كيف تقوض قضية الإجهاض حظوظ ترامب الانتخابية
تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT
سرايا - يسعى الرئيس السابق دونالد ترامب إلى الحصول على فرصة ثانية لقيادة الولايات المتحدة. ومع أن أداءه كان أبعد ما يكون عن المثالية خلال عهده الأول، لا سيما في حق النساء، إلا أنه يريد أن يمنح نفسه محاولة جديدة. وخير دليل على ذلك إعلانه عن سياسته الجديدة بشأن الإجهاض، التي ستتضمن منح استثناءات لحالات الاغتصاب وسفاح القربى، وكذلك الحالات التي تتطلب حماية حياة الأم.
صحيح أن مبادرة ترامب هذه مثيرة فعلاً للغضب، لكن من حسن حظه أن أي رد فعل شعبي محتمل واسع النطاق ضد إرثه المناهض للإجهاض سيأتي بعد فوات الأوان بالنسبة للفئات الأميركية الناخبة. ولا يبدو أن "تنازله" الأخير بشأن هذه القضية سيخدع أحداً.
في جميع أنحاء الولايات المتحدة، تدوي أصوات النساء اللواتي يرفعن شعار "ارفعوا أيديكم عن أجسادنا". وتتم استعادة تجارب صادمة عاشتها سيدات، من أمثال كايت كوكس، التي انتهى بها المطاف وهي تخوض معركة قانونية في تكساس بسبب حالة طبية طارئة. وما تزال تبعات عدد كبير من قوانين الإجهاض المقيدة إلى حد لا يغتفر تعرض حياة النساء للخطر. وتزيد إيحاءات ترامب نفسه بأنه سيوافق على الحظر الفيدرالي للإجهاض بعد 15 أسبوعاً من الحمل الطين بلة.
سبق للرئيس السابق أن أبدى موقفاً غامضاً ومبهماً ومتقلباً حول مسألة الإجهاض: فمن جهة، نراه يتباهى بأنه مسؤول عن إنهاء قضية "رو ضد وايد"، ويطلق ادعاءات كاذبة بشأن موقف الديمقراطيين من القضية. ومن جهة أخرى، يقول إنه يدعم التلقيح الاصطناعي -الذي شرع في مواجهة معارضة في أوساط بعض الجمهوريين أخيراً- حتى أنه أعرب عن اعتقاده بأن الإجهاض هو مسألة يجب أن تقررها كل ولاية على حدة.
ولكن، حتى لو كان ترامب يتوقع أن ينجح في إشهار سياسته الجديدة حول الإجهاض -مع استثناءاتها الشحيحة والقاسية إلى حد مؤلم- في وجه النساء أنفسهن اللاتي تعرضن للمعاناة على يديه، فإن محاولته لن تجدي نفعاً. ولا عزاء في قوله: "أنا آسف على ما فعلت. سيكون الأمر مختلفاً هذه المرة"، أو في إظهار نفسه على أنه "معتدل"، أو في توقعه أن يُغفر له على جميع أفعاله. إنه يحاول استمالة جميع قواعد الناخبين -وهو ما سيأتي بردود فعل عكسية واسعة النطاق.
إن النساء وحلفاءهن في كل مكان في العالم لن يغفروا أو ينسوا أفعاله -أو تصريحاته المرتبكة حول "إعدام" أطفال بعد ولادتهم.
خلال فترة رئاسة ترامب -حيث أعلن نفسه بأنه "الرئيس الأكثر تأييداً للحياة على الإطلاق"- قام بتهيئة المكونات اللازمة لاستكمال تدمير قضية "رو ضد وايد" والقضاء على جميع أشكال حماية الإجهاض الناتجة عنها، مما عنى أنه عندما غادر البيت الأبيض، ترك النساء في جميع أنحاء الولايات المتحدة في حالة من المعاناة، بعد أن سرق وقضى على حقهن في الحصول على خدمات رعاية الإجهاض، التي من شأنها أن تنقذ حياتهن.
وفي حين أن إلغاء الحكم في قضية "رو ضد وايد" شكل حدثاً لافتاً، فإن التعايش مع التبعات في الولايات المتحدة هو مسألة مختلفة تماماً تركت بدورها وقعاً كبيراً، حيث كانت النساء في جميع أنحاء البلاد -حتى المواليات للحزب الجمهوري اللاتي وقفن ضد إلغاء قرار "رو"- شاهدات، لحظة بلحظة، على التداعيات الفعلية للقوانين الجديدة لحظر الإجهاض.
على خلفية الآثار الناجمة عن تصرفات ترامب، مُنعت نساء تعرضن لإجهاض تلقائي من الحصول على الرعاية الصحية التي كان من شأنها أن تنقذ حياتهن. وكذلك، عرّضت أعماله حياة الأمهات ورفاههن لخطر كبير في أنحاء البلاد كافة. وبالترتيب التسلسلي، أدت أفعاله إلى صدور حكم ألاباما المثير للجدل بأن الأجنة التي تُنشأ من خلال التلقيح الاصطناعي يجب أن تعتبر أطفالاً، مما وضع مستقبل مرافق التلقيح الاصطناعي وجدواها في حالة من الارتباك والخطر.
وقد اكتسى هذا الحكم بأهمية خاصة في توعية الناس بشأن المشكلات الحقيقية، لأن النساء "المؤيدات للحياة" (التعبير الذي يُطلق على مناهضي الإجهاض) اللاتي يعتمدن على التلقيح الاصطناعي للحمل أصبحن أخيراً متنبهات ومدركات للمسائل التي تتعلق بحريتهن الإنجابية. وهذا الإدراك بالغ الأهمية، وسيشكل خطراً على ترامب، لأن النساء في جميع أنحاء الولايات المتحدة (حتى من الحزب الجمهوري) أدركن أخيراً حرياتهن المستحقة. فإذا حُرمن من إحدى هذه الحريات، فسوف يعرضن بقية الحريات للخطر.
في الواقع، يبدو أن الجمهوريين استهانوا بحجم ردود الفعل على هذا النوع من السيطرة على استقلالية المرأة. ولا شك في أن ترامب، الذي يستعد لمحاولته الثانية للوصول إلى البيت الأبيض، يعرف ذلك تماماً. ولهذا السبب تحديداً، سمعناه يقول: "في غياب الاستثناءات... لن نفوز في هذه القضية... لكننا سنفوز فيها متى أتينا بالعدد المناسب من الأسابيع". وبذلك، تبدو مبادراته بشأن الإجهاض تسييسًا محضًا، وخدعة مكشوفة تماماً.
في نظر السياسيين من أمثال ترامب، هذا هو ما تتلخص فيه حياة النساء في نهاية المطاف: إنها مختزلة في اختيار العدد المناسب من الأسابيع التي يمكن من خلالها ممارسة سيطرة حكومية وتطبيق القانون على أجسادنا، بينما يحاولون إرضاء فئة معينة من دون إقصاء الفئة الأخرى. إنها في النهاية لعبة أرقام -يجري التلاعب بها في غير مصلحتنا.
وإذن، إليكم لعبة أرقام بديلة: في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ستتاح للناخبين في فلوريدا فرصة لإبداء رأيهم النهائي بشأن حظر الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل، الذي من المقرر أن يبدأ في الأول من أيار (مايو). ونحن نعلم أنه عندما يكون للناخبين رأي، فإنهم دائماً ما يقولون نعم للإجهاض.
وعليه، إليكم رسالتي إلى كل امرأة ناخبة، بصفتي امرأة خاضت تجربة الإجهاض: عندما يتعلق الأمر باختيار الرئيس الأميركي المقبل، صوّتي بجسدك. صوّتي من كل قلبك. صوّتي من أجل حريات الحياة.
وليكن موقف ترامب نفسه من هذه القضية هو سبب سقوطه.
*إميليا لولي: كاتبة وشاعرة أميركية. ستصدر مجموعتها الشعرية الأولى، "زلة" Slip، عن دار "جوناثان كيب" Jonathan Cape، في أيار (مايو) المقبل.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: التلقیح الاصطناعی الولایات المتحدة فی جمیع أنحاء النساء فی
إقرأ أيضاً:
الولايات المتأرجحة.. قضايا هامة قد تحسم السباق الرئاسي
ستتوجه الأنظار إلى الولايات المتأرجحة الرئيسية بينما يتم فرز الأصوات في المواجهة بين نائبة الرئيس المرشحة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية كامالا هاريس والرئيس السابق المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
وتنقل كلا المرشحين عبر سبع ولايات متأرجحة رئيسية - أريزونا، جورجيا، ميشيغان، نيفادا، كارولينا الشمالية، بنسلفانيا وويسكونسن - وعملوا على جذب الناخبين غير المتأكدين من نواياهم الانتخابية، وتواصلوا معهم بشأن القضايا التي تشغل بالهم وتعتبر ملّحة بالنسبة لهم.
وبينما يشترك الناخبون في هذه الولايات المعركة في نفس المخاوف مثل بقية الأميركيين، هناك بعض القضايا التي تبرز باعتبارها الرئيسية لسكانها وهي:
الاقتصاد أولا
لا يزال الاقتصاد العامل الأبرز في توجيه آراء الناخبين نظرا للأبعاد المختلفة المرتبطة بها مثل معدل النمو، والبطالة، وثقة المستهلك، والتضخم.
وعندما يتعلق الأمر بالاقتصاد، يقول 44 في المئة من الأميركيين إنهم ليسوا في وضع أفضل مما كانوا عليه عندما تولى الرئيس جو بايدن منصبه، مما يعادل أكثر رقم سلبي على هذا السؤال في البيانات منذ عام 1986، وفقا لاستطلاع حديث لـ"أي بي سي نيوز/ إبسوس".
علاوة على ذلك، بينما تراجع التضخم والعمالة قوية، لم تنعكس تلك المكاسب في حياة معظم الناس، إذ يقول 59 في المئة إن الاقتصاد يزداد سوءا، وهو أكثر من ضعف عدد الذين يقولون إنه يتحسن (23 في المئة).
ومن بين الناخبين المسجلين الذين يقولون إن الاقتصاد يتدهور، يتقدم ترامب على هاريس بفارق كبير يبلغ 53 نقطة، 74-21 في المئة.
ووجد تحليل من أجرته "فايف ثيرتي أيت 538" لاستطلاعات الرأي أن جميع الولايات المتأرجحة تقريبا صنفت الاقتصاد كقضية رئيسية للناخبين.
أسعار المنازل، التكسير الهيدروليكي، الهجرة
تعتبر القدرة على شراء المنازل قضية رئيسية أخرى للناخبين في الولايات المتأرجحة مثل نيفادا وكارولينا الشمالية، حيث ارتفعت أسعار المنازل بشكل كبير.
ونمت أسعار المنازل المتوسطة في كارولينا الشمالية من 193200 دولار في استطلاع 2017-2019 إلى 280600 دولار في استطلاع 2020-2022، مما يجعلها سابع أكبر زيادة في البلاد من حيث النسبة المئوية، وفقا لاستطلاع المجتمع الأميركي.
وفي نيفادا، زاد مؤشر قيمة المنازل بنسبة 34 في المئة منذ بداية رئاسة بايدن، مما يعد أسرع قليلا من معدل الزيادة على مستوى البلاد.
كذلك فإن تكاليف البقالة، والغاز، والإسكان لها صدى لدى الناخبين عبر العديد من الولايات المتأرجحة.
وفي ولاية بنسلفانيا، يعد التكسير الهيدروليكي (وسيلة لتحفيز استخراج الغاز من الطبقات الغير مسامية عن طريق تدفق سائل بين الصخور في باطن الأرض) قضية محلية كبيرة ولها علاقة بكل من الاقتصاد والبيئة.
وتعد الهجرة قضية رئيسية أخرى للعديد من الناخبين في الولايات المتأرجحة - خاصة أولئك في منطقة "حزام الشمس" (تضم ولايات فلوريدا وكارولينا الجنوبية وجورجيا ونيفادا وأريزونا ونيو مكسيكو وتكساس).
فأريزونا، كولاية حدودية، كانت محطة حملات منتظمة لترامب وهاريس، اللذين ناقشا الهجرة غالبا أثناء وجودهما هناك.
وهي أيضا قضية مهمة للناخبين في نيفادا - الولاية التي تعتبر فيها المجموعة اللاتينية والهيسبانية- أكبر أقلية، حيث تشكل 28 في المئة من سكانها.
واستخدم ترامب الهجرة لمهاجمة سياسات هاريس المتعلقة بذات الموضوع، ملقيا اللوم عليها بشكل كامل بسبب الوضع على الحدود حيث تمسك بمرجعه غير الدقيق عنها كـ "قيصر الحدود".
وغالبا ما ترتبط الهجرة بقضايا رئيسية أخرى مثل الجريمة، وهي استراتيجية استخدمها ترامب في حملته.
فعلى الرغم من أن المواطنين الأميركيين يرتكبون جرائم بمعدلات أعلى من المهاجرين غير الموثقين، صوّرهم ترامب كـ"مجرمين" سيقطعون "حلقك" في محطة حملته في ويسكونسن في سبتمبر.
كما انتقد، أثناء وجوده في تمبي، أريزونا، الأسبوع الماضي، إدارة بايدن-هاريس بسبب تعاملها مع الحدود، واصفا الولايات المتحدة بأنها "سلة قمامة للعالم."
الإجهاض
يعتبر الإجهاض قضية رئيسية للناخبين بعد أن ألغت المحكمة العليا في عام 2022 قرار "رو ضد ويد" الذي ضمن الحق الدستوري في الإجهاض.
واستغل الديمقراطيون في هذه الدورة الانتخابية قرار المحكمة العليا هذا، الذي يتفاخر ترامب غالبا بدوره فيه، إذ تقول حملة هاريس إن حرية الإنجاب لا تزال واحدة من القضايا الرئيسية بين الناخبين غير المتأكدين.
ويبقى الإجهاض قضية مركزية بين الديمقراطيين الذين تمكنوا من صد "موجة حمراء" خلال انتخابات 2022 من خلال توجيه رسائلهم حولها.
وتوجد في عدة ولايات، بما في ذلك الولايات المتأرجحة أريزونا ونيفادا، تدابير على بطاقات الاقتراع من شأنها تعديل دساتير ولاياتهم بلغة محددة لحماية أو الاعتراف بحق الإجهاض لجميع المواطنين.
وتظهر استطلاعات الرأي أن الإجهاض قضية أكثر أهمية في ويسكونسن مما هي عليه على المستوى الوطني، إذ كان الوضع القانوني للإجهاض محل جدل ساخن في الولاية بعد أن ألغت المحكمة العليا "رو ضد ويد"، مما أدى إلى فترة استمرت 15 شهرا لم يتم فيها إجراء أي عمليات إجهاض قانونية في الولاية بموجب قانون عام 1849 الذي جرّم الإجهاض.