جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-20@00:51:59 GMT

خوفا من انحساره

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

خوفا من انحساره

 

أحمد بن موسى البلوشي

 

يشهد العالم تحولات جذرية في العادات والتقاليد نتيجة للتطور التكنولوجي، وانتشارًا لأدواته بصورة سريعة، وتأثيرات هذه التكنولوجيا تتراوح بين الإيجابية والسلبية، وتطرح تحديات جديدة أمام المُجتمعات البشرية.

على الجانب الإيجابي، تتيح التكنولوجيا فرصًا جديدة للابتكار والتطوير في مختلف المجالات، بما في ذلك الفنون والترفيه والتعليم، ويمكن استخدام التكنولوجيا للحفاظ على التراث الثقافي، وتوثيق التقاليد بطرق جديدة ومبتكرة.

أما على الجانب الآخر، فمع انتشار وسائل وأدوات التطور التكنولوجي، والتي تعد أشياءً رئيسية في حياة الكثيرين، يظهر تراجع في التفاعل الاجتماعي الواقعي والتفاهم العميق بين الأفراد، ويصبح الانعزال الرقمي ظاهرة شائعة، مما يؤثر على العلاقات الإنسانية الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر التكنولوجيا على الثقافات والتقاليد المحلية، حيث قد تتم مواجهة التقاليد القديمة بالتقنيات الجديدة، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تدهور الهوية الثقافية وفقدان بعض القيم الاجتماعية وانحسارها.

ويُمثِّل تعليم الأخلاق والقيم الأصيلة والعادات والتقاليد المتوارثة جزءًا مهمًا من تربية الأبناء في الثقافة العمانية التقليدية، ويمثل السمت والأخلاق العمانية التقليدية مرجعًا أصيلاً في تربية الأبناء وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، وهو ما يعكس التراث الثقافي الغني والتعاليم الإنسانية التي تميز الشعب العماني منذ القدم، وقد أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على أهمية تربية الأبناء وترسيخ الهوية الوطنية والقيم الأصيلة والاهتمام العميق ببناء مجتمع متماسك ومتحضر. وهذا التركيز على القيم والتربية التقليدية يعكس الاستمرارية الثقافية والتاريخية التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هوية الشعب العماني، وقد جاء في النطق السامي "إنَّنا إذ نرصد التحدِّيات الَّتي يتعرض لها المُجتمع ومدى تأثيراتها غير المقبولة في منظومته الأخلاقيَّة والثقافية؛ لنؤكِّد على ضرورة التصدِّي لها، ودراستها ومتابعتها، لتعزيز قدرة المُجتمع على مواجهتها وترسيخ الهُوِيَّة الوطنيَّة، والقِيَم والمبادئ الأصيلة، إلى جانب الاهتمام بالأُسرة؛ لكونها الحصن الواقي لأبنائنا وبناتنا من الاتِّجاهات الفكريَّة السلبيَّة، الَّتي تُخالف مبادئ دِيننا الحنيف وقِيَمنا الأصيلة، وتتعارض مع السَّمت العُماني الَّذي ينهل من تاريخنا وثقافتنا الوطنيَّة".

ومن خلال هذا النهج، يسعى جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى حماية الشباب من التأثيرات السلبية وتعزيز الوعي بالقيم والمبادئ التي تميز الثقافة العمانية وتسهم في بناء مستقبل واعد ومزدهر للبلاد.Bottom of Form

وفي الوقت الذي يشهد فيه العالم بشكل عام هذه التحولات الاجتماعية والثقافية نتيجة لتأثيرات التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، فإن عُمان ليست في منأى عن هذا التحول، ويُلاحظ في بعض الأحيان انحسار بعض القيم التقليدية والأخلاقيات القديمة بين الشباب، مما يُؤثر على السمت العماني والتراث الثقافي، فافتقار بعض الشباب لبعض الأساسيات في الثقافة العمانية مثل لبس المصر العماني، وصب القهوة، وبعض العادات والتقاليد في مجالس الرجال، وغيرها من مكونات الثقافة العمانية لدليل واضح على تأثر السمت العماني بالتطور التكنولوجي.

الوالِدان هما المصدر الرئيسي لتعلم الأطفال للقيم والعادات والتقاليد، ويعد البيت بيئة رئيسية لنقل القيم وتعليم الأخلاق، ولذلك فإنِّه يجب على الوالدين أن يكون لهم دور حاسم في توجيه الأبناء وتربيتهم وتعليمهم القيم والأخلاق الصحيحة؛ بما في ذلك السمت والتقاليد العمانية القديمة، وأن يستشعرا حجم المسؤولية الوطنية، والتاريخية، حول ضرورة تنشئتهم عليها، وتوعيتهم بأهمية المحافظة على هذا السمت المتوارث من عادات، وآداب، وتقاليد، وسلوكيات، فإذا كانت الأسرة تحتفظ بالتقاليد العمانية وتحافظ على القيم الثقافية، فإنها ستكون بيئة مثالية لتعلم الأبناء لهذه القيم والتقاليد. ومن خلال ممارسة هذه القيم في حياتهم اليومية وتقديم الدعم والتوجيه لهم، يمكن للوالدين أن يكونا نموذجًا إيجابيًا يساعد في نقل السمت العماني والتقاليد العائلية إلى الأجيال القادمة.

في الختام.. يتطلب تأثير التكنولوجيا على العادات والتقاليد توازنًا حكيمًا بين استخدام التكنولوجيا لتحقيق التقدم والتطور، وحفظ القيم الثقافية والاجتماعية التقليدية. يجب على المجتمعات أن تتبنى استخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول، وأن تعمل على تعزيز الوعي بين أفرادها حول التأثيرات الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا على حياتهم اليومية وتقاليدهم. بالتالي، يتطلب الحفاظ على السمت العُماني والقيم الثقافية الأصيلة جهودًا مشتركة من المجتمع بأسره، بما في ذلك الأسرة، والمدارس، والمؤسسات الثقافية والحكومية، لتعزيز الوعي بأهمية هذا التراث وتشجيع استخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول وإيجابي لنقل القيم والأخلاق العمانية إلى الأجيال القادمة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

انطلاق فعاليات ملتقى الثقافة العمانية في المجر

بودابست – عزيزة راشد

انطلقت في العاصمة المجرية بودابست فعاليات ملتقى الثقافة العمانية، بتنظيم من سفارة سلطنة عمان في المجر بالتعاون مع مؤسسة العز الثقافية وإشراف الدكتورة عزيزة راشد البلوشي، وذلك ضمن جهود تعزيز التعاون الثقافي بين دول العالم وفتح آفاق للمعرفة والتعريف بمكونات الثقافة العمانية، في إطار رؤية عمان 2040 لنشر الوعي المعرفي والثقافي بين السلطنة والدول الأخرى.

وأقيم الملتقى تحت رعاية حرم فخامة رئيس دولة المجر، حيث اطلعت على أبرز مكونات الثقافة العمانية، شاملة التاريخ العماني الممتد منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، ودور عمان في التاريخ القديم والمعاصر، وكذلك دورها الدبلوماسي عبر العصور. كما تم عرض الآثار العمانية القديمة وأنواعها وأهم المناطق التراثية في السلطنة، إلى جانب جهود تنمية السياحة العمانية من خلال بروشرات وملصقات تعريفية.

وتضمن الملتقى مجموعة من اللوحات الفنية التي تجسد البيئة العمانية وتنوعها التضاريسي، إضافة إلى عرض المنتجات العمانية التقليدية المستوحاة من البيئة المحلية. كما شمل المعرض طوابع بريدية تمثل فترات تاريخية مختلفة، وكتيبات تعريفية بالسلاطين الذين حكموا عمان عبر التاريخ، وعملات معدنية قديمة تعكس تاريخ السلطنة، بالإضافة إلى منتج اللبان العماني مع شرح طرق استخراجه واستخداماته من خلال صور توضيحية.

وأقيم الملتقى على هامش معرض البازار الدولي، الذي يضم سنويًا عدداً من الدول لعرض مكونات ثقافاتها. وحظي الملتقى بحضور سفراء دول الخليج والوطن العربي والدولية، بالإضافة إلى مسؤولين من الحكومة المجرية وعدد غفير من الحضور.

مقالات مشابهة

  • السياسة الخارجية العمانية.. دبلوماسية لا تحيد عن الحق
  • مستقبل مشرق للرياضة العمانية
  • البوسعيد.. ورسوخ الدولة العمانية
  • الأردن يستضيف مؤتمرًا تربويًا لدمج القيم في المناهج وبناء شخصية الطلاب المتوازنة
  • مطر الشامسي: التكنولوجيا ليست عائقا أمام الحفاظ على الهوية الثقافية
  • احتفاء باليوم الوطني المجيد.. مجلة "مرشد" تسلط الضوء على القيم الوطنية لدى الناشئة
  • مشيدًا بدورها في نشر القيم المجتمعية.. محافظ الأحساء يطّلع على التقرير السنوي لفرع هيئة الأمر بالمعروف بالشرقية
  • انطلاق فعاليات ملتقى الثقافة العمانية في المجر
  • محافظ الاسكندرية يوجه بتعزيز التكافل الاجتماعي وترسيخ القيم الإنسانية
  • خيانة تهز سوهاج.. زوجة وعشيقها ينهيان حياة عامل داخل منزله خوفا من افتضاح أمرهما