واشنطن- كما كان متوقعا في واشنطن على نطاق واسع خلال الأسبوعين الماضيين، ردت إيران عسكريا على الهجوم الإسرائيلي على قنصليتها في دمشق الذي نتج عنه مقتل 7 عسكرين إيرانيين، من بينهم قائد كبير في قوات الحرس الثوري.

ووسط تراجع خشية الكثير من الخبراء الأميركيين أن تدفع الهجمات الشرق الأوسط إلى حافة الهاوية، خاصة بعد تعهد إسرائيل بالرد على إطلاق طهران مئات الطائرات المسيرة والصواريخ على الأراضي الإسرائيلية من داخل الأراضي الإيرانية، تُثار عدة أسئلة في واشنطن حول احتمال شن إسرائيل ضربة انتقامية وسط جدل كبير حول حدود وقدرة إدارة الرئيس جو بايدن في التحكم في رد الفعل الإسرائيلي.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدء عملية طوفان الأقصى، وما تبعها من عدوان إسرائيلي غير مسبوق على قطاع غزة، تعمل إدارة بايدن على منع أتساع رقعة الصراع، واعتبر بعض المراقبين أن التصعيد الأخير ما هو إلا فشل للسياسة الأميركية تجاه المنطقة.

قناة خلفية تعمل بكفاءة

وعقب تدمير إسرائيل قنصلية إيران في دمشق، أدركت واشنطن أن طهران تريد الحفاظ على موقف إقليمي قوي، وأنها لا تريد إشعال حرب شاملة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، مع حتمية ردها على إسرائيل.

وتحدث تاريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي في واشنطن، للجزيرة نت، ردا على سؤال حول طبيعة الرسائل التي توجهها إيران إلى واشنطن من خلال مهاجمة إسرائيل، وقال إنه "من الواضح أن ما حدث تم تنسيقه وترتيبه بين الولايات المتحدة وإيران من خلال القنوات الخلفية. كانت نية طهران إظهار أنها تتحدى الخط الأحمر لإسرائيل بمهاجمتها من الأراضي الإيرانية، لأن إسرائيل تحدت الخط الأحمر الإيراني المتمثل في مهاجمة قنصليتها في دمشق. وبذلك، تعتقد طهران أنها استعادت ردعها دون توسيع الحرب".

ويتفق السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، الذي سبق له العمل في قنصلية بلاده بالقدس، مع طرح بارسي، مؤكدا أن "الشيء الوحيد الذي يثير اهتمامي هو أن طهران وواشنطن تستخدمان بعض القنوات على ما يبدو للحفاظ على نفسيهما من الوقوع في صراع مباشر بينهما. وفي الواقع، لقد أكد النظام الإيراني لإدارة بايدن أنه لن يستهدف القوات الأميركية أو سفاراتها في المنطقة، وهو ما يعد كإشارة جيدة جدا".

توازن إستراتيجي جديد

ويرى مراقبون أن هذا التصعيد في الصراع بين طهران وتل أبيب يؤسس لواقع جديد في المواجهة بين الدولتين. ففي حديث للجزيرة نت، اعتبر خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن الدولتين تحاولان استعادة الردع وإعادة إرساء قواعد متفق عليها لمواجهتهما.

ويضيف أن الرسالة التي ترسلها إيران إلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل هي أنها "لن تقبل بعد الآن العمليات العسكرية الإسرائيلية واغتيال الحرس الثوري الإيراني والقادة العسكريين. لا يهم ما إذا كان عدد من الإسرائيليين قد قتلوا، ما يهم هو أن إيران أظهرت استعدادها وقدراتها على الانتقام".

بدوره، يرى بارسي أن الهجمات الإيرانية على إسرائيل تؤشر لتوازن جديد يتوقف على كيفية الرد الإسرائيلي على هذه الهجمات، مضيفا للجزيرة نت أنه "إذا استجابت إسرائيل لنصيحة بايدن وامتنعت عن شن المزيد من الهجمات، سيكون هذا بمثابة وضع قواعد جديدة للعبة، وستكون إيران قد نجحت في إظهار أنها لن تتسامح مع الهجمات ضد مسؤوليها العسكريين في المنطقة. ولكن، حتى لو لم تهاجم إسرائيل عسكريا، فمن المرجح أن تكثف إسرائيل أشكالها الأخرى من الهجمات، بما في ذلك الهجمات السيبرانية".

من جهته، اعتبر السفير ديفيد ماك أن واشنطن نجحت في فرض رؤيتها على إسرائيل، وأضاف "يبدو لي أن إسرائيل اختارت رد الفعل الدفاعي على الهجمات الإيرانية. وبمساعدة معلومات استخباراتية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأردن، وربما بعض الدول الأخرى، يبدو أن إسرائيل قد استخدمت مزاياها التكنولوجية لوقف الضربات المدمرة من قبل الطائرات المسيرة والصواريخ التي أطلقتها إيران".

بايدن والرد الإسرائيلي

يستبعد بهجت أن يكون لإدارة بايدن تأثير على رد فعل إسرائيل، ومع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية في غضون 6 أشهر فقط، يعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيحصل على دعم أقوى حال فوز دونالد ترامب. ويدرك نتنياهو أيضا أنه في عام الانتخابات، ولا يمكن أن يتسبب في خلاف كبير مع إسرائيل، وأضاف أن بايدن، و"طوال حياته السياسية، التي استمرت عقودا من الزمن، كان دائما مؤيدا قويا جدا لإسرائيل".

أما بارسي فاعتبر أن إدارة بايدن وضعت نفسها في موقف متناقض "ففي حين أن إدارة بايدن تستحق الثناء لأنها ساعدت في منع المنطقة من السقوط فوق الهاوية والانزلاق لحرب إقليمية كبرى، فإنها تستحق أيضا النقد، لأنها ساعدت في إيصال المنطقة إلى حافة الهاوية في المقام الأول من خلال عدم وضع خطوط حمراء على إسرائيل ومنعها من السعي إلى بدء حرب جديدة في المقام الأول".

كما أشار في حديثه للجزيرة نت إلى أنه "من المؤكد أن بايدن لديه نفوذ هائل على إسرائيل، والسؤال هو ما إذا كان على استعداد لاستخدامه. حتى الآن، رأينا أن بايدن كان مترددا في استخدام نفوذ حقيقي على إسرائيل، ونتيجة لذلك، استمرت الحرب على غزة 7 أشهر. إذا كان بايدن قد ضغط من أجل وقف إطلاق النار مبكرا، لكان قد تجنب كل ما نراه اليوم من أزمات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة إدارة بایدن على إسرائیل للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

ترامب: سنتوصل لاتفاق مع إيران دون إسقاط القنابل

28 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاثنين، أن المفاوضات مع إيران بشأن ملفها النووي تسير بشكل جيد، مؤكداً إمكانية التوصل إلى اتفاق “بشكل قاطع” دون الحاجة إلى استخدام القوة العسكرية.

وقال ترامب في حديثه عن المفاوضات الأمريكية الإيرانية بشأن ملف طهران النووي إن المفاوضات تسير بشكل جيد وإن هناك إمكانية لإبرام اتفاق مع طهران بشكل قاطع.

وأشار ترامب إلى أن التوصل إلى الاتفاق هو خيار أفضل من استخدام القنابل كحل بديل، مؤكدا أنه يريد “إنهاء المشكلة مع إيران والكثير من المشاكل في العالم التي لم تكن موجودة قبل أربع سنوات”.

وقد عقدت الولايات المتحدة وإيران حتى الآن ثلاث جولات من المحادثات غير المباشرة بوساطة عمانية بهدف التوصل إلى اتفاق يمنع طهران من الحصول على سلاح نووي مقابل رفع العقوبات الاقتصادية القوية التي فرضتها واشنطن عليها.

وفي وقت سابق، أوضح عضو الوفد الإيراني المفاوض، مجيد روانجي، أن الجولة الثالثة شهدت محاولات لصياغة نص الاتفاق الجديد، مشيراً إلى أن قضيتي التخصيب الصفري والصواريخ الباليستية لم تُطرح في المفاوضات، حيث اعتبرهما خطوطًا حمراء لطهران.

وأكد روانجي أن المفاوضات تركز على محورين أساسيين: إرساء الثقة بسلمية البرنامج النووي الإيراني، ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد أفادت بأن الخلافات الرئيسية بين الجانبين تمحورت حول برنامج تخصيب اليورانيوم، مشيرة إلى أن إدارة ترامب تسعى لربط برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني بالاتفاق النووي الجديد، وهو ما رفضته طهران.

ورغم هذه الخلافات، التزم الطرفان بمواصلة الحوار في جولات مقبلة.

وفي غضون ذلك، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطالبته بتفكيك كامل للبنية التحتية النووية الإيرانية، مشيراً إلى أن “الاتفاق الجيد” الوحيد يجب أن يشبه اتفاق ليبيا عام 2003، الذي تخلت بموجبه عن برامجها النووية والكيميائية والبيولوجية والصاروخية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • أردوغان بشان هجمات إسرائيل على سوريا: لن نسمح بفرض أمر واقع
  • إيران ترد على تهديدات نتنياهو بتدمير مفاعلاتها النووية… عواقبه على إسرائيل لا يصدق
  • تقديرات إسرائيلية بقرب التوصل لاتفاق نووي بين واشنطن وطهران
  • القاهرة الإخبارية: واشنطن تبلغ إسرائيل نيتها تمديد التفاوض مع إيران
  • إيران تتحدث عن مستقبل المفاوضات مع أميركا وتنتقد إسرائيل
  • إيران ترد على تهديدات نتنياهو: أي مغامرة ستواجه برد ساحق
  • العودة إلى الدبلوماسية.. هل تقود المفاوضات الإيرانية الأميركية لاتفاق جديد؟
  • ترامب: سنتوصل لاتفاق مع إيران دون إسقاط القنابل
  • إيران تعلن إحباط واحد من أكثر الهجمات الإلكترونية اتساعاً وتعقيداً
  • إيران تعلن صدّ هجمات إلكترونية على بنيتها التحتية