حلفاء إسرائيل يتصدون لـ«هجوم الرد» الإيراني ويؤكدون التزامهم بالدفاع عنها
تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT
عواصم «وكالات»: حذرت إيران اليوم إسرائيل والولايات المتحدة من تحرك أكبر بكثير في حالة الرد على هجومها الذي شنته بطائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل خلال الليل، متوعدة بردّ «أقوى وأكثر حزمًا» في حال هاجمت إسرائيل الجمهورية الإسلامية، معتبرة الرد على الضربة الإسرائيلية منتهيا، بينما قالت إسرائيل: إن «الحملة العسكرية لم تنته بعد».
وشنت إيران الهجوم ردًا على ضربة جوية يشتبه أنها إسرائيلية على قنصليتها في سوريا في الأول من أبريل أسفرت عن مقتل قادة كبار في الحرس الثوري، وجاءت بعد أشهر من المواجهات بين إسرائيل وحلفاء إيران الإقليميين بسبب الحرب في غزة.
ومع ذلك، فإن الهجوم بمئات الصواريخ والطائرات المسيّرة، والتي تم إطلاق معظمها من داخل إيران، لم يسبب سوى أضرار طفيفة في إسرائيل نظرًا؛ لأن معظمها تم إسقاطه بمساعدة حلفاء من بينهم الولايات المتحدة وبريطانيا والأردن.
وأصاب الهجوم قاعدة جوية في جنوب إسرائيل، لكنها استمرت في العمل كالمعتاد، وأصيبت طفلة (سبعة أعوام) بإصابات خطيرة جراء شظايا. ولم ترد تقارير أخرى عن أضرار جسيمة.
وذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل اجتماع مقرر لمجلس وزراء الحرب اليوم لمناقشة الرد على الهجوم «اعترضنا وتصدينا».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت: إن على الرغم من إحباط الهجوم فإن الحملة العسكرية لم تنته و«علينا أن نكون مستعدين لكل السيناريوهات». ونقلت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي لم تذكر اسمه خلال الليل القول إنه سيكون هناك «رد قوي» على الهجوم.
وقال وزير الخارجية الإيراني، أمير عبد اللهيان: إن طهران أبلغت الولايات المتحدة أن هجومها على إسرائيل سيكون «محدودًا» وللدفاع عن النفس. وأضاف: إن إيران أبلغت جيران إسرائيل أيضًا بعزمها شن ضربات قبل 72 ساعة من الهجوم.
وفي الوقت الذي حثت فيه قوى عالمية من بينها روسيا والصين وفرنسا وكذلك دول عربية منها مصر على ضبط النفس أدان حلفاء إسرائيل الهجوم الإيراني مؤكدين دعمهم للكيان المحتل.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس للصحفيين خلال زيارته الحالية للصين: «سنبذل قصارى جهدنا لوقف المزيد من التصعيد.. ولا يسعنا إلا أن نحذر الجميع من الاستمرار على هذا النحو».
واستنكر حلف شمال الأطلسي (الناتو) «تصعيد إيران»، داعيًا إلى «ضبط النفس»، على لسان المتحدثة باسمه فرح دخل الله التي قالت في بيان: «من الضروري ألا يصبح النزاع في الشرق الأوسط خارجًا عن السيطرة».
وأبلغ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان نظيره الإيراني في مكالمة هاتفية اليوم بأن تركيا لا تريد المزيد من تصعيد التوتر في المنطقة. وقالت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة: إن الهجوم يمثل عقابًا على «الجرائم الإسرائيلية»، وأضافت مع ذلك «يمكن اعتبار الأمر منتهيًا».
وقال رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية الميجر جنرال محمد باقري للتلفزيون الرسمي: «ردنا سيكون أكبر بكثير من العمل العسكري الليلة الماضية إذا ردت إسرائيل على إيران»، مضيفا: إن طهران حذرت واشنطن من أن أي دعم للرد الإسرائيلي سيؤدي إلى استهداف قواعد أمريكية.
فيما أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو «التزام الولايات المتحدة الثابت تجاه أمن إسرائيل». وأكّدت المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أدريان واتسون مجددًا دعم بايدن «الصارم» لأمن إسرائيل.
وقال: إن واشنطن ساهمت في إسقاط «تقريبًا كل» المسيّرات والصواريخ التي أطلقتها إيران على إسرائيل.
من جهته، أكّد المرشّح الجمهوري للرئاسة الأمريكيّة دونالد ترامب أنّ الهجوم يظهر «الضعف الكبير» للولايات المتحدة في عهد بايدن، منافسه في الانتخابات المقبلة.
وأعلنت الحكومة البريطانية إرسال طائرات مقاتلة إضافية إلى الشرق الأوسط، مؤكدةً أنها ستعترض «إذا لزم الأمر» أي هجوم جوي. وندّد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بالهجوم الإيراني، مؤكدًا أنّ بريطانيا «ستواصل الدفاع عن أمن إسرائيل». وأكّد وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه السبت عبر منصّة إكس أنّ بلاده تدين الهجوم الذي شنّته إيران على إسرائيل.
وكتب الوزير أنّ «إيران عبر قرارها تنفيذ هذا العمل غير المسبوق، إنما تتجاوز عتبة جديدة في أفعالها الهادفة إلى زعزعة الاستقرار وتُجازف بحصول تصعيد عسكري»، وأدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «بأشد العبارات الهجوم غير المسبوق الذي شنّته إيران على إسرائيل»، داعيًا في الوقت نفسه إلى «ضبط النفس» خشية وقوع تصعيد إقليمي أكبر. وحذرت ألمانيا من أن الهجوم الإيراني قد «يغرق منطقة بكاملها في الفوضى». وكررت أن برلين تقف «بحزم إلى جانب إسرائيل».
وأعربت الصين عن «قلقها العميق» من الهجوم. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لم يتم كشف اسمه: إن بكين «تعرب عن قلقها العميق إزاء التصعيد الراهن وتدعو كل الأطراف المعنيين إلى ممارسة الهدوء وضبط النفس لتفادي تصعيد إضافي». ودعت وزارة الخارجية الروسية جميع الأطراف إلى «ضبط النفس» في أعقاب الهجوم الذي شنّته إيران على إسرائيل ردا على قصف قنصليتها في دمشق. وقالت في بيان: «نحضّ كلّ الأطراف المعنيين على إظهار ضبط النفس. نحن نعوّل على الدول الإقليمية لحلّ المشاكل الراهنة بوسائل سياسية ودبلوماسية». وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش «بشدة التصعيد الخطر» داعيًا إلى «وقف فوري للأعمال العدائية». وأعلن وزير الخارجيّة الإيطالي أنطونيو تاياني أنّ بلاده تتابع الوضع «باهتمام وقلق» بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل. وكتب على منصة «إكس»، «نتابع باهتمام وقلق ما يحدث في الشرق الأوسط».
ودعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى «تفادي تصعيد إقليمي، مهما كلّف الأمر»، مشيرًا على حسابه في إكس «نتابع بقلق بالغ تطوّر الوضع في الشرق الأوسط».
وإقليميًّا دعا وزير الاتصال الأردني المتحدث باسم الحكومة الأردنية مهند مبيضين الأطراف المختلفة إلى «عدم التصعيد حتى لا يتحول (هذا الصراع) إلى حرب إقليمية».
وقال مبيضين: إن الحكومة الأردنية تحثّ مختلف الأطراف على ضبط النفس والتعامل بمسؤولية مع التوترات»، مشيرًا إلى أن مجلس الوزراء يدعو كذلك مختلف الأطراف إلى «التعامل بجدية ومسؤولية مع مخاطر التصعيد الإقليمي وتداعياته».
وحذرت مصر من «خطر التوسع الإقليمي للنزاع». ودعت عبر وزارة خارجيتها «إلى أقصى درجات ضبط النفس»، وأكدت «الاتصال المباشر مع جميع أطراف النزاع لمحاولة احتواء الوضع».
وأعربت دولة قطر عن قلقها البالغ إزاء تطورات الأوضاع في المنطقة، ودعت جميع الأطراف إلى وقف التصعيد والتهدئة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس٪
كما أعربت وزارة الخارجيّة السعوديّة عن «بالغ القلق جرّاء تطوّرات التصعيد العسكري في المنطقة وخطورة انعكاساته»، داعية جميع «الأطراف إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب»، وأكّدت «ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمسؤوليّته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليّين، ولا سيّما في هذه المنطقة البالغة الحساسيّة للسلم والأمن العالمي، وللحيلولة دون تفاقم الأزمة التي ستكون لها عواقب وخيمة في حال توسّع رقعتها».
وأعربت دولة الكويت عن قلقها الشديد إزاء استمرار التصعيد العسكري الذي تشهده المنطقة، بحسب منشور لوزارة الخارجية الكويتية على «إكس».
وأكدت الوزارة في بيان على موقف دولة الكويت الداعي إلى أهمية اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين وتفادي الحروب من خلال ضمان التزام المجتمع الدولي كافة بما نصت عليه القوانين والمواثيق الدولية. وشددت في الوقت ذاته على ضرورة معالجة مسببات هذا التوتر وتكريس النهج الدبلوماسي في تسوية النزاعات وصولا إلى ضمان أمن المنطقة واستقرارها. وحذر الرئيس العراقي عبداللطيف جمال رشيد اليوم من «اتساع دائرة الصراع» في الشرق الأوسط عقب الهجوم الإيراني ضد إسرائيل وشدد «على ضرورة تخفيف التوترات وعدم الانجرار إلى اتساع دائرة الصراع» وعلى «ضرورة وقف العدوان على قطاع غزة، وإيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية باعتبارها عنصرا أساسيا لاستقرار المنطقة، عبر منح الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إیران على إسرائیل الهجوم الإیرانی فی الشرق الأوسط رئیس الوزراء الأطراف إلى ضبط النفس الذی شن
إقرأ أيضاً:
الملف النووي الإيراني: أي سيناريوهات
يعود الملف النووي الإيراني بقوة إلى واجهة الأحداث في الشرق الأوسط، وخصوصاً في إطار التصعيد في المواجهة السياسية المباشرة الإمريكية - الإيرانية وتلك التي تحصل على الأرض، ولو بشكل غير مباشر بين الطرفين، لجملة من الأسباب. مواجهة تحمل تداعيات مختلفة على الإقليم الشرق أوسطي وتبقي الباب مفتوحاً أمام تصعيد كبير ومفتوح أو حتى صدام مباشر.
أولاً: عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وهو الذي أسقط العمل في عام 2018 بالاتفاق النووي المعروف باتفاق «الخمسة زائد واحد» (خطة العمل الشاملة المشتركة) الذي تم التوصل إليه مع إيران في يوليو (تموز) 2015 ودخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته لفترة عشر سنوات تنتهي في أكتوبر القادم.وبالتالي لا يعود من الممكن اتخاذ إجراءات عقابية ضد إيران حسب قرار مجلس الأمن الذي أصدر الاتفاق بعد هذا التاريخ. ترامب يريد التوصل إلى اتفاق يضمن حسب شروطه ورؤيته عدم وجود أي احتمال يسمح بأن تصبح إيران قوة نووية.
ثانياً: الرسائل المتبادلة بين واشنطن وطهران بواسطة عواصم عربية وأطراف دولية بشكل مباشر أو غير مباشر لم تود حصول أي تقدم فعلي في هذا المجال. ولا يزال الخطاب السياسي مرتفعاً بين الطرفين في هذا الأمر. والجدير بالذكر أن ارتفاع حدة الخطاب قد يكون إحدى وسائل التفاوض ولكنه يحمل مخاطر التحول إلى أسير لذلك الخطاب.
ثالثاً: نسبة تخصيب اليورانيوم عند إيران وصلت إلى 60 في المائة، فيما لا يجب أن تتعدى الأربعة في المائة حسب الاتفاق المشار إليه. الأمر الذي يعني أن إيران تقترب من الوصول إلى «العتبة النووية» أي من درجة التخصيب التي هي 90 في المائة، وبالتالي الدخول في النادي النووي كما يعرف. الأمر الذي يعتبر أيضاً بمثابة خط أحمر عند إسرائيل التي حسب عقيدتها النووية (عقيدة بن غوريون) يفترض أن تحتكر وحدها السلاح النووي في الشرق الأوسط. وهو موقف يلاقي توافقاً ودعماً إمريكياً كلياً.
رابعاً: التغيرات التي حصلت في موازين القوى في المنطقة لها تداعيات مباشرة وغير مباشرة على «الملف النووي» بسبب تأثيرها بشكل خاص على أوراق القوة التي تملكها إيران في المنطقة، والتي تؤثر على قدراتها التفاوضية في جميع الملفات والقضايا التي تعني المصلحة الاستراتيجية الإيرانية. من هذه التداعيات ما تمثله «خسارة سوريا» بانعكاساتها الاستراتيجية المتعددة والمكلفة لطهران في المشرق العربي بشكل خاص وفي المنطقة ككل أيضاً. أضف إلى ذلك حرب الإسناد التي أطلقت من لبنان تحت عنوان وحدة الساحات وما أحدثته من تداعيات على حلفاء إيران في لبنان من حيث التغير الذي حصل في توازن القوى المحلي وتداعياته المختلفة على موقع لبنان ودوره في هذا الخصوص ضمن هذه الاستراتيجية.
من نافل القول أن التطورات في العراق منذ سنوات دفعت بغداد لاعتماد سياسات أكثر واقعية وأكثر توازناً وتخدم مصالحها بشكل أكثر فاعلية في علاقاتها في الإقليم الشرق أوسطي وعلى الصعيد الدولي.
كلها تطورات أفقدت أو أضعفت العديد من أوراق طهران في «لعبة القوة» في المنطقة. وما زالت لعبة تبادل «الرسائل» على الأرض تجري بشكل خاص في البحر الأحمر مع تصاعد الدور العسكري للحوثيين والرد الإمريكي القوي نظراً للأهمية في الجغرافيا الاستراتيجية والجغرافيا الاقتصادية التي تحتلها ساحة المواجهة الناشطة في لعبة تبادل الرسائل في تلك المنطقة.
الملف النووي العائد بقوة يغذي ويتغذى على هذه المواجهات وعلى النقاط الساخنة في الإقليم. أسئلة كثيرة تطرح في هذه المرحلة. هل تعود المفاوضات ولو ضمن صيغ مختلفة في بدايتها، لاحتواء التوتر من دون أن يعني ذلك التوصل إلى نتيجة ترضي كلاً من الطرفين وهو ليس بالأمر السهل: إنه نوع من التهدئة وشراء الوقت رهاناً على متغيرات تصب في مصلحة هذا الطرف أو ذاك؟ هل تذهب إيران نحو الخيار النووي مع ما يحمله ذلك من مخاطر وتوترات وتغيير في قواعد اللعبة وإدارة الصراعات في المنطقة؟ هل تقوم إسرائيل بضربة استباقية شاملة للبنى النووية الإيرانية بدعم إمريكي لمنع إيران من ولوج النادي النووي؟ كلها أسئلة مطروحة على «الطاولة الشرق أوسطية». أسئلة وتساؤلات تؤثر وتتأثر بالنقاط الساخنة والمشتعلة والمترابطة في المنطقة.