* د. أمجد إبراهيم سلمان

بمبادرة مُفعمة بالإيجابية قدّمها المهندس عمّار حامد العوض، والتف حولها عدد من الأصدقاء في نهايات شهر رمضان المبارك، شمّر الجميع عن ساعد الجد، ووضعوا المبادرة حيز التنفيذ، ولضيق الوقت المتبقي للعيد وبعدما قدّم المركز الثقافي السوداني بالدوحة الطلب الرسمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالسماح للسودانيين بإقامة صلاة العيد فيه داره، حتى تكونت مجموعة للمتابعة ووضع السيناريوهات لتنظيم الحدث بصورة تليق بالمناسبة الدينية العظيمة، وتعكس وجه السودانيين للمجتمع القطري بصورة مشرفة وخاصة للمسؤولين في وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، حتى تكون التجربة من النجاح بمكان بحيث يعتمد المركز الثقافي السوداني مستقبلاً مكاناً دائما لإقامة الصلاة للسودانيين فيه، والجدير بالذكر أن فكرة تجمع السودانيين في الأعياد فكرة عريقة ابتدرها المستشار القانوني الراحل مولانا عبد المنعم المكّي في معايدة السودانيين في نادي الغزال وهو ناد ضخم كان يقع بمقربة من منتجع شرق حالي في منطقة متاخمة لملعب 974 الذي لعبت فيه عدد من مباريات كأس العالم 2022.

وللتوثيق فقد كان الراحل هو صاحب ومتابع لفكرة إقامة مركزٍ ثقافيٍ للسودانيين في قطر، وعرفان من القائمين على أمر المركز الثقافي بجهوده الكبيرة، فقد أسميت صالة المحاضرات الكبرى باسم الراحل المقيم.

ما إن وصلت الموافقة الرسمية للجنة المنظمة بتاريخ 2 أبريل 2024 م الموافق 23 رمضان 1445 هجرية، حتى بدأت لجنة المتابعة في وضع مقترحاتها التي تداولتها في اجتماعاتها التحضيرية، فقد التزمت الوزارة بابتعاث إمام معتمد لديها كي يقدم الخطبة، وتواصلت اللجنة مع شركات إيجار السجاد ومكبرات الصوت وغيرها من الاستعدادات، ولأن “عمل الخير ربنا بتمو” على قول أهلنا في السودان، فقد تبرّع أحد الخيرين بابتعاث شركة نظافة قامت ولمدة عدة ساعات بتنظيف الساحات الخارجية والمبنى للحدث الكبير، كما واصلت اللجنة إشرافها على التنفيذ بعد إفطار أعضائها في المركز وحتى الساعة الثانية صباحاً مع عدد من المتطوعين، حيث نُصب المنبر، ووُصِّلَت السمّاعات وحتى تنظيف مدخل المركز وتجهيزه تحسباً لأي أعداد إضافية من المصلّين، واهتماما بالسيدات والأطفال المتوقع حضورهم، فقد حُضِّر هدايا عيد على شكل أكياس ورقية تحتوي على حلويات ومكسّرات وعصير مع تهنئة مصممة بصورة احترافية، كما حرصت اللجنة على تجهيز عيدية رمزية بقيمة عشرة ريالات لكل طفل، وذلك توضيحاً للأطفال الصغار بطقوس العيد في الوطن، بالإضافة إلى ذلك جهّز الأستاذ محمد السنّي دفع الله مسرحية عرائس للأطفال، الجدير بالذكر أن معظم تمويل كل هذه التجهيزات تم بتبرعات من أعضاء اللجنة أنفسهم مع تبرع إضافي من فاعل خير من خارجها هذا بالطبع لما أسلفناه من التبرع بنظافة المركز من قبل شركة متخصصة.

قبيل الخامسة صباحاً، أي قبل الصلاة بحوالي 40 دقيقة توافد أعضاء اللجنة مع المتطوعين، وبدأ توجيه السيارات كي تتجه إلى الساحات الخارجية البعيدة عن مدخل المركز، وبدأت أعداد السودانيين تتوافد شيباً وشباباً ونساءً وأطفالاً، وبدأت تكبيرات العيد المحببة إلى النفوس تشق عنان سماء الدوحة التي كانت نسماتها الباردة رفيقة بالمصلّين في ذلك الصباح الاستثنائي. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد رددتها الحناجر والقلوب بشكل متناغم بديع مع روعة الفجر الجميل.

قُبيل اعتلاء الإمام يوسف أبو صالح المنبر كانت باحة المركز الخارجية قد امتلأت حتى جوانبها بالمصلين وحتى المكان المخصص للسيدات جرى توسيعه حتى يستوعب تلك الأعداد الكبيرة منهن، ولأن القلوب كانت ترنوا إلى يوم يذكرهم بمناسبات أثيرة على النفوس، فلم نلمح أثراً تضايق أو تدافع أو عدم رضى من الجميع، وكما يقول السودانيون “النفوس أكان اتطايبت فالعنقريب بشيل مية”. أكمل مولانا أبوصالح الصلاة بصوته الخفيض الذي يتميز ببحة محببة للنفوس، وانطلق يخطب في تؤدة شارحاً أهمية العيد ومركزاً على قضايا مهمّة في تعاضد السودانيين في غربتهم بمساعدة بعضهم البعض، وخاصة المساندة عبر العلاقات المهنية والتأهيل للشباب الوافدين حديثاً إلى الدوحة في البحث عن عمل، كما شدّد بالدعاء بالسلام لبلادنا التي اجتاحتها الحرب حتى تعود بلادنا بلاد رخاء وسخاء وسائر بلاد المسلمين، ولم تفت على فطنة محدثنا كذلك التوجه بالشكر لدولة قطر البلد المضيف متمنياً لها بدوام الأمن والسلام لأهلها الكرام الذين ما انفكوا يقفون بجانب بلادنا في كل ملماتها وخطوبها، وكانت لحظة مؤثرة حينما تهدج صوت مولانا أبوصالح عند دعواته بعودة السلام للسودان، فأطرق البعض يُغالب دموعاً سخينة.

ما أن انتهت الخطبة حتى أقبل المصلون بعضهم على بعضٍ مهنئين معانقين حتى من دون معرفة سابقة، فتسابقت الأكف للسلام بين من تجاوزوا في الصلاة، ومضى البعض للسلام حتى تجاوزوا جدران المركز الثقافي حيث كان هناك أكثر من صف من المصلين خارجه، ووزعت على المصلين زجاجات المياه والتمور والحلويات والمخبوزات التي جُهِّزَت مسبقاً كما جرى اصطحاب الأطفال إلى صالة المسرحية الداخلية، وبينما كانت العادة أن يمضي كلٌ إلى حال سبيله فور انتهاء الصلاة، فقد مكث الجميع في باحة المركز، وفي الشارع الخارجي يتجاذبون أطراف الحديث، ويتبادلون التحايا ولسان حالهم يقول هذه لحظة محببة قلّما يجود الزمان بمثلها، فلنحاول الاستطالة فيها قدر المستطاع.

دروس وعبر: لقد نجحت صلاة العيد هذه السنة في تقديم نموذج إيجابي احترافي لقدرة الناس متى ما صدقت نواياهم، واتقدّت عزيمتهم على الفعل الإيجابي، ويقيني أن لهذا الحدث الكبير ما بعده، فقد نجحنا كلنا في تقديم رسالة حضارية مهمة للمجتمع من حولنا بقدرتنا على تنظيم حدث بهذه الدقة في الترتيب، والهمة في الإنجاز في وقت قصير جداً. بدليل حضور بعض المقيمين من بلدان أخرى من جيران المركز الثقافي لمشاركتنا الصلاة، من ناحية أخرى، ومن ردود الفعل الإيجابية من السوشيال ميديا وعبر الاتصالات المباشرة تبين أن ما يجمعنا كسودانيين من مختلف مشاربنا الثقافية وأصولنا القبلية أكبر بكثير عمّا يفرقنا لذا أتت فرحتنا بالعيد معبّرة عن تلك الفسيفساء الاجتماعية المختلفة لبلادنا الحبيبة، لذا نتمنى لوطننا السودان السلام والاستقرار، ما يحقق أشواق أبنائه في الازدهار والنمو، وأعتقد جازماً أن الوجود السوداني الفاعل في قطر يمكنه أن يقدم مبادرات إيجابية في قضايا شتى مثل تخفيف المعاناة عن كاهل أهلنا وحتى المساهمة في وضع تصورات وخطط إيجابية لإعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب خاصة بعد الخبرات الكبيرة التي اكتسبها المهنيون السودانيون في قطر خلال نهضتها في العقدين الأخيرين.

كل عام وبلدنا السودان بألف خير..

* نائب رئيس لجنة المركز الثقافي السوداني بالدوحة

الوسومد. أمجد إبراهيم سلمان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المرکز الثقافی السودانیین فی الله أکبر فی قطر

إقرأ أيضاً:

10 فضائل للصلاة على النبي ليلة الجمعة.. لا تفوتها

مع دخول ليلة الجمعة، تدعو دار الإفتاء المصرية المسلمين للإكثار من الصلاة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، مشددة على فضل هذا الذكر وأثره في حياة المسلم.

على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، نشرت دار الإفتاء: "في ليلة الجمعة، فلنكثر فيها من الصلاة على الحبيب وآله وصحبه وسلم."

 

وأكدت أهمية الصلاة على النبي في جميع الأوقات، لكنها تعد ليلة الجمعة وقتًا مميزًا للتقرب إلى الله بالصلاة والسلام على رسوله.

10 فضائل الصلاة على النبي

1. عشر حسنات مقابل كل صلاة: يكافأ المسلم بعشر حسنات لكل صلاة على النبي.


2. رفع الدرجات: تُرفع درجات المصلي عشر درجات.


3. مغفرة السيئات: يغفر الله عشر سيئات للمصلي.


4. الشفاعة يوم القيامة: تفتح الصلاة على النبي باب شفاعة الرسول.


5. تفريج الهموم: يكفي الله العبد ما أهمه.


6. تضرع الملائكة: تصلي الملائكة على المصلي على النبي.


7. امتثال لأمر الله: تعد الصلاة على النبي طاعة وامتثالًا لأوامر الله.


8. استجابة الدعاء: تجعل الدعاء أكثر قبولًا عند الله.


9. علاج للبخل: تزيل صفة البخل عن المسلم.


10. زيادة البركة: من أسباب البركة في الرزق وتفريج الكروب.

 

دار الإفتاء تحث المسلمين على استغلال هذه الليلة المباركة بالصلاة على النبي، داعية الله أن يفتح لهم أبواب رحمته ويمنحهم البركة في حياتهم وأعمالهم.

مقالات مشابهة

  • الإفتاء: الحج لا يغني عن الصلاة
  • 5 حلول عملية للمداومة على الصلاة
  • ما هو فضل الصلاة على النبي يوم الجمعة؟.. «خيرٌ في الدنيا والدين»
  • دعاء آخر جمعة في السنة 2024.. يقضي لك 100 حاجة ويزيد رزقك
  • 10 فضائل للصلاة على النبي ليلة الجمعة.. لا تفوتها
  • المركز الثقافي الأفريقي بأسوان يواصل استقبال زواره من طلاب المدارس
  • ختام فعاليات الأسبوع الثقافي بالإدارات الفرعية بالفيوم
  • أوقاف الفيوم تختتم فعاليات الأسبوع الثقافي في 17 مسجدًا
  • الوطنية للتربية والثقافة تناقش إبراز دور سلطنة عمان في حماية التراث الثقافي
  • حكم الصلاة عند الحاجة لقضاء البول أو الريح.. دار الإفتاء توضح