صحيفة الاتحاد:
2025-04-22@17:21:03 GMT

شيخة الجابري تكتب: أن تفعل ما تُحِب

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

ليس معنى أن تفعل ما تُحب أن تتعدى على حدود ما لا يُحبّه غيرك، بمعنىً آخر، ليس من المنطق أن تستمع إلى أغنية تحبها وسط جمع من الناس وبصوت مزعج وضجيج لا يُطاق، الأصل في ذلك أن تجلس في مكان هادئ يخصك وحدك وتستمع لما تحب في الوقت الذي يناسبك، وبمتعة عالية لا تؤذي فيها من حولك، وتشحن فيها طاقتك الإيجابية إذا كان هدفك من الاستماع الاستمتاع.


وليس من المنطق مثلاً أن تجلس في جماعة وتنشغل عنهم بالحديث في هاتفك النقال، أو الجلوس في زاوية ما بعيداً عمن يشاركونك المجلس، أو أن تستحوذ على أحد الجالسين في حديث جانبي يُلفتهم نحوك، فمن آداب المجالس أن يحترم الحضور بعضهم، وألّا يتجاوز أحدهم حدود التعامل مع الآخرين أو يأتِ بسلوك ينفّر الأصدقاء منه.
وبمناسبة المنخفضات الجوية الماطرة والتي تبدأ شدّتها كما تقول الأرصاد غداً، حيث يدخل على البلاد منخفض جديد يسمى الهدير، فإنه من الواجب عليك أن تلتزم وغيرك بالتنبيهات والتحذيرات الصادرة عن الجهات المعنية في الدولة في عدم الخروج من المنزل أثناء ذروة الحالة، وعدم المجازفة بعبور الوديان والدخول إلى الأماكن التي تغمرها المياه، فإن ما تفعله عندها هو أن تنصاع إلى تحقيق ما يُحبه غيرك لك، حرصاً على سلامتك، لا ما تُحبّه أنت، وهو الذي قد يعرض سلامتك للخطر.
وهكذا نقيس أساليبنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا في الحياة التي نتشارك فيها مع الآخرين كل الأحداث والمواقف التي تمر بنا ويتلقاها كل فردٍ منّا بأسلوب وطريقة تختلف عن الآخر، ومن هنا ولأن الحياة شراكة مع الآخرين فأمر إنجاحها من الأهمية بحيث يحقق التناغم، ويضمن الانسجام، فتكون علاقاتنا الإنسانية قصيدة شعر، أو مقطوعة موسيقية هادئة مُنسابة تُشبه شروق الشمس عند صباح تطلُّ فيه على موجة تعانق الأرض، وتغازل السماء.
مثل تلك الطرق المُثلى في التعامل كفيلة بأن تجعلك مَثار إعجاب أو تقليد فالمرء يقلّد السلوك الحسن، ويتمنى لو كان هو من قام بفعلهِ، لذا تأتي المحبة فوق كلّ شيء، لكنها مشروطة بعدم التعدي على ما يحبّه الآخرون، فليس بالضرورة أن يتفق كل الناس على أمرٍ واحد، أو سلوك معيّن، فالأصل في القاعدة التشارك في الحياة باحترام وتقدير ومحبة، وانتظامٍ في الفعل وما يتمخض عنه من نتائج.
هكذا تكون حياتنا جميلة، مفعمة بالحركة، والانسيابية، تلك التي تجعلك تفعل ما تُحب، دون التعدّي على ما لا يُحبّه غيرك، ودمتم بخير.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: عيدٌ إماراتيٌّ سَعيد شيخة الجابري تكتب: لا تخدشوا براءة الأطفال

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: شيخة الجابري أحوال

إقرأ أيضاً:

منى أحمد تكتب: شم النسيم عيد كل المصريين

شم النسيم من أقدم الأعياد التى يحتفل بها الشعب المصري مع إشراقة شمس الأثنين التالى ليوم أحد القيامة المجيد ، وهو عيد مختلف وله خصيوصية شديدة عن بقية الأعياد الوطنية والدينية ،فهو الأكثر زخما الذى  يستوعب  كل المصريين باختلاف طبقاتهم الاجتماعية وانتماءاتهم السياسية والأهم أنه الطقس الاحتفالي الوحيد الذى يجمعهم  منذ آلاف السنين ، بمختلف عقائدهم  الدينية دون أن يلبس ثوبا عقائديا على الإطلاق .
شم النسيم رمز للعيد المصري الخالص والخاص بهم فقط الذى يشبههم ولا يشبه غيرهم، خرج من رحم الطبيعة المصرية ليتأصل في الوجدان ليس كمورث حضاري احتفالي ولكن كجزء من التركيبة الجينية للمصريين .
وشم النسيم هذا العيد الذي يؤرخ له مع نشأة الإنسانية ، رغم بساطته إلا أنه يعكس عبقرية  فريدة فى الحفاظ على الهوية المصرية المتفردة  التى لم يستطع أحد أن  يغيرها او يهزمها.
 

مصر اِستطاعت أن تستوعب كل الثقافات الوافدة المتعاقبة، عبر تاريخها وجعلتها تنصهر داخل هوامش خصوصيتها الحضارية  وكانت الأقوى والأعمق رقيا و فكريا و علميا ،فهى  تغير و لا تتغير ، هي  التى تمصر كل آتٍ جديد،  تحتويه ثم تشكله وتفرزه منتجا مصريا صميما ، ولذلك لم تستطع الموجات الاستعمارية التى توالت على مصر أن تقهر الهوية المصرية،  فقد شكلت حائط صد منيع ضد كل من حاول الاقْتراب من مفرداتها الحضارية. 
 

عندما اعتنق المصريون المسيحية ، أخرجوا منه نسختهم  القبطية الخاصة بلون حضارتهم ومصريتهم، وعندما دخل الإسلام مصر  مصّرت مصر الإسلام كما فعلت مع المسيحية، فقُرا القرآن باللهجة المصرية، واعتنق المصريون الإسلام بإرثهم  التاريخي ، فحافظوا علي ثوابت معتقداتهم الدينية  لكن فى ضوء مخزونهم الحضاري ، و هو سر أسرار الشخصية المصرية  التى استجابت للمتغيرات لكن فى إطار  مغلف من الخصوصية شديدة التفرد .
 

جمعت الهوية المصرية  الفرعونية على امتدادها التاريخي  بين مختلف الثقافات والديانات وكونت كل هذه التنويعات الحضارية مخزون إنساني ، أفرز لنا شخصية ذات طابع متميز متماسك يصعب بل يستحيل تشابهها،  فاستطاعت أن تتخطى الفوارق العقائدية والعرقية، فى دلالات واضحة على عمق تراثها  شديد الثراء، الذى حفظ لها طبيعتها الفريدة  غير القابلة للتكرار أو النسخ  حتى ولو أصابها الوهن وهى واحدة من تجليات العبقرية المصرية، التى تفسر عظمة الشخصية المصرية المحبة للحياة والبهجة،  والمستأثرة  بحالة إنسانية ووجدانية خاصة جدا .


وشم النسيم سيمفونية مصرية فرعونية الأصل،  برهنت علي قدرة و استثنائية الهوية المصرية على الصمود في وجه كل من يحاول أن يعبث بالثوابت المتأصلة في الوجدان المصري ، وجسد النموذج وظل يتنقل عبر أكثر من 5 آلاف عام  من جيل لآخر  بنفس الطقوس والعادات والتقاليد بل والتفاصيل ، في شكل يشبه الأعياد القومية الكرنفالية ، ووحّد بين الجميع في كيان واحد متجانس  بطريقة تثير الإعجاب والدهشة في آن واحد .
 

الهوية المصرية متفردة الطابع  وحالة إنسانية ووجدانية خاصة جدا غير قابلة للاختزال أو التجزئة، وهو ما أكده واحدا من عباقرة نتاج  هذا المزيج الحضاري  د .طه حسين في كتابه الأبرز مستقبل الثقافة المصرية، حيث يرى أن الهوية المصرية ظلت تحافظ على حريتها دون جمود ، تشكل ذاتها دون أن يستطيع أحد تشكيلها  عنوة او قهرا فهذا الأصيل على مدار حضارته الممتدة لآلاف السنين  لم يتحول من نص مقدس إلى مطية،  وللهوية المصرية فصول من  العشق كل عام وانتم بخير.

مقالات مشابهة

  • تحليل: ماذا تفعل قوات الفضاء الأمريكية فعليا؟
  • تحليل: أحدث فروع الجيش الأمريكي ماذا تفعل قوات الفضاء الأمريكية فعليا؟
  • سموتريتش: الوقت قد حان لمهاجمة غزة ومن يتلاعب بنا سنقضي عليه ولا مبرر لوجود الحكومة إن لم تفعل هذا الأمر
  • «دبي للثقافة» تعلن إطلاق العمل الفني «وقفات متروية» للفنانة شيخة المزروع
  • موسكو في قلب "مفاوضات النووي".. ماذا تفعل بين واشنطن وطهران؟
  • «الريادي المنفرد».. بريق الحرية أم عبء الوحدة؟
  • هبة عبد العزيز تكتب.. لنفرح ونبتهج.. عيد فصح مجيد
  • عرض حياة الآخرين للخطر.. الداخلية تضبط «طفل» قاد سيارة والده بالجيزة
  • شيخه الجابري تكتب: الإمارات في الرباط
  • منى أحمد تكتب: شم النسيم عيد كل المصريين