الجزيرة:
2025-04-07@06:55:34 GMT

هُزمت إسرائيل.. فهل انتصرت المقاومة؟

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

هُزمت إسرائيل.. فهل انتصرت المقاومة؟

في الأيام الأولى للعدوان على غزة غلبت العجرفة وغرور القوة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يقول: ما ستواجهه حماس سيكون صعبًا ورهيبًا، وسنغيّر الشرق الأوسط. وتحدث مرّة عن تمزيق حماس، وأخرى عن تصفيتها، واصفًا حركة المقاومة بأنها داعش، وكان في ذلك يستند إلى دعم غربي أميركي غير محدود يتبنى الأكاذيب الدعائية الإسرائيلية.

ما بين تلك التصريحات وبين ما قاله نتنياهو في السابع من شهر أبريل/ نيسان – عشية ذكرى مرور ستة أشهر على العدوان على غزة، والذي جاء فيه: إن تل أبيب مستعدة للتوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح المحتجزين من قطاع غزة، لكن إسرائيل ليست مستعدة للإذعان لمطالب حماس التي وصفها بـالمبالغ فيها – تتكشف الحقائق وتتبلور النتائج.

ستة أشهر من التدمير والقصف اللذين استهلكا مخزونات جيش الاحتلال من المقذوفات والمتفجرات عدة مرات، ومع كل الوسائل غير الأخلاقية واللاإنسانية وجرائم الإبادة التي استخدمتها دولة الاحتلال، ترتدّ تصريحات نتنياهو في بدايات العدوان على أعقابها خائبة خاسرة، فمن اجتثاث حماس وتمزيقها إلى عدم الإذعان لها ولمطالبها، تتجلّى صور الهزيمة والانكسار.

هُزمت إسرائيل في الحرب والعدوان على غزة، هزمت أخلاقيًا وسياسيًا ومعنويًا ونفسيًا وإستراتيجيًا. فلم تعد إسرائيل واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، كما كان الغرب يقدمها، بل أصبحت دولة مارقة تستخدم الأساليب غير الأخلاقية في قتل الأطفال، وتدمير البيوت، وتجويع المدنيين الأبرياء. وبعد أن كانت دولة الاحتلال مهيمنة على الضمير الشعبي ومستحوذة على الرأي العام في الغرب، غدا الوقوف معها وبجانبها أمرًا يكلف السياسيين الكثير، ويحطّ من صورتهم ومكانتهم أمام الرأي العام في بلدانهم. وأصبحت صيحات الاستهجان والتنديد من الشباب الغربي ضد السياسيين الداعمين للاحتلال تلاحقهم في تنقلاتهم ومؤتمراتهم الصحفية والانتخابية – كما في أميركا – وتطوّقهم وتؤرقهم.

أمست العلاقة مع دولة الاحتلال تشكّل عبئًا أخلاقيًا وسياسيًا، وأحيانًا انتخابيًا على أصحابها. فالرئيس الأميركي جو بايدن يواجه موقفًا انتخابيًا صعبًا وأيامًا عسيرة جراء وقوفه مع العدوان الإسرائيلي ودعمه لآلة القتل الإسرائيلية بالمال والعتاد والذخيرة والإسناد السياسي والدبلوماسي. وها هي نيكاراغوا تجرّ ألمانيا إلى محكمة العدل الدولية من خلال شكوى قدّمتها تتهمها فيها بتسهيل ارتكاب إبادة جماعية بحقّ الفلسطينيين في قطاع غزة من خلال الاستمرار بدعم تل أبيب بشتّى أنواع الأسلحة مع علمها باحتمال كبير باستخدام تلك الأسلحة لارتكاب إبادة جماعية خطيرة بحقّ سكان القطاع.

وإذا كان تأسيسُ الدولة العبرية قائمًا في جانب كبير منه على مرثية وبكائية محارق النازية، والموقف الغربي منها، فإنّ ما ارتكبته تل أبيب من جرائم موثقة وعلى مدار الشهور، وعلى الهواء مباشرة، وما سيتم توثيقه من بعدُ سيشكل البعد الأخلاقي الرئيس في تفكيك دولة الاحتلال على مستوى الرأي العام الغربي، ولعل من صوره ما شاهدناه وتابعناه من هتافات الشباب والنشطاء في الغرب، في المظاهرات والتجمعات، والتي تنادي بفلسطين الحرة من البحر إلى النهر.

الإقرار بهزيمة إسرائيل تكرّر حتى على لسان العديد من السياسيين والمفكّرين والكتّاب الإسرائيليين، ومنهم وزير العدل الإسرائيلي السابق حاييم رامون الذي قال، وفق صحيفة معاريف: إن الحرب التي تشنها حكومة بنيامين نتنياهو على قطاع غزة انتهت بهزيمة إستراتيجية لإسرائيل، وردًا على سؤال بشأن ما إذا كانت الحرب قد انتهت، قال رامون: لسوء الحظ، نعم، للأسف هناك انتصار تكتيكي، ولكن هناك أيضًا هزيمة إستراتيجية، فلم نحقق أيًا من الأهداف التي حدّدتها الحكومة.

غيرت غزة المشهد العالمي، ولكنّ المتربصين كثرٌ، وأهل المكر والخديعة يتسيّدون غالبية المسرح السياسي الدولي، وتقديري أن النظام الدولي المتعجرف لن يسمح بانتصار المقاومة ما استطاع إلى ذلك سبيلا

انهزم الاحتلال، فهل انتصرت المقاومة؟ نعم.. فلقد انتصرت المقاومة عسكريًا وأخلاقيًا وحتى سياسيًا على جيش الاحتلال. الانتصار العسكري وُثق جانب منه في فيديوهات مصورة، ولعل أهمها ما نُشر للكمين المركّب في خان يونس، وكان من سمات الانتصار الرئيسية أيضًا وحدة المقاومين والقدرة على التحكم والسيطرة، واختيار الأهداف رغم ضراوة القصف وعنفه. أخلاقيًا انتصرت المقاومة على الاحتلال في تعاملها الإنساني مع الأسرى الذين تم إطلاق سراحهم في عملية التبادل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وظهرت صور كثيرة للتعاطي الراقي من عناصرها مع الأسرى؛ إن كان من خلال طريقة توديع الأسرى لهم، أو في صور أخرى، منها صورة الفتاة الإسرائيلية التي خرجت ضمن صفقة التبادل، وهي تحمل كلبها بين يديها. فيما لم يتحدّث أي أسير ممن أُطلق سراحهم للإعلام عن معاملة سيئة أو تعامل فظّ لاقوه من آسريهم.

السؤال الأهم، وربما الأصعب: ماذا بعد؟ وإذا افترضنا أن الاحتلال رضخ للإمر الواقع وللضغوط المحلية والعالمية، ولوضعه العسكري شبه المنهار، ولحال اقتصاده المتدهور ووافق على صفقة تتضمن الانسحاب وتبادل الأسرى، وإعمار القطاع، وفكّ الحصار، وقدم بذلك تعهدات ومواثيق، فما هو التالي؟

بتقديري؛ لن يترك النظام الدولي المتعسف والمتعجرف، ولن يسمح بانتصار المقاومة في فلسطين ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، ومن ورائه وبكل القدرات والمقدرات أنظمة عربية راسخة في الاستبداد ومتجذرة في الفساد. انتصار المقاومة وقيمها سيؤدي لزعزعة مفاهيم دولية أصبحت مع مرور السنوات وطغيان القوة من المسلَّمات، وسيقود لتغييرات كبيرة في المنطقة، ولو بعد حين. وإذا كانت قيادة المقاومة السياسية تصرّح بأن معركة المفاوضات أقسى من المعارك العسكرية على الأرض، فإن مرحلة ما بعد صمت البنادق قد تكون الأشد والأشرس.

يحتاج أي حل أو أية تسوية إلى ضمانات دولية وإقليمية متنوعة، ذلك لأن الضمانات الغربية وبطبيعة الحال تعهّدات الاحتلال يمكن النكوص عنها وتجاوزها، وما أسهل المبررات والفبركات، ولعلّ فزاعة داعش وأمثالها -وكما شاهدنا فيما جرى في موسكو- تحت التصرّف والطلب حيث يقتضي الأمر ذلك. مما لا شك فيه أن الدور التركي سياسيًا ولوجيستيًا مطلوب وبشدّة، غير أن تركيا الآن لم تعد كما كانت، أو كنا نتأمل ونأمل، تركيا مثقلة بهموم وأغلال اقتصادية تلقي بظلالها على مكانتها ودورها وهو ما شهدناه في الأشهر الماضية فيما يتعلق بمواقفها من محرقة غزة. لا بد من ضمانات دولية تُساهم فيها دول لها مصالح متناقضة، كدول غربية وروسيا والصين ودور رئيسي لدول ذات مواقف منصفة في الأزمة مثل أيرلندا والنرويج وجنوب أفريقيا ودول أميركا اللاتينية، وبوجود عسكري لها ولو رمزيًا.

غيرت غزة المشهد العالمي، ولكنّ المتربصين كثرٌ، وأهل المكر والخديعة هم الذين يتسيّدون غالبية المسرح السياسي الدولي، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال. انتصرت الثورات العربية وبشكل سلمي رائع في بعض الدول، وظنّ كثيرون أنّ المستقبل أصبحَ براقًا ومشرقًا، وأنهم سيستمتعون بحقوقهم الأساسية والسياسية كمواطنين، ولكن ما لبث المتربّصون، بدعم الدولة العميقة وتحريض الخارج إقليميًا ودوليًا، أن انقضّوا على ما كان يُظنّ أنه حلم تحقق ليصبح كابوسًا مؤلمًا، ولترتد الأمور إلى أسوأ مما كانت عليه.

تحتاج المقاومة إلى أن تشارك وتشاور قانونيين دوليين، وأن تستحضر البعد الشعبي العربي والإسلامي من خلال مشاركة علماء مسلمين ونقابيي هيئات دولية رسمية وشعبية في التسوية المرتقبة، فلم تعد غزة – وما جرى فيها – شأنًا فلسطينيًا ولا عربيًا وإسلاميًا فحسب، بل أصبحت مسألة عالمية اجتمعت عليها قلوب أصحاب الضمائر الحيّة، والقيم والأخلاق الإنسانية.

كما تحتاج المقاومة وسياسيوها إلى التفكير العميق ووضع جميع الاحتمالات شديدة السوء في حساباتهم، فكما رأينا في حرب الإبادة على غزة، نتعامل مع عالم متوحش موغل في الإجرام والنفاق يدعم كل أنواع الإرهاب الذي يقترفه الاحتلال؛ بزعم محاربة الإرهاب. وفيما يبكي ويتباكى على مزاعم إسرائيلية كاذبة فيما يتعلق بذبح الأطفال، ويعتبرها حقائق وبشكل سريع خاطف ومن دون تدقيق ولا تمحيص، ويتعامل ببرود ولامبالاة مع جرائم الاحتلال وانتهاكاته الصارخة التي يقترفها على الهواء مباشرة، كما في المستشفى الأهلي، ومجمع الشفاء، واغتيال عمال الإغاثة الأجانب ليطلب من الجاني وبأدب جمّ وعبارات مهذبة، التحقيق فيما اقترفت يداه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات انتصرت المقاومة دولة الاحتلال على غزة من خلال ما کان

إقرأ أيضاً:

التغريبة الغزاوية.. تجويع وتهجير وإبادة لم تلامس نخوة العرب

مع بداية فرض الجيش الإسرائيلي لعملية نزوح قسري على سكان رفح، تتضح معالم وأهداف إقحام جيش الاحتلال للواءين عسكريين من الفرقة 36 مدرع في المنطقة وتكليف 4 فرق عسكرية وإدخالها للقطاع، حسب ما أعلن عنه وزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي يكون قد وضع قيد التنفيذ عملية برية شاملة في غزة؛ الهدف منها حشر وتكديس سكانها في الجنوب بمحاذاة الحدود المصرية.

لقد ظهر الآن جليا أنّ نتنياهو الذي أصرّ على إنهاء الهدنة مع حماس واستئناف عدوانه على القطاع في 18 آذار/ مارس الماضي، استخدم ورقة المفاوضات وفي ذهنه خرقها بعد أسابيع قليلة من أجل كسب الوقت الضروري لإسكات الشارع الإسرائيلي ولجم انقسامه، وتبدّى أنّ إيهامه لعائلات الأسرى بأن المفاوضات ستتم عبر مراحل، لم يكن سوى ليتسنى له إطلاق سراح أكبر عدد من الأسرى، بما يُضعف قوة الحشد لدى تلك العائلات في الشارع بعد أن يتبقى عدد قليل جدا منهم في قبضة المقاومة وأغلبهم أموات وقلّة قليلة من الأحياء لن تجد من يدافع عن استعادتهم.

فعل نتنياهو ذلك حتى يبث الخوف وسط أغلبية الإسرائيليين ويشعرهم بضرورة تقديم أولوية الأمن القومي التي تهمّ الجميع؛ على ملف الأسرى الذي يعني عشرات من العائلات الإسرائيلية فقط، بما يعني أن نتنياهو استخدم "المرحلة الأولى" من المفاوضات فترة للمماطلة حتى يتمكن من كسب الغطاء السياسي بعد أن يكون قد تمكن من تصفية ملف الأسرى، لاستكمال خطة الجنرالات التي كان قد بدأها قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وحصل لاستئنافها على ضوء أخضر من ترامب، الذي عكَس هو الآخر أولوياته المعلنة بما يتوافق ورغبة نتنياهو فأخّر الاستجابة لمطالبات عائلات الأسرى له باستعادتهم جميعا، وبهذا يكون قد نفض يديه منها إلى الأبد وقدّم عليها المقاربة العسكرية لحلّ مأزق السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

ما يقوم به نتنياهو الآن في غزة حرفيا هو محاولة فصل الحاضنة الشعبية عن المقاومة، عبر إخلاء قسري للقطاع من السكان المدنيين باستخدام القصف المكثف، في سبيل حشرهم في منطقة قريبة من الحدود المصرية وفرض حصار كامل على المنطقة، ثم استخدام المساعدات الإنسانية في نطاق جغرافي ضيق يحوي مخيما ضخما للاجئين
ما يقوم به نتنياهو الآن في غزة حرفيا هو محاولة فصل الحاضنة الشعبية عن المقاومة، عبر إخلاء قسري للقطاع من السكان المدنيين باستخدام القصف المكثف، في سبيل حشرهم في منطقة قريبة من الحدود المصرية وفرض حصار كامل على المنطقة، ثم استخدام المساعدات الإنسانية في نطاق جغرافي ضيق يحوي مخيما ضخما للاجئين بما يتيح تثبيتهم في منطقة آمنة ومستقرة بعيدا عن مناطق الحرب في غزة، والتي سيتم قطع المساعدات عنها حتى يتم الضغط على من تبقى من المدنيين داخلها من أجل مغادرتها أو الموت، في إطار هجرة تبدو طوعية، وقطع الغذاء عن عناصر المقاومة من أجل إضعافها.

وعلى هذا الأساس فإنّ الهدف الأول من إخلاء غزة هو عزل المقاومة عن السكان وتجويع عناصرها بالتوازي مع العمل العسكري البحت، وتنفيذ المرحلة الأولى من عملية التهجير والتي تتمثل في حشد أكبر قدر من سكان القطاع قرب الحدود مع مصر، تمهيدا للمرحلة الثانية المتمثلة في العبور الكبير باتجاه الأراضي المصرية ومغادرة غزة بشكل نهائي، لتبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة من حياة سكان القطاع في شبه جزيرة سيناء، المعزولة جغرافيا وعمليا عن مصر، بعد أن قام الجيش المصري بإخلائها تقريبا من سكانها وحظرها على المصريين.

وفي الواقع، خطة الجنرالات هذه سبقتها خطة السيسي أو بالأحرى فكرته التي اقترحها في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أياما قليلة جدا بعد اندلاع أحداث طوفان الأقصى، حينها خاطب الإسرائيليين بقوله: "إذا كانت هناك فكرة للتهجير، فلِمَ لا يُنقل الفلسطينيون إلى النقب"، ودون أدنى قدر من الحياء زاد في اقتراحه أنّ مدة مكوث الفلسطينيين في النقب سيحدّدها مدى قدرة جيش الاحتلال على القضاء على المقاومة المسلحة في غزة.

واليوم يصل نتنياهو إلى ما كانت المقاومة ولا تزال تعتبره خطا أحمر، إنه يضغط عليها عبر ارتكاب أفظع إبادة في القرن الواحد والعشرين تستهدف سكان غزة الذين يتعرضون للتجويع والتعطيش، ويضع شرطا تحت النيران لوقف الحرب يفرض تسليم أسلحتها مقابل السماح لقادتها بمغادرة غزة.

بعد مرور 18 عشر شهرا على حرب الإبادة واستباحة أرواح الفلسطينيين ومساكنهم وأراضيهم لا يزال العرب على موقفهم من العلاقة مع الكيان الصهيوني، التطبيع لم يتوقف يوما والدول المطبعة لم تلوح بإلغاء اتفاقياته بل لم تسحب سفراءها من تل أبيب فضلا عن أن تطرد سفراء إسرائيل لديها، موقف مخزٍ يظهر إلى أيّ مدى بلغ الخذلان الرسمي العربي للقضية الفلسطينية
إقليميا، تمكنت إسرائيل، أو هكذا يبدو ظاهريا وإلى اللحظة على الأقل، من إضعاف محور المقاومة وتحييد رأسه إيران ولو مؤقتا، ريثما تفصل في مسألة توجيه ضربة قوية أو هجوم خاطف في حدود الحرب الجزئية ذات النتائج المؤثرة التي تؤدي إلى إحداث شلل في قدرتها على الردّ؛ بما يحقق إحداث خلل في ميزان الردع لصالحها، بالتوازي مع إصدار ترامب إملاءاته لإيران بمناقشة برنامجها النووي على أسس جديدة تلزمها بالتوقف عن السعي لامتلاك أسلحة نووية، بعد أن هدد علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى، باللجوء إلى السلاح النووي في حال تعرضت إيران إلى هجوم.

وعلى صعيد المقاومة المساندة لغزة، لم يبق لحزب الله ما يقدمه بعد أن سقط نظام الأسد الحليف، وتوسع جيش الاحتلال شرقا في الجولان ليصل إلى سفح جبل الشيخ في الجانب السوري، قاطعا بذلك الطريق على المقاومة اللبنانية التي أصبح من الصعب عليها أن ترسل مسيّراتها انطلاقا من هذه المنطقة الجبلية، التي كانت تتيح لها التخفي وتمنع رادارات جيش الاحتلال المنتصبة أعلى الجبل من أن تكتشفها، كما أنّ المنطقة الخارجة عن المجال الراداري كانت تضمن مرور الدعم العسكري الإيراني إلى حزب الله.

عمليا لم يتبق من إسناد عسكري للمقاومة الفلسطينية سوى ما يبذله الحوثيون في اليمن من ضغط على التجارة الدولية للكيان الصهيوني لدفعه إلى السماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى القطاع، إلى جانب إحداث حالة طوارئ في الجبهة الداخلية الإسرائيلية عبر إطلاق صواريخ الهدف منها إبقاء حالة قائمة من توازن التهديد، على الرغم من أنه يتم إسقاطها بالإضافة إلى أنها السبب المباشر في ما يتلقاه اليمن من ضربات جوية أمريكية تستهدف مواقع حيوية للحوثيين.

وبعد مرور 18 عشر شهرا على حرب الإبادة واستباحة أرواح الفلسطينيين ومساكنهم وأراضيهم لا يزال العرب على موقفهم من العلاقة مع الكيان الصهيوني، التطبيع لم يتوقف يوما والدول المطبعة لم تلوح بإلغاء اتفاقياته بل لم تسحب سفراءها من تل أبيب فضلا عن أن تطرد سفراء إسرائيل لديها، موقف مخزٍ يظهر إلى أيّ مدى بلغ الخذلان الرسمي العربي للقضية الفلسطينية، بعد أن صار همهم الأكبر أن يقضي جيش الاحتلال على المقاومة وعلى الحركات الإسلامية التي تهدد عروشهم وكراسيهم، حسب ما يمليه عليهم تفكيرهم السقيم.

مقالات مشابهة

  • يجب استهداف الأماكن التي تنطلق منها المسيّرات المعادية في أي دولة كانت
  • خبير عسكري: إسرائيل تتبنى إستراتيجية تقطيع غزة لعزل المقاومة عن المدنيين
  • جنرال إسرائيلي: حرب غزة كانت الأكثر ضرورة في تاريخ إسرائيل ولكن..!
  • بكرى: إسرائيل قصفت غزة بما يعادل 2.5 قنبلة ذرية
  • كاتب مسرحي يهودي: المقاومة الفلسطينية مشروعة
  • حماس: لن ننقل "الرهائن" من المناطق التي طلبت إسرائيل إخلائها
  • عاجل | السيد القائد: المنظمات الدولية تشهد على المجاعة في قطاع غزة ونفاد القمح والطحين من المخابز التي كانت توزع الخبر لأبناء الشعب الفلسطيني
  • التغريبة الغزاوية.. تجويع وتهجير وإبادة لم تلامس نخوة العرب
  • خبير عسكري: لبنان على مفترق طرق وتصعيد إسرائيل يستهدف تفكيك محور المقاومة
  • 23 شهيدا في غارات الاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم