أشارت البيانات الرسمية التركية خلال الشهور الخمسة الأولى من العدوان الإسرائيلى على غزه، إلى تراجع قيمة التجارة التركية الإسرائيلية بنسبة 34 بالمائة، بالمقارنة لنفس الشهور الخمسة المقابلة، حيث تراجعت قيمة الصادرات التركية الى اسرائيل بنسبة 29 بالمائة، كما تراجعت الواردات التركية من إسرائيل بنسبة 47 بالمائة.



وفيما يخص السياحة الإسرائيلية الواصلة إلى تركيا فقد انخفض عددها، خلال الشهور الخمسة الأولى من العدوان الإسرائيلى بنسبة 85 بالمائة، وذلك قبل القرار التركي الأخير بوقف تصدير 54 سلعة إلى إسرائيل بداية من التاسع من الشهر الحالي، حتى يتم وقف عدوانها على غزة.

 وهكذا تكون حرب غزة قد ساهمت في تراجع قيمة التجارة التركية الإسرائيلية بالعام الماضي بنسبة 17 بالمائة بالمقارنة لعام 2022، كما انخفضت أعداد السياحة الإسرائيلية الواصلة لتركيا خلال العام الماضى  بنسبة 9 بالمائة بالمقارنة لعام 2022، وهو ما تكرر مع السياحة التركية الواصلة إلى إسرائيل والتى انخفضت أعدادها بنسبة 87 بالمائة ما بين العامين.

وخلال استعراض الصادرات السلعية التركية خلال الثمانية عشر عاما الأخيرة، نجد أن صادراتها لإسرائيل ظلت دائما ضمن العشرين الأوائل لصادراتها الى دول العالم، بل إنها تقدمت للمركز التاسع خلال سنوات 2019 و2020 و2021، كما احتلت المركز العاشر بالصادرات التركية عام 2022، لكنها عادت الى المركز الثالث عشر بالعام الماضي بعد تراجعها بنسبة 23 بالمائة، أما واردات تركيا من إسرائيل فقد ظلت دائما خارج العشرين الأوائل للدول التي تستورد منها تركيا، لتحتل المركز الثلاثين بالواردات التركية بالعام الماضي.

فائض تجاري تركي مع إسرائيل

وهكذا احتلت إسرائيل المركز التاسع عشر بالتجارة التركية بالعام الماضي بنصيب 1.1 بالمائة من مجمل التجارة التركية، وهي التجارة التي تتركز مع الدول الأوروبية خاصة ألمانيا وإيطاليا وسويسرا وفرنسا وأسبانيا وأنجلترا وهولندا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية والهند واليابان.

وبالمقارنة لمراكز الدول العربية بالتجارة السلعية التركية بالعام الماضي، نجد أنه إذا كانت الصادرات التركية لإسرائيل قد احتلت المركز الثالث عشر، فقد سبقتها العراق بالمركز الثالث والإمارات بالمركز التاسع، وإذا كانت إسرائيل قد احتلت المركز الثلاثين بالواردات التركية، فقد سبقتها الإمارات بالمركز الثامن ومصر بالمركز الثاني والعشرين والسعودية بالمركز الرابع والعشرين، وإذا كانت إسرائيل قد احتلت المركز التاسع عشر بالتجارة التركية، فقد سبقتها الإمارات بالمركز الثامن والعراق بالمركز الحادى عشر.

التعاون العسكرى التركي الإسرائيلي منذ سنوات يتخذ صورة أعمق وأعلى تكلفة، باللجوء التركي لإسرائيل لإصلاح بعض المركبات والطائرات، إلى جانب التعاون الأمنى والإستخباراتي.إلا أن أهمية التجارة التركية مع إسرائيل تأتي من تحقيقها دائما فائضا تجاريا لصالح تركيا، وهي الدولة المُصابة بالعجز التجارى المزمن منذ عقود والذي بلغ بالعام الماضي 106 مليار دولار، بينما حققت تجارتها مع إسرائيل بالعام الماضي فائضا بلغ 3.8 مليار دولار، لتحتل إسرائيل المركز الثالث بين دول الفائض التجاري التركي بعد العراق بنصيب 11.3 مليار دولار وبريطانيا 5.9 مليار دولار.

ومن هنا يتوقع الكثيرون ألا تطول مدة فترة تقييد تصدير 54 سلعة لإسرائيل، لأسباب اقتصادية وسياسية أبرزها وجود اتفاق تجارى بين البلدين، واعتياد الإدارة التركية إبعاد التجارة عن الخلافات السياسية، وهو ما حدث خلال خلافاتها السابقة مع إسرائيل، مثلما حدث بعد مقتل عشرة من الأتراك عندما قصفت البحرية الإسرائيلية سفينة مافى مرمرة  عام 2010 والتي كانت تحمل مساعدات انسانية لغزه المحاصرة، حيث استمرت التجارة بين البلدين خلال السنوات الست من تدهور العلاقات حتى تم التصالح عام 2016 .

ضغط أمريكي لوقف تقييد الصادرات التركية

وإلى جانب نفوذ جمعيات رجال الأعمال التركية القوي، ووجود لوبي يهودي من رجال أعمال داخل تركيا، وحاجة الإقتصاد التركي للفائض الذي تحققه تجارتها مع اسرائيل، فى ضوء تدهور قيمة الليرة التركية مع تخطى قيمة الدولار الثلاثين ليرة، وكذلك الضغط الأمريكى المتوقع على تركيا سواء حاليا، أو خلال زيارة الرئيس التركي للولايات المتحدة الشهر المقبل .

 وهو ما أشار إليه مسؤول إسرائيلى باللجوء للولايات المتحدة للضغط على تركيا لاستئناف تصدير تلك السلع، كتكرار لدور الرئيس الأمريكي أوباما في عام 2013 لتحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل حينذاك، خاصة مع توقع تضرر قطاع المقاولات الإسرائيلى المتأثر أصلا بمنع العمالة الفلسطينية من العمل بإسرائيل بعد طوفان الأقصى، مع تقييد وصول مواد البناء التركية وحديد الإنشاءات والرخام السيراميك والإسمنت.

وتشكل السياحة المتبادلة بين تركيا واسرائيل أحد أوجه التعاون الإقتصادى القوية، حيث بلغ متوسط عدد السياح الإسرائيليين الواصلين لتركيا، خلال عقد التسعينات من القرن الماضي 212 ألف سائح سنويا، وزاد المتوسط السنوى الى 308 ألف سائح اسرائيلى خلال العقد الأول من الألفية الحالية، ولكنه تراجع إلى 256 ألف كمتوسط سنوى خلال العقد الثاني، ليعاود الارتفاع الى 611 ألف كمتوسط سنوي بالسنوات الثلاثة المنقضية من العقد الثالث بالألفية الحالية .

سياحة واستثمارات وعمالة وتعاون عسكري

وخلال العام الماضي احتلت إسرائيل المركز السادس عشر بين الدول الموردة للسياح إلى تركيا بنصيب 766 ألف سائح، والتي تتصدرها روسيا والدول الأوروبية ودول الجوار الجغرافي لتركيا، وبلغ عدد الليالي السياحية التي قضاها السياح الإسرائيليون 1.9 مليون ليلة بمتوسط ثلاثة ليالي للسائح، وكان أعلى عدد سياح إسرائيليين قد وصل إلى تركيا بعام 2022 حين بلغ 843 ألف سائح، وهي السياحة التي تزداد معدلاتها خلال أشهر الصيف .

أما السياحة التركية إلى إسرائيل فتقل أعدادها كثيرا عن السياحة الإسرائيلية الواصلة لتركيا، حيث بلغ متوسط عدد السنوي خلال العقد الثاني من الألفية الحالية 14 ألف سائح، وهو العدد الذي انخفض كثيرا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة ليقل عن الخمسة آلاف سائح تركي سنويا.

كما يمثل الاستثمار الأجنبي المباشر أحد أوجه العلاقات الإقتصادية بين تركيا وإسرائيل، فخلال السنوات الإحدى والعشرين الممتدة من عام 2002 وحتى العام الماضي، وحسب بيانات البنك المركزى التركى فقد بلغ مجموع الإستثمار الأجنبي المباشر الوارد من اسرائيل، إلى تركيا 431 مليون دولار بمتوسط سنوى 20.5 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الإستثمار الأجنبى المباشر الوارد من تركيا إلى اسرائيل خلال تلك السنوات 28 مليون دولار بمتوسط سنوى 1.3 مليون دولار.

إلا أن التعاون العسكرى التركي الإسرائيلي منذ سنوات يتخذ صورة أعمق وأعلى تكلفة، باللجوء التركي لإسرائيل لإصلاح بعض المركبات والطائرات، إلى جانب التعاون الأمنى والإستخباراتي.

وأشارت بيانات البنك الدولى لعام 2021 الى وجود حوالى ألفى اسرائيلى يعملون بتركيا، وعلى الجهة المقابلة يوجد 20 ألف تركي يعملون بإسرائيلي، لتصل قيمة تحويلات العمالة التركية بإسرائيل إلى تركيا أربعة ملايين دولار فقط، بينما بلغت قيمة تحويلات العمالة الخارجة من تركيا إلى إسرائيل 34 مليون دولار.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية تركيا العلاقات إسرائيل تركيا علاقات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصادرات الترکیة التجارة الترکیة بالعام الماضی المرکز الثالث احتلت المرکز إلى إسرائیل ملیون دولار ملیار دولار مع إسرائیل بین ترکیا إلى ترکیا ألف سائح عام 2022

إقرأ أيضاً:

صفقة استحواذ: هل تُعزز التجارة الدفاعية العلاقات بين تركيا وإيطاليا؟

 

أفاد مصدر مطلع لوكالة رويترز الإخبارية، في 24 يناير 2025، بأن مجموعة الدفاع والطيران الإيطالية “ليوناردو” تقترب من الدخول في شراكة مع شركة تصنيع الطائرات المُسيَّرة التركية “بايكار”؛ من أجل تصنيع وتطوير الطائرات من دون طيار، وذلك بعدما أصدرت مجلة الدفاع الإيطالية (Rivista Italiana Difesa)، المُتخصصة في الشؤون الدفاعية والأمنية، تقريراً عن الصفقة المحتملة بين “ليوناردو” و”بايكار”؛ الأمر الذي قد يُسهم ليس فقط في تعزيز التعاون بين الشركتين في مجال التكنولوجيا الدفاعية المتقدمة؛ بل قد يُسهم في تعزيز العلاقات بين روما وأنقرة.

صفقات دفاعية:

تزامن التقارب العسكري بين أنقرة وروما مع العديد من الأبعاد المُعقّدة؛ التي تتمثل أبرزها فيما يلي:

1. استحواذ “بايكار” على “بياجيو”: أعلنت الحكومة الإيطالية، في ديسمبر 2024، عن موافقتها على بيع شركة “بياجيو آيروسبيس”؛ إحدى أبرز الشركات الإيطالية لصناعة الطائرات، إلى شركة “بايكار” التركية؛ إذ وقّعت “بايكار”، في 27 يناير 2025، على اتفاقية أولية للاستحواذ على شركة “بياجيو”، وافقت عليها وزارة المؤسسات والصناعة الإيطالية في ديسمبر 2024، ومن المتوقع أن تكتمل الصفقة بحلول ربيع العام 2025، بعد الحصول على الموافقات الإضافية من مجلس الوزراء الإيطالي.

2. اتفاقيات تصنيع دفاعي مُتعددة: لم تكن هذه الاتفاقية هي الوحيدة من نوعها بين الجانبين، بل تزامنت مع العديد من الاتفاقيات المتعلقة بتصدير الصناعات الدفاعية؛ إذ تصدر تركيا منتجات دفاعية إلى 180 دولة. ففي ديسمبر 2024؛ وافقت إسبانيا، حليفة تركيا في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، على شراء 24 طائرة تدريب نفاثة من طراز “هورجيت”، التي تنتجها شركة صناعات الفضاء التركية “توساش”، وفي الشهر نفسه، وقّعت شركة هندسة تكنولوجيا الدفاع المملوكة للدولة في تركيا صفقة مع البحرية البرتغالية لبناء سفينتين للتموين، وتمثل الاتفاقيتان أول صادرات دفاعية إلى حلفاء تركيا في “الناتو”، فيما وقّعت شركة “ريبكون” التركية عقداً، في 8 فبراير 2025؛ لبناء منشأة جاهزة لإنتاج وتعبئة قذائف المدفعية في ألمانيا، والتي من المُقرر أن تبدأ العمل في أوائل عام 2027.

3. الترويج للصناعات الدفاعية: تُقيم أنقرة معارض دفاعية مُتعددة؛ من أجل خدمة صناعة الأسلحة في تركيا، وتتمثل هذه المعارض في معرض الدفاع الدولي (IDEF)، ومعرض التكنولوجيا والطيران (Teknofest) ومعرض “ساها” (SAHA EXPO) الدولي للدفاع والطيران، الذي أُقيم في أكتوبر 2024، وأسفر عن اتفاقيات تصدير بلغت قيمتها الإجمالية نحو 4.6 مليار دولار، وتخدم معارض الدفاع والأمن والفضاء والتكنولوجيا الرائدة في تركيا أغراضاً مُتعددة، أبرزها الترويج للصناعات الدفاعية التركية.

دلالات مُهمّة:

ثمَّة دلالات مُهمَّة تحملها الصفقات الدفاعية بين روما وأنقرة، يمكن تسليط الضوء على أبرزها فيما يلي:

1. تجاوز القيود على الصادرات التركية: تواجه تركيا تحدّيات كبيرة في تصدير مُنتجاتها الدفاعية التي تطورها محلياً، سواء من الاتحاد الأوروبي أم بعض دول حلف “الناتو” مثل الولايات المتحدة وكندا وألمانيا؛ ومع ذلك، فإن استحواذ شركة “بايكار” على شركة “بياجيو” يمثل خطوة استراتيجية لتجاوز هذه القيود؛ إذ تمنح الصفقة إمكانية تصنيع المنتجات الدفاعية في إيطاليا، كما يمكن لشركة “بايكار” التركية دمج هذه المنتجات بسهولة أكبر في الأسواق الأوروبية؛ مما يُزيل العقبات القانونية واللوجستية المرتبطة بالواردات من خارج الاتحاد الأوروبي؛ ومن ثمّ فإن التعاون العسكري بين أنقرة وروما قد يسفر عن حضور مُتزايد لتركيا في سوق الدفاع الأوروبية؛ إذ تفوّقت شركة “بايكار” على منافسيها من عدّة دول في مناقصة تنافسية لبيع شركة “بياجيو”؛ لذا يرى البعض أن صناعة الدفاع التركية ستدخل السوق الأوروبية عبر إيطاليا.

2. تعزيز “مشروع الدرون الأوروبي”: قد يُشير التعاون العسكري بين روما وأنقرة إلى تعزيز مشروع نظام الدرون الأوروبي ذي الارتفاع المتوسط والطويل (Eurodrone)؛ إذ تُعد شركة “ليوناردو” شريكة في هذا المشروع بالشراكة مع إسبانيا وفرنسا وألمانيا، ودمج خبرة “ليوناردو” و”بايكار” يمكن أن يعطي زخماً كبيراً للمشروع، ولاسيما في ظل التأخيرات التي تواجه المشروع، حيث يرى البعض أن “ليوناردو” قد تسعى للحصول على خبرة “بايكار” لتطوير المشروع؛ للوفاء بالموعد النهائي لرحلته الأولى في عام 2027.

3. دور مهم للتقنيات التكميلية: تُشير الشراكة الدفاعية بين البلدين إلى أهمية التقنيات التكميلية في تعزيز التعاون؛ فقد أشار الرئيس التنفيذي لشركة “ليوناردو” الإيطالية روبرتو سينجولاني، إلى أن التكامل القوي بين “ليوناردو” و”بايكار” يمثل أبرز محركات التعاون بينهما، مُؤكداً أنه حال تنفيذ مشروع مشترك بين الشركتين يمكن تحقيق طفرة في أنظمة المسيرات وفتح مجالات سوقية جديدة، وخاصة في أوروبا.

تداعيات مُحتملة:

قد يتمخض عن الشراكة الدفاعية بين روما وأنقرة العديد من التداعيات، التي يمكن تناول أبرزها كما يلي:

1. فاعل مُهم في صناعة الدفاع: حقَّقت صادرات تركيا من الصناعات الدفاعية والجوية، بما في ذلك صادرات “الناتو” والخدمات، في عام 2024، رقماً قياسياً جديداً بزيادة قدرها 29% لتصل إلى 7.154 مليار دولار، ويمكن للتعاون الدفاعي بين أنقرة وروما أن يزيد من صادرات تركيا من الصناعات الدفاعية والجوية، التي يرى البعض أنها تجاوزت هدف تركيا لصادراتها الدفاعية لعام 2024، والذي كان مُحدّداً عند 6.5 مليار دولار؛ بفضل إبرام صفقات كبيرة مع دول أوروبية.

ويمثل استحواذ شركة “بايكار” على “بياجيو” وشراكتها مع شركة “ليوناردو” خطوة طموحة في تحقيق أهداف أنقرة العالمية، فقد يسهم ذلك في تعزيز وصول “بايكار” المباشر إلى السوق الأوروبية؛ الأمر الذي سيدعم هدف تركيا في أن تصبح فاعلاً عالمياً في صناعة الطيران والدفاع.

2. مكاسب اقتصادية: قد يمثل التعاون الدفاعي المتنامي بين روما وأنقرة، تعاوناً ثنائياً مربحاً للجانبين من الناحية الاقتصادية؛ فمن شأنه أن يضمن ميزة تنافسية لكلتيهما في سوق الدفاع فيما يتعلق بالفعالية والمرونة التشغيلية والاستراتيجية، إضافة إلى ذلك؛ فإنه من شأنه أن يعزز التعاون الحيوي بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية، بما قد يرفع حجم التجارة بين البلدين، الذي بلغ 32.4 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 17.8% مُقارنة بعام 2023، فيما حققت تركيا أعلى صادرات سنوية على الإطلاق إلى إيطاليا بقيمة 11 مليار و993 مليون دولار في عام 2024، كما تُعد تركيا هي الشريك التجاري الخامس لإيطاليا في العالم، والثاني في الاتحاد الأوروبي، والأول في البحر الأبيض المتوسط.

3. تعزيز مكانة أنقرة داخل “الناتو”: من المُحتمل أن يُسهم التعاون الدفاعي بين روما وأنقرة، في تعزيز مكانة الأخيرة داخل “الناتو”؛ إذ قد تكون للشراكة بين الجانبين آثار استراتيجية على جهود الدفاع داخل “الناتو” وأوروبا؛ حيث يتماشى هذا التعاون مع الجهود الجارية لتعزيز الجناح الشرقي لـ”الناتو” وتعزيز التشغيل البيني بين الدول الأعضاء، ولاسيما مع رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعلنة بخفض الدعم الأمريكي لـ”الناتو”.

4. دعم مسار الانضمام للاتحاد الأوروبي: قد يتمخض عن التعاون بين البلدين، تعزيز فرص أنقرة في الانضمام للاتحاد الأوروبي؛ بما يمثله هذا التعاون من خطوة مثمرة في طريق الانضمام، لاسيما وأن صناعة الدفاع التركية تعمل حالياً على نقل التكنولوجيا إلى دول أوروبا الكبرى بما فيها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا؛ إذ استحوذت شركة “ريبكون” التركية، التي تعمل على إنشاء مصنع ذخيرة مدفعية في ألمانيا حالياً، على شركة “بواس” (Bowas) التي تعمل في النمسا وإيطاليا وسويسرا، وهي شركة هندسية لها مصانع تعمل في هذه الدول، وتشتهر بخبرة كبيرة في تصميم وتصنيع وتركيب المعدات الخاصة بصناعة المتفجرات والمواد الخام، خاصة مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اتصال هاتفي مع أردوغان، في 8 فبراير 2025، عن رغبته في وضع أجندة إيجابية للعلاقات مع تركيا.

سيناريوهات مُستقبلية:

قد تسير الأمور بين البلدين، وفق عدة سيناريوهات؛ أبرزها ما يلي:

1. تحالف استراتيجي: يُرجَّح هذا السيناريو حدوث نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين روما وأنقرة، وتدشين تحالف استراتيجي بينهما؛ إذ يرى البعض أن الصفقات الدفاعية بين البلدين قد تتخطى حدود إيطاليا لتشمل القارة الأوروبية بأكملها، فضلاً عن أن التداعيات الإيجابية المحتملة لتلك الصفقات قد تكون مُحفّزاً قوياً للبلدين من أجل تدشين تحالف استراتيجي بينهما، لاسيما وأن البلدين متفائليْن للغاية بشأن الخطوات المستقبلية في الشراكة الدفاعية بينهما، فيما يعتقد البعض أن التحالف بين إيطاليا وتركيا قد انطلق بالفعل بعد التعاون الدفاعي المتنامي بينهما.

2. مجرد تعاون دفاعي: يعتقد هذا السيناريو أن التعاون بين البلدين سيظل محصوراً في مجال التعاون الدفاعي؛ إذ سيستفيد البلدان من القدرات والخبرات الدفاعية من أجل تعزيز المكانة الوطنية لكليهما، لاسيما وأن حديث أردوغان، مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، خلال اتصال هاتفي في 10 يناير 2025، تركز حول تعزيز التعاون في صناعة الدفاع.

3. تدهور العلاقات: يرى هذا السيناريو، أن العلاقات بين روما وأنقرة قد تتدهور، على خلفية التحديات التي لا تزال قائمة أمام تعزيز العلاقات الثنائية بينهما، والتي من بينها التوترات الجيوسياسية؛ حيث تواجه تركيا انتقادات بسبب سياساتها في شرق البحر المتوسط وقبرص؛ مما أثر في علاقاتها مع بعض الدول الأوروبية، فضلاً عن التنافس الصناعي بين الشركات الدفاعية في البلدين؛ مما يمكن أن يؤثر في مدى نجاح الشراكة في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، بالإضافة إلى عدم قدرة إيطاليا على إقناع القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي فرنسا وألمانيا بتبني نهج أكثر استراتيجية تجاه تركيا، وذلك ليس فقط لافتقادها للنفوذ الدبلوماسي اللازم؛ بل أيضاً لوجود بعض الملفات الخلافية بين تركيا وإيطاليا.

وفي التقدير، يمكن القول إن التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين تركيا وإيطاليا، لا يعدو مجرد تبادل تجاري بين الطرفين، وقد يتخطى ذلك ليصبح أداة لتعزيز العلاقات السياسية والاستراتيجية بين البلدين، ولاسيما في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة؛ ومع ذلك، فإن نجاح هذا التعاون يعتمد على مدى قدرة البلدين على تجاوز الخلافات السياسية والاقتصادية والعمل معاً لتحقيق مصالحهما المشتركة؛ إذ يمكن أن تكون هذه الصفقات خطوة نحو الارتقاء بالعلاقات الثنائية والمساهمة في تخفيف بعض التوترات سواء في جنوب أوروبا أم في بعض بؤر الأزمات في الشرق الأوسط.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • إسرائيل تفتح جبهة ضد تركيا عبر متحدث باسم جيش الاحتلال باللغة التركية
  • تراجع مؤشرات الأسهم الروسية
  • تراجع معدل التضخم في سويسرا إلى 0.3 بالمائة خلال فبراير الماضي
  • مؤشر الديمقراطية يكشف تراجع الدول العربية عن العام الماضي.. أين وصلت؟
  • تركيا.. ارتفاع عجز التجارة الخارجية في فبراير
  • صفقة استحواذ: هل تُعزز التجارة الدفاعية العلاقات بين تركيا وإيطاليا؟
  • تراجع تسليم السيارات الجديدة في إسرائيل لأدنى مستوى خلال 5 سنوات
  • مديرية التجارة الداخلية تنظم 48 ضبطاً تموينياً في اللاذقية شباط الماضي
  • أكثر من 56 ألف زائر للمعالم التاريخية بجنوب الباطنة العام الماضي
  • خام برنت يلامس 73,57 دولارا.. ارتفاع أسعار النفط