الجزيرة:
2025-02-22@19:32:59 GMT

هل ثمة فرصة بين أطلال النظام الدولي؟!

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

هل ثمة فرصة بين أطلال النظام الدولي؟!

المتابع لتسلسل الأحداث العالمية الدراماتيكية خلال العامين الأخيرين يجدها تتصاعد بشكل خطير بحيث يمكن رؤيتها وهي تتكثف في سماء 2024 – 2025 وتكاد تصيب الجميع وتصبّ حُممها فوق الرؤوس بما يجعلنا نتوقّع أننا قد نكون على أبواب كوارث عالميّة جديدة في ظل نظام دولي مضطرب يحوي من عناصر السيولة أكثر بكثير من مكوّنات الاستقرار، مما يجعلنا لا نتوقع للعالم أن يأخذ مسارات آمنة أو يتّجه نحو وجهات منقذة ولا يمكنها بطبيعة الحال أن تكون بغير أوضاع إقليميّة جديدة تقوم على العدالة وحرية الشعوب.

هدم المعبد

هذا، لأنّ النظرة السريعة لغالبية القادة المتحكّمين في القرارات الجوهرية ومراكز القرار الحيوية تكشف أنّهم يفتقدون قدرًا كبيرًا من الرشد، فضلاً عن الإنسانية! وهو ما يرشحهم لسيناريو هدم المعبد على من فيه، وخاصة إذا كنا نرقب خطوات ترامب الحثيثة نحو البيت الأبيض، حيث نجد أنفسنا أمام نظام دولي يتلاشى، ونظام دولي بديل يتباعد أو بالكاد لم يتبلور بعد، وهو ما يجعل العالم مقبلًا على مراحل طويلة من الفوضى وعدم الاستقرار تصبّ حممها بطبيعة الحال على النظم الإقليمية الفرعية بما فيها منطقتنا.

فالإستراتيجية الأميركية الكونية ـ التي عودتنا الوقوف بالعالم عند حافة الهاوية والتي تعتمد دائمًا على نشر الفوضى في مناطق العالم المختلفة في سبيل الإمساك بتلابيب النظام الدولي ـ تخطط اليوم لفوضى إستراتيجية تمكنها من استمرار الهيمنة لقرن آخر.

لكن الملاحظة الدقيقة تؤكد أن مخططها اليوم للفوضى معرض للفشل على خلاف مخططاتها السابقة، ولا سيما في ضوء تقهقر مخططها في أوكرانيا، وإصابته إصابات مباشرة في فلسطين، برغم تواطؤ دول مهمة في الإقليم، في ظل احتمالات كبيرة لفشل عمليات تصعيدها تجاه الصين ولا سيما في تايوان، والحصيلة هي تشتيت إستراتيجي مؤثر على الانفراد الأميركي وإصابة العالم بصدمات ارتجاجية ـ سياسية واقتصاديةـ لأن الانفراد الأميركي يكاد يعتمد نظرية: ما بعدي إلا الطوفان!

رؤية إستراتيجية جديدة

وفي هذا الإطار، يبدو أن التطورات الدراماتيكية المنظورة والمتوقعة للنظام الدولي تكاد تكون فرصة نادرة لعالم المهمشين والمستضعفين من شعوب العالم الثالث، وفي القلب منه عالمنا العربي، وإن جاءت على أطلال النظام الدولي وربما أنقاضه ولا تبدو فرصة غيرها، فقد أصبح من المتيقن أن بنية بلادنا المعاصرة التي خطط الاستعمار حدودها ومواردها وقبائلها ومجال نفوذها ليست قادرة على التطور أو الخروج من ربقة التبعية المحكمة.

كما أصبحت شعوبها تدفع من دمائها وأمنها وحريتها ثمن استمرار النظام الدولي الحالي الذي كلما شَكَا فائض قوة! فإنه لا يجد مكانًا لتفريغها سوى في بلادنا وعلى أراضينا وفوق رؤوس مجتمعاتنا، برغم أنه المستفيد الأول من ثرواتها ومواردها وليس أقلها النفط ومصادر الطاقة الأخرى، وأنها عندما تشكو أو تطلب الإنصاف تتعرض للعقاب.

وفي ضوء ذلك، يجب أن يتأهب المخلصون المبصرون من بني جلدتنا للتصدي لحالة الانسداد السياسي التي يعيشها عالمنا العربي، وذلك من خلال دراسات متعمقة تحاول الوصول للأسباب الحقيقية لهذه الحالة والطرق الجذرية للخروج منها؛ لأن استمرارها أصبح في غاية الخطورة وخاصة أنها باتت تعمل بجهود ذاتية جبارة تدمر كل عوامل الاستقرار في بلادنا، وتجعل مجتمعاتنا غير قابلة للحياة، وتضع الجميع على مشارف الانتحار.. ما أحوجنا إلى رؤية إستراتيجية جديدة وقبلها قادة يمتلكون البصيرة الإستراتيجية!.

وفاق وطني

علمًا بأن أهم شروط الخروج من هذا المأزق التاريخي الحالي أصبحت تتعلق بوفاق وطني وقومي حول أسس وقواعد البناء الوطني، وكينونة المشروع الصهيوني بالمنطقة، وسبل التعامل معه، كما التوافق على وثائق عمل تؤكد ضرورة تنسيق وتكامل القوى الحية داخل مجتمعاتها، في إطار أولوية مكافحة النفوذ الأجنبي وكل مسبباته، ورفض الاستبداد وكل مظاهره، والعمل جنبًا إلى جنب بكافة الطرق السياسية لبناء ديمقراطيات تستوعب الجميع وتحترم الحقوق والحريات.

وإذا كانت أميركا الجنوبية تصدر اليوم تجاربها الملهمة في هذا المجال، فإن الاستفادة منها لا تزال واجبة، وخاصة أننا نرى حكوماتها تتخذ مواقف أهم وأكثر جدية من مواقف حكوماتنا تجاه أهم قضايانا وخاصة في فلسطين، بما يضع منطقتنا كلها في حرج بالغ، ويلزم إعادة النظر لهذا الجزء المهم من العالم، الذي يمكن أن يكون حليفًا إستراتيجيًا لبلادنا وقضايانا، حال إصلاح أحوال منطقتنا وتغير نظرتنا للعالم.

البعض يتصور أن عدم خروج الشعوب العربية في مظاهرات تضامن مع غزة يعني انشغالًا أو عزوفًا عنها، بينما الحقائق على الأرض تؤكد أن تضامنهم اليوم مع القضية الفلسطينية تفوّق على كل مراحل الصراع، وأنها أصبحت في نظرهم هي قضية العرب والمسلمين الأولى أكثر من أي وقت مضى، لكن القمع الأعمى هو الذي يطمس هذه الحقائق، ومن هنا بدأت تتضح بشكل جلي مظاهر التساند والتكامل والتواطؤ بين المرضَين: "النفوذ الأجنبي" "والاستبداد المحلي" ولا ثالث لهما.

فرصة تاريخيّة

لا شك أن القراءة المستفيضة للمخططات الموضوعة لمنطقتنا في ضوء المخطط الصهيوني العام والمرحلة التي بلغها اليوم ترجّح إقدام الإدارة الأميركية ومن خلفها نتنياهو المهزوم على عمليات تدميرية خطيرة لن يكون تهجير الفلسطينيين بعيدًا عنها، علمًا بأن التهجير في الوقت الذي يحقق أهدافًا إستراتيجية وديمغرافية للكيان الصهيوني، فإنه يضيف مسمارًا جديدًا في نعش الأمن القومي العربي الذي يكاد يتلاشى.

في هذا السياق، جاء "طوفان الأقصى" كما "العدوان على غزة" ليضعا المنطقة أمام وضعية جديدة يمكنها أن تصبّ في عملية إصلاح إستراتيجية ضرورية فليس هناك شك في أننا بصدد زلزال كبير هز كل الثوابت الفكرية والسياسية وضرب المرتكزات الإستراتيجية بالعمق، ولم يعد هناك شك في أننا بانتظار توابع وتغيرات كبرى.

لكن المدقّق في أحوال العالم الإسلامي- ولاسيما الجزء العربي منه- يجد أن أهم أسباب الركود العام والتردي السياسي والاجتماعي، إنما يعود لغياب هيكل القيادة الواعي والفاعل، وليس ذلك على مستوى الحكومات فحسب، بل إنه يمتد ليشمل حركات الإصلاح والتجديد السياسي والمجتمعي والثقافي، بينما الشعوب تنتظر من يقودها والظروف المحيطة تنتظر من يستوعبها وينتهزها، فنحن أمام فرصة تاريخيّة جديدة يجب ألا تضيع كما ضاعَ ما قبلها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات النظام الدولی ة جدیدة فی هذا

إقرأ أيضاً:

لأبراهام مانغيستو الذي أفرجت عنه حماس اليوم قصة مختلفة... فما هي؟

بعد أكثر من عشر سنوات من الأسر في غزة، تم تسليم الجندي الإسرائيلي أبراهام مانغيستو (38 عامًا) من أصول إثيوبية إلى الصليب الأحمر الدولي، وذلك ضمن الدفعة السابعة من اتفاق وقف إطلاق النار. فما قصته؟

اعلان

تنتهي مع تنفيذ المرحلة الأخيرة من هذه الصفقة معاناة طويلة لعائلة أبراهام مانغيستو، التي اتهمت إسرائيل بالتعامل العنصري مع قضية ابنها، مشيرة إلى أن لون بشرته كان سببًا في قلة الاهتمام الإعلامي بقضيته.

من "الهجرة السرية" إلى الأسر

وُلد مانغيستو في إثيوبيا عام 1986، وهاجر مع عائلته إلى إسرائيل في سن الخامسة، ضمن عملية" سليمان" السرية التي نقلت آلافًا من يهود الفلاشا الإثيوبيين إلى إسرائيل عام 1991. عاش الرجل في مدينة أسدود قبل أن ينتقل إلى كيبوتس "بن ياغير"، حيث خدم لاحقًا في الجيش الإسرائيلي.

لكن حياته تحولت بشكل جذري بعد وفاة شقيقه الأكبر ميخائيل عام 2011، ما دفعه للانغلاق على نفسه، ليصبح "شبحًا" بعيدًا عن الاهتمام داخل مجتمعه.

في سبتمبر/أيلول 2014، وبعد أشهر من الحرب الإسرائيلية مع غزة، دخل القطاع، ليبدأ رحلته في الأسر.

مقاتلو حماس يرافقون الأسير أبراهام مانغيستو قبل تسليمه إلى الصليب الأحمر في رفح، جنوب قطاع غزة، يوم السبت، 22 فبراير/شباط 2025APRelatedإسرائيل تتسلم جثث أربعة من الأسرى كانوا لدى حماسترامب: لن أفرض خطة غزة بالقوة ومشاركة زيلينسكي في المحادثات حول أوكرانيا لا تهمّإسرائيل تتسلم الرهائن من الصليب الأحمر وترقب للإفراج عن 602 أسير فلسطيني اليومنتنياهو يتوعد حماس بدفع الثمن والحركة تعلّق على الالتباس حول جثة شيري بيباسعائلة مانغيستو: "لو كان أبيض البشرة لاستعاده الجيش سريعًا"

لم تُعلن إسرائيل عن اختفاء مانغيستو إلا بعد مرور 9 أشهر من أسره، وذلك بعد أن أجبر قاضٍ إسرائيلي على الكشف عن القضية مطلع 2015.

هذا التكتم أثار غضبًا شعبيًا في إسرائيل، حيث قالت عائلة الأسير في وقت سابق: إن "الجيش كان سيبذل قصارى جهده لاستعادة ابنها لو كان أبيض البشرة".

من جهتها، أكدت حركة حماس أن الحكومة الإسرائيلية لم تُبدِ أي جهد جاد للإفراج عن مانغيستو، بل تجاهلته تمامًا في المفاوضات السابقة.

وفي عام 2023، بثت حركة حماس مقطعًا مصورًا يظهر الجندي أبراهام مانغيستو وهو يصرخ قائلاً: "إلى متى سأظل هنا؟ أين دولة إسرائيل منّا؟!"، ليظل في الأسر حتى تم إدراج اسمه في صفقة تبادل الرهائن التي جرت اليوم السبت.

كما تضمنت الصفقة الإفراج عن 5 رهائن آخرين مقابل أن تطلق إسرائيل سراح 602 من الأسرى الفلسطينيين.

رغم الإفراج عنه، تظل قضية مانغيستو جدلاً في المجتمع الإسرائيلي، خاصة في صفوف اليهود الإثيوبيين الذين يشكلون نحو 2% من السكان ويعانون التهميش منذ عقود.

مقاتلو حماس يرافقون الأسير أبراهام مانغيستو قبل تسليمه إلى الصليب الأحمر في رفح، جنوب قطاع غزة، يوم السبت، 22 فبراير/شباط 2025AP

عائلة الرجل كانت قد نظَّمت وقفات احتجاجية خلال السنوات الماضية، أمام مقر رئيس الوزراء، رافعة شعارات مثل: "دماء الإثيوبيين ليست رخيصة!"، في تحدٍّ صريح لما تقول إنها سياسة التفريق العنصري داخل الجيش.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاحنات المساعدات الإنسانية تدخل غزة تزامنًا مع تسليم حماس جثث 4 أسرى إسرائيليين إسرائيل تطرح مناقصة لبناء نحو 1000 وحدة استيطانية جديدة جنوب مدينة بيت لحم بالضفة الغربية نتنياهو: إسرائيل أمام فرصة تاريخية لـ"تغيير وجه الشرق الأوسط" مع تعيين قائد جديد للجيش قطاع غزةحركة حماسإسرائيلإثيوبياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني إطلاق سراحاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext دراسة: أوروبا قادرة على تحقيق أمنها العسكري بعيداً من واشنطن. بأي كلفة؟ يعرض الآنNextعاجل. إسرائيل تتسلم الرهائن من الصليب الأحمر وترقب للإفراج عن 602 أسير فلسطيني اليوم يعرض الآنNext تحولات حزب الله اللبناني مع نصرالله وبعده يعرض الآنNext مقابلة برليناله: فيلم "حفنة عسل" - تفكيك الحب في الظلام يعرض الآنNext الانتخابات الألمانية من منظور دولي: كيف ترى كل من الولايات المتحدة، روسيا والصين الحدث؟ اعلانالاكثر قراءة نتنياهو يتوعد حماس بدفع الثمن والحركة تعلّق على الالتباس حول جثة شيري بيباس تفجير 3 حافلات بواسطة عبوات ناسفة قرب تل أبيب وإسرائيل تقول إن مصدر العبوات جاء من الضفة الغربية في تطور مفاجئ: إسرائيل تتحدث عن "جثة مجهولة" ضمن صفقة تبادل مع حماس! "يوروبول" يحذر: تصاعد المجتمعات الإلكترونية العنيفة التي تستهدف الأطفال اكتشاف مذهل: العثور على مقبرة الفرعون تحتمس الثاني بعد قرن من الغموض والبحث! اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025روسيادونالد ترامبالاتحاد الأوروبيأوكرانياألمانياإسرائيلالحرب في أوكرانيا أنظمة الدفاع الجويفولوديمير زيلينسكيمستشفياتشرطةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • لأبراهام مانغيستو الذي أفرجت عنه حماس اليوم قصة مختلفة... فما هي؟
  • براتب 70 ألف ريال شهريا.. العمل تعلن عن 51 فرصة عمل جديدة بالسعودية
  • مراسل سانا: وصول فريق طبي قطري إلى مطار دمشق الدولي مكون من اختصاصيين بجراحة القلب من مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ضمن “مشروع القوافل الطبية” الذي ينفذه الهلال الأحمر القطري في عدة دول حول العالم
  • انطلاق الدورة الدورة الـ16 من المعرض الدولي للتعليم العالي غدا
  • برواتب مجزية.. 3862 فرصة عمل جديدة في القطاع الخاص
  • وظائف جديدة.. أكثر من 3 آلاف فرصة عمل بالمحافظات - التخصصات والتقديم
  • ريال بات رمزا لعملة السعودية.. ما الذي نعرفه عن رموز عملات العالم؟
  • باحث سياسي: هناك فرصة تاريخية لتوحيد النظام السياسي في الضفة الغربية وغزة
  • العراق يتطلع إلى عرش التمور بالعالم بعد إطلاق إستراتيجية جديدة لزراعة النخيل
  • حملة ترامب ضد البحث العلمي هي فرصة للعرب