أبريل 14, 2024آخر تحديث: أبريل 14, 2024

رامي الشاعر

استشهد الفتى عمر أحمد عبد الغني حامد (17 عاما) متأثرا بجروح خطيرة جراء عدوان المستوطنين الإسرائيليين على قرية بيتين قضاء رام الله.

ارتقى ذلك الفتى إلى جانب عشرات الآلاف من شهدائنا الأبرار خلال العملية الوحشية الإسرائيلية الأخيرة، ذلك الإرهاب والإبادة الجماعية الذي يحدث على مرأى ومسمع من العالم أجمع.

إلا أن ما أقلق الغرب لم تكن تلك الضحايا التي بلغت اليوم نحو 34 ألف شهيد، ما أقلق الغرب هو ما يسمونه “تصعيداً إيرانياً”.

لم يقلق الغرب اغتيال الولايات المتحدة وإسرائيل كبار المسؤولين الإيرانيين في قنصلية إيران بدمشق، مطلع أبريل، ولم يقلق الغرب اعتداء إسرائيل على الجنوب اللبناني، وإنما يقلق الغرب “الرد الإيراني”.

أقول إن إيران لم تبدأ بالعدوان، وإيران تشارك منذ عقود في حرب مواجهة ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ولا أفشي سراً بأن إيران هي الداعم الأساسي لمحور المقاومة ضد العدو الصهيوني ومن ورائه الولايات المتحدة الأمريكية بهدف تحرير الأراضي الفلسطينية والمقدسات الإسلامية وعلى رأسها القدس والأقصى.

إيران، في الوقت نفسه، تدرك تماماً أن ما حققته المقاومة الفلسطينية الباسلة، وعودة الصراع الفلسطيني إلى مجراه الطبيعي، وهزيمة كافة مخططات الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط لتصفية القضية الفلسطينية، من خلال “صفقة القرن” وغيرها من الصفقات المشبوهة، لا يتجسد فقط في صمود شعبنا الفلسطيني في غزة، وعدم كسر إرادته، وإنما تشمل تداعياته ضرب هيبة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، وتعزيز مسار بلدان العالم في الاستقلال عن الهيمنة الأمريكية واللحاق بمسيرة الانتقال إلى عالم جديد هو عالم التعددية القطبية واحترام قوانين وميثاق الأمم المتحدة في احترام سيادة الدول وخياراتها استنادا لموروثها الثقافي والحضاري والتاريخي وخصائصها الجغرافية.

أود التوضيح هنا إلى أن إيران ليست في وضع حرج، كما تحب الرواية الغربية أن تصفها، وإنما هي تعي تماماً الدور الملقى على عاتقها، ومستعدة لتقديم الكثير من الشهداء في سبيل مستقبل شرق أوسطي جديد، وإيران ليست مفعولاً به، يقوم برد فعل يمكن أن ينعكس على مسار التغيرات الدولية باتجاه العالم متعدد الأقطاب، وإنما هي فاعل، وضمن فريق عمل واسع، وستستمر في دعم المقاومة لا فقط ضد إسرائيل، وإنما ضد المعايير الغربية المزدوجة، وضد النفاق والكذب والخداع والبلطجة الغربية، وهذا جزء أساسي من سمعة إيران.

أما فشل وهزيمة السياسات والأهداف الأمريكية التي دفعت الرئيس السابق دونالد ترامب للتهديد بـ “الحرب العالمية” إذا ما قامت إيران بالرد، فأود أن أطمئن الجميع، أن تصريحات كهذه ليست سوى “طق حنك” كما يقولون في بلاد الشام، مجرد شعارات فارغة للاستهلاك الانتخابي المحلي، وروسيا والصين والدول العربية وإيران وتركيا لن يسمحون بمثل هذا السيناريو المجنون.

 

الرد الإيراني بـ 185 طائرة مسيرة و36 صاروخ كروز و110 صاروخ أرض-أرض هو سلسلة من النضال تلتحم بنضال الشعب الفلسطيني، والذي لن يتوقف إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

لقد استشهد الفتى عمر أحمد عبد الغني في نفس الوقت الذي أعلنت فيه بعض الدول إغلاق مجالاتها الجوية، واستنفرت منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والإسرائيلية، وهرع المحتلون الصهاينة إلى الملاجئ خوفاً من الرد الإيراني. إنه انطلاق لرد فعل يجب أن تشارك فيه جميع دول المنطقة ضد أي اعتداء أو تماد أمريكي إسرائيلي في المنطقة، وضد أي جريمة يرتكبها المستوطنون بحق أبناء شعبنا الفلسطيني. إن واشنطن وتل أبيب يسلّحون المستوطنين لقتل السكان الأصليين الفلسطينيين العزل.. ألا يذكّرنا ذلك بأسلوب جرائم دير ياسين لتهجير شعبنا الفلسطيني.

إن ما حدث في الـ 24 ساعة الأخيرة بمثابة تحذير أخير للولايات المتحدة وإسرائيل بأنه حال عدم التجاوب مع إخلاء جميع المستوطنات والانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعرقلة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فإن القادم سيكون أعظم بكثير، وإرادة الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية والإسلامية في الصمود في غزة والضفة الغربية وسائر الدول العربية والإسلامية مدعومة بمليارات البشر حول العالم، وهو زخم لا يمكن الاستهانة به .

مرتبط

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة

إقرأ أيضاً:

سلام من دون سلام؟

أعتذر للقراء الكرام أنني قد أعدتهم مع هذا المقال إلى موضوع ملّوا الحديث عنه والسماع به وبتفاصيله، بل بأدق دقائقه، خاصة خلال الأيام الماضية. نعم إنه تنصيب ترامب وعودته إلى البيت الأبيض محقوناً بفيتامين العظمة، ومستعرضا عضلاته السياسية ليكون ترامب في عالم السياسة تماماً كما كان في عالم المصارعة. ولعل أحد أهم ما يثير الانتباه هو حديث ترامب عن رغبته بأن يكون رجل سلام، ورغبته في إنهاء الحروب، حسب زعمه، لكن ترجمة العديد من أوامره التنفيذية الأولى، ومع دخوله البيت الأبيض وما ساقه من تصريحات، لا يمكن أن تجلب السلام أبداً.

فرفع العقوبات عن البعض من المستوطنين الإسرائيليين، وتغيير اسم خليج المكسيك ليصبح خليج أمريكا، ورغبته في السيطرة على قناة بنما، وضم كندا لبلاده، والاستحواذ على غرينلاند التابعة للدنمارك، وفرض الجمارك على جميع البضائع الأجنبية، وإعلان حالة الطوارئ في جنوب أمريكا، وتحديداً على الحدود مع المكسيك، وطرد ملايين اللاجئين من بلاده، إنما تشكل مجتمعة وصفة بديهية لإشعال حروب لن تنتهي، إلا بالتراجع عن هذه القرارات أو خروج ترامب من الحكم.
سلام بلا سلام، ودخان بلا نار، أمور من الصعب حصولها
سلام بلا سلام، ودخان بلا نار، أمور من الصعب حصولها، خاصة أن الحروب المالية والاقتصادية واللوجستية الضخمة، وما بينهما من تفاصيل لن تحسمها المفاوضات والضغوطات التكتيكية المختلفة وإنما غالباً ما تذهب في معظمها نحو حروب كارثية بفاتورة دماء ومهالك صعبة. 

ترامب المحقون بإرادة ذاتية باستعادة أمريكا لعظمتها كما يقول، يبدو وكأنه لم يقرر الانتقام من خصومه فحسب، وإنما أيضاً من العالم برمته على ما يبدو، وذلك عبر نهج يشبّهه البعض بالاستعمار المباشر للدول والشعوب، أسوة باستعمارات القرن السابق. ولعل الرئيس المنصرف جو بايدن، قد تنبه لرغبات ترامب وطموحاته، فذهب وفي مفارقة غريبة، نحو إصدار عفو عام عن أفراد أسرته ومعاونيه وصولاً إلى برلمانيين اثنين من الحزب الجمهوري، ممن وقفوا في وجه ترامب ذات يوم، إضافة إلى العالم الأمريكي الذي قاد الحرب على كورونا، ثم خرج لينتقد ترامب، هو الدكتور انثوني فاوتشي. 

وبذلك تتكون المفارقة الأكبر من خلال تبلور طموحات ترامب الاستعمارية وإعفاءات بايدن، ما يشكل اختراقاً غريباً للمفاهيم العالمية لديمقراطية وحقوق الإنسان والشفافية والنزاهة واحترام القانون. مفاهيم تغيب بفعل هاتين الخطوتين، وفي دولة تدّعي الديمقراطية والعظمة.

ومع الاحترام الكبير لهموم وعموم الدول والشعوب قاطبة إلا أن الفعل الأساس لتحقيق جائزة نوبل للسلام، التي اتهم البعض الرئيس ترامب باستماتته للظفر بها، لن يتأتى إلا من خلال إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، على قاعدة إعطاء الشعب الفلسطيني حقه وأرضه ودولته، والتوقف عن الاقتناع بأن القوة والسلاح والجبروت والأسوار الحديدية واحتلال المزيد من الأرض هم من سيوصلون ترامب إلى الجائزة المنشودة حتى في أوج التطبيع ومصائبه المعروفة.. فالقوة ليست في الأحلام وإنما في الأفعال…ننتظر ونرى.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • الحكومة اليمنية: نرحب بقرار الولايات المتحدة الأمريكية تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية أجنبية
  • زيلينسكي يطالب الغرب بإرسال قوات إلى أوكرانيا
  • الفريق أول شنقريحة: نتعاطف مع الولايات المتحدة الأمريكية جراء حرائق كاليفورنيا
  • وزير الأمن الإيراني: الولايات المتحدة ستمارس ضغوطا علينا للتصالح مع إسرائيل
  • سلام من دون سلام؟
  • بعد توقف مؤقت.. عودة تيك توك للعمل في بعض الولايات الأمريكية
  • "الصحة العالمية" تعلن استيائها من انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من المنظمة
  • محلل سياسي: ترامب يسعى لاستخراج الوقود من جميع الولايات الأمريكية
  • دي فانس يؤدي القسم نائبًا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • الرئيس الإيراني: الشعب الفلسطيني وقف ضد الكيان الصهيوني بقوة وكرامة