بيروت- يعيش اللبنانيون ساعات من القلق ترقبًا لانعكاسات الهجوم الإيراني بمئات المسيرات والصواريخ على إسرائيل، في مواجهة هي الأولى من نوعها بالمنطقة، على جبهة الجنوب، ودوت في سماء لبنان ليلة أمس أصوات انفجارات في بعلبك والجنوب وصولا إلى بيروت، بفعل ارتدادات إسقاط الصواريخ والمسيرات فوق سوريا والأردن.

وتوازيا مع الهجوم الإيراني ليلا، أُطلقت من جنوب لبنان عشرات الصواريخ نحو إصبع الجليل والجولان السوري المحتل، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي عن استهدافه ما وصفها بمواقع لحزب الله في شرق لبنان عند الحدود مع سوريا، كما قال إنه قصف منشآت عسكرية في مجمع تابع لحزب الله بمنطقة جباع جنوب لبنان.

ومع ادعاء جيش الاحتلال الإسرائيلي، عن اعتراض 99% من الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية البالغ عددها نحو 300، ومع إعلان إيران انتهاء عملياتها العسكرية وتوعدها برد أقسى، تضاربت التحليلات لبنانيًا حول الهجوم الإيراني وتداعياته على جبهة الجنوب.

وتصدر الحدث النقاش العام شعبيا وسياسيا، بين من وجد أن هجوم إيران استعراضي بلا مفعول ميداني، وبين من اعتبر أن ما فعلته إيران حدث تاريخي وجريء هدد أمن إسرائيل وأعاد تشكيل موازين الردع بالمنطقة.

وفي هذا الإطار، تناقش الجزيرة نت كلا من: الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حزب الله غسان جواد، والكاتب والمحلل السياسي المقرب من الحزب التقدمي الاشتراكي صلاح تقي الدين، ومسؤول جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور.

تحول استثنائي

يصف غسان جواد هجوم المسيرات والصواريخ الإيرانية من أرض إيران مباشرة نحو إسرائيل بالتاريخي، لأنه "ينقل الصراع إلى مستوى غير مسبوق من السخونة والجرأة، بعد الاعتداء على القنصلية الإيرانية بدمشق".

وفي ظل الحرب بغزة والانحياز الغربي لإسرائيل، يجد جواد أن العالم يترقب ما إذا كان الرد الإيراني، سيحتوي الموقف، أم سيؤدي لمزيد من التدحرج بالصراع مع إسرائيل.

فمنذ 45 عاما ومنذ الثورة الإيرانية، لأول مرة تطلق الصواريخ من إيران مباشرة نحو إسرائيل، مما يعني تحولا استثنائيا بمشهد المواجهة بالمنطقة، بحسب جواد، و"ستستفيد حركات المقاومة، لا سيما بين فلسطين ولبنان، من إعادة تشكيل موازين القوة بدخول إيران المباشر بالمعركة".

في حين، يعتبر شارل جبور، أن ما فعلته إيران مجرد استعراض فقد عنصر المفاجأة بتبليغ العالم مسبقا بعمليتها، وجاء "لحفظ ماء وجهها، وقد يكون بالتنسيق مع واشنطن، حيث لا يختلف عن الرد الإيراني عند اغتيال قاسم سليماني (3 يناير/كانون الثاني 2020) والرد عليه بالهجوم على قاعدة عين الأسد في العراق".

رد منسق

ويرى جبور أن إيران ردت شكليا، لكن من دون نتائج عملية، وأهمها عنصر المفاجأة، لا سيما أن إسرائيل لا تبلغ العالم مسبقا عند تنفيذ عملياتها ضد إيران. ويقول "إن هجوم المسيرات الإيرانية، والتي تم اسقاط معظمها، هو رد منسق بكل المعايير وغير ناجح، ويؤكد على أن طهران لا تريد استفزاز واشنطن، وأنها ملتزمة بضوابط ما سماه حزب الله بحرب المساندة، كما يؤكد أن إيران لا ترغب دخول حرب جدية ومباشرة مع إسرائيل".

لكن صلاح تقي الدين، يرى أن إيران استعادت بهجومها الجوي، ما كانت على وشك خسارته أمام حلفائها وخصومها، وهو مصداقية الدعم للمقاومة الفلسطينية ولغزة، لكن إسقاط إسرائيل للمسيرات وكذلك تحرك الدفاع الجوي بالمنطقة ضدها، جعل من فعالية الرد أقل من المتوقع.

ومع ذلك، يجد المحلل أن إيران كسبت الحرب النفسية ضد إسرائيل وأمام العالم، وتمكنت لساعات من أن تحرك كبرى الدولة الغربية من واشنطن إلى بريطانيا وفرنسا وغيرها، وأن تعيش إسرائيل ساعات من التأهب والرعب لن تنساها.

أما نجاح أو فشل إيران بعمليتها، فيتوقف وفق تقي الدين، عند حجم الأضرار التي خلفها سقوط نحو 7 صواريخ في إسرائيل عند أهدافها.

وحول ذلك، يعقب غسان جواد معتبرا أن الاستخفاف بعملية إيران "هو نوع من التضليل لفعاليتها الكبيرة، ليس العسكرية فحسب، بل الإستراتيجية والسياسية والعالمية"، ويدعو لترقب نتائجها الفعلية.

لبنان وتداعيات الهجوم

وبحسب شارل جبور فإن انعكاس الهجوم الإيراني على جبهة لبنان غير واضح، لكن برأيه لن يبادر حزب الله إلى التصعيد ولن يتفاعل معه إذا ما بادرت به إسرائيل من دون موافقة إيرانية صريحة، ويقول إن رد إيران أساسا لا يتعدى عمليا سقف ما يقوم به وكلاؤها من حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي.

والأولوية راهنا، بحسب جبور، ترقب مدى قدرة إسرائيل على الالتزام بما طلبته منها واشنطن لجهة عدم الهجوم على إيران، أما جبهة لبنان، فستبقى برأيه مفتوحة بنفس الوتيرة، ما دامت حرب غزة مستمرة، وما دام حزب الله لم يتراجع مسافة 10 كيلومترات من جنوب الليطاني، وهو هدف وضعته إسرائيل بحربها مع الحزب، ولا يبدو أنها بوارد التنازل عنه.

من جانبه، يجد غسان جواد أن مصير الجبهة الجنوبية بعد الهجوم الإيراني يتوقف على طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران وحجمه، معتبرا "أن إسرائيل هي من نقلت الصراع إلى إطار أوسع عند ضرب القنصلية الإيرانية". ورغم توصية واشنطن، يرجح جواد أن يلجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التصعيد، لأن توسيع المواجهة بالمنطقة هو السبيل الوحيد للهروب من الإخفاق بغزة.

على مستوى آخر، يرى صلاح تقي الدين، بأن عدم استخدام إيران لأذرعها بالمنطقة للرد على إسرائيل، يعني أنها لا تريد تغيير المعادلات وقواعد الاشتباك بين حركات المقاومة وإسرائيل.

ولبنانيا، يرجح أن يبقى حزب الله ملتزما بالسقف الذي وضعه لنفسه بالمواجهة مع إسرائيل، "إذا بقي الرد الإسرائيلي على إيران منضبطا".
ويجد المتحدث أننا أمام مرحلة سيذهب فيها نتنياهو لتنفيذ خطته باجتياح رفح، وسيصعد ضرباته بغزة مستغلا التعاطف الغربي بعد الهجوم الإيراني، خصوصا إذا التزم بتوصية واشنطن بعدم الهجوم على إيران بأرضها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الهجوم الإیرانی تقی الدین على إیران حزب الله أن إیران

إقرأ أيضاً:

ليبرمان: لا خيار أمام إسرائيل سوى مواجهة إيران مباشرة

قال زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان إنه ليست هناك إدارة للحرب في الحكومة الإسرائيلية، معتبرا أن "لا خيار أمام إسرائيل سوى مواجهة إيران مباشرة".

إقرأ المزيد لابيد: الحرب بغزة ستنتهي بلا صفقة والهدوء بالجنوب سيهدئ جبهة الشمال

يأتي تصريح ليبرمان، غداة تأكيده أنه يتعاون مع زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، للإطاحة بالحكومة الإسرائيلية.

وشدد لابيد في هذا السياق على أن "على إسرائيل مواجهة إيران"، منتقدا سلوك الحكومة خلال الحرب واستمرارها بها.

وكانت إيران شنت في أبريل الماضي هجوما على إسرائيل، ردا على قصف قنصليتها بالعاصمة السورية دمشق، بإطلاق عشرات المسيرات والصواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي، وقال حينها القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي إن إيران قامت بعملية محدودة ناجحة وضربت المواقع التي كانت منطلقا لاستهداف قنصليتها في سوريا.

وبعد أيام قليلة، ردت تل أبيب عبر استهداف قاعدة للجيش الإيراني في أصفهان، وفق ما أكدت وسائل إعلام أمريكية من دون أن تعلق إسرائيل رسميا على الضربة.  

إلى ذلك، تشهد جبهة جنوب لبنان تصعيدا كبيرا مع حزب الله، وسط تحذيرات دولية من اتساع رقعة الحرب.

وفي السياق، حذر الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة من أن أي هجوم إسرائيلي على لبنان قد يزيد مخاطر نشوب صراع أوسع تنجر إليه إيران والمسلحون المتحالفون معها.

وكانت صحيفة "الأخبار" اللبنانية كتبت أن تنظيمي "كتائب حزب الله بالعراق" و"حركة النجباء" أعلنا استعدادهما للمشاركة إلى جانب "حزب الله" في حال موافقته، على "مواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل على لبنان".

ونقلت الصحيفة عن مصادر في "المقاومة الإسلامية" في العراق أن هذين الفصيلين المسلحين أدليا بهذا الموقف خلال اجتماع بين فصائل المقاومة العراقية ووزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري كني.

من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "لست مستعدا لإبقاء الوضع على حاله في الشمال ونجري استعداداتنا لكن لا يمكنني الخوض في تفاصيل خططنا".

وتابع: "نعرف أن لديهم (حزب الله) أهدافا، ونحن منخرطون في دفاع قوي. نحن مستعدون لأسوأ الاحتمالات. إبعاد حزب الله وإزالته فعليا، لن يتم عبر الاتفاقيات على الورق، سيتعين علينا فرض هذا الأمر، علينا إعادة السكان إلى منازلهم في الشمال، ونحن نعمل على ذلك".

المصدر: RT+ وكالات

مقالات مشابهة

  • ليبرمان: لا خيار أمام إسرائيل سوى مواجهة إيران مباشرة
  • سموتريتش: لا أستخف بالثمن.. لكن لا مفر من حرب حاسمة وسريعة مع حزب الله
  • مسؤولون أمريكيون: غالانت تراجع عن موقفه بفتح جبهة مع لبنان
  • تقرير: غالانت أيّد فتح جبهة في الشمال ضد حزب الله ثم تراجع
  • وزير خارجية إسرائيل يهدد إيران وحزب الله: سنتحرك بكل قوة
  • رغم تحذير إيران.. هل تهاجم إسرائيل لبنان؟
  • إيران تحذر إسرائيل من "حرب إبادة" إذا هاجمت لبنان
  • إيران: الهجوم الإسرائيلي على لبنان سيعني "حرب إبادة"
  • إيران تحذر إسرائيل من "حرب إبادة" إذا هاجمت لبنان
  • إيران تهدد إسرائيل بـ حرب مدمرة في حال شنت هجوما واسعا على لبنان