عربي21:
2024-12-26@03:12:01 GMT

المسرحية الإيرانية الإسرائيلية والمتفرجون العرب!

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

ليس جديدا على المتابع العربي أن ينظر للعلاقة بين إيران من جهة وبين أمريكا والاحتلال من جهة أخرى على أنها مسرحية، وقد ناقشنا هذا في مقال سابق وفندناه من وجهة نظرنا، فالمواطن العربي تعود أن يكون "متفرجا" لا فاعلا، ولهذا يسهل عليه أن يرى ما "يتفرج" عليه مسرحية هابطة!
  
ولكن طبيعة الرد الإيراني الذي ترقبه وشهده العالم يوم السبت أعطى لأصحاب نظرية "المسرحية" مبررا جديدا لتأكيد نظريتهم، والقول إن الصراع بين الطرفين وليس هذا الحدث فقط هو مجرد مسرحية.


 
هل هي مسرحية؟
إن السؤال الأول الذي يطرح نفسه في هذا النقاش هو: كيف تسمح دولة مثل دولة الاحتلال التي يقوم وجودها حرفيا على نظرية "الردع" و"الجدار الحديدي" بأن تقصفها دولة أخرى (إيران أو غيرها) بمئات المسيرات والصواريخ -بغض النظر عن نتائج هذا القصف- لأجل إكمال مشاهد مسرحية ما؟ كيف تسمح دولة الاحتلال وحلفاؤها العالميون وعلى رأسهم أمريكا أن تتضرر "هيبة" وقوة ردع الاحتلال لأجل مسرحية؟

أما السؤال الثاني فهو، لماذا لا توافق دولة الاحتلال على مثل هذه المسرحية لصالح حلفاء عرب واضحي الصداقة معها، لرفع أسهمهم عند شعوبهم مثلا، وتقتصر مسرحياتها على إيران فقط؟
ومن جهة أخرى، كيف توافق دولة الاحتلال على مسرحية تكلفتها 1.3 مليار دولار كما ذكرت صحف عبرية؟ وما الهدف الذي يستحق مثل هذا الثمن؟
 
يمكننا بالتأكيد فتح قوس التساؤلات إلى آخره، ولكن هذا لن يقنع المؤمنين بنظرية "المسرحية"، والذين يمتلكون مبررات تاريخية بالتأكيد لرأيهم وتفسيرهم، لأنهم عاشوا مثلنا جميعا دور العربي "المتفرج" غير الفاعل لعقود طويلة!
 



الكثير من المحللين العرب يبنون تحليلاتهم على الحب والكراهية




الحب والتحليل السياسي!
يأخذنا صراع المسرحية والفرجة لزاوية أخرى في النقاش وهي أساليب التحليل السياسي وأسسه. فالكثير من المحللين العرب يبنون تحليلاتهم على "الحب والكراهية"، وهذا الأساس قد -نقول قد- يصلح لتحليل العلاقات العاطفية والزوجية، ولكنه لا يصلح بالتأكيد للتحليل السياسي. لا نتفق مع إيران بل نخاصمهما وندينها في سياساتها ومساهمتها في ارتكاب جرائم في سوريا والعراق، ولكن هذا الموقف لا يجب أن يشكل أساسا لتحليل كل سياساتها، ولا للحكم على كل سلوكها الإقليمي. يجب الفصل بين تقييم السياسات والموقف "الأخلاقي" من بعض سياسات الطرف الذي يجري تقييمه أو تحليل سياساته. ما لم يتم الفصل بين الأمرين، فلن نستطيع أن نفهم السياسات الإقليمية، والحكم عليها ومحاولة مواجهتها بالتالي.

حتى عند تحليل سلوك الأعداء مثل كيان الاحتلال، فلا يمكن فهم سياساتهم والحكم عليهم، وبناء مشروع يناهضهم، إذا بني التحليل على الموقف الأخلاقي أو النفسي تجاههم، وإنما يحصل هذا فقط إذا بني التحليل على الحقائق والأحداث.

الخلط المتعمد أحيانا أو الناتج عن قلة المعرفة أحيانا أخرى يحرف النقاش عن مقاصده ويتحول للحكم على دوافع البشر بدلا من قراءة مواقفهم

وختاما لهذه الجزئية من النقاش، يحدث أحيانا خلط متعمد بين الملفات. فبعيدا عن اتهام من يرفض تحليل "المسرحية" بأنه "متأيرن" و"شعوبي" وغيرها من الصفات التي لا تقدم ولا تؤخر، يتم التدليس بأن أصحاب هذا الرأي يقولون إن الرد الإيراني حصل نصرة لغزة، مع أن إيران نفسها لم تزعم ذلك. هذا الخلط المتعمد أحيانا أو الناتج عن قلة المعرفة أحيانا أخرى، يحرف النقاش عن مقاصده، ويتحول للحكم على دوافع البشر بدلا من قراءة مواقفهم.
 
كيف يقرأ الرد الإيراني؟
 ثمة قراءات متباينة للرد الإيراني -حتى الآن-، بعضها إيجابي لإيران وبعضها إيجابي لدولة الاحتلال.
 
النتيجة الرئيسية للرد الإيراني هي أن طهران حتى الآن استطاعت تثبيت "قواعد الاشتباك" بينها وبين الاحتلال. كانت القواعد تقوم على أن الاحتلال لا يستهدف إيران بشكل مباشر في أراضيها، ويستهدف شخصيات عسكرية خارج الأراضي الإيرانية، وحتى إذا حصلت عمليات اغتيال داخل إيران فإن الاحتلال لا يتبناها أبدا، وبالمقابل ترد إيران على الاحتلال بشكل غير مباشر أيضا عبر وكلائها وحلفائها في المنطقة (حزب الله وقوى عراقية تحديدا).
 
استطاعت إيران أن تثبت -حتى الآن- قواعد الاشتباك وهذا بحد ذاته أمر مهم في العلاقات الدولية

ويعتبر قصف الاحتلال للقنصلية الإيرانية في دمشق كسرا لقواعد الاشتباك هذه من قبل "إسرائيل"، لأن القنصلية تعتبر أرضا إيرانية، ولأن الاحتلال أقر بأنه هو المسؤول عن القصف. وبالمقابل يعتبر الرد الإيراني المباشر على الاحتلال -بغض النظر عن الخسائر العملية التي تكبدتها تل أبيب- ردا خارج القواعد أيضا، وهو رد يحصل لأول مرة بهذا الشكل -حتى لو كان محددا ومبرمجا مسبقا-. استطاعت إيران أن تثبت -حتى الآن- قواعد الاشتباك، وهذا بحد ذاته أمر مهم في العلاقات الدولية بين الخصوم والأعداء.

إذا لم يرد الاحتلال على القصف الإيراني بطريقة تخرج عن قواعد الاشتباك مثل قصف مدن إيرانية مثلا، فهذا يعني أن إيران استطاعت أن تثبت هذه القواعد، وسيتوقف الأمر عند هذا الحد، وستعود الأمور إلى ما كانت عليه، أما إذا رد الاحتلال مباشرة داخل الأراضي الإيراني فهذا يعني أن دورة أوسع من الصراع ستندلع، وقد تتطور إلى احتمالات لا يمكن توقعها، تتراوح من مناوشات عسكرية بين الطرفين إلى حرب إقليمية شاملة، بناء على طبيعة تصرف الطرفين.



إحدى النتائج الإيجابية الأخرى لإيران، هي أنها ثبتت نفسها كدولة إقليمية عبر هذا الرد، من خلال إثبات قدرتها على الرد على اعتداءات الدولة الأكثر تسليحا ودعما من القوى العالمية الكبرى.

بالمقابل أظهر رد إيران قدرة الاحتلال على صد هجماتها بفعالية، وهذا يعني أن الأسلحة الإيرانية التي استخدمت في الهجوم في متناول القدرات الإسرائيلية. قد يشكل هذا ردعا لإيران، ولكنه قد يشكل فرصة لتقدير الموقف الإيراني لمعرفة طبيعة قدرات العدو، وبالتالي معرفة القدرات الضرورية لمواجهته مستقبلا.

يبقى القول إن غزة لم تكن سببا للهجوم الإيراني، ولكن طبيعة الرد الإسرائيلي عليه من خلال وقف الحرب الجوية في غزة خلاله، وحالة الطوارئ والارتباك التي عاشها الاحتلال خلال وقبل ساعات الهجوم، تظهر مقدار هشاهته، ويمكن أن تمثل قراءة -ولو مختزلة- لشكل المنطقة إذا حصلت حرب إقليمية وتبعات ذلك على العدوان الذي يشنه الاحتلال على غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة غزة الاحتلال نظرية المؤامرة الهجوم الايراني مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قواعد الاشتباک الرد الإیرانی دولة الاحتلال الاحتلال على حتى الآن

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: كمين صيد الثعابين يعكس فشلا استخباريا وميدانيا للقوات الإسرائيلية

وصف الخبير العسكري العقيد ركن حاتم الفلاحي العملية التي نفذتها المقاومة ضد قوة إسرائيلية في شمال قطاع غزة، بالنوعية، وقال إنها تعكس المهارة الكبيرة في عمل التفجيرات المؤجلة.

ونشرت  كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- اليوم الثلاثاء صورا للعملية التي أطلقت عليها اسم "صيد الثعابين" والتي قتلت خلالها ضابطا وجنديين إسرائيليين بعبوتين ناسفتين كانتا مزروعتين مسبقا في منطقة دوار التعليم.

واستهدفت العملية قوة من لواء كفير النخبوي الذي ينتشر بشكل كبير في شمال القطاع لإدارة العملية العسكرية المتواصلة منذ نحو 3 أشهر، وهو ما يعكس فشل الاحتلال في السيطرة على المكان، وفق ما قاله الفلاحي في تحليل للمشهد العسكري بالقطاع.

وأظهرت صور الكمين التي نشرتها الجزيرة دخول أحد الجنود الإسرائيليين إلى منزل مدمر لتفقده، وإرسال طائرة مسيرة من طراز كواد كابتر لتفقد المنطقة كلها قبل دخول القوة للمنزل.

ولم يتمكن الجندي ولا الطائرة من رصد العبوتين اللتين تم زرعهما مسبقا داخل المنزل وخارجه. وبعد دخول القوة إلى المنزل تم تفجير العبوة في 3 أفراد بشكل مباشر. وعندما فرّت القوة  المكونة من 10 أفراد خارج المنزل بعد انفجار العبوة الأولى، تم تفجير العبوة الثانية في 7 منهم.

إعلان

فشل استخباري وقدرات فردية محدودة

ووفقا للخبير العسكري، فإن فشل الاحتلال في رصد العبوتين سواء من خلال الجنود أو بواسطة طائرات كواد كابتر، يعكس المهارة الكبيرة التي اكتسبتها القسام في عمل الأكمنة المؤجلة التي يتم استخدامها بعد فترة.

وتعكس العملية -حسب الفلاحي- الفشل الاستخباري الإسرائيلي الكبير خصوصا وأن القوة التي تم استهدافها لم تتمكن من كشف الكاميرات التي زرعتها المقاومة في المكان.

كما يعكس الكمين أيضا قلة كفاءة جنود الاحتلال في التعامل مع مثل هذه العمليات خصوصا وأنها وقعت ضد قوة نخبوية مدربة على حرب العصابات والمدن، وفق الخبير العسكري.

ولا يقف الفشل عند الجنود ولكنه يمتد أيضا إلى القيادة التي لا تملك خبرة كبيرة في خوض هذه المعارك بدليل مقتل العديد منهم في أكمنة مماثلة بمختلف مناطق القطاع.

ومع حديث وسائل إعلام إسرائيلية عن تدمير ما يصل إلى 4500 منرل في منطقة جباليا، فإن تنفيذ هذه العمليات يعني أن جيش الاحتلال فشل في السيطرة على المنطقة رغم تدميرها واستخدام كل سبل كشف الألغام فيها، برأي الفلاحي.

وأمس الاثنين، قالت القسام إنها قتلت 3 جنود إسرائيليين في عملية معقدة نفذتها بمشروع بيت لاهيا. في حين قالت القناة 13 الإسرائيلية إن 3 جنود قتلوا بتفجير عبوة ناسفة في بيت حانون.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن العسكريين الثلاثة الذين قتلوا في العملية من لواء كفير، وقال إن أحدهم ضابط.

كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر إسرائيلية أن العملية أسفرت أيضا عن إصابة 3 آخرين توصف حالة أحدهم بالحرجة.

مقالات مشابهة

  • خبير في الشئون الإسرائيلية: نتنياهو وضع العراقيل أمام تطلعات الشعب الفلسطيني
  • خبير: المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تعود إلى نقطة الصفر
  • الصمادي: صيد الثعابين تظهر أن المقاومة تستنزف قوات النخبة الإسرائيلية
  • خبير عسكري: كمين صيد الثعابين يعكس فشلا استخباريا وميدانيا للقوات الإسرائيلية
  • ميقاتي يطالب بوقف الخروقات الإسرائيلية والانسحاب الفوري من المناطق الحدودية
  • إيران تدين الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على اليمن
  • حديث جديد لـ الاحتلال الإسرائيلي بشأن ميناء الحديدة وأهداف أخرى له في اليمن
  • من دير ياسين إلى غزة.. آلة القتل الإسرائيلية مستمرة بحق الفلسطينيين
  • المركزي الإيراني: النمو الاقتصادي في إيران انخفض إلى النصف تقريبا
  • النيابة العامة الإسرائيلية: نتنياهو متورط بشكل واضح في قضية الرشوة