الدكتور بهيج سكاكيني من الواضح إن اجتماع رئيس السلطة الفلسطينية عباس وحركة حماس ممثلة بالرئيس هنية لم يفض بأي شيء جديد. ان الخلافات ما زالت قائمة وما طرحه رئيس السلطة في الاجتماع في تركيا لم يختلف البتة عما طرح سابقا من ان على الفصائل اعتماد اتفاقيات وتفاهمات اوسلوا التي وقعتها “منظمة التحرير الفلسطينية” التي وقعت وراء ظهر الفصائل قاطبة ووراء شعبنا الفلسطيني والالتزام بقرارات الشرعية الدولية التي تآكلت على الأرض بالوقائع التي فرضها الاحتلال دون أن يتحرك هذا المجتمع قيد انملة للوقوف ضد هذه القرارات مكتفيا بالتنديد والبيانات الفارغة التي شجعت الاحتلال في تمرير سياسات ضم الأراضي وإقامة مزيد من المستوطنات اليهودية السرطانية على الأراضي التي احتلت عام 1967 .
ودول هذا المجتمع الدولي أصبحت تجرم الواحدة تلو الأخرى لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها الى جانب تمرير تشريعات تجرم الانتقادات في إسرائيل وتعتبرها لاسامية يعاقب عليها القانون…الخ. ما فات السلطة الفلسطينية وزبانيتها التي ما زالت متمسكة باسلوا والتنسيق الأمني المقدس هو أن المجتمع الدولي لا يؤمن الا بالقوة وأن الدارج في هذا المجتمع هو شريعة الغاب وهذا المجتمع لن يقيم لك أي وزنا أو اهتمام دون ان تمتلك عناصر القوة التي تفرض من خلالها عليه احترامك وتلبية على الأقل جزء من مطالبك بالحد الأدنى “الشرعية” بعد كل هذه التنازلات المجانية. وعنصر القوة لن يتأتى في الإعلان والتفاخر أمام وسائل إعلام العدو الصهيوني ليلا ونهارا إنك ضد “الإرهاب” ومتمسك بالمقاومة الشعبية السلمية والسلمية فقط ودون ان تفعل شيئا حتى في هذا المضمار فأجهزة الامن الفلسطيني تقمع حتى المظاهرات السلمية وتعتقل المتظاهرين وتقوم بتعذيبهم وتهديد أهاليهم. وهذا يعني ببساطة إنك تسقط عنصرا هاما من عناصر القوة لو تم استخدامه بالشكل الصحيح الا وهو الشعب الفلسطيني لشكل قوة ضاغطة حقيقية على العدو الصهيوني. فكم من مرة تم التدخل مع الشخصيات الوطنية في القدس والتي لها تأثير ربما عما يدور هنالك من مقاومة شعبية والطلب منهم بذل الجهود لتهدئة الأوضاع. لا نقول ان السلطة قد نجحت في ذلك (ولن نعتقد انها ستنجح)، ولكن موقفها وسلوكها هذا ينم على عدم تواجد النية الحقيقية في استخدام هذا العنصر الهام الا وهو المقاومة الشعبية واللجوء الى الشعب وحشد طاقاته وقدراته على التحدي. أما عامل القوة الاخر فالسلطة تقف ضده على طول الخط وهو المقاومة المسلحة وخاصة في الضفة الغربية الاخذة بالتنامي والتطور الى الحد التي باتت تؤرق مضاجع العدو الصهيوني وتغير من تكتيكاته واستراتيجيته عند اقتحام المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية والتي لعل أبرزها ما حصل في مخيم جنين مؤخرا. والاحتلال أبدى تخوفه الشديد من انتقال “عدوى” مخيم جنين الى أماكن أخرى في الضفة الغربية. والقضية مع السلطة انها لا تكتفي بعدم الايمان بالمقاومة المسلحة، بل انها تعمل جنبا الى جنب مع قوات الاحتلال في محاولة لقمع واستئصال هذه الظاهرة سواء بملاحقة المقاومين واعتقالهم وتعذيبهم وتمرير المعلومات الاستخبارية عنهم لقوات وأجهزة ان المخابرات الصهيونية او بتقديم الاغراءات المادية والوعود بالوظائف والمعاشات الخيالية والكف عن ملاحقتهم كما حدث في نابلس ونجحت جزئيا في تحقيق ذلك. لقد أصبح الجميع يعرف ذلك بالتمام والكمال والسلطة لا تخجل من التصريح بأن التنسيق الأمني مقدس ضاربة بعرض الحائط كل مقررات الاجماع الوطني الفلسطيني. ولقد وصل الحد قبل عدة أيام الى قمع الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمسيرة استقبال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الأسير المحرر نظير نصار ومصادرة رايات الحركة شمال طولكرم. هذا في الوقت التي يقوم به بن غفير الفاشي وقطعان المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى المبارك وإقامة الصلوات التلمودية في باحاته. وعامل القوة الاخر والذي يكتسب أهمية كبيرة والذي يساهم في تعزيز شعبنا وصموده على أرضه والمغيب كلية منذ قدوم السلطة وللآن هو بناء اقتصاد مقاوم على الأرض والسبب الرئيس لذلك هو ان فريق اوسلوا قد غادر مربع حركة التحرر الفلسطيني الى ما سمي بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية الوهمية. هذا الوهم من إقامة دولة تحت سلطة احتلال لا نجد له مثيلا في تاريخ البشرية على الاطلاق. والأخطر من ذلك تبني اقتصاد نيو ليبرالي رأسمالي متخلف أدى الى نشوء طبقة برجوازية غير وطنية بكل معنى الكلمة همها الرئيس هو تحقيق وتكديس الأموال الطائلة من الاحتكارات التي وزعت على الشريحة المتنفذة الفاسدة وعلى زبانيتها المرتبطة بالسلطة وخاصة في قطاع الخدمات مثل قطاع الاتصالات على سبيل المثال. وضمن هذا الواقع ومع نشوء طبقة برجوازية غير وطنية كان لا بد من اتخاذ العديد من التشريعات المناهضة للفئات العاملة والمسحوقة والمهمشة والبرجوازية الصغيرة والتي مست قطاعات عريضة مثل النقابات العمالية ونقابات المدرسين ..الخ. والتي أصبح همها الرئيس هو الجري لتوفير لقمة العيش لعائلاتهم وسداد الديون والقروض التي كبلت غالبية الفئات للبنوك. وكل هذا كان له تأثير واضح على المزاج العام الشعبي ومقاومة الاحتلال شعبيا. وربما من الجدير بالذكر ان الضرائب التي فرضت حتى على المواد الأساسية كانت مجحفة للغاية وأدت الى جانب جشع البرجوازية غير الوطنية الى ارتفاع أسعار المواد الأساسية الى أضعاف أسعارها مقارنة بالبلدان المحيطة مثل أسطوانات الغاز والأدوية للأمراض المزمنة التي تفوق أسعارها ثلاثة أضعاف أحيانا من أسعارها في الأردن ومصر على سبيل المثال. وبقي المجتمع الفلسطيني بكليته مجتمعا استهلاكيا لا منتجا على جميع الأصعدة بما فيها الزراعية والصناعية مما زاد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. نعم الاحتلال يتحمل المسؤولية الأولى عن هذا الحال، ولكن يجب ألا تعفى السياسة الاقتصادية للسلطة ولا شجع البرجوازية غير الوطنية والفساد المستشري في أجهزة السلطة وعدم وجود استراتيجية لبناء اقتصاد فلسطيني مقاوم ولو بالحد الأدنى من جزء كبير من مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية الخانقة. وفي النهاية نؤكد على القاعدة الذهبية المستقاة من ثورات الشعوب وحركات تحررها إن التخلص من الاحتلال والاستعمار يتأتى عندما يشعر المحتل أن ثمن احتلاله وعلى جميع الأصعدة أصبح باهظا لا يمكن تحمله. فأين السلطة الفلسطينية من هذا؟ كاتب وأكاديمي فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
هذا المجتمع
إقرأ أيضاً:
اجتماع بمحافظة صنعاء يناقش الإشكاليات التي تواجه قطاع الأشغال
الثورة نت|
ناقش اجتماع مشترك للهيئة الإدارية وقطاع الأشغال بمحافظة صنعاء اليوم، برئاسة المحافظ عبد الباسط الهادي، المواضيع المتعلقة بتطوير الأداء بقطاع الأشغال خلال الفترة المقبلة.
واستعرض الاجتماع الذي ضم أمين عام المجلس المحلي للمحافظة عبد القادر الجيلاني، وأعضاء الهيئة الإدارية عبد السلام الجائفي ومهيوب مهدي وعلي السهيلي، ووكيل المحافظة للشؤون الفنية المهندس صالح المنتصر، ومستشاري المحافظة عبد الله المرتضى وعبد الرحمن المرتضى، ومديري مديريات الطوق ومسؤول قطاع الأشغال بالمحافظة وفروع الأشغال في المديريات الإشكاليات التي يواجهها قطاع الأشغال.
وتناول إشكالية البناء العشوائي وتأخير إنزال المخططات العمرانية في مناطق التوسع العمراني في مديريات الطوق ومراكز المديريات، وعدم تحديث مخططات وحدات الجوار التي تم إنزالها سابقا وكذا الاعتداءات على حرم الطرق الاسفلتية الرئيسية والفرعية.
وتطرق الاجتماع، إلى الإزدحامات المرورية الناتجة عن البسطات والأسواق العشوائية على الطرق الرئيسية وتواجد الخلاطات المركزية والمناشير ومصانع البلك ضمن المناطق السكنية، وكذا إشكالية عدم وجود مقالب لجمع المخلفات في مديريتي سنحان وبني بهلول، وصنعاء الجديدة.
كما تطرق إلى إشكالية تزايد محطات الغاز في الأحياء السكنية، وكذا إشكالية المباني العشوائية القائمة في الشوارع الرئيسية قبل نزول المخططات.
وناقش الاجتماع الوضع القائم للشوارع التي تم شقها والمسفلتة وشبه المكتملة، إضافة إلى وضع المباني السكنية القائمة غير المطابقة لاشتراطات ومعايير قانون البناء فيما يخص المساحة والكثافة البنائية والإرتدادات.
وخرج الاجتماع بعدد من القرارات والتوصيات لتجاوز الصعوبات التي تواجه قطاع الاشغال من أبرزها إلزام مديري المديريات والأشغال بعمل قاعدة بيانات بالحجوزات الحكومية.
وأقر إنزال المخططات وفق المرجعيات القانونية والفنية، وحصر مخططات وحدات الجوار القديمة التي تحتاج إلى تحديث والرفع بها لمعالجتها مع الجهات المعنية، وكذا مخاطبة الجهات التي لها حجوزات في المخططات ووحدات الجوار الجديدة بتسويرها، وكذا منع أي بناء أو توسع في حرم الطرق الإسفلتية الرئيسية والفرعية.
وأكد الاجتماع على أهمية وضع آلية مناسبة لمعالجة الازدحامات المرورية على الطرق الرئيسية نتيجة البسطات والأسواق العشوائية.
وفيما يخص الخلاطات المركزية ومناشير الأحجار ومصانع البلك في الأحياء السكنية، أقر المجتمعون تكليف لجنة للعمل على تهيئة المنطقة الصناعية المحددة مسبقا، وشق الشوارع إليها وإلزام مالكي الخلاطات والمناشير ومصانع البلك بالنقل إليها بعد استكمال البنية التحتية لها.
وأقر الاجتماع تحديد معايير واشتراطات إنشاء محطات بيع الغاز المنزلي بما يكفل عدم حدوث أي كوارث لا قدر الله.
وخلال الاجتماع أكد محافظ صنعاء أهمية تحسين وتطوير العمل في قطاع الأشغال، مشددا على ضرورة الحد من المخالفات والعمل على إبراز المحافظة بالمظهر اللائق.
وحث مدراء المديريات ومسؤولي قطاع الأشغال على ضرورة منع وإزالة أي مخالفات للبناء العشوائي وتحمل المسؤولية عن أي مخالفة يتم استحداثها أو عدم تطبيق اشتراطات البناء مستقبلا.
وأكد المحافظ الهادي على أهمية ردم الحفر أولا بأول، وإزالة العشوائيات والمظاهر المشوهة من الشوارع والأسواق والحفاظ على المظهر العام للمحافظة ومراكز المديريات.