أسفر الهجوم الإيراني على إسرائيل مساء أمس، عن اضطراب عالمي بين التنديد والتحذير من تصاعد الأحداث في الشرق الأوسط؛ الأمر الذي قد يؤدى إلى عدم استقرار وزعزعة الأمن في المنطقة، كما أنه سيكون له تأثير مباشر على زيادة الأسعار في المنطقة والإقليم.

تأثير الهجوم الإيراني على أسعار الطاقة عالميا

وكشف المركز المصري للفكر والدراسات في بحث نشره عن التوترات في الشرق الأوسط الناتجة عن الهجوم الإيراني، التي ستؤدي إلى انعكاسات متوقعة على أسواق الطاقة عالميا.

 

وأوضح أن مصطلح أمن الطاقة العالمي ليس أمرًا جديدًا في السياسة الدولية؛ فالصراعات حول موارد الطاقة العالمية كانت منذ فترة طويلة ولا تزال تشكل عنصرًا مهما في الأزقة الدولية للدول الكبرى، لكن هذا المصطلح أصبح اليوم يمثل واحدًا من أهم عناصر أمن العالم، وذلك بسبب محدودية موارد الطاقة غير المتجددة واختلال مناطق توزيعها عالميًا.

وأوضح المركز، أن حركة أسعار النفط تتأثر بالأحداث التي لا تتعلق بصورة مباشرة بعمليات العرض، بدءًا من الأحداث الجيوسياسية مثل حالات عدم الاستقرار الإقليمي أو الجيوسياسي، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بالمنابع النفطية الكبري مثل منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أن الشرق الأوسط منطقة ذات أهمية كبيرة على الساحة الدولية، وتأثيرها يمتد إلى مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والأمن العالمي، تحدياتها وأحداثها تلعب دورا مهما في تشكيل العالم الحديث ومستقبله، وبالأخص فيما يتعلق بأمن الطاقة العالمي.

الأسواق العالمية تحبس الأنفاس

لأيام عديدة ظلت أسعار النفط الخام العالمية رهينة مخاوف متصاعدة جراء رد إيراني محتمل حينها على الغارة التي استهدفت مقر القنصلية الإيرانية في دمشق، وذلك وسط سيناريوهات مختلفة بشأن مدى تأثير ذلك الرد من قبل طهران على المستويات السعرية للنفط الخام، بالإضافة إلى المخاوف المرتبطة بتداعيات ذلك على حركة النفط الخام من خلال المضائق البحرية في المنطقة وبالأخص مضيق هرمز إلى أن جاء الهجوم الإيراني على إسرائيل مخالفًا للعديد من التوقعات والتقديرات التي ضغطت بشكل كبير على أسعار النفط الخام عالميا، والتي جعلت الأسواق العالمية تحبس أنفاسها ترقبا لهذا الرد الذي ظل محدودًا وبشكل نسبي، وذلك مقارنة بتلك التوقعات السابقة.

تأثير الهجوم الإيراني على إمدادات النفط في المنطقة

وأكد المركز، أن الهجوم سيكون له تأثير على محور إمدادات النفط بالمنطقة، وذلك وسط مخاوف من أن تؤدي تلك الأحداث المتتالية إلى زيادة التوترات في منطقة الشرق الأوسط؛ الأمر متعلق بلاعب رئيسي في أسواق النفط الخام، ما قد يؤثر على إنتاج كبار منتجي النفط وفي وقت كثر الحديث عن دخول النفط الإيراني اللعبة، بما يطرح سؤالا مهما: هل تنعكس خطوات التصعيد الأخيرة أمس «وإن كانت محدودة» على أسواق النفط العالمية؟ وما أهمية النفط الإيراني؟

تمتلك إيران احتياطيات كبيرة من النفط الخام في العالم، حيث تُصنف من بين قائمة الكبار في إنتاج النفط على مستوى العالم، فتأتي في المرتبة الثالثة بعد فنزويلا والسعودية بين دول أوبك من حيث الأكثر امتلاكا للاحتياطيات النفطية المؤكد.

ويُقدر إجمالي احتياطيات النفط الخام القابلة للاستخراج لدى إيران بحوالي 157.8 مليار برميل، وذلك حتى نهاية عام 2022, بالإضافة إلى إنها تمتلك 21 مصفاة غاز و10 مصافي نفط، ولديها القدرات التقنية التي تمكنها من بناء مصافي أخرى.

وعن تأثير التوترات والأحداث الجارية على النفط الإيراني، نجد أن طهران تلتف بصعوبة على العقوبات، ورغم أن وجهات وكمية مبيعات النفط الإيراني غير واضحة، إلا أن واشنطن قد تُعطل مبيعات النفط ونقل عائداتها إلى إيران إذا وصلت الأزمة إلى نقطة الغليان وأغلقت إيران مضيق هرمز ستعاني ناقلات النفط في هذه المنطقة وستتضرر منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير.

ونجد أن إنتاج النفط الإيراني ارتفع منذ بداية العام الحالي بأكثر من 700 ألف برميل يوميا، مسجلا بذلك أعلى مستوياته في خمس سنوات عند نحو 3.2 مليون برميل يوميا، بعد أن استفادت طهران من انحسار حدة التوترات مع واشنطن، وغض الإدارة الأمريكية الطرف عن صادرات النفط الإيراني قد تختلف خلال الفترة المقبلة، في خطوة ربطها البعض في رغبة إدارة بايدن في الحد من صعود أسعار الخام الأزمة لم تصل بعد إلى نقطة الغليان لأنه لا يوجد سوى تهديدات ثنائية، فربما تكون أحداث أمس بمثابة إنذار لأسواق النفط الخام، غير أن هذا الأمر سيحد من حركة الدخول والخروج من مضيق هرمز ويؤثر على أسعار النفط.

حركة أسعار النفط الخام وانعكاسات متوقعة

منذ بداية العام الحالي 2023، تشهد أسواق النفط العالمية حالة من عدم الاستقرار، حيث جاءت التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد تداعيات الحرب على غزة لتعكس مسارًا جديدًا في حركة أسعار النفط ومشهد الطاقة العالمي بشكل عام، فقد أنهت أسعار النفط في نهاية الأسبوع الماضي، على ارتفاع خلال التعاملات الأسبوعية.

وجاء ذلك تأثرا بتصاعد المخاوف والتوترات في منطقة الشرق الأوسط، ولكنها سجلت خسائر أسبوعية بفعل العديد من الأسباب والتي من ضمنها التوقعات السلبية من وكالة الطاقة الدولية لنمو مستويات الطلب العالمي على النفط الخام، بالإضافة إلى المخاوف بشأن تباطؤ تخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية، علاوة على التقديرات المرتبطة بالطلب العالمي على النفط الخام، وكذلك الطلب في الصين (حوالي 1.3 مليون برميل يوميا من النفط الخام).

ولكن صعدت العقود الآجلة لخام برنت 70 سنتا مسجلة 90.5 دولار للبرميل الواحد، في حين زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي حوالي 10 سنتات إلى 85.7 دولار، وذلك عند التسوية الجمعة الماضية، وتراجع خام برنت %0.8 على أساس أسبوعي مقابل انخفاض بأكثر من 1% للخام الأمريكي.

والجدير بالذكر أنه قبل استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع أبريل الجاري، كانت أسعار النفط تدور في نطاق سعري في حدود 85 دولارًا للبرميل النفطي الواحد بالنسبة للعقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط تسليم مايو، و88.9 دولار للبرميل لخام برنت.

وفي تعاملات الخامس من أبريل الجاري، تجاوز خام برنت الـ90 دولارا للبرميل النفطي الواحد، وذلك للمرة الأولى منذ منتصف العام الماضي، وذلك تحت ضغط التطورات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

وفي نهاية الأسبوع قبل الماضي، سجلت أسعار النفط مكاسب أسبوعية وذلك بعد توعد طهران، وهي ثالث أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول بالرد، إذ أنهت العقود الآجلة للخام الأمريكي تعاملات الأسبوع عند التسوية 86.9 دولار للبرميل، وعند 93.2 دولار للبرميل بالنسبة لخام برنت.

وتحتضن منطقة الشرق الأوسط نحو %75 من مخزون النفط الخام في العالم (جودة مرتفعة)، وتشكل أهمية الشرق الأوسط محورًا مهما في صناعة النفط الخام وذلك لأن 90% من النمو في العرض النفطي سيأتي من المنطقة منطقة منبع رئيسيا؛ إذ تمتلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حوالي 57% من الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام و41% من الغاز الطبيعي.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: اسعار النفط اسعار الطاقة إسرائيل ايران الهجوم الايراني على اسرائيل الحرب بين اسرائيل وايران المتحدث باسم جيش الاحتلال دولة الاحتلال اسرائيل الهجوم الإیرانی على منطقة الشرق الأوسط الطاقة العالمی النفط الإیرانی دولار للبرمیل بالإضافة إلى أسعار النفط النفط الخام أسواق النفط فی المنطقة على أسعار ا مهما

إقرأ أيضاً:

رغم سقوط الأسد.. مصانع الكبتاغون تتجذر في الشرق الأوسط

حوّل النظام السوري السابق اقتصاد البلاد إلى اقتصاد مخدرات يعتمد على عوائد الكبتاغون، ولكنّ انهيار النظام السياسي لا يعني نهاية تصنيعها والاتجار بهذا المُخدّر الصناعي الذي يحظى بشعبية كبيرة، بحسب نتائج تحقيق فرنسي تحدّثت عنه صحيفة "لو فيغارو"، خلص إلى أنّ حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية التابعة لإيران، قد ورثوا إدارة هذه التجارة المُربحة.

وفي السنوات الأخيرة، أغرقت هذه المخدرات منطقة الشرق الأوسط على نحوٍ غير مسبوق. وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنّ كميات الكبتاغون التي ضبطتها السلطات في بعض الدول بين عامي 2010 و2024، زادت بشكل أكثر من كل أنواع المخدرات الأخرى الموجودة على هذا الكوكب.

وبسبب موقعه الجغرافي، تحوّل العراق إلى أرض خصبة لتجارة المخدرات الاصطناعية، وخاصة في منطقة كردستان حيث من المستحيل احتواء الأعداد الكبيرة من التجار والمُروّجين والمُجرمين من خلال دوريات أمنية بسيطة، فضلاً عن استحالة ذلك مع وجود حدود برّية غير محكمة الإغلاق. ووفقاً لبيانات أممية، فقد زادت الكميات المُصادرة من الكبتاغون بمقدار 34 ضعفاً، من 118 كغم إلى 4 أطنان بين عامي 2019 و2024.

En savoir plus ↓https://t.co/tuaDYfCGqa

— Le Figaro (@Le_Figaro) March 7, 2025 تحوّل في طرق التصنيع والتهريب

ولكن هل سقوط بشار الأسد سيؤدّي إلى القضاء بشكل سحري على تجارة الكبتاغون إلى العراق؟ يُجيب الكاتب في "لو فيغارو" المحلل السياسي الفرنسي فينسنت جولي، بأنّه رغم أنّ ما حصل يُمثّل نهاية حقبة في تاريخ سوريا والشرق الأوسط، إلا أنّه لا يُمثّل سوى فصل واحد في تاريخ تجارة المخدرات في المنطقة. فلن يكون التدمير المُعلن من قبل القيادة السورية الجديدة لعدد قليل من المُختبرات كافياً، بل سنشهد تحوّلاً وتغيّراً في طرق التصنيع والتهريب.

وبرأيه، فإنّه في كثير من الأحيان، يؤدي القضاء على بنية ما إلى انتشار المنظمات الإجرامية الصغيرة التي تسعى إلى الاستحواذ على حصة في السوق. وهو ما تؤكده التقارير عن الاشتباكات الأخيرة عند الحدود السورية- اللبنانية، في فبراير (شباط) الماضي، بين قوات النظام السوري الجديد والعشائر المرتبطة بحزب الله.

Malgré la chute de Bachar el-Assad, qui a transformé la Syrie en une narco-économie dopée au Captagon, cette véritable drogue de guerre, d’abord utilisée par les combattants islamistes, se répand désormais dans la société au Proche-Orient. pic.twitter.com/h8EOKouAW0

— Le Figaro (@Le_Figaro) March 7, 2025 10 مليارات يورو

وفي عام 2011، انزلقت سوريا إلى الحرب. وعلى رماد هذا البلد المُدمّر، تبدأ عائلة الأسد بناء إمبراطورية جديدة من خلال التحوّل إلى التجارة الوحيدة الممكنة في ظلّ العقوبات: إنتاج المخدرات والاتجار بها، هذه الصناعة التي كانت تُولّد نحو 10 مليارات يورو في السوق السورية وحدها.

وفي غضون سنوات قليلة، نجح بشار الأسد في تحويل تصدير الكبتاغون إلى المصدر المالي الرئيسي للبلاد، مما أدّى إلى تصنيفها كدولة مخدرات، حيث كانت الإمكانات متوافرة، فالبلاد تمتلك المعرفة في الكيمياء، والمصانع اللازمة، وحتى القدرة على الوصول إلى طرق الأنهار في البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن طرق التهريب الراسخة إلى الأردن ولبنان والعراق. وهذه هي ميّزة المخدرات المُصنّعة، فهي لا تتطلب أي زراعة أو حصاد. كل ما هو مطلوب كمية كبيرة من المواد الكيميائية ومواقع سرّية، أو سلطات مُتواطئة تُساعد في توزيع المخدرات، فتُصبح المهمّة أسهل بكثير.

Do not believe what the Iranians and Hezbollah are spreading. They have lost their criminal ally in Syria and are now resorting to lies and exaggerations to gain the world's sympathy so they can continue producing Captagon in Syria.#Syria pic.twitter.com/6W8xOjHxEQ

— Rami Seid (@RamiSeid38099) March 9, 2025

وبعد أن استولت الفصائل المسلحة على العاصمة دمشق، ومن أجل إظهار مصداقيتهم، قام أسياد سوريا الجدد بتدمير المختبرات ومواقع التصنيع التي تمّ العثور عليها في كلّ مكان: في المصانع، والفيلات، والمباني المهجورة. وأظهرت مقاطع فيديو تمّ تداولها غُرفاً مليئة بتصنيع الحبوب، إلى جانب آلات ومخزونات ضخمة من منتجات الكبتاغون، وكل ما يلزم لإخفائها داخل سلع قانونية. كما تمّ العثور على شحنات في قاعدة جوية عسكرية تابعة للنظام السابق.

Captagon : « La Syrie de Bachar al-Assad était un narco-Etat » https://t.co/NfUVFfw15w

— Public Sénat (@publicsenat) December 14, 2024 حزب الله والحشد الشعبي

وبحسب خبراء المُبادرة العالمية لمُكافحة الجريمة المُنظّمة العابرة للحدود الوطنية، التابعة للأمم المتحدة، فإنّ حزب الله اللبناني أصبح بالفعل وبشكل مُستقل ثاني أكبر مُنتج لهذه المخدرات. وهو ما يُشكّل فرصة مالية ضخمة لم يتردد الحزب، الذي قضت عليه إسرائيل في سبتمبر (أيلول) الماضي، من مواصلة استغلالها لتمويل إعادة الإعمار واستمرارية نشاطه.

وأما بالنسبة لكردستان العراق، حسبما نقلته يومية "لو فيغارو" الفرنسية، فقد عانى الإقليم من زيادة الاتجار بالكبتاغون، وخاصة عن طريق أكراد إيران، والعراق يُواجه اليوم مشكلة مزدوجة: فبعد أن كان في الماضي مُجرّد ضحية للاتجار، أصبح الآن لاعباً كاملاً في هذه العملية. والسبب وراء تفاقم المشكلة هو أنّه لم يعد مُجرّد نقطة عبور، بل بات هناك أيضاً مواقع تصنيع على الأراضي العراقية، بدأت في محافظة الأنبار الحدودية مع سوريا.

Le captagon, cette drogue illicite qui a transformé la Syrie en narco-État.
L’avenir de ce trafic reste incertain dans un pays dont l’économie a été alimentée par des milliards de dollars de contrebande et une forte demande des pays voisins.https://t.co/Gb2nNnz2eP [Rediff]

— Marc Gozlan (@MarcGozlan) March 9, 2025

وتنقل عن أحد سكان كردستان العراق، قوله إنّ الكبتاغون وصل أولاً من إيران بمُشاركة الميليشيات التابعة لها، مثل الحشد الشعبي، وعبر حزب الله اللبناني، وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي كان موجوداً في سوريا، وسط دوامة من الولاءات التي سيطرت عليها تجارة المخدرات على حساب السكان الذين وقعوا فريسة للإدمان أو انجرّوا إلى الاتجار بها.

مقالات مشابهة

  • "لا أرض أخرى" يحصل على توزيع سينمائي في منطقة الشرق الأوسط
  • الهادي إدريس لـ«الشرق الأوسط»: حكومتنا لإبعاد «شبح الانقسام» في السودان
  • لغز بلا أدلة.. رصاصة فى الظلام تنهى حياة صحفى بريطانى فى القاهرة 1977
  • «مجموعة السبع» تصدر بياناً بخصوص الأوضاع في الشرق الأوسط
  • الصين تؤكد التزامها بالسلام في الشرق الأوسط.. وأهمية الاتفاق الإيراني لمنع الانتشار النووي
  • الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد
  • رغم سقوط الأسد.. مصانع الكبتاغون تتجذر في الشرق الأوسط
  • لجنة النفط: حقول ميسان تنتج قرابة 300 ألف برميل يوميا من الخام
  • ارتفاع أسعار خاميّ البصرة مع صعود النفط عالمياً
  • ارتفاع المخزونات الأمريكية من النفط الخام الأسبوع الماضي