عربي21:
2025-03-04@12:34:25 GMT

استهداف الأبناء والتفاوض على أشلاء الأطفال

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

في عام 1972 سأل صحفي يتحدث الإنجليزية الكاتب والسياسي الراحل غسان كنفاني لماذا لا توقفون القتال ضد إسرائيل؟ أجابه نوقفه من أجل ماذا ونحن من يتعرض للاعتداء والانتهاك؟ فرد الصحفي على الأقل توقفون ماكينة القتل. رد كنفاني: "هذا بالنسبة لك، أما بالنسبة لنا فإن الكرامة والاحترام والحقوق الإنسانية لها قيمة الحياة نفسها".

وهو منطق ظل سائدا لدى العرب والمسلمين لعقود طويلة.

فأسوأ ما فعلته الحياة المعاصرة أنه استبعدت المصطلحات الأخلاقية من السياسة ومن ثم من سياق تقييم الأحداث. ولهذا لن نجد مرادفات في التحليل السياسي أو نشرات الأخبار مثل النذالة والخسة وانعدام الأدب والتربية. ويأتي كل هذا تحت مظلة واهية وقاعدة يراد فرضها على الجميع وهي أنه لا أخلاق في السياسة. وقد انتقلت هذه القاعدة من مجرد توصيف للنظرة الغربية للسياسة والحروب إلى ممارسة شخصية وقبول في الوعي العام العربي والمسلم بل وانتقلت للتعاملات الشخصية والتجارية لدى البعض. وفي هذا الإطار يأتي اغتيال إسرائيل لأبناء وأحفاد إسماعيل هنية قبل أيام وتقييمه والتعامل معه.

إن ما حدث للقيادي إسماعيل هنية يتشابه إلى حد بعيد ما حصل للزميل البطل وائل الدحدوح من استهداف أبنائه وحفيده. الخسة ذاتها والغدر نفسه بعيدا عن مسألة حماية الصحفيين.كان التقييم الغربي للحدث يدور في فلك الخطأ الاستراتيجي وتأثير المصالح والمكاسب والخسائر. أما التقييم العربي والإسلامي فكان لا يزال محتفظا ببقية باقية من القيم الأخلاقية، وإن بقيت في إطار المكسب الشخصي الغيبي لهنية في رزق الشهادة ورباطة الجأش والاحتساب عند الله تعالى. ولم تتسع دائرة النقد والرفض لما حدث باعتباره خسة ونذالة وانعدام مرؤة. والحديث هنا ليس عن فعل القتل في حد ذاته وخاصة استهداف الأطفال الذي تفننت فيه إسرائيل بكل وضاعة؛ ولكن الحديث عن مسألة تتجاوز هذا الجرم إلى مستوى آخر وهو السير في مسار تفاوضي بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في إطار الحرب، وعند التعثر البحث عن جثة أبناء وأطفال للطرف الآخر في قيادة المقاومة لقلب المعادلة. والأمر هنا يتعدى أية مكاسب أو خسائر استراتيجية تلحق بهذا الطرف أو ذاك ويبقى في إطار الفعل المنتقَد أو العار بغض النظر عن موازيين القوة ومن كسب ومن خسر من الحادث.

إن ما حدث للقيادي إسماعيل هنية يتشابه إلى حد بعيد ما حصل للزميل البطل وائل الدحدوح من استهداف أبنائه وحفيده. الخسة ذاتها والغدر نفسه بعيدا عن مسألة حماية الصحفيين. فأن تنشأ الحروب بين البشر هذا أمر متكرر منذ بدء الخليقة وتمترس كل فريق حول حججه وذرائعه هو ديدن هذه الحروب، أما الخسة والنذالة والغدر فأمر مختلف سواء تم في سياق حرب أو سلم. وهذا ميراث عربي أصيل حافظ عليه الإسلام وتممه في إطار إتمام مكارم الأخلاق. وهو ميراث حضاري نفيس لا ينبغي التفريط فيه مهما كانت الضغوط.

لقد حلت معايير المصالح الاستراتيجية محل المعايير الأخلاقية في السياسة والحروب الحديثة. وأصبح الهدف القريب والضربة الحاسمة والمنفعة المادية الواضحة هي معيار الصواب والخطأ والحق والباطل. وكان أستاذنا الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ينتقد بشدة هذه المعيارية الحديثة التي ترى في قبول الهزيمة والمنفعية نظرة واقعية من دون أية مرجعية إنسانية أو أخلاقية من أجل حجة التكيف مع الواقع.

إن أهم مكتسبات القضية الفلسطينية رغم الخسائر في الأنفس والممتلكات أنها ضربت وتضرب هذه المبادئ التي يراد لها أن تنتشر بين العرب والمسلمين. ومنها أن يقرر المرء في لحظة مفاصلة أن يخسر استراتيجيا ويكسب أخلاقيا، أو يخسر الناس ويكسب نفسه ومبادئه. وكما قال عنترة بن شداد: لا تسقني ما الحياة بذلة...بل فاسقني بالعز كأس الحنظل.

https://twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية احتلال فلسطين اغتيالات رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی إطار

إقرأ أيضاً:

جحود الأبناء.. ابن يتخلص من والده ويشعل النيران بجسده بإحدى قرى الدقهلية

كشفت مباحث  الدقهلية،  لغز العثور على جثمان مجهول الهوية متفحمة وسط الزراعات.

 
تلقت مديرية أمن الدقهلية، إخطارا من مدير مركز شرطة السنبلاوين، بالعثور على جثمان مجهول الهوية وفى حالة تفحم.

انتقل ضباط المباحث إلى مكان البلاغ، وتم إخطار النيابة العامة، وتحرر محضر بالواقعة، وكلفت النيابة العامة المباحث بالتعرف على هوية الجثة وانتداب الطب الشرعي.


تم تشكيل فريق بحث جنائي وتبين ان الجثة لشخص يدعى  عزت م أ 60عاما ويقيم بقرية ميت غراب دائرة المركز.

وأسفرت جهود المباحث أن وراء ارتكاب الواقعة هو نجل المجنى عليه الذي اختلف معه نتيجة بيعه لعدد من المواشي الخاصة بحظيرتهم، و أقدم الشاب على إنهاء حياة والده والتخلص منه ثم استعان بصديق له وقاما بوضع الجثمان على سيارة ومعه قطع من أساس المنزل  والقيا به وسط الزراعات  وقاما بإشعال النار فيه لإخفاء جريمتهم.

وبتقنين الإجراءات تمكنت مباحث السنبلاوين من القبض على المتهم وصديقه، وبمواجهتهما اعترفا بارتكاب الواقعة، وحرر المحضر  اللازم.

مقالات مشابهة

  • ترامب… حين تتحول السياسة إلى سيرك عالمي!
  • قرار إسرائيل بوقف المساعدات إلى غزة يهدد حياة الأطفال والأسر بعواقب كارثية| إليك التفاصيل
  • استهداف سيارة في بلدة رشكنانية
  • رمضان.. تكوين زمني مختلف
  • خلى بالك.. أوقات حددها القانون لتنفيذ حكم رؤية الأبناء؟
  • دعاء اليوم الثالث من رمضان.. 12 كلمة تحصن الأبناء من العين
  • دعوات إلى وقف الحرب في أوكرانيا والتفاوض مع روسيا
  • جحود الأبناء.. ابن يتخلص من والده ويشعل النيران بجسده بإحدى قرى الدقهلية
  • نقابة صيادلة الإسكندرية تكرم 76 طالبًا من الأبناء المتفوقين للأعضاء
  • عندما تُملي السياسة على التكنولوجيا.. كيف غيّر ترامب مسار غوغل؟