مقدمة تلفزيون "أل بي سي"
ضاعت حسابات الربح والخسارة بين ايران واسرائيل,وهما تواجهتا مباشرة للمرة الاولى على مدى خمس ساعات. ايران تحدثت عن تحقيق الهدف المحدد, والقريبون منها تحدثوا عن تغيير قواعد الاشتباك مع العدو. لكن ما لم تقله ايران وحلفاؤها مرتبط بالهدف وما تحقق منه، وهو هزيل... الا اذا كان المطلوب فعلا الا يسقط في ارض العدو اكثر من بضعة صواريخ من اصل هجوم بمئات منها ومن والمسيرات, اطلقت من ايران على مواقع عسكرية اسرائيلية ,من دون ان توقع اصابات.
في حسابات اسرائيل التي ادعت الانتصار ايضا, الحسابات مختلفة، فاسرائيل احتاجت لمساندة الولايات المتحدة , بريطانيا وفرنسا, اضف اليها الاردن لافشال الرد الايراني ...وهي ولو تمكنت من اعادة توحيد صفوفها الداخلية في مواجهة الضربة الايرانية,واعادة التحالف الغربي معها, و اعادة احياء فكرة ما تسميه تحالفا دوليا في مواجهة ايران,وجدت نفسها امام الخط الاحمر الاميركيّ: ممنوع الرد على الرد الايرانيّ. وهنا دور المايسترو الذي تلعبه واشنطن.
-فهي اولا باتت تعرف بحسب المحللين العسكريين الذين يدرسون الضربة ,قدرات ايران الهجومية وقدرات اسرائيل الدفاعية .
-وهي وضعت الطرفين امام سيناريو ربح افتراضي لكل منهما .
اما الاهم بالنسبة للادارة الاميركية , فمنع الانجرار الى توسعة الحرب,ووقف التوتر,والسعي لاعادة طرفي النزاع الى هدوء وتفاوض يؤدي الى حل دائم على مستوى المنطقة ككل,قد تستكمل معالمه في سلطنة عمان حيث تتفاوض اصلا واشنطن وطهران ولو غير مباشرة.
مقدمة تلفزيون "أم تي في"
الضربة العسكرية الايرانية لم تكن بالمستوى المتوقع، ولا على قدر التهديدات التي اُطلقت. صحيح انها شكلت اول مواجهة مباشرة بين اسرائيل وايران. وصحيح انها نجحت في احداث صدمة داخل الشارع الاسرائيلي، اذ غيرُ قليلٍ اطلاقُ حوالى 170 مسيّرة و140 صاروخا, وتوجيهُها نحو اهداف داخل العمق الاسرائيلي على دفعات متتالية. لكن في الجوهر الضربة فشلت. فاكثر من سبع وتسعين في المئة من المسيّرات والصورايخ انفجرت قبل ان تبلغ اهدافَها، ما جعل الضربة الايرانية مجرد استعراض شكلي، بحيث لم تُبدِ طهران، في التحليل الاستراتيجي، جهوزيةً لازمة لا تقنيا ولا لوجستيا. هل هذا يعني ان الهجوم الايراني مسرحية فاشلة؟ لا يمكن قولُ ذلك. لكن الواضحَ ان واشنطن ضبطت رد طهران الى الاخر، فجاءت ضربة ايران في الامس، كضربتها في العام 2020 ضد قاعدة عين الاسد الاميركية ردا على اغتيال قاسم سليماني، اي ضربة الحد الادنى من ناحية الخسائر اذ لم تلحق اي اصابة بالاسرائيليين. معنوياً، استعادت ايران ثقةً كادت تفقدها عند دول الممانعة، لكنها خلقت من جديد تعاطفا دوليا مع اسرائيل فقدت الاخيرة قسما كبيرا منه بعد ممارساتها في حرب غزة. والسؤال الاكبر: ماذا بعد؟ اي هل سترد اسرائيل على الضربة الايرانية، ام تعتبرها ضربة لرفع العتب ولا تستحق الرد؟ البداية من تفاصيل الهجوم الايراني.
مقدمة تلفزيون "المنار"
عبروا .. اضاؤوا ليل الامة ووصلوا.. ومع مآذن القدس وغزة كبروا.. انا من المجرمين منتقمون..
بخيبر الصاروخي الذي اعاد يوم خيبر، وشاهد التي وصلت فكانت شاهدا على عصر جديد، وببعض من البأس وكثير من الحسم ، كان الايراني صادق الوعد، وكان الصهيوني فاقد القدرة والعزم، وكان يوم جديد اجمل ما فيه ان هيبة الكيان العبري سقطت..
يوم من ايام الله، هو سبت جديد بطوفان جديد. على اسم الله ورسوله افتتحه الحرس الثوري للجمهورية الاسلامية الايرانية، لن يستفيق منه الصهيوني الجريح، ولن يداويه كل الحضور الاميركي.
اجتمع الاميركي مع نصف النيتو بمنظومتهم الدفاعية، وحضور لبعض انظمة المنطقة لمساعدة الصهيوني على سبته الاسود، وما استطاعوا ان يمنعوا عنه العقاب، فوصلت الصواريخ الايرانية التأديبية بدءا من قاعدتي نافيتيم ورامون الجويتين في النقب المحتل، وصولا الى مقر حرمون الاستخباراتي في جبل الشيخ، وكلها قواعد مشاركة بضرب القنصلية الايرانية في دمشق، اكد خلالها الايراني انه قوة صعبة في المعادلة الدولية ودولة ذات سيادة وقرار، واسقط عن الصهيوني زيف القوة وجبروت التصريحات، فاثبت للعالم ان هذا الكيان غير قابل للحياة الا بمساعدة الاميركي، بل جموع دول الاستكبار.
لن يؤخذ على الصهيوني العالق تحت الصدمة انكاره للواقع الجديد، ويكفي الاستماع لسيده الاميركي الذي شاركه الكذب لمحاولة التخفيف من الصفعة الايرانية، لفهم حجم الدمار الذي اصاب هيبة الكيان، على ان يتكفل باظهاره تباعا القادم من الايام..
وان كانت التصريحات الاميركية تتحدث عن عدم سعيها للتصعيد في الشرق الاوسط ، فان خلاصة الموقف الصهيوني حتى الآن الاحتفاظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين كما اشار عضو مجلس الحرب بيني غانتس.
اما الموقف الايراني الواضح الصريح عبر كبار القادة السياسيين والعسكريين بان المعادلة من اليوم فصاعدا هي ان اي استهداف لايران ومصالحها ومواطنيها اينما كانوا ومن اي كان سيترتب عليه رد ايراني – وان عدتم عدنا بقي الشعار ..
وفيما استشعر الفلسطينيون بقوة النصير الايراني، وخاب بعض المتواطئين الداعمين للصهيوني في المنطقة، عبر بعض الغرب عن القلق، ورأت روسيا بالرد الايراني حقا سياديا كفلته المواثيق الدولية وفق المادة الواحدة والخمسين من ميثاق الامم المتحدة.
مقدمة تلفزيون "أو تي في"
ردت ايران ليلا على استهداف قنصليتها في دمشق وقتل عدد من قادتها العسكريين البارزين في المنطقة. وعلى الفور سارع البعض الى وصف ما جرى بالمسرحي، انطلاقا من عدم تحقيق اصابات مادية او بشرية ضخمة، كما كان يَنتظِر، مناقضا بذلك حتى الاعلام الاسرائيلي والاميركي الذي وصف الحدث بالتاريخي. اما البعض الآخر، فهلل للتطور الكبير، مبالغا في توقع اتساعه ليشمل ايضا تدخلا عسكريا اوسع من حلفاء ايران في لبنان والعراق واليمن.
اما واقعيا، فمن الواضح ان الساعات الاخيرة لم تكن عادية في تاريخ المنطقة والعالم. فهو اولا اول تدخل ايراني مباشر على خط المواجهة المندلعة مع اسرائيل اثر عملية طوفان الاقصى قبل ستة اشهر تقريبا، وهو مؤشر الى الاسوأ الذي قد يأتي اذا ظل الصراع متفلتا كما هو عليه اليوم. وهو ثانيا، اعادة رسم للجغرافيا السياسية في المنطقة، حيث كرس الدور المتقدم لايران، على حساب تراجع ادوار دول كبرى عربية وغير عربية. وهو ثالثا، يشكل فرصة يمكن ان تشق طريقا للحل على قاعدة “اذا ما بتكبر ما بتصغر” و”اشتدي يا ازمة تنفرجي”، خصوصا بعد التوازن الواضح الذي ارساه بين اسرائيل والولايات المتحدة ومحورهما من جهة، ومحور المقاومة من جهة اخرى.
لكن مهما يكن من امر، يبقى الاساس بالنسبة الى لبنان الذي يصطف طبيعيا في المقلب المناهض للعدو، ان يحفظ ما تبقى من دولة، على أمل النهوض عندما تتحسن الظروف.
مقدمة تلفزيون "الجديد"
ضربة ايرانية بقفازات دبلوماسية .. قد تنتهي الى احتوائها اسرائيليا بعد استيعابها اميركيا وتعميمها من المحيط الى الخليج. فالصواريخ المهداة من ايران الى اسرائيل في الليل المسير من شأنها ان تسدل الستار على الزمان والمكان المناسبين لتبدأ المنطقة مرحلة جديدة الكل كان عالما بأمرها وهو وقع على مسارها. فايران نفسها اعلنت عبر وزير خارجيتها حسين امير عبد اللهيان انها و قبل اثنتين وسبعين ساعة ابلغت أصدقاءها وجيرانها في المنطقة بعزمها على الرد. والاصدقاء الكثر لم يألوا جهدا في ابلاغ من يعنيهم الامر ان الصواريخ قادمة, فيما اتخذت دول صديقة وضعية القبة الحديدية بالوكالة, أما الولايات المتحدة فقد لعبت دور ضابط الايقاع وشرطي المنطقة .. فدفعت عن اسرائيل نار الصواريخ من جهة واخطرت القيادة الاسرائيلية من الجهة المقابلة ان اميركا لن تشارك بهجوم مضاد على ايران كما اعلن البيت الابيض. والبيت ظل ابيض القرار واتبع اسلوب التكتيك السياسي اللاعب على خطي النار ورمادها فالرئيس الأميركي جو بايدن أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي أجراه معه عقب الرد الإيراني ، أن واشنطن ستعارض أي هجوم إسرائيلي ضد إيران ووفق موقع اكسيوس فقد تفهم نتنياهو الموقف الاميركي وهذا التفهم ابقى على الصراع قيد التحكم الدولي اذ ضمدت اسرائيل جراحها وقالت عبر وزير حربها يوآف غالانت إن "احتواء الهجوم كان مثيرا للإعجاب والأضرار كانت طفيفة. ومستوى التفهم وصل الى شبكة تواصل بين طهران ووشنطن حيث اكدت ايران انها ابلغت البيت الأبيض في رسالة هذا الصباح بأن عملياتها محدودة وتهدف إلى الدفاع المشروع بوجه النظام الإسرائيلي ومعاقبته ولم تستهدف في هجومها خسائر بشرية واقتصادية. وبالنسبة الى ايران فقد سجلت انها للمرة الاولى تواجه اسرائيل وتلعب بسمائها عسكريا وتضرب قواعد انطلقت منها عملية الاعتداء على قنصليتها في دمشق ونقطة انتهى. والنهاية ايضا رسمتها مواقف دولية عالية القرار فاجتمعت الدول السبع .. وادلى الناتو بدلوه .. وحركت بريطانيا اتصالاتها مع طهران للتهدئه, وتبرع المجلس الاوروبي بالدعوة الى ضبط النفس. واذ أدان رئيس المجلس باسم مجموعة الدول السبع الهجوم الايراني على اسرائيل, وجد ان الازمة الاساسية هي في غزة واعتبر ان انهاءها في اقرب وقت سيحدث فارقا في المنطقة. وتخفيض منسوب التوتر لعب عليه الرئيس الاميركي قبيل الاجتماع السباعي واعلن انه سيتواصل مع نظرائه في مجموعة السبع لتنسيق رد دبلوماسي موحد على هجوم ايران الذي وصفه بالوقح. وبمجرد الكلام عن رد دبلوماسي فهذا يعني ان اميركا والدول السبع استبعدت الخيارات العسكرية ودعت في بيان لها الى مواصلة العمل على استقرار الوضع وتجنب اي تصعيد في المنطقة. واكتفت الدول الصديقة لاسرائيل بان تكون لاعبة في الفضاء لالتقاط الصحون النارية الايرانية الطائرة قبل انفجارها. واذ يجتمع مجلس الحرب الاسرائيلي في هذه الاثناء لبحث خيارات الرد, فان هناك من اقترح داخل الحكومة الاسرائيلية بان يكون الرد سيبرانيا غير انه لو اراد الذهاب الى حرب لفعل منذ اول صاروخ ايراني , وسيكون الاسرائيلي مقيدا ايضا بعوامل داخلية وبمواقف الخارج الباحث عن استقرار المنطقة. اما مجلس الحرب اللبناني فيتعذر الوصول اليه بداعي السفر وتعطل حركة الملاحة لكن الرئيس نجيب ميقاتي وجه الدعوة بمن حضر لعقد جلسة سواء تشاورية او رسمية حكومية بنصابها المعهود لبحث الوضع اللبناني عقب الضربة الايرانية وانتظار رد اسرائيل
مقدمة تلفزيون "أن بي أن"
فعلتها الجمهورية الإسلامية ... وفي الزمان المناسب والمكان المناسب كان الرد المناسب على استهداف العدو الإسرائيلي قنصليتها في دمشق. بعد أسبوعين على هذا الإستهداف جاءت عملية (الوعد الصادق) مدوِّية. وإذا كانت مسيّراتها وصواريخها قد انهالت بالمئات على كيان الإحتلال فإن أصداءها ترددت في أربع رياح الأرض.
متفجرات الهجوم الإيراني توزعت على مناطق عدة في طول الكيان وعرضه من تل أبيب وإيلات وديمونا إلى بئر السبع والنقب .....
أما الأهداف فكانت مواقع وقواعد عسكرية إستراتيجية تكتم العدو إلى أبعد الحدود على نتائجها وبلغت به المبالغة حد الزعم أنه اعترض تسعةً وتسعين بالمئة من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية. لكن حتى المقذوفاتُ الإعتراضية التي استخدمها جيش العدو خلال الهجوم بلغت كلفتها رقماً باهظاً يربو على مليار وثلاثمئة مليون دولار بحسب وسائل الإعلام العبرية.
مهما يكن من أمر فإن إسرائيل لا تزال تحت هول صدمة الهجوم غير المسبوق الذي سيحفر عميقاً في بنية هذا الكيان. ومهما يكن من أمر أيضاً فإن الحرس الثوري بدا راضياً عن النجاح الذي حققته هذه الضربة. وحذر مسؤولون سياسيون وعسكريون إيرانيون ولا سيما الرئيس إبراهيم رئيسي إسرائيل من أن أي مغامرة جديدة ترتكبها ستقابَل برد فعلٍ أثقل.
على الضفة المقابلة بدت الولايات المتحدة كمن يمنِّن إسرائيل بعد إعلانها مساعدتها في إسقاط مسيّرات وصواريخ إيرانية.
ومن هذه النقطة إنطلق جو بايدن - ومعه وزيرا الخارجية والدفاع وآخرون - لإعلان رفض اي رد هجومي إسرائيلي على طهران لأن واشنطن لا تسعى إلى تصعيد مع الجمهورية الإسلامية.
وفيما تحضر تطوراتُ الساعات الأخيرة في جلسة طارئة لمجلس الأمن مساء اليوم صدرت دعوات دولية إلى ضبط النفس وبرز موقف روسي يدافع عن الهجوم الإيراني الذي جاء في إطار الحق في الدفاع عن النفس.
قبل هذا الهجوم وبعده واصلت قوات الإحتلال إعتداءاتها على لبنان وبلغت غاراتها الجوية إقليم التفاح والنبي شيت في البقاع.
وارتباطاً بالتطورات العسكرية دعا الرئيس نجيب ميقاتي إلى جلسة طارئة لمجلس الوزراء غداً واضعاً الدعوة في تصرف جميع الوزراء.
لكن مصادر أبلغت الـNBN بأن الوزراء المقاطعين لن يلبوا دعوة ميقاتي إلى الجلسة مهما كان عنوانها وألاّ عودة عن قرارهم بالمقاطعة بحسب ما تؤكد مصادرهم.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الضربة الایرانیة مقدمة تلفزیون فی المنطقة فی دمشق
إقرأ أيضاً:
مقدمات على طريق المقاومة الحضارية الشاملة.. قاموس المقاومة (51)
تقدم المفاهيم الأساسية (المفتاحية) دورا حيويا في عمليتي الإدراك والتلقي والقدرة على ترقية وترشيد الوعي وتفعيل وتسديد السعي، ومن أهميتها ما يلي:
1- فهم أعمق، إذ تساعد المفاهيم الأساسية المتلقي على فهم الموضوعات بشكل أعمق، بدلا من مجرد حفظ المعلومات.
2- توجيه التفكير الذي يسهم في توجيه المتلقي للمفاهيم المفتاحية، حيث توفر إطارا يمكنهم من خلاله تنظيم المعلومات الجديدة وربطها بالمعرفة السابقة والآنية واللاحقة.
3- تعزيز التفكير النقدي: تشجع على التفكير النقدي والتحليلي، مما يساعد المتلقي على تقييم المعلومات وفهم العلاقات بينها، وتحديد الساحات والمساحات لتفعيلها، واتساع البدائل وطرائق خياراتها وإعمالها.
4- تيسير التلقي الذي يجعل عملية التلقي أكثر سلاسة، حيث يمكن للمتلقين الاعتماد على المفاهيم الأساسية كدليل تفكير وتدبير وتسيير وتغيير وتأثير أو بعض من ذلك أثناء استكشافهم لموضوعات جديدة؛ وطرائق متعددة وأساليب متنوعة وتصنيع بدائل متجددة.
5- التفاعل بين امتدادات المعرفة وتنوع جهاتها ومجالاتها؛ إذ تعزز من القدرة على الربط بين مفاهيم متعددة، مما يتيح للمتلقي رؤية الصورة الكاملة والارتباطات في المجالات المختلفة.
6- التعلم المستدام والعطاء المستمر؛ حيث يمكن استدعاء المفاهيم الأساسية المفتاحية في سياقات مختلفة على مر الزمن ضمن سياقات ومنتظمات متكاملة بين الفكرة والخبرة والعبرة.
بذلك، فإن المفاهيم الأساسية هي عنصر محوري في بناء المعرفة وتعزيز القدرة على التلقي الفعّال والعمل المستدام.
وعلى ذلك نقترح مفهوما مفتاحيا يخرج الأمة من حالة الغثائية التي تعيش فيها، إلى حالة جهادية مقاومة شاملة وفاعلة؛ ألا وهو مفهوم "المقاومة الحضارية الشاملة". وهي ليست رص كلمات أو أوصاف بل هي استلهام من الآية الكريمة "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا" (العنكبوت: 69). فهذه الآية تتضمن مخاطبين "الَّذِينَ" وفعل جمعي "جَاهَدُوا"؛ أما "فِينَا" فتشير الى أقصى فاعليات العمل الإيماني المستحضر لعقيدة التوحيد وسعة التكليف وفاعلية التأثير؛ أما "لَنَهْدِيَنَّهُمْ" في هذه الحالة الجمعية للفعل الحضاري الشامل مقترنا بحال الهداية الجامعة والفاعلة؛ أما "سُبُلَنَا" فهي السبل الناتجة عن حق الجهاد إخلاصا لله سبحانه وتعالى وتوحيده ومقتضيات هذا التوحيد تكليفا والتزاما؛ عن هذا النهج الهادي للسبل والطرائق والأساليب والأدوات والإعداد والاستمداد؛ والمهتدي بالعمل فعلا؛ وعيا وسعيا؛ إدراكا ونشاطا؛ سعة واتساعا؛ وبدائل وأشكال وأوعية.
يأتي تأصيل المقاومة الحضارية الشاملة من خلال ما يمكن تسميته تكامل الفروض والواجبات بين العيني والكفائي، إذ يشير هذا الأمر الى منطقة لم يُهتم بها الاهتمام الكافي والضافي ألا وهي حراك الفروض؛ بين الواجب والفرض العيني، والواجب والفرض الكفائي، حركة الفروض تصنع ما يمكن تسميته التساند والتكافل بين بعضها البعض في الفروض العينية، تراعى الأبعاد والأدوار الجماعية رغم أنها عينية، إلا أن نقلها وتحريكها إلى سياقات الجماعة للتأكيد على استلهام المعنى التربوي الجمعي
إنه فعل الهداية إلى السبل المقترنة بالله سبحانه، بنسبة الهداية له ونسبة السبل فينا لجلال قدرته وعظيم سعته وعظيم عطائه وآلائه؛ كلمات جامعة؛ دافعة رافعة؛ تهدي طائق التفعيل والفاعلية.. فسبل المقاومة والجهاد كثيرة متعددة ومتنوعة وممتدة ومتجددة تتحرك صوب الفعل الشامل والعمل المتكافل المتكامل؛ المقاومة الحضارية الشاملة بإمكانك العمل والإسهام وفق وعي رشيد وسعي سديد.
ويأتي تأصيل المقاومة الحضارية الشاملة من خلال ما يمكن تسميته تكامل الفروض والواجبات بين العيني والكفائي، إذ يشير هذا الأمر الى منطقة لم يُهتم بها الاهتمام الكافي والضافي ألا وهي حراك الفروض؛ بين الواجب والفرض العيني، والواجب والفرض الكفائي، حركة الفروض تصنع ما يمكن تسميته التساند والتكافل بين بعضها البعض في الفروض العينية، تراعى الأبعاد والأدوار الجماعية رغم أنها عينية، إلا أن نقلها وتحريكها إلى سياقات الجماعة للتأكيد على استلهام المعنى التربوي الجمعي فكان مصطلح صلاة الجماعة، وصلاة الجمعة، والمساجد الجامعة.
كما أن الجماعية في الأداء ترتقي إلى جماعية القبلة، وتحديد البوصلة والوجهة؛ والمشاعر المختلفة الوجدانية التي تجعل من الأداء الجمعي حفزا وتأكيدا على الوجود الجمعي وأهميته وأثره، فضلا عن وحدة الأداء والمحتوى لكل صلاة، بل إن كافة الفروض العينية تؤدى جماعة في الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج (مؤتمر الأمة الأعظم).
وكذا فإن الفرض الكفائي يمكن أن يتحول إلى فرض عين، هذه الحركة يمكن أن تشكل حالة مهمة جدا في المقاومة في الأمة؛ تحفز الكيانية الجماعية والعمل الجماعي الناهض. نحتاج لتفعيل الفروض الكفائية في مجالات جديدة من مثل تفعيل منظومة المفاهيم الضافية التي تضفي على أمر الفروض الكفائية، فتسمى فروض النهوض وفروض التدبير والفروض التكافلية والتضامنية والتعاضدية وفروض الإنماء والترقي؛ مما يسهم في تأسيس بناء رصين لهذه الأمة يفهم معاني الأم في الأمة الذي يرتبط بالهدف والمقصد.
طبيعة الصراع مع الكيان الصهيوني؛ الصراع الشامل والممتد؛ الحضاري والوجودي والمصيري، أكده طوفان الأقصى الذي أوضح أن هناك عدوانا حضاريا شاملا يستوعب المفردات والسبل؛ والأوعية والطرائق والأساليب.. من يقوم بالمقاطعة في المجال الاقتصادي، ومن يقوم بفضح العدو الصهيوني والمتصهينة من العرب والمسلمين، ويكشف خطرهم على وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة؛ إنها معركة شبابنا الناهض والمجاهد ولو بالكلمة والكتابة، ومن يقوم بالإمداد لأهل المقاومة وحاضنتها إنما يشكل سهما أساسيا في عمليات المقاومة "جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ" (التوبة: 88). المقاومة الحضارية الشاملة هي وبعد الطوفان جمع لمعارك التحرير الواجبة من الاستبداد والطغيان؛ والكولونيالية والاحتلال والعدوان. إن الطغاة جلبوا الغزاة، والطغيان والاحتلال ملة واحدة.
إن من مبادئ المقاومة الحضارية الشاملة "لا تحقرن من المعروف شيئا"، إضافة إلى الخماسية النبوية فيما أوتي من جوامع الكلم "الثغر والرباط/ الفسيلة والغرس/ الفأس والعمل/ التمرة والإسهام/ السفينة والاستهام ووحدة العاقبة والمصير"؛ إنها العمل الجماعي المشترك في مواجهة العدوان الباغي بكل صوره وأشكاله؛ للعدوان الصهيوني وما يمارسه من إبادة جماعية، ومجابهة لكل من عاون ودعم هذا العدو بالسلاح والأموال، بل والبشر.
إن المقاومة الحضارية عمل والتزام ونشاط يؤدي إلى استجابات شاملة ومتكاملة لمثل هذه الدعوات، وفق مهام أساسية كلية وحضارية؛ تتمثل في صناعة الوعي، وصناعة الأمل، وفقه الفرص واستثمارها.
المقاومة الحضارية عمل والتزام ونشاط يؤدي إلى استجابات شاملة ومتكاملة لمثل هذه الدعوات، وفق مهام أساسية كلية وحضارية؛ تتمثل في صناعة الوعي، وصناعة الأمل، وفقه الفرص واستثمارها
حمل الطوفان خمس فرص للأمة لن تتكرر، أشرنا إليها في مقال مطول على الجزيرة نت بمناسبة مرور عام على الطوفان: الفرصة العقدية والفرصة الجغرافية؛ فرصة الجغرافيا المقدسة التي تشير الى أرض القدس أرض المسرى والأقصى "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (الإسراء:1)، والفرصة المتعلقة بإعمار غزة باعتبارها مجالا لتقدم الأمة الى تلك السبل والمسارات المتنوعة لذلك وفك الحصار عنها، وفرصة لبناء خطاب كوني جديد يشمل أهل الحرية والإنسانية والأحرار، وفرصة حضارية في فضح الحضارة الغربية والانتقائية في معاييرها ودعمها للإبادة الجماعية لأهل غزة، وفي المقابل وحدة القيم الإنسانية في الحضارة الإنسانية وتفعيله.
إنه المعنى والمغزى الكامن في الوعي والأمل الفسيح والفرصة التي أتاحها لنا الطوفان للتأكيد على معادلات الإرادة والإدارة والعدة؛ وهي أركان القانون السنني لمعادلة الخروج مما نحن فيه "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّة وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ" (التوبة: 46)، لمواجهة التحديات والتعامل مع الابتلاءات ومجابهة الأزمات واستلهام الفرص بالاعتبار والاستثمار.
إن هذا هو السبيل لبناء وتأسيس عدة أمور تُستلهم من "أستاذية المقاومة الفلسطينية"؛ التي تعقد لها الأستاذية ضمن "عبقرية المقاومة" صمودا واستبسالا، واستثمار الحدث وتنوع الوسائل التي اخترعها النموذج الانتفاضي: انتفاضة الحجر الذي حمله الطفل صامد في مواجهة العدو والعدوان، والتي تحولت إلى شواظ والياسين 105 والصواريخ والعبوات والقذائف، ومهما كانت بسيطة فإنها تنال من العدو ومن تبعه. فحتى وإن لم يجد المقاوم شيئا سيقاوم بالأظافر، فاعلم أن المقاومة تدوم ما دام الاحتلال والعدوان ولن يعدم أداة أو وسيلة.
كل ذلك يدل على فقدان الحماية والتأمين للعدو الصهيوني وجماعته، ومهما كان طغيان العدو وعدوانه فإنه لن ينعم بالأمن، فإذا كانت استراتيجية العدو الصهيوني تحقيق الأمن بالردع والقتل؛ فإن استراتيجية المقاومة الحضارية الشاملة لن تأمن في أي زمان أو مكان.
كل هذه الأحداث عبرت عن أستاذية المقاومة فاصطنعت الوسائل وأبدعت الأساليب والبدائل؛ والشاهد على ذلك في الأرض وفي الميدان.
وفي هذا السياق لا بد أن نذكر بمفهوم التشكيلات الوسيطة الصاعد، خاصة حينما تتحول الى عمل إيجابي فعال وتصنع من سياقاتها بيئة حاضنة ومواتية لتلك المقاومة؛ التشكيلات الصاعدة، التي تصعد بالأمة على مدارج النهوض والانبعاث الحضاري لخوص معارك الذاكرة، والمعنى، والمغزى، والنفوذ، والمكنة والمكانة، والقدوة، والرمز؛ وهي معارك تؤكد على أن المفتاح هو المقاومة الحضارية الشاملة، والأمر في تلك المعارك يحتاج منا إلى بيان وتفصيل في درس المقاومة الحضارية الشاملة الذي تعلمناه في مدرسة فلسطين- غزة، ومقاومتها الفاعلة.
x.com/Saif_abdelfatah