جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-23@04:35:13 GMT

خوفا من انحساره

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

خوفا من انحساره

 

أحمد بن موسى البلوشي

 

يشهد العالم تحولات جذرية في العادات والتقاليد نتيجة للتطور التكنولوجي، وانتشارًا لأدواته بصورة سريعة، وتأثيرات هذه التكنولوجيا تتراوح بين الإيجابية والسلبية، وتطرح تحديات جديدة أمام المُجتمعات البشرية.

على الجانب الإيجابي، تتيح التكنولوجيا فرصًا جديدة للابتكار والتطوير في مختلف المجالات، بما في ذلك الفنون والترفيه والتعليم، ويمكن استخدام التكنولوجيا للحفاظ على التراث الثقافي، وتوثيق التقاليد بطرق جديدة ومبتكرة.

أما على الجانب الآخر، فمع انتشار وسائل وأدوات التطور التكنولوجي، والتي تعد أشياءً رئيسية في حياة الكثيرين، يظهر تراجع في التفاعل الاجتماعي الواقعي والتفاهم العميق بين الأفراد، ويصبح الانعزال الرقمي ظاهرة شائعة، مما يؤثر على العلاقات الإنسانية الطبيعية. بالإضافة إلى ذلك، تؤثر التكنولوجيا على الثقافات والتقاليد المحلية، حيث قد تتم مواجهة التقاليد القديمة بالتقنيات الجديدة، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تدهور الهوية الثقافية وفقدان بعض القيم الاجتماعية وانحسارها.

ويُمثِّل تعليم الأخلاق والقيم الأصيلة والعادات والتقاليد المتوارثة جزءًا مهمًا من تربية الأبناء في الثقافة العمانية التقليدية، ويمثل السمت والأخلاق العمانية التقليدية مرجعًا أصيلاً في تربية الأبناء وتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع، وهو ما يعكس التراث الثقافي الغني والتعاليم الإنسانية التي تميز الشعب العماني منذ القدم، وقد أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على أهمية تربية الأبناء وترسيخ الهوية الوطنية والقيم الأصيلة والاهتمام العميق ببناء مجتمع متماسك ومتحضر. وهذا التركيز على القيم والتربية التقليدية يعكس الاستمرارية الثقافية والتاريخية التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هوية الشعب العماني، وقد جاء في النطق السامي "إنَّنا إذ نرصد التحدِّيات الَّتي يتعرض لها المُجتمع ومدى تأثيراتها غير المقبولة في منظومته الأخلاقيَّة والثقافية؛ لنؤكِّد على ضرورة التصدِّي لها، ودراستها ومتابعتها، لتعزيز قدرة المُجتمع على مواجهتها وترسيخ الهُوِيَّة الوطنيَّة، والقِيَم والمبادئ الأصيلة، إلى جانب الاهتمام بالأُسرة؛ لكونها الحصن الواقي لأبنائنا وبناتنا من الاتِّجاهات الفكريَّة السلبيَّة، الَّتي تُخالف مبادئ دِيننا الحنيف وقِيَمنا الأصيلة، وتتعارض مع السَّمت العُماني الَّذي ينهل من تاريخنا وثقافتنا الوطنيَّة".

ومن خلال هذا النهج، يسعى جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى حماية الشباب من التأثيرات السلبية وتعزيز الوعي بالقيم والمبادئ التي تميز الثقافة العمانية وتسهم في بناء مستقبل واعد ومزدهر للبلاد.Bottom of Form

وفي الوقت الذي يشهد فيه العالم بشكل عام هذه التحولات الاجتماعية والثقافية نتيجة لتأثيرات التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، فإن عُمان ليست في منأى عن هذا التحول، ويُلاحظ في بعض الأحيان انحسار بعض القيم التقليدية والأخلاقيات القديمة بين الشباب، مما يُؤثر على السمت العماني والتراث الثقافي، فافتقار بعض الشباب لبعض الأساسيات في الثقافة العمانية مثل لبس المصر العماني، وصب القهوة، وبعض العادات والتقاليد في مجالس الرجال، وغيرها من مكونات الثقافة العمانية لدليل واضح على تأثر السمت العماني بالتطور التكنولوجي.

الوالِدان هما المصدر الرئيسي لتعلم الأطفال للقيم والعادات والتقاليد، ويعد البيت بيئة رئيسية لنقل القيم وتعليم الأخلاق، ولذلك فإنِّه يجب على الوالدين أن يكون لهم دور حاسم في توجيه الأبناء وتربيتهم وتعليمهم القيم والأخلاق الصحيحة؛ بما في ذلك السمت والتقاليد العمانية القديمة، وأن يستشعرا حجم المسؤولية الوطنية، والتاريخية، حول ضرورة تنشئتهم عليها، وتوعيتهم بأهمية المحافظة على هذا السمت المتوارث من عادات، وآداب، وتقاليد، وسلوكيات، فإذا كانت الأسرة تحتفظ بالتقاليد العمانية وتحافظ على القيم الثقافية، فإنها ستكون بيئة مثالية لتعلم الأبناء لهذه القيم والتقاليد. ومن خلال ممارسة هذه القيم في حياتهم اليومية وتقديم الدعم والتوجيه لهم، يمكن للوالدين أن يكونا نموذجًا إيجابيًا يساعد في نقل السمت العماني والتقاليد العائلية إلى الأجيال القادمة.

في الختام.. يتطلب تأثير التكنولوجيا على العادات والتقاليد توازنًا حكيمًا بين استخدام التكنولوجيا لتحقيق التقدم والتطور، وحفظ القيم الثقافية والاجتماعية التقليدية. يجب على المجتمعات أن تتبنى استخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول، وأن تعمل على تعزيز الوعي بين أفرادها حول التأثيرات الإيجابية والسلبية للتكنولوجيا على حياتهم اليومية وتقاليدهم. بالتالي، يتطلب الحفاظ على السمت العُماني والقيم الثقافية الأصيلة جهودًا مشتركة من المجتمع بأسره، بما في ذلك الأسرة، والمدارس، والمؤسسات الثقافية والحكومية، لتعزيز الوعي بأهمية هذا التراث وتشجيع استخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول وإيجابي لنقل القيم والأخلاق العمانية إلى الأجيال القادمة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

النور يتأهل لنصف نهائي بطولة الخليج الـ41 لكرة اليد بعد فوزه على السيب العماني

تأهل فريق النور إلى نصف نهائي بطولة الخليج الـ 41 للأندية أبطال الكؤوس لكرة اليد، بعدما حقق فوزًا مستحقًا على السيب العماني بنتيجة 29 – 20، في المباراة التي جمعتهما اليوم، على صالة مجمع السلطان قابوس.

ودخل فريق السيب اللقاء بضرورة تحقيق الفوز لضمان التأهل، إلا أن الخسارة أبعدته عن المنافسة على المراكز الأولى، ليخوض مباريات تحديد المراكز من الخامس إلى السادس.

وتُعد مواجهة السيب والنور آخر مباريات دور المجموعات، وستأخذ الفرق السبعة يوم غد الجمعة قسطًا من الراحة، قبل استئناف البطولة يوم السبت المقبل بمباريات نصف النهائي وتحديد المراكز من الخامس إلى السابع.

مقالات مشابهة

  • الملحقية الثقافية بواشنطن تحتفل بيوم التأسيس
  • البنك الوطني العماني يستعرض فرص التوظيف ويطلق برنامج "قادة الغد"
  • الاثنين.. سلطنة عُمان تحتفل بيوم المعلم العماني
  • من خلال هذين المثالين، تدرك اختلاف القيم والمبادئ بيننا وبينهم
  • بعد خفوت العنتريات الفارغة…العالم الآخر يهرول مطأطأ الرأس للمصالحة مع إسبانيا خوفاً من العزلة
  • في القيم الجمالية!
  • مواطنون: "وقف الأب" مبادرة إنسانية تكرّم العطاء وتخلّد القيم
  • النور يتأهل لنصف نهائي بطولة الخليج الـ41 لكرة اليد بعد فوزه على السيب العماني
  • حلقة الامتياز التجاري تناقش تطوير الشركات العمانية في شمال الشرقية
  • خبير سياسي: نتنياهو قرر الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية خوفا من الداخل الإسرائيلي