الدكتور حسن مرهج لن نغوص عميقاً للبحث في تاريخ الإخوان المسلمين، ومشاريعهم والأجندات التي يعملون على تطبيقها في المنطقة، فالأمر ومع بداية ما يُسمى الربيع العربي، بات واضحاً ومفهوماً للجميع، لكن ومع الحديث عن الإسلام السياسي بطابعه العصري، يتبادر إلى أذهاننا وبشكل مباشر، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي أرتبط أسمه وبلا منازع، وعلى مدى العقدين الماضيين، بـ الإخوان المسلمين، لا سيما أن أردوغان خصص لهم منابر إعلامية تهاجم معارضيه، ووعد قيادات الإخوان بتسلم زمام السلطة في عدة دول، لا سيما سوريا وليبيا، فضلاً عن هجوم الإخوان السياسي، على كل الدول التي ناصبت العداء لـ أردوغان.
في ذات الإطار، وإبان الهزات السياسية التي شهدها حُكم أردوغان، حاول الأخير تنحية عدد من معارضيه الذين تصدروا المشهد السياسي في تركيا، مثل عبد الله جول، وداود أوغلو، وعلي باباجان، الذين لعبوا دوراً رئيسياً في القفزات المهمة التي شهدها الإقتصاد التركي، فضلاً عن النجاحات السياسية لحكومة أردوغان، على الرغم من أنه قد لا يكون مفاجئاً وغريباً أن تنضم مجموعة جديدة من أصدقاء أردوغان السابقين إلى جبهة خصومه، إلا أن قلة من الناس اعتقدوا أن يوماً ما سيحدث الطلاق الأيديولوجي لأردوغان مع جماعة الإخوان المسلمين، وأنهم سيفتحون أفواههم لانتقاد الزعيم السياسي في سنواتهم الأخيرة. واقع الحال يؤكد، لأنه وبعد ثورات ما يسمى الربيع العربي، والإطاحة بالأنظمة السياسية في تونس ومصر، وبمشاركة الإخوان المسلمين، يبدو ومع تغير الوقائع والمعطيات السياسية، بأن جماعة الإخوان اليوم، في ازمة عميقة وقلق جراء تطورات يُحسب لها ألف حساب، لا سيما بعد تقارب تركيا وقطر مع مصر، الأمر الذي أرق قيادات الإخوان سياسياً، خاصة مع القيود التي فُرضت عليهم إعلامياً وسياسياً في تركيا. ومع المعطيات التي تؤكد عودة العلاقات المصرية التركية، أصابت مواقع التواصل التابعة للإخوان، هستيريا سياسية. فقد نُشرت في عديد الصفحات، أن عدداً كبيراً من قيادات الإخوان المسلمين يفرون من تركيا خوفاً من تسليمهم للسلطات المصرية، وبعد إعلان عودة البعثات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة إلى مستوى السفراء، فرضت أنقرة قيوداً جديدة على أنشطة جماعة الإخوان وعناصرها في أراضيها، وطالبتهم بعدم نشر أي أخبار مسيئة أو منشورات أو تغريدات تنتقد الحكومة المصرية أو عبد الفتاح السيسي، وهددت بطرد من يخالف هذا التوجيه من تركيا. ناشطون إعلاميون كُثر في جماعة الإخوان في تركيا، أكدوا أن يتعرضون لضغوط كبيرة، من قبل المؤسسات الأمنية التركية، بحجة إنهاء إقامتهم وتهديدهم بالترحيل إلى مصر، وفي المقابل، فإن السلطات التركية طلبت من قيادات الإخوان المسلمين مغادرة تركيا طواعية وإلا ستسلم المطلوبين لدى الإنتربول بشكوى الحكومة المصرية. من الواضح أن تركيا تعمل في سياق محدد، يضمن لها انهاء وجود قيادات الإخوان المسلمين في تركيا، وبما لا يعكر صفو العلاقة مع مصر أو الإمارات، فقد ألزمت طبيعة أردوغان البراغماتية الانتهازية نفسها بهذا الحل مرات عديدة خلال سنوات حكمه الطويلة، ففي ولايته الثالثة كرئيس، وفي كفاحه لإنقاذ اقتصاد تركيا الغارق، يبدو أن دعم الإخوان المسلمين برأي أردوغان لم يعد يقوي العمق الاستراتيجي لتركيا في العالم العربي وأصبح عبئاً إضافياً على سفينته الحاكمة. وللتذكير، فإن وضع الإخوان المسلمين في قطر أيضاً، ليس أفضل من وضع الإخوان في تركيا، ويقال إن الدوحة طلبت في الأشهر الأخيرة من 100 شخصية من جماعة الإخوان المسلمين مغادرة هذا البلد، هذا على الرغم من الأنباء التي تفيد بترحيل 250 مواطنًا مصريًا من قطر. ومع الطلاق والقطيعة ما بين أردوغان والإخوان المسلمين، يبدو أن هذه الجماعة تبحث عن ملاذ آمن يضمن لها نشاطها، خاصة أن طرد قيادات الاخوان من تركيا وقطر، فرض على الجماعة البحث عن داعم إيدلوجي جديد، يُحقق لهم فضاءاً سياسياً، يتناسب مع أجندتهم. خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية ومدير شبكة فينيقيا للأبحاث والدراسات الإستراتيجية.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الإخوان المسلمین
جماعة الإخوان
فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
مصدر أمني ينفي مزاعم جماعة الإخوان الإرهابية عن واقعة تشاجر بـ6 أكتوبر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نفى مصدر أمنى صحة ما تم تداوله بمقطع فيديو على إحدى الصفحات التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية يظهر خلاله قائد سيارة يقوم بالاصطدام بأحد الأشخاص خلال مشاجرة بإحدى محطات الوقود والزعم بكون أحد أطرافها ضابط شرطة.
وأكد المصدر أن الفيديو المشار إليه قديم سبق تداوله خلال العام الماضى وتم فحصه وتوضيح حقيقة الواقعة فى حينه بالصفحة الرسمية لوزارة الداخلية والتى تتمثل فى حدوث مشاجرة بين عدد من الأشخاص وعامل بإحدى محطات الوقود بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة، ولم يكن من بين أطراف المشاجرة ضابط شرطة، وتم إتخاذ الإجراءات القانونية.. وأن ذلك يأتى فى إطار ما دأبت عليه الجماعة الإرهابية من إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة والزعم بكونها حديثة لمحاولة إثارة البلبلة.. وجارى إتخاذ الإجراءات القانونية حيال مروجى تلك المزاعم.