون في العالم النامي مثل البرازيل وإندونيسيا وجنوب أفريقيا، لن تعجبهم هذه الصيغة. والحقيقة، أن الفضل في نجاح الصين في بناء شبكتها الواسعة من الأصدقاء يعود إلى تجنبها الصدام مع الأنظمة، والتركيز بدلا من ذلك على التنمية. وفي خطاباته الموجهة للمستمعين الأجانب، يحب الرئيس شي جين بينغ أن يبرز احترام بكين "لسيادة الدولة"، والتزامها "بعدم التدخل"، ورغبتها في رؤية الدول الفقيرة تنمو وتزدهر.

 

ويبدو أن العالم النامي يستمع إلى صوت الزعيم الصيني، ففي صيف عام 2024، عندما التقى الرئيس شي مع خوسيه راموس هورتا، رئيس تيمور الشرقية -وهي دولة صغيرة فقيرة ولكنها ديمقراطية- أعلن راموس هورتا أنه لا يهتم بالتنافس بين القوى العظمى أو ماهية حلفاء بلاده، وقال إنه إذا كانت الصين قادرة على تخفيف الفقر وسوء التغذية في تيمور الشرقية، "فإن بكين ستكون البطل بالنسبة له".

 

يجب على واشنطن أن تتعلم من كتاب بكين، فإذا كانت تريد أن تكون زعيمة العالم بأسره، وليس فقط العالم الحر، فستحتاج إلى كسب الدعم من الجميع، بما يشمل الدول غير الديمقراطية (وفقًا لمنظمة فريدوم هاوس، يعيش 80% من سكان العالم في دول غير حرة أو حرة جزئيًا فقط). ويعني ذلك أن على الولايات المتحدة أن تكون أكثر مرونة، وأن تصمم عروضها ورسائلها لمعالجة ما يهتم به كل بلد على حدة. هذه العملية لا تشمل فقط تقديم المساعدات، ولكن أيضا المساهمة في الأنواع الصحيحة من المشروعات، مثل تلك المتعلقة بالرعاية الصحية والتعليم العالي والأمن السيبراني، كما تنطوي أيضا على المزيد من المشاركة الدبلوماسية والتعاون العسكري والعلاقات الثنائية بين الشعوب.

 

صحيح أن الولايات المتحدة وحلفاءها ربما يدفعون الصين إلى إقامة علاقات أقوى مع إيران وكوريا الشمالية وروسيا من خلال فرض المزيد من الضغوط عليها، لكن بكين تستفيد فعليا بشكل كبير من هذه العلاقات، وبالتالي ليس أمام واشنطن خيار سوى اتخاذ موقف أكثر صرامة. والحقيقة أن أي شيء تفعله الولايات المتحدة لفرض تكاليف على الصين فسوف يزعجها، والطريقة الوحيدة لتجنب ذلك هي منحها ما تريده، وهو السيطرة الإقليمية على تايوان، والسيادة في بحر الصين الجنوبي، والهيمنة الاقتصادية والعسكرية والسياسية في آسيا. ولا يمكن لواشنطن أن تتراجع عن تكبيد الصين ثمن مساعدة الفاعلين السيئين، وخاصة عندما يمنحها هذا التراجع القدرة على الادعاء أنها بعيدة عن الصراع.


مقالات مشابهة

  • ترامب يتوعد الصين والمكسيك وكندا برسوم جمركية كبيرة
  • أبو شقة يدعو إلى تحديث كل القوانين والتشريعات التي تتناغم مع الجمهورية الجديدة
  • أبوشقة يدعو لتحديث كافة القوانين والتشريعات التي تتناغم مع الجمهورية الجديدة
  • "أبو شقة" يدعو لتحديث كل القوانين والتشريعات التي تتناغم مع الجمهورية الجديدة
  • حرب ترامب التجارية مع الصين: الجولة الثانية
  • بعد عودة ترامب.. كيف ستتعامل الصين مع متغيرات السياسة الأميركية؟
  • سياسة ترامب الخارجية ستُسرِّع مساعي الصين لقيادة العالم
  • آفاق التحالفات الإقليمية المقبلة
  • الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.. لماذا تخشى أميركا "تحالف الرعب"؟
  • أدوات جوجل الجديدة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لجعل حياتك أسهل