طهران- بعد مرور حوالي أسبوعين على الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، شنّت طهران هجوما انتقاميا مباشرا باتجاه العمق الإسرائيلي، مؤكدة أنها قامت بتنفيذ عملية "الوعد الصادق" تحت شعار "يا رسول الله" وأنها "نجحت في ضرب المواقع التي كانت منطلقا لاستهداف قنصليتها بسوريا".

وجاء الرد الإيراني، الليلة الماضية، مطابقا لما ذكره للجزيرة نت، في مايو/أيار الماضي، الخبير العسكري المقرب من الحرس الثوري علي عبدي، تحت عنوان "تصاعد التهديدات المتبادلة.

. ما خطة طهران للرد على أي هجوم إسرائيلي محتمل؟"، حيث استخدمت عشرات المسيرات والصواريخ في أول هجوم مباشر على إسرائيل منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1989.

ويرى الخبير العسكري علي عبدي، أن الهجوم الإيراني الأخير قد تحدى جميع الأنظمة الدفاعية لدى إسرائيل والولايات المتحدة وحلف الناتو والدول الأوروبية على رأسها بريطانيا وفرنسا.

ووصف المواجهة العسكرية في سماء بلاد الشام، الليلة الماضية، بأنها "كونية بين الصناعات العسكرية الإيرانية من الدرجتين الثانية والثالثة من جهة، وبين أحدث الصناعات العسكرية الغربية، من جهة أخرى".

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الخبير الإيراني، أنه كان على يقين بأن "الصواريخ الإيرانية قادرة على اختراق الرادارات وضرب الأهداف في العمق الإسرائيلي بدون المسيرات، وذلك رغم الاستعداد الصهيوأميركي والغربي للتصدي لها".

وأضاف، أن رد بلاده جاء أدنى من توقعات الأوساط العسكرية، إذ إن طهران لم تستخدم أحدث الصناعات العسكرية مثل الصواريخ الفرط صوتية وتلك التي وصفها بأنها "مذهلة وفائقة التأثير" ولم تكشف عنها بعد، على حد قوله.

وتابع الخبير المقرب من الحرس الثوري، أن الخطة التي نفذتها بلاده في هجومها كانت الأبسط بين الخطط العسكرية المعقدة التي قد تخطر ببال الخبراء العسكريين، مؤكدا أنه تفاجأ من حجم الرد الذي جاء متناسبا والحضور العسكري الغربي والإقليمي المستنفر لحماية إسرائيل.

رسائل تهديد

وعن تأثير العملية الإيرانية، يعتقد المتحدث نفسه أنها "نجحت نسبيا في توجيه صفعة للكيان الصهيوني وإيصال رسالة بالنار لتل أبيب وحلفائها الإقليميين والغربيين، لكنها أخفقت في الانتقام للدماء التي أريقت على طريق القدس سواء في إيران أو لدی حلفائها في محور المقاومة".

واستدرك بالقول إن "خيار الانتقام الحقيقي يمر عبر فرض قواعد اشتباك جديدة بدأتها العملية الأخيرة، وأي رد إسرائيلي محتمل قد يبرر لطهران تنفيذ عملياتها الانتقامية".

وخلص إلى أن مشاركة بعض الدول الغربية والإقليمية في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية أثبتت أنها اختارت الوقوف إلى جانب الاحتلال في المواجهات المحتملة المقبلة، محذرا من أن الجانب الذي تمكّن من إطلاق مئات المسيرات والصواريخ خلال سويعات فإنه قادر كذلك على إطلاق الآلاف منها بشكل متزامن.

من ناحيته، رأى الباحث السياسي صلاح الدين خديو، أن سيطرة الحرس الثوري على سفينة "إم إس سي أرييس" التابعة لإسرائيل قرب مضيق هرمز، قبيل الهجوم  يهدف إلى إرسال رسالة استباقية صريحة للجانبين الأميركي والبريطاني بأن أي رد انتقامي على العملية الإيرانية سيعرض أمن المضيق للخطر.

وفي حديثه للجزيرة نت، رأى الباحث أن بلاده تعمدت عدم ضرب أهداف في المدن الإسرائيلية الكبرى، وأن "العملية محدودة النطاق تهدف إلى استعادة قوة الردع الإيرانية في مواجهة إسرائيل"، مضيفا أن استهداف طهران الجولان السوري المحتل وأهدافا عسكرية في صحراء النقب يرمي لاحتواء التطورات وعدم استفزاز الجانب الإسرائيلي أكثر مما هو عليه.

وتابع أنه يتوقع انسحاب الجمهورية الإسلامية من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية (إن بي تي) في حال تعرض أراضيها لهجوم هجين إسرائيلي أميركي غربي بما يمهد لها التحرك سريعا نحو صناعة القنبلة الذرية، مستدركا أن هذه الفرضية قد تحض الأطراف الأخرى على احتواء التوتر الإيراني الإسرائيلي خلال المرحلة المقبلة، لكنه لا يستبعد شن تل أبيب هجوما مضادا على إيران.

الخطوط الحمر

وختم خديو بالقول، إن الهدف الرئيس للهجوم الإيراني على إسرائيل لم يكن تكبيد الأخيرة خسائر فادحة بقدر ما كان يرمي إلى إثبات قدرة طهران في تجاوز الأنظمة الجوية الإسرائيلية.

وفي السياق، يرى القيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم، أن العملية الإيرانية وضعت حدا للحرب الباردة المتواصلة منذ 45 عاما بين طهران وتل أبيب، وفرضت معادلة ردع جديدة ستجعل مرحلة ما بعد فجر 14 أبريل/نيسان 2024 مختلفة تماما عما قبلها.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد العميد المتقاعد في الحرس الثوري، أن إسرائيل هي أول من تجاوز خطوط طهران الحمراء باستهدافها القنصلية في سوريا، ما يبرر لطهران إسقاط جميع الخطوط الحمر في صراعها مع الاحتلال.

واستبعد كنعاني أن تقوم إسرائيل برد انتقامي مباشر ضد الأراضي الإيرانية في ظل تقويض قوتها الردعية ومعارضة واشنطن لمثل هذا الهجوم وعزم حلفاء طهران في مجلس الأمن الدولي استخدام حق النقض (الفيتو) في الاجتماع المقرر اليوم لمناقشة التوتر بالشرق الأوسط.

وتوقع أن يقتصر الرد الإسرائيلي على استهداف أذرع المقاومة الإسلامية المتحالفة مع طهران واستئناف العملية البرية في رفح والعودة إلى سياسة الاغتيالات والعمليات التخريبية في الداخل الإيراني خلال المرحلة المقبلة.

انتقادات وتحديات

ولا تخلو العملية الإيرانية من نقد في الأوساط السياسية التي ترى أن الهجوم يخدم السياسات الروسية في حرف الأنظار عن الحرب التي تشنها على أوكرانيا.

وفي السياق، يعتقد أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة الخوارزمي يد الله كريمي بور أن العملية الإيرانية لم تأخذ عنصر المسافة بين الجمهورية الإسلامية وإسرائيل بعين الاعتبار، وكذلك بطء المسيرات في الحركة مما يمنح الطرف المقابل فرصة كافية للاستعداد وإسقاطها.

وفي تعليق نشره علی صفحته بمنصة تليغرام، يشير الباحث الأكاديمي إلى مشاركة دول إقليمية وغربية في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية، مؤكدا أن أداء حلقات المقاومة المتحالفة مع طهران لم يرتق للمستوى المنشود، وعلى إيران أن تأخذ هذه المستجدات بعين الاعتبار في مواجهتها مع إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات العملیة الإیرانیة الحرس الثوری للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

إيران تجري محادثات نووية جديدة مع دول أوروبية

أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الأحد، إجراء جولة جديدة من المباحثات هذا الشهر مع الدول الأوروبية بشأن برنامجها النووي والصراع في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي إن اجتماعا يضم مساعدي وزراء خارجية إيران وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، سيعقد الجمعة لمناقشة تطورات فلسطين ولبنان والموضوع النووي، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

وسيناقش الاجتماع المرتقب القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، بما فيها "موضوع فلسطين ولبنان وكذلك الموضوع النووي" تابع بقائي. 

وأضاف المتحدث الإيراني أن هذا الاجتماع يأتي استمراراً للمحادثات التي أنجزت معهم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية.

وكانت "كيودو نيوز" اليابانية ذكرت الأحد نقلا عن مصادر دبلوماسية إيرانية، أن طهران ستتباحث الجمعة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الدولية. 

وبحسب المصادر، يتوقع أن تُعقد المباحثات في مدينة جنيف السويسرية.

Iran to hold nuclear talks with Britain, France, Germany: sourceshttps://t.co/QvfeLusxNH#Iran #EU #nuclear

— Kyodo News | Japan (@kyodo_english) November 24, 2024

يشار إلى أن إيران تقوم حاليا بتخصيب اليورانيوم لمستوى 60 في المئة. ووفقا للخبراء، فإن مستوى أكثر من 90 في المئة هو المطلوب لتصنيع أسلحة نووية.

وتؤكد الحكومة الإيرانية أن البرنامج النووي سيستخدم لأغراض مدنية فقط.

واعتمد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مساء الخميس الماضي قرارا طرحته هذه الدول (التي ستعقد اجتماعا مع إيران)، ينتقد عدم تعاون طهران في هذا الملف.

وقالت وكالة فرانس برس، إن 19 دولة من أصل 35 أيدت النص، مما أثار غضب إيران التي ردت معلنة وضع "أجهزة طرد مركزي متطورة جديدة" في الخدمة في إطار برنامجها النووي.

من جهتها، أكدت المملكة المتحدة، الأحد، أن هذه المحادثات ستتم. وقالت وزارة الخارجية البريطانية "ما زلنا ملتزمين باتخاذ جميع الخطوات الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية، بما في ذلك من خلال الإجراءات العقابية إذا لزم الأمر".

ملف إيران.. ترامب قد يطبق سياسة "الضغط الأقصى" برنامج "عاصمة القرار" الذي يقدمه، ميشال غندور، يناقش ملف سياسة الضغط الأقصى من واشطن تجاه إيران، وما إذا كانت إدارة الرئيس المنتخب ستعود إلى هذه السياسة؟.

وتعد إيران داعما أساسيا لجماعة حزب الله في لبنان ولحركة حماس في قطاع غزة، اللتين تخوضان حرباً منذ أكثر من عام مع إسرائيل، عدوة طهران اللدودة منذ قيام الجمهورية الإسلامية في عام 1979.

وتتصاعد التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني. وتنفي طهران أن تكون لديها طموحات نووية على الصعيد العسكري وتدافع عن حقها بامتلاك برنامج نووي لأغراض مدنية ولا سيما في مجال الطاقة.

وأبرم اتفاق نووي بين طهران وست قوى كبرى عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، أتاح رفع عقوبات عن إيران في مقابل تقييد نشاطاتها النووية وضمان سلميتها.

وردا على انسحاب الولايات المتحدة في 2018 من الاتفاق، خلال الولاية الرئاسية الأولى لدونالد ترامب، بدأت طهران التراجع تدريجيا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو برنامجها النووي وتوسّعه إلى حد كبير.

وترى إيران أنها أبدت "حسن نية" بدعوتها المدير العام للوكالة الدلوية للطاقة الذرية رافايل غروسي لزيارة موقعي "نطنز" و"فوردو" النوويين في وسط البلاد خلال تواجده في طهران.

واعتبرت هذه الزيارة إحدى الفرص الدبلوماسية الأخيرة المتاحة قبل عودة دونالد ترامب في يناير إلى البيت الأبيض، وهو الذي كان مهندس سياسة "الضغوط القصوى" على إيران خلال ولايته الأولى بين عامَي 2017 و2021.

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الإسرائيلي: قطعنا بعض أذرع "الأخطبوط الإيراني"
  • أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي لـ 732 ألفا و350 جنديًا منذ بدء العملية العسكرية
  • أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي لـ 732 ألفا و350 جنديا منذ بدء العملية العسكرية
  • إيران تجري محادثات نووية جديدة مع دول أوروبية
  • المدنيون في قبضة النزاع.. معاناة مالي بين الإرهاب والعمليات العسكرية
  • مستشار خامنئي: إيران تجهز للرد على إسرائيل
  • «أسوشيتدبرس»: إسرائيل تلاحق مواطنيها العرب المعارضين لحرب غزة
  • أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 730 ألفا و740 جنديا منذ بدء العملية العسكرية
  • بوتين يوقع مرسوما يعفي المشاركين في العملية العسكرية الخاصة من سداد القروض
  • صواريخ حزب الله تقلق إسرائيل.. "ألماس" الإيرانية المستنسخة من صواريخ "سبايك" تشكل تهديدا جديدا