موسكو- شكل القصف الصاروخي الروسي العنيف لميناء أوديسا الأوكراني، مادة دسمة لتحليلات المراقبين والخبراء الروس والأجانب، حيث تمحور السؤال الرئيسي حول ما إذا كانت هذه الهجمات انتقامية ردًا على محاولة استهداف العاصمة موسكو وقبلها جسر القرم، أم ضربات موضوعية لأهداف عسكرية، كما أكدت وزارة الدفاع الروسية في بيان أصدرته بعد مرور يوم كامل لم تعلق فيه على الحادث.

ما أعطى قيمة إضافية للقصف الروسي لميناء أوديسا الإستراتيجي والمهم للعبور البحري في منطقة البحر الأسود، هو حصوله بعد أيام من إعلان روسيا وقف العمل باتفاقية الحبوب، بسبب ما قالت إنه عدم رفع القيود على تصدير منتجاتها من الأسمدة والأغذية، الشيء الذي اعتبرته دوائر غربية مقدمة لاستهداف الموانئ الأوكرانية.

وكان القصف الصاروخي الروسي لميناء أوديسا -وهو الرابع من نوعه على التوالي- قويا لدرجة أن صحيفتي الغارديان وفايننشال تايمز البريطانيتين وصفتاه بـ"ليلة جهنم" على المدينة، والذي من شأنه أن يسهم إلى حد كبير بتقويض الاتفاقات الخاصة بتصدير الحبوب الأوكرانية من الميناء، وفي الوقت ذاته منع أي استئناف محتمل لصادرات كييف من الحبوب.


 

رسائل تحذيرية

ورغم حرص وزارة الدفاع الروسية على تأكيد أن قواتها لا تستهدف البنى التحتية والمنشآت المدنية، فإن ذلك لم يمنع خبراء الروس من القول إن الضربة التي استخدمت فيها صواريخ عالية الدقة شكلت ردا دقيقا، أرفق برسالة تحذيرية مفادها أن أي هجمات جديدة على أهداف مدنية داخل العمق الروسي سيتم الرد عليه بسرعة وقوة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن روسيا أغلقت منذ 20 يوليو/تموز الجاري البحر الأسود أمام السفن المبحرة من موانئ أوكرانيا وإليها، وأعلنت أنها ستعتبر البلدان التي ترفع علم السفن التي تتحرك فيها متورطة في النزاع إلى جانب أوكرانيا.


ما بعد صفقة الحبوب

وأوضح الخبير الإستراتيجي رولاند بيجاموف أنه من الصعب الجزم أن الضربة الصاروخية الروسية لميناء أوديسا جاءت ردًا على عدم تلبية المطالب الروسية في اتفاقية الحبوب، ولكن ما يمكن تأكيده -حسب رأيه- هو استخدام الموانئ والممرات المائية الأوكرانية كغطاء لتصنيع الزوارق المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي، لاستخدامها في ضرب السفن الروسية.

وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر بيجاموف أن تدمير البنية التحتية لميناء أوديسا ونيكولاييف يحرم أوكرانيا من جميع الخدمات اللوجستية البحرية. وفي هذه الحالة، سيكون الاتصال الوحيد مع أوروبا بالنسبة لكييف هو نهر الدانوب والممرات البرية الأخرى، بما في ذلك طريق السكك الحديدية.

في الوقت ذاته، يستشهد بيجاموف بما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" نقلا عن مسؤول كبير في الأمم المتحدة لم تذكر اسمه، أن الهجوم الصاروخي الروسي على ميناء أوديسا ربما لم يكن قد "انتهك من الناحية الفنية" اتفاقيات إسطنبول، لأنها لا تتضمن التزاما بعدم شن هجمات على تلك الأجزاء من الموانئ الأوكرانية التي لا تشارك بشكل مباشر في تصدير الحبوب.

وتابع أنه من غير الواضح بعد حجم تدمير الموانئ الأوكرانية، ولكن لتعطيلها يكفي تدمير معدات الموانئ، كون ذلك سيؤدي إلى توقف الهياكل الهيدروليكية عن أداء وظائفها، وهذه المهمة لا تتطلب تحديدا دمارا واسع النطاق، حسب تعبيره.

ولفت إلى أن الضربة الروسية وما نجم عنها من وقف لصادرات الحبوب الأوكرانية لن يؤثر بأي شكل من الأشكال على الأمن الغذائي العالمي، لأن جزءا صغيرا منه فقط يذهب إلى البلدان التي تعاني حقًا من الجوع. أما نصيب الأسد فيذهب لصالح الشركات الأوروبية.


أكبر رسالة عسكرية

أما الخبير العسكري فلاديمير دينديكوف فيشير إلى أن روسيا من البداية لم تمس أوديسا مراعاة للاتفاقيات الدولية، لكن السلطات الأوكرانية "استغلت بصمت الهدوء هناك"، وزادت من إنتاج المسيرات البحرية وغيرها من الطائرات المسيرة، وأنشأت نقاط انطلاق لمهاجمة أهداف داخل روسيا، بحسب وصفه.

ويرجح دينديكوف أن تكون ناقلات البضائع البحرية الأوكرانية متورطة أيضًا في الهجوم على جسر القرم، التي كانت من المفترض أن تقوم فقط بنقل الحبوب كجزء من الصفقة، مضيفا أنه "اتضح أن العدو في هذه المنطقة أنشأ بنية تحتية عسكرية واسعة وقواعد للمرتزقة ومستودعات للوقود، وهي ما قامت القوات الروسية بتدميرها في الضربة الأخيرة".

وبحسب الخبير العسكري الروسي، فإن لدى أوكرانيا مجموعة كاملة من الطائرات المسيرة في الخدمة، بداية من الزلاجات النفاثة التي تم تحويلها إلى طائرات انتحارية، ومسيرة "ميكولا" البحرية الأوكرانية، وصولا إلى مثيلاتها الغربية.

وأشار إلى أن أوكرانيا صعدت من حشد قواتها بشكل لافت، وهو ما ترجم إلى شن هجمات على سيفاستوبول وجسر القرم، وأصبح استخدام الطائرات المسيرة أكثر تواترا، معتبرا أن الضربة الصاروخية الأخيرة والحصار الفعلي القائم الآن في البحر الأسود شكلا أكبر رسالة عسكرية توجهها موسكو منذ بداية العملية العسكرية الخاصة، وتنهي في الوقت نفسه رهان كييف نهائيا على فرضية شن هجوم مضاد يمكن أن يغير من مسار الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: لمیناء أودیسا إلى أن

إقرأ أيضاً:

آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية.. 1200 قتيل وجريح في صفوف الجيش الكوري الشمالي

في آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت القوات المسلحة في كوريا الجنوبية والجيش الأوكراني وجود تعاون عسكري متزايد بين كوريا الشمالية وروسيا، مع وجود تقارير تشير إلى تقديم كوريا الشمالية أسلحة متطورة مثل الطائرات بدون طيار الانتحارية، بجانب الإعلان عن خسائر بنحو 1200 بين قتلى وجرحى في صفوف الجنود الكوريين الشماليين.

التعاون العسكري بين كوريا الشمالية وروسيا

وأعلنت هيئة الأركان المشتركة في كوريا الجنوبية أن كوريا الشمالية أرسلت أسلحة وقاذفات صواريخ ومدافع هاوتزر لدعم روسيا، مع استعدادات لإرسال المزيد من الطائرات بدون طيار الانتحارية، بحسب وكالة «رويترز». 

وأشرف الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج أون، على اختبار هذه الطائرات الشهر الماضي، كما قال مسؤول في هيئة الأركان المشتركة إن «الطائرات بدون طيار الانتحارية هي إحدى المهام التي ركز عليها الزعيم الكوري الشمالي».

وبجانب الدعم العسكري البشري، قالت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وأوكرانيا أنه تم إرسال حوالي 12 ألف جندي كوري شمالي لدعم الجيش الروسي ونشرهم في الخطوط الأمامية في منطقة كورسك الحدودية. 

ومن المتوقع أن تقوم كوريا الشمالية باختبار صاروخ فرط صوتي متوسط ​​المدى بحلول نهاية العام قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، وذلك وفقًا لمسؤول أمريكي كبير لـ«رويترز»، وأضاف: «بدعم من روسيا، من المرجح أن يحاولوا القيام باستفزازات استراتيجية مختلفة العام المقبل، مثل إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات وإجراء تجربة نووية لتعزيز قوتهم التفاوضية مع الولايات المتحدة».

خسائر القوات الكورية الشمالية في روسيا

أفاد جهاز الاستخبارات بكوريا الجنوبية بأن القوات الكورية الشمالية المنتشرة في روسيا تكبدت خسائر كبيرة، حيث أعلنت عن حصيلة القتلي بنحو 100 شخص وإصابة أكثر من 1000 آخرين في منطقة كورسك.

وقال الجيش الأوكراني في بيان، إن الجنود الكوريين الشماليين الذين جرى أسرهم أو قتلهم كانوا يحملون وثائق هوية مزيفة تحتوي على أسماء وأماكن ميلاد في روسيا، لكن التوقيعات عليها كانت باللغة الكورية. 

وقال البيان: «تؤكد هذه القضية أن روسيا تلجأ إلى أي وسيلة لإخفاء خسائرها في ساحة المعركة وإخفاء الوجود الأجنبي».

وصرح مسؤول في مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني بأن روسيا كانت تحاول التخلص من جثث الكوريين الشماليين بسرعة لتفادي تكشف حقيقة تورط كوريا الشمالية في الحرب، وأوضح أن روسيا ترسل المركبات لتأخذ الجثث بعيدًا بشكل مستمر بقدر الإمكان، بحسب شبكة «CNN» الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • الدفاع الروسية:مقاتلات سو-34 تستهدف معقلا للقوات الأوكرانية بمقاطعة كورسك
  • شعبة المصدرين: الحرب الروسية الأوكرانية فتحت أبواب أوروبا للسلع الغذائية المصرية
  • القوات الروسية تحرز تقدمًا ميدانيًا وتكبد القوات الأوكرانية خسائر فادحة
  • روسيا تتوقع وصول صادرات القمح إلى 40 مليون طن خلال 2025
  • بصواريخ "غراد".. روسيا تشن ضربات على القوات الأوكرانية في دونيتسك
  • آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية.. 1200 قتيل وجريح في صفوف الجيش الكوري الشمالي
  • محلل سياسي: لا صحة لوجود مقاتلين كوريين شماليين على الجبهة الروسية الأوكرانية
  • سفارة روسيا في لشبونة: الأضرار التي لحقت بالسفارة البرتغالية في كييف كانت بسبب قوات الدفاع الجوي الأوكرانية
  • السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطارات
  • خبير عسكري أمريكي: الهجمات الأوكرانية على العمق الروسي لن تغير الوضع في ساحة القتال