سريعًا رحل عنا ضيفُنا الكريم تاركًا خلفه ذكريات ونسمات طيبة حتى تمنينا أن لا يرحل أبدا وحتى تساءلت القلوب الطيبة: ماذا لو كان العام كله رمضان؟
ودائمًا، ومهما تكن الحالة المزاجية لهذا الشعب الصابر، يأتي رمضان فيضع الناس همومهم وأوجاعهم جانبًا، ويستقبلون هذا الضيف بصدورٍ منشرحة، وقلوب مليئة بالأمل والتفاؤل، فى رمضان يزداد الخير والبذل والعطاء فلا تجد جائعا أو محروما، فالتنافس على أشده دون انتظار للقطة أو إشادة، فالجزاء مضمون إذا ما حسنُت النوايا دائمًا.
فى رمضان يتزاور الناس ويصلون الأرحام، فلا تغيب المودة بين الأهل والأصدقاء، حتى وإن كانت حبال الود مقطوعة قبله، فى رمضان تشعر بحالة روحانية طيبه تفوح من أرجاء البلاد، وكأننا لم نكن بالأمس القريب غارقين فى ملذات الدنيا بعيدين كثيرًا عن الحقيقة الوحيدة الباقية فى هذه الحياة وهى أننا ما خُلقنا إلا ضيوفًا عابرين ننشد السلامة والرضا من رب عفو كريم.
فى رمضان الذى ليته يدوم طوال العام ترى الناس كبارا وصغارا يتسابقون نحو دور العبادة قيامًا لله، وكأنما لم تُخلق المساجد إلا لرمضان، فلا غائب ولا متكاسل إلا من حلت عليه الغفلة وطال به الغياب، الناس فى رمضان يتعرفون من جديد على بعضهم البعض فى المساجد، سكان البناية الواحدة الذين لا يعرفون جيرانهم إلا فى لقاءات عابرة داخل المصاعد أصبحوا يصطفون كل يوم عدة مرات بجانب بعضهم فى المسجد المجاور أو ربما الموجود أسفل بنايتهم ذاتها، الآباء يصطحبون الأبناء والنساء لينهل الجميع من تلك الجرعة الإيمانية الرائعة كل يوم وكل ليلة.
ما هذا السحر الدفين فى ذلك الشهر الذى هو خير الشهور، والذى فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر؟ يدخل الناس شهرهم الكريم محملين بهموم الدنيا ومصاعبها فيخرجون منه بحال أفضل ولو نفسيًا، فيأتيهم العيد ليفرحوا ويواصلوا مسيرتهم نحو رمضان جديد ينشدونه من العامِ إلى العام ويبقى السؤال الذى لا مفر منه: لماذا لا نستمر هكذا بعد رمضان؟ لماذا لا يدوم الخير والعطاء والبذل الوفير طوال العام؟ لماذا تنقطع الأرحام وتعود بيوتنا للتشتت بعد رمضان وقد كنا نجتمع كل ليلة على مائدة واحدة للإفطار؟ هل هو صعب أن نستمر هكذا ونُبقى رمضان فى بيوتنا حاضرًا طوال العام؟
كل رمضان وأنتم بخير، وليتقبل الله من أمة محمد كلها صيامهم وصلاتهم وقيامهم، وما قدموه للآخرين من مودة ورحمة وتكافل، ولعلنا نطيل التدبر فى أثر هذا الشهر على نفوسنا وعلى سلوكيات الكبار والصغار فنظل متمسكين ببعض هذه الروح الطيبة التى كانت سائدة طوال الشهر، ففي ذلك النجاة، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.. رمضان لا نقول وداعًا، ولكن نقول إلى لقاء آخر إن كنا من المحظوظين.. اللهُمَّ بلغنا رمضان.. كل عام وأنتم بخير.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فى رمضان
إقرأ أيضاً:
الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية يكشف عن آلية اختيار مبعوثي الأزهر للخارج
أكد الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن المسلمين في الخارج يحتاجون إلى الوصول إليهم وتوعيتهم بعيدًا عن التحزب أو التفرق أو العمل من خلف أيدولوجيات أو أجندات، كما نحتاج إلى تخفيف حدة الإسلاموفوبيا لدى العالم الخارجي.
آلية اختيار المبعوثين من الأزهر للخارج
كشف الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، في حوار لموقع صدى البلد، عن آلية اختيار المبعوثين إلى الخارج، منوها بأن المجمع يعمل على اختيار العناصر الأكفأ لتمثيل مصر والأزهر في دول العالم المختلفة، ولذا تقوم مرحلة الاختيار الأولية على معايير موضوعية لاختيار الكفاءات فقط فهذه النماذج المبتعثة التي تمثل مصر والأزهر في دول العالم ولذلك فلابد أن يكونوا نموذجا متميزا، بداية من الاختبارات التحريرية ثم الشفوية ثم المقابلات الشخصية والتي تستهدف اختيار أفضل مدرسي ووعاظ الأزهر من حيث التخصص العلمي والسمات الشخصية.
وتابع: فإذا انتقلنا إلى ما بعد مرحلة الاختيار، فإن الأمر لا يقتصر على هذا فحسب وإنما يتم تكثيف الدورات التأهيلية لهم قبل سفرهم حتى يكونوا على إلمام كاف برؤية ورسالة الأزهر، فضلا عن تدريبهم على كيفية التعامل مع الثقافات المختلفة، وكيفية كسب ثقة الناس والتأثير فيهم وتلبية احتياجاتهم المعرفية، وبيان المعالم الحقيقية للإسلام ورؤيته للتعايش السلمي واحترام الآخر، من خلال المنهج الوسطي للأزهر الشريف الذي يقوم التواصل المعرفي والحضاري مع مختلف الشعوب لأجل ترسيخ معالم السلام والعيش المشترك بين الناس.
دور مبعوثي الأزهرأشار إلى أن مبعوثي الأزهر الشريف إلى مختلف دول العالم سواء في شهر رمضان أو في طوال العام عليهم دور كبير ومهم يتمثل في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام وتجليته من كل ما يلصق به من ادعاءات باطلة، وتقديم هذا الدين في صورته الحقيقة السمحة التي تدعوا إلى السلام والمحبة، وتنبذ العنف والتطرف، والعمل على التأثير في تلك المجتمعات وتلبية احتياجاتهم المعرفية، من خلال المنهج الوسطي للأزهر الشريف الذي يقوم بالتواصل المعرفي والحضاري مع مختلف الشعوب لأجل ترسيخ معالم السلام والعيش المشترك بين الناس.
وأكد أن مبعوثي الأزهر نؤكد عليهم أن يكونوا على قدر مسؤولية الهيئة الأزهرية الوقورة في تلك البيئات الخارجية، فهي تمثل لسان حال وترجمان لما درسناه في الأزهر الشريف ولما تكونا عليه، كما يجب أن يكون لديهم هيبة؛ فهم يمثلون سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله عز وجل وكذلك يمثلون الأزهر الشريف.