لجريدة عمان:
2025-01-30@21:56:06 GMT

بين التعطيل والتعديل.. مديرون وقادة

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

كثر الحديث في السنوات الأخيرة حول الفرق بين المدير والقائد في سياق مدح القائد الذي يتجاوز التحكم والإشراف على العمليات داخل المؤسسة من أجل تحقيق الأهداف المحددة إلى الإرشاد والتوجيه للعاملين داخل المؤسسة لتحقيق الأهداف المحددة بطريقة فعالة ومثيرة للإلهام، يتجاوز سعي الحفاظ على النظام وفرض السيطرة إلى التميّز بالجرأة ومواجهة المخاطر وروح الإبداع، ومع حاجة المؤسسات إلى قادة ومديرين معا إلا أن كفة ترجيح الحاجة للقادة -وإن بعدوا عن الإدارة- أكثر إلحاحا وأكثر ضرورة.

وليس موضوع هذه المقالة التمييز بين المدير والقائد وحسب، وإن كان في ذلك من الأهمية ما فيه إلا أنها تحاول الإشارة إلى صنف ثالث من الموظفين بالجهاز الإداري (نتمنى أنهم فئة قليلة) ممن ألبستهم القرارات الإدارية زي الإدارة وهم أبعد ما يكونون عن خبرات المدير أو مهارات القائد، وما ذلك إلا أنهم وجدوا أنفسهم في موضع أكبر من أن يناسب نقاط ضعفهم وسقطاتهم، وأصغر من أن يخفي تهافتهم على التسلط وتسلقهم إلى الوصول عبر التعطيل المتقنع بقناع «تنفيذ القانون» دون فهم حقيقي لفهم القانون في شكله الأولي، فضلا عن سعيهم لتطويعه لصالح المؤسسة والصالح العام، وبعيدا عن قدرتهم على السعي لتعديله وتطويره بعد فهم سياقات الواقع المعاصر وتحديات المرحلة واقعيا ظنا منهم أن القوانين نصوص مقدسة غير قابلة للتعديل والتطوير.

هؤلاء المعجبون بكراسي السلطة ومواقع النفوذ يستشعرون التفوق دون مسؤولية، والتميز دون تبعات، ولا يتورعون في يومياتهم الوظيفية عن تعطيل كثير مما يمكنه تحسين الأداء وتجويد الخدمة ظنا منهم أنهم بذلك يعيشون مجد القدرة على إحداث الأثر، ليست تعنيهم خواتيم الفعل فيما إن كان ذلك الأثر سلبيا أو إيجابيا، بل لعل بعضهم يفخر بعد أمد بما اقترف من تعطيل لمصالح أو تأخير لإجراءات متوهما أن في ذلك ما يملأ صندوق مهاراته الأجوف، أو سلّم قدراته المتهالك.

وإذا تجاوزنا النص إلى روح النص وإنسانياته فإن إيمان هؤلاء المعطلين بالإنسانيات وقيم الوطنية والإخلاص والتفاني ضئيل إن لم يكن معدوما، والإبداع في السعي لمنافذ التمكين وموارد التعديل والتطوير لا مكان له في قواميسهم الجافة ومعاجمهم النفعية، وقد تقع الرقابة على الكثير من تعطيلهم الإداري وتجاوزاتهم المالية فنعجب نحن والرقابة معا من عجز هؤلاء عن النجاح والإخلاص حتى وهما أقرب ما يكونا منهم مع مجالاتهم وصلاحياتهم، وإن كان بلوغهما أسهل من خط توقيع أحدهم على ورقة يعطل بها مصالح شتى وحاجات لا حصر لها.

وحتى تنحسر أعداد هؤلاء وتنقرض هذه الفئة لا بد من بيئة وظيفية مؤسسية قادرة على المتابعة والمحاسبة قدرتها على التوجيه والتدوير، كما أنه لا بد من بيئة مجتمعية إيجابية ساعية للمشاركة في التعديل والتنمية فلا يركن مراجع تعطلت مصلحته للصمت أو للشكوى المجانية والتحسر اللفظي وحده دون توثيق، بل لا بد من تعزيز فئة القادة عبر حصر وتقييد فئة المنتفعين المتسلقين غير البارعين إلا في تقييد الخدمات وتعطيل المصالح، لا بد من مواطن واع يتجاوز انفعال المصلحة الشخصية (أنجزت أم لم تنجز) إلى العناية بمصلحة الجميع من المستفيدين من الخدمة، بل والعناية بالمصلحة العامة الوطنية عبر المشاركة في تحسين جودة أداء المؤسسة ومنتسبيها مؤمنا أن صوته مع أصوات غيره قادرة على التغيير، مؤثرة في تطوير وتنمية المؤسسة والمجتمع معا.

ختاما: ينبغي لنا جميعا اختيار الحراك الإيجابي في مجتمعاتنا ملاحظة ومتابعة ونقدا ذاتيا، ثم اقتراحات وتصورات لا تنتظر صفة إدارية لتعبر لمؤسساتنا، ولا تتحجج بأبواب ومنافذ مغلقة؛ إذ أن هذه المؤسسة الخدمية التي نطرق أبوابها اليوم ينتظرها كثير من العمل والإخلاص لأجيال قادمة لا بد لنا من تحمل مسؤولياتنا تجاهها، تماما كتحملنا اليوم مسؤولياتنا تجاه من لا يملكون التوثيق والمتابعة وإرسال المقترحات ووضع التصورات، ينبغي أن نؤمن بأن الصمت عن التقصير تقصير في حق الوطن ومواطنيه، والكلام في سياقه المهذب وإطاره القانوني المشرع واجب وطني لا ينبغي إهماله أو تهميشه، وبهذه المشاركة وحدها نصل جهد مخلصينا من مديرين وقادة بمشاركة مخلصينا من متلقي الخدمة وجمهور المواطنين، ولا ننسى أن بلادنا جديرة بكل الحب وكل الإخلاص وكل الوفاء.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا بد من

إقرأ أيضاً:

فاشر السلطان شنب الاسد من اسباب الانتصار !!!

التاريخ دائما يسجل مواقع وتضحيات محددة كرموز للنصر لا ينسى على مر السنين، قصة صمود اسطوري من نفر عزيز من ابناء الوطن المخلصين في فاشر السلطان والقيادة العامة، والقيادة لها من القصص والبطولات سنكتب عنها وعن تضحياتهم حتى تحقق هذا الانتصار، وهؤلاء من اهم اسباب هذا الانتصار الذي تحقق على هؤلاء المتمردين المرتزقة المجرمين، هل تتخيل ان هؤلاء المجرمين هاجموا بكامل عتادهم وعدتهم اكثر من ١٨٠ هجوم للمدينة مدعومة من دول وليست دولة واحدة ودمروا المستشفيات وقتلوا المئات من المواطنين نساء واطفال وحاصروا مدينة الفاشر شهورا ولم تلين عزيمتهم وصمدوا، والتاريخ فقط هو من سيسجل لمن صمدوا مع الجيش في الميدان وباقلامهم في الاعلام مفندين اشاعات واكاذيب الطرف الاخر واعلامهم الممول من حواضن الميليشيا السياسيين والذين لم نجد منهم الا الشماتة والموقف السلبية كلما تبين لهم ان ميليشيتهم في طريقها الى الزوال.

يتذكر الجميع كيف ان المئات يذبحون في ود النورة وتمبول والهلالية ويدفن الشباب احياء في الجنينة وهؤلاء يتركون كل هذه الاهوال ويبحثون عن أي زلة لادانة الجيش ونشر الأكاذيب والاشاعات لتثبيت همم الجنود، والمخلصين من ابناء الوطن كشفوا نواياهم الدنيئة فقط من اجل السلطة، أما أبطال الميدان فلم يكن يزيدهم مواقف هؤلاء الافاكين واكاذيبهم الا حماسا و وقوة ويقينا بأنهم مع الحق ولم يلتفتوا لانتقاداتهم وشماتتهم ونباحههم، وهذا ما كان يغيظهم لأن هؤلاء الابطال كان هدفهم اسمى وهو الدفاع عن أرضهم وتحقيق الانتصار فقط.

هنالك دائما مفتاحان لتحقيق الانتصار ويجب ننتبه له اوله الصدق في المواقف والاخلاص والثاني العمل لتحقيق الهدف السامي وهو الدفاع عن الوطن وهويته وهذا ما جعل ابناء الوطن في الفاشر والقيادة العمل في صبر وثبات وصمود حتى تحقق هذا الانتصار الكبير، وستخرج الجماهير قريبا في مظاهرات هادرة بعد تحقيق الانتصار الكبير ونهاية اخر جنجويدي في ارض السودان.

د. عنتر حسن

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حماس تعترف بمقتل محمد الضيف وقادة عسكريين بارزين
  • بالفيديو: كتائب القسام تعلن استشهاد قائدها محمد الضيف وقادة عسكريين
  • حماس تعلن مقتل محمد الضيف وقادة عسكريين آخرين
  • أزمة أخلاق «2»
  • المدير التنفيذي لبيت الزكاة والصدقات تبحث سبل التعاون لدعم الأشقاء في غزة.. صور
  • سئمنا وجوهكم
  • الرئيس عون استقبل المدير العام لكازينو لبنان
  • فاشر السلطان شنب الاسد من اسباب الانتصار !!!
  • غزة.. مدينة لا تُهزم
  • «المنفي» يلتقي عدداً من رؤساء وقادة الدول الإفريقية