الهجوم الإيراني.. نهاية لحرب باردة أم فرض لمعادلة جديدة مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT
طهران- بعد مرور حوالي أسبوعين على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، شنّت طهران هجوما انتقاميا مباشرا باتجاه العمق الإسرائيلي، مؤكدة أنها قامت بتنفيذ عملية "الوعد الصادق" تحت شعار "يا رسول الله" وأنها "نجحت في ضرب المواقع التي كانت منطلقا لاستهداف قنصليتها بسوريا".
وجاء الرد الإيراني، الليلة الماضية، مطابقا لما ذكره للجزيرة نت، في مايو/أيار الماضي، الخبير العسكري المقرب من الحرس الثوري علي عبدي، تحت عنوان "تصاعد التهديدات المتبادلة.
ويرى الخبير العسكري علي عبدي، أن الهجوم الإيراني الأخير قد تحدى جميع الأنظمة الدفاعية لدى إسرائيل والولايات المتحدة وحلف الناتو والدول الأوروبية على رأسها بريطانيا وفرنسا.
ووصف المواجهة العسكرية في سماء بلاد الشام، الليلة الماضية، بأنها "كونية بين الصناعات العسكرية الإيرانية من الدرجتين الثانية والثالثة من جهة، وبين أحدث الصناعات العسكرية الغربية، من جهة أخرى".
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الخبير الإيراني، أنه كان على يقين بأن "الصواريخ الإيرانية قادرة على اختراق الرادارات وضرب الأهداف في العمق الإسرائيلي بدون المسيرات، وذلك رغم الاستعداد الصهيوأميركي والغربي للتصدي لها".
وأضاف، أن رد بلاده جاء أدنى من توقعات الأوساط العسكرية، إذ إن طهران لم تستخدم أحدث الصناعات العسكرية مثل الصواريخ الفرط صوتية وتلك التي وصفها بأنها "مذهلة وفائقة التأثير" ولم تكشف عنها بعد، على حد قوله.
وتابع الخبير المقرب من الحرس الثوري، أن الخطة التي نفذتها بلاده في هجومها كانت الأبسط بين الخطط العسكرية المعقدة التي قد تخطر ببال الخبراء العسكريين، مؤكدا أنه تفاجأ من حجم الرد الذي جاء متناسبا والحضور العسكري الغربي والإقليمي المستنفر لحماية إسرائيل.
رسائل تهديدوعن تأثير العملية الإيرانية، يعتقد المتحدث نفسه أنها "نجحت نسبيا في توجيه صفعة للكيان الصهيوني وإيصال رسالة بالنار لتل أبيب وحلفائها الإقليميين والغربيين، لكنها أخفقت في الانتقام للدماء التي أريقت على طريق القدس سواء في إيران أو لدی حلفائها في محور المقاومة".
واستدرك بالقول إن "خيار الانتقام الحقيقي يمر عبر فرض قواعد اشتباك جديدة بدأتها العملية الأخيرة، وأي رد إسرائيلي محتمل قد يبرر لطهران تنفيذ عملياتها الانتقامية".
وخلص إلى أن مشاركة بعض الدول الغربية والإقليمية في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية أثبتت أنها اختارت الوقوف إلى جانب الاحتلال في المواجهات المحتملة المقبلة، محذرا من أن الجانب الذي تمكّن من إطلاق مئات المسيرات والصواريخ خلال سويعات فإنه قادر كذلك على إطلاق الآلاف منها بشكل متزامن.
من ناحيته، رأى الباحث السياسي صلاح الدين خديو، أن سيطرة الحرس الثوري على سفينة "إم إس سي أرييس" التابعة لإسرائيل قرب مضيق هرمز، قبيل الهجوم يهدف إلى إرسال رسالة استباقية صريحة للجانبين الأميركي والبريطاني بأن أي رد انتقامي على العملية الإيرانية سيعرض أمن المضيق للخطر.
وفي حديثه للجزيرة نت، رأى الباحث أن بلاده تعمدت عدم ضرب أهداف في المدن الإسرائيلية الكبرى، وأن "العملية محدودة النطاق تهدف إلى استعادة قوة الردع الإيرانية في مواجهة إسرائيل"، مضيفا أن استهداف طهران الجولان السوري المحتل وأهدافا عسكرية في صحراء النقب يرمي لاحتواء التطورات وعدم استفزاز الجانب الإسرائيلي أكثر مما هو عليه.
وتابع أنه يتوقع انسحاب الجمهورية الإسلامية من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (إن بي تي) في حال تعرض أراضيها لهجوم هجين إسرائيلي أميركي غربي بما يمهد لها التحرك سريعا نحو صناعة القنبلة الذرية، مستدركا أن هذه الفرضية قد تحض الأطراف الأخرى على احتواء التوتر الإيراني الإسرائيلي خلال المرحلة المقبلة، لكنه لا يستبعد شن تل أبيب هجوما مضادا على إيران.
الخطوط الحمر
وختم خديو بالقول، إن الهدف الرئيس للهجوم الإيراني على إسرائيل لم يكن تكبيد الأخيرة خسائر فادحة بقدر ما كان يرمي إلى إثبات قدرة طهران في تجاوز الأنظمة الجوية الإسرائيلية.
وفي السياق، يرى القيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم، أن العملية الإيرانية وضعت حدا للحرب الباردة المتواصلة منذ 45 عاما بين طهران وتل أبيب، وفرضت معادلة ردع جديدة ستجعل مرحلة ما بعد فجر 14 أبريل/نيسان 2024 مختلفة تماما عما قبلها.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد العميد المتقاعد في الحرس الثوري، أن إسرائيل هي أول من تجاوز خطوط طهران الحمراء باستهدافها القنصلية في سوريا، ما يبرر لطهران إسقاط جميع الخطوط الحمر في صراعها مع الاحتلال.
واستبعد كنعاني أن تقوم إسرائيل برد انتقامي مباشر ضد الأراضي الإيرانية في ظل تقويض قوتها الردعية ومعارضة واشنطن لمثل هذا الهجوم وعزم حلفاء طهران في مجلس الأمن الدولي استخدام حق النقض (الفيتو) في الاجتماع المقرر اليوم لمناقشة التوتر بالشرق الأوسط.
وتوقع أن يقتصر الرد الإسرائيلي على استهداف أذرع المقاومة الإسلامية المتحالفة مع طهران واستئناف العملية البرية في رفح والعودة إلى سياسة الاغتيالات والعمليات التخريبية في الداخل الإيراني خلال المرحلة المقبلة.
انتقادات وتحدياتولا تخلو العملية الإيرانية من نقد في الأوساط السياسية التي ترى أن الهجوم يخدم السياسات الروسية في حرف الأنظار عن الحرب التي تشنها على أوكرانيا.
وفي السياق، يعتقد أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة الخوارزمي يد الله كريمي بور أن العملية الإيرانية لم تأخذ عنصر المسافة بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل بعين الاعتبار، وكذلك بطء المسيرات في الحركة مما يمنح الطرف المقابل فرصة كافية للاستعداد وإسقاطها.
وفي تعليق نشره علی صفحته بمنصة تليغرام، يشير الباحث الأكاديمي إلى مشاركة دول إقليمية وغربية في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، مؤكدا أن أداء حلقات المقاومة المتحالفة مع طهران لم يرتق للمستوى المنشود، وعلى إيران أن تأخذ هذه المستجدات بعين الاعتبار في مواجهتها مع إسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات العملیة الإیرانیة الحرس الثوری للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
جهود عمانية تتواصل.. الجولة الثالثة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية
مسقط-رويترز
سيجتمع كبار المفاوضين الإيرانيين والأمريكيين مجددا اليوم السبت للتوصل إلى اتفاق جديد يكبح جماح برنامج طهران النووي، في حين أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ثقته في التوصل إلى اتفاق جديد من شأنه أن يقطع الطريق أمام إيران لامتلاك قنبلة نووية.
وسيتفاوض وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بشكل غير مباشر مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في مسقط عبر وسطاء عمانيين، وذلك بعد أسبوع من جولة ثانية في روما وصفها الجانبان بأنها بناءة.
ومن المقرر أن تبدأ المحادثات على مستوى الخبراء، والتي ستبدأ في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، قبل اجتماع غير مباشر بين المفاوضين الرئيسيين.
وقال ترامب في مقابلة مع مجلة تايم نُشرت أمس الجمعة "أعتقد أننا سنبرم اتفاقا مع إيران"، لكنه كرر تهديده بعمل عسكري ضد طهران إذا فشلت الدبلوماسية.
وفي حين قالت كل من طهران وواشنطن إنهما عازمتان على مواصلة الدبلوماسية، إلا أنهما لا تزالان متباعدتين بشأن النزاع المستمر منذ أكثر من عقدين.
فقد تخلّى ترامب، الذي أعاد تطبيق سياسة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير باط، عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية في عام 2018 خلال ولايته الأولى وأعاد فرض عقوبات مكبلة على إيران.
ومنذ عام 2019، انتهكت إيران القيود النووية التي يفرضها الاتفاق النووي بما في ذلك تسريع تخصيب اليورانيوم "بشكل كبير" إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهو ما يقترب من مستوى 90 بالمئة تقريبا الذي يعتبر من الدرجة التي تصل إلى درجة صنع الأسلحة، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في الأسبوع الماضي إن إيران ستضطر إلى التوقف تماما عن تخصيب اليورانيوم بموجب اتفاق، واستيراد أي يورانيوم مخصب تحتاجه لتزويد محطتها الوحيدة العاملة للطاقة الذرية في بوشهر بالوقود.
ووفقا لمسؤولين إيرانيين، فإن طهران مستعدة للتفاوض على بعض القيود على عملها النووي مقابل رفع العقوبات، لكن إنهاء برنامج التخصيب أو تسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب من بين "الخطوط الحمراء الإيرانية التي لا يمكن المساومة عليها" في المحادثات.
وإضافة إلى ذلك، قال العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين إن الدول الأوروبية اقترحت على المفاوضين الأمريكيين أن الاتفاق الشامل يجب أن يتضمن قيودا تمنع إيران من امتلاك أو استكمال القدرة على وضع رأس نووي على صاروخ باليستي.
وتصر طهران على أن قدراتها الدفاعية مثل برنامج الصواريخ غير قابلة للتفاوض. وقال مسؤول إيراني مطلع على المحادثات أمس الجمعة إن طهران ترى أن برنامجها الصاروخي يمثل عقبة أكبر في المحادثات.