بوابة الوفد:
2025-03-03@11:45:16 GMT

ماركيز... الروائى الفذ

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

على الرغم من مرور عشرة أعوام على رحيل الروائى العالمى الفذ جابرييل جارسيا ماركيز، إلا أن رواياته مازالت حاضرة بقوة فى وجدان الناس وعقولهم.

رحل ماركيز فى 17 أبريل 2014، ومع ذلك لا أظن أن الإبداع العربى فى مجمله عرف روائيًا أجنبيًا زلزل بنيانه الراسخ أكثر من ماركيز، هذا الروائى الكولومبى الذى قطف جائزة نوبل للآداب عام 1982، (كان عمره آنذاك 55 عامًا فقط)، فلما ترجمت أعماله إلى اللغة العربية، أقبل عليها القراء بشغف لا مثيل له.

وصارت رواياته بجسارتها اللافتة وأحداثها العجائبية المذهلة حديث الذين أدركتهم حرفة الأدب، سواء من كتبوه أو تذوقوه. لماذا؟.

لأن الرجل شق نهرًا جديدًا فى أرض الرواية بعد أن كادت تبور، فأزهرت وأثمرت، فاكتشف كل من الكاتب والقارئ أن الإبداع مازال عفيًا، وأن فنون القص مازالت خصبة، وأن الإنسان الموهوب قادر على ابتكار حكايات وروايات تشرح الصدر وتثير الأسئلة وتمتع الوجدان.

يتكئ إبداع ماركيز على عدة عوامل جعلته يصل إلى مستوى غير مسبوق فى فن الرواية من حيث إحكام العمل وإتقانه وروعته، من أبرز هذه العوامل: قدرته الخارقة على تخليق سبيكة روائية يمتزج فيها بمهارة عجيبة الخيال الموفور مع الواقع اليومى، بحيث يصعب على القارئ تحديد من أين يبدأ الخيال ومتى ينتهى الواقع؟ فكل منهما يتضافر بإعجاز مع الآخر.

كما أن الرجل ينحاز فى رواياته إلى العدل وينفر من الظلم والقهر والضيم، أما الديكتاتورية فيفضحها بسخرية مريرة ويندد بجرائمها بشكل فنى جميل. ولا تنس أن أمريكا الجنوبية تعرضت فى زمن ماركيز لمجموعات بائسة من الحكام المستبدين.

ترك لنا ماركيز مجموعة من الروايات المذهلة، فضلا عن عدد مدهش من القصص القصيرة، أذكر من هذه الروايات: (ليس لدى الكولونيل من يكاتبه)، و(مائة عام من العزلة)، و(خريف البطريرك)، و(سرد أحداث موت معلن)، و(خبر اختطاف)، و(الحب فى زمن الكوليرا) وغيرها.

من حسن الطالع أن المقادير أهدتنا المترجم الفلسطينى العبقرى صالح علمانى الذى نقل لنا أعمال ماركيز من اللغة الأسبانية مباشرة، حيث هى اللغة التى أبدع بها الرجل رواياته الفاتنة. لقد أوتى هذا المترجم العظيم براعة لغوية جعلته يعرض علينا تلك الروايات بلغة فصحى بالغة الحلاوة والجمال. ومع ذلك علينا الحفاوة بالمترجم المصرى الكبير الدكتور سليمان العطار الذى ترجم برشاقة (مائة عام من العزلة)، كذلك المترجم المصرى المتفرد (عبدالمنعم سليم) الذى ترجم بجمال (سرد أحداث موت معلن)، ولا ننسى المترجم التونسى القدير محمد على اليوسفى الذى ترجم بذكاء (خريف البطريرك).

أذكر جيدًا أن (مائة عام من العزلة) رافتنى طويلا فى ليالى الخدمة العسكرية عام 1985، فاستحوذت على خيالى وأفكارى وأحلامى وأسعدتنى أيما سعادة فى تلك الأيام الخوالى.

أما (الحب فى زمن الكوليرا) فأظنها أفضل ما أنتج ماركيز، من حيث فرادة الفكرة وإحكام البناء وبراعة الخيال وعذوبة اللغة.

أجل... ماركيز... أبدع فأمتع وأثرى. إنه معجزة روائية عابرة للقرون.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق جابرييل جارسيا

إقرأ أيضاً:

الشباب ولغة القرآن

 

مع كتابة العمود، لا تفصلنا إلا ساعات قليلة عن رؤية هلال شهر رمضان، والغالب بحسب الحسابات الفلكية بأن اليوم السبت هو اليوم الأول من شهر رمضان المبارك للعام ١٤٤٦هـ.

شهر رمضان هو شهر القرآن؛ الذي نزل بلسان أهل الجنة؛ وهي العربية الفصحى، ولهذا ينبغي على المجتمعات العربية المسلمة الاعتناء بلغة القرآن وإعطاؤها الاهتمام الذي يليق بها.

يوم الأربعاء الماضي حضرنا مناقشة الدكتور محمد علي أحمد المولد- وزير الشباب والرياضة، في قاعة جمال عبدالناصر بكلية الآداب، وكانت مخصصة في اللغة العربية تحت عنوان : «ألفاظ محكية من منطقة مغرب عنس بمحافظة ذمار- دراسة معجمية مقارنة».

من خلال المناقشة استخلصت أهمية تعلم اللغة العربية، ليس فقط لغير الناطقين بها، بل الأولى بذلك التعلم الناطقون بها، كون لغتنا للأسف الشديد لم تعد سليمة وكأننا غرباء عنها.

سوء النطق وكتابة اللغة العربية أصبح ظاهرة محزنة، خاصة لخريجي الجامعات اليمنية، ناهيك عن الثانوية العامة، التي زادت طريقة الاختبارات (الإجابة بالاختيارات) من عدم اتقان الكتابة لدى الخريجين.

جميل جدا أن يكون من على رأس هرم الوزارة عالماً بالفقه واللغة، وفي ذلك إضافة مهمة لفئة الشباب، الذين ينبغي عليهم التحدث بالعربية ومعرفة قواعدها.

المراكز الصيفية التي تقيمها وزارة الشباب والرياضة سنويا، يقع على عاتقها التشديد على تعليم النشء اللغة العربية، فهم في غاية الاحتياج إلى ذلك.

عندما نشاهد أي رياضي في مداخلة تلفزيونية أو نسمعه عبر المذياع، نتحسر كثيراً على سوء التعبير وضحالة الثقافة وانعدام الأسلوب اللغوي، ولهذا من الضروري إجراء دورات لغوية للرياضيين، لتكون مهاراتهم مزدوجة فنيا ولغويا.

مع بداية الشهر الفضل، يغفل الكثير من الشباب عن هقد النيات الصالحات، كما كان عليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم والسلف الصالح، من أن يكون هذا الشهر كله عبادة خالصة لله تعالى وأن يكون صيامه وقيامه إيمانا واحتسابا لله وحدة، وأن يكون من بين النيات جعل هذا الصيام والقيام مختلفا عن سائر الأعوام؛ من خلال التزود والتفكر والتدبر والابتعاد عن كل ما ينقص من قدر الصوم والصائم.

علينا ألا نجعل صومنا عادة؛ بل نحوله إلى عبادة، حتى نحصل على الأجر والاستفادة.

اللهم أهل علينا شهر رمضان المبارك بالخير واليمن والبركات، واجعله شاهداً لنا بالخيرات لا شاهدا علينا بالمعاصي والسيئات، اللهم وفقنا لصيامه وقيامه وارزقنا ليلة قدره واعتق رقابنا ووالدينا جميعا من النار… كل عام وأنتم بخير.

 

مقالات مشابهة

  • يوم اللغة السقطرية
  • قراصنة العصر الحديث.. الهاكر الذى اخترق ناسا وهو بعمر 15 عامًا
  • النظام الجزائري يعلن رسمياً عزلته بعد إستبعاد “العالم الآخر” من التحضير للقمة العربية(بيان)
  • ترند زمان.. أنا ضحية جبروت امرأة .. اعترافات المذيع إيهاب صلاح بقتل زوجته
  • "رمضان يعنى".. ابتهالات النقشبندي والأذان بصوت محمد رفعت وخواطر الشعراوى
  • حرب المعادن الأوكرانية مستمرة.. بعد توتر العلاقة بين ترامب وزيلينسكى.. السؤال الذى يشغل العالم لماذا تجعل واشنطن اتفاقية التعدين عنصرًا حاسمًا فى عملية السلام مع روسيا؟
  • الحكام ليسوا السبب الوحيد.. أسرار تراجع نتائج الزمالك في الدوري
  • الشباب ولغة القرآن
  • العزلـة فـي زمـن الوبـاء.. نظـرة نحـو المـوت والحيـاة!
  • محافظ الدقهلية يفتتح مسجد النجار بالمنصورة ويثمن دور الجمعيات الأهلية