الدكتور سلطان القاسمي يكتب: بين جيلين
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
كنت طالباً في كلية الزراعة بجامعة القاهرة، في السنة الثانية من الدراسة 1966م - 1967م، وقد لاحظنا، نحن الطلبة الاختلاف بين الجيلين: جيل فترة الملك فاروق، وجيل الرئيس جمال عبد الناصر، والتعبير عن ذلك الاختلاف بين أساتذة الكلية، بالتغامز والترامز.
الدكتور أسامة أستاذ مادة الاقتصاد، وهو رئيس لجنة الاتحاد الاشتراكي في منطقة الجيزة.
الدكتور عبد اللطيف بدر الدين، أستاذ مادة علم المواشي (الأبقار والجاموس)، غير المتفرغ، نال درجة «البكالوريوس» في الزراعة عام 1940م، من جامعة «أكسفورد» ببريطانيا، وكان عميداً لكلية الزراعة بجامعة القاهرة سابقاً، وكان يحضر إلى كلية الزراعة ماشياً من الزمالك إلى كلية الزراعة في مدة ساعة وربع الساعة، وكذلك عند الرجوع إلى الزمالك، والمسافة بين المكانين ستة كيلومترات تقريباً.
سلطان في سنة أولى بكلية الزراعة بجامعة القاهرة عام 1965- 1966كان بعض الأساتذة، يحبون أن يتحدثوا إلى الطلبة قبل إلقاء المحاضرة.
قال الدكتور أسامة:
حسن أفندي عبد السلام: موظف في إحدى المصالح الحكومية، ومن بداية الدوام، كان يردد دون أن يعمل: الحكومة نسيتنا، ولم تلتفت إلينا، بينما الملفات ترد إلى منضدته تباعاً، حتى يختفي حسن أفندي عبد السلام بين الملفات، وهو يردد الحكومة نسيتنا!!!
بينما الحكومة تفتكره آخر كل شهر.
حسن أفندي عبد السلام: يخرج بعد ظهر يوم الدوام إلى شوارع القاهرة المزدحمة، وقد لسعت شمس ذلك الصيف صلعته، فما كان منه إلّا أن أخرج منديله من جيبه وأمسك به بكلتا يديه، وعمل منه مظلة فوق رأسه، وكذلك كان يمشي في شوارع القاهرة، وكلتا يديه إلى الأعلى.
حسن أفندي عبد السلام، بعد أن اشترى بطيخة (جحة)، هرول إلى محطة الحافلات، وإذا بالحافلة قد تحركت، فأسرع إليها ليتعلق بالمقبض عند الباب الخلفي باليد اليسرى، والرجل اليسرى على درج الباب الخلفي، واليمنى تتدلى، أما باليد اليمنى فقد أمسك بالبطيخة يدفعها إلى خصره، وهي تلف وتدور.
سلطان مع زملائه في بساتين كلية الزراعة «سنة ثالثة»ذلك هو حسن أفندي عبد السلام !!!
أما الدكتور عبد اللطيف بدر الدين، فكان يقول: كنت أدرس في جامعة «أكسفورد» ببريطانيا، وقت وصلت رسالة أستاذ مادة علم المواشي في كلية الزراعة بجامعة «أكسفورد» من الحاكم العام الإنجليزي لإحدى الدول يقول فيها: أفيدونا كيف نصلح ماشيتها؟
طلب أستاذ تلك المادة من الطلبة، وكنت واحداً منهم، الإجابة عن ذلك السؤال.
بعد مدة أسبوع وبعد أن حضرنا إلى محاضرة أستاذ مادة علم المواشي، تمّ تسليم الأبحاث التي قام بها الطلبة، بوضعها على منضدة أمام أستاذ مادة علم المواشي.
سلطان في سنة أولى بكلية الزراعة بجامعة القاهرة عام 1965- 1966أمر أستاذ مادة علم المواشي من مساعد له، أن يقوم بإبعاد كل الملفات، وقال:
«ليس بها الجواب المفيد».
والتفت إلى مساعده وقال له: اكتب إلى الحاكم العام الإنجليزي لتلك الدولة:
«إذا أردت أن تصلح الماشية، فأصلح أهلها أولاً».
ما أحوجنا في هذه الأيام لتلك النصيحة.
الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة
الصورةالمصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات حاكم الشارقة
إقرأ أيضاً:
الدكتور محمد عبد الوهاب يكتب: هل يُعد قرار الفيدرالي بشراء السندات قصيرة الأجل بداية انتعاش اقتصادي عالمي؟
في خطوة مفاجئة تحمل بين سطورها الكثير من الرسائل، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بدء شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة 40 مليار دولار شهريًا، فهل نحن أمام تدخّل فني لضبط السيولة؟ أم أن هذه الخطوة تمهّد لانعطاف في الدورة الاقتصادية العالمية؟ في هذا المقال، نقرأ ما وراء القرار، ونحلّل إشاراته وتأثيره الحقيقي على الأسواق.
في 10 ديسمبر 2025، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أنه سيبدأ في شراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة نحو 40 مليار دولار شهريًا، اعتبارًا من 12 ديسمبر، بهدف ضمان وفرة السيولة في النظام المالي وتحقيق السيطرة الفعالة على أسعار الفائدة.
هذه الخطوة تأتي مباشرة بعد نهاية برنامج التشديد الكمي (QT) الذي خفّض ميزانية الفيدرالي من نحو 9 تريليونات دولار إلى نحو 6.6 تريليون دولار خلال السنوات الماضية.
القرار ذاته يحمل منحى فنيًا بحتًا وفق تصريحات باول، وهو ليس إعلانًا عن تغيير في السياسة النقدية،
لكنه إجراء يهدف لضمان وفرة الاحتياطيات لدى البنوك، بعد ضغوط متكررة في أسواق التمويل قصيرة الأجل.
من زاوية الأسواق المالية، يمكن قراءة هذا التحرك كتخفيف غير رسمي للسيولة:
- السيولة الإضافية قد تُسهّل الإقراض وتدعم أسواق المال.
- انخفاض الضغط على أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
- احتمالية تجنّب ارتفاعات مفاجئة في معدلات “ريبو” أو تمويل بين البنوك.
الإجابة على ما إذا كان هذا القرار يمثل بداية انتعاش اقتصادي عالمي ليست قطعية، بل ميسّرة بين إشارات إيجابية وحذر.
جانب التفاؤل:
- ضخ 40 مليار دولار شهريًا يعكس رغبة في منع اشتداد الضغوط السوقية قبل دخول الأسواق فترة تقلبات نهاية العام.
- هذا الإجراء قد يخفّف من تكلفة الاقتراض قصيرة الأجل ويمنح المستثمرين ثقة أكبر.
جانب الحذر:
- الخطوة لا تُصرح بأنها إجراء تحفيزي صريح بقدر ما هي تدبير تقني للحفاظ على الاستقرار.
- استمرار السيولة يتطلب مراقبة تأثيرها على التضخم قبل اعتبارها بوادر انتعاش حقيقي.
الخلاصة، فإن قرار الفيدرالي بشراء سندات خزانة قصيرة الأجل بقيمة نحو 40 مليار دولار شهريًا ليس إعلانًا عن دورة تحفيز جديدة،
لكنه يعكس رغبة البنك المركزي في الحفاظ على استقرار السوق واستمرارية السيولة. هذا التحوّل يمكن أن يكون إشارة مبكرة نحو تقليل مخاطر النظام المالي،
وقد يساهم في تهدئة الأسواق، لكنه ليس وحده كافيًا لإعلان بداية انتعاش اقتصادي عالمي. إنما هو خطوة استباقية قد تفتح المجال لتطورات إيجابية إذا تبعها تحسن في النمو والطلب العالمي.