برلين - رويترز
قالت شركة الخطوط الجوية الألمانية لوفتهانزا اليوم الأحد إنها ستعلق رحلاتها إلى العاصمة الأردنية عمّان وبيروت وأربيل وتل أبيب حتى غد الاثنين على الأقل في أعقاب الاضطرابات الأخيرة في الشرق الأوسط.

وأضافت في بيان لرويترز أن الشركة، التي تضم شركة الطيران الألمانية الرئيسية وكذلك الخطوط الجوية السويسرية والنمساوية، ستعمل أيضا على تجنب رحلاتها المجال الجوي فوق إسرائيل والأردن والعراق في المستقبل المنظور.

وكانت الشركة قد قالت بالفعل يوم الجمعة إنها ستعلق رحلاتها من وإلى طهران حتى 18 أبريل نيسان ولن تستخدم المجال الجوي الإيراني خلال تلك الفترة.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛

القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛
بعمارةِ اللفظِ والتركيبِ والدلالة
زياد مبارك | كاتب وناشر سوداني
.
.
1️⃣
✨ أجملُ ما في الشِّعر أنه كلما نهلنا من أحدِ منابعه الشعريِّة العذبة؛ قادنا ذلك إلى اليقين بأن من الشِّعر ما لم نقرأه بعد، ولا ينقادُ متذوِّق الشِّعر إلى هذا اليقينِ إلَّا إن تلقَّى رَسن ذائقته شاعرٌ لديه ذا المنهل والاقتدار على التحليقِ باللغة، لتضحى القصائدُ قلائدَ من البيان، لا تلك القصائد المنظومة التي في طوق كل شاعرٍ رصف ألفاظها كما تُرصَف الطُّرقات بالحجارة، بل القصائد المتوهِّجة التي تصعقُ اللبِّ وتأخذ الانتباه من أذنيه، ثم تُقدَّم في معبدِها كمشات من الإعجاب والثناء بغير حساب.
2️⃣
✨ ومما يمثِّل العقيدة الحداثيِّة في شأن الشِّعر - وهي مما قال الشعراءُ السلفيون ودفوفُهم من النقَّاد بصُحبة الصاجات النحاسيِّة الرنَّانة من أصاغرهِم: "إنها تخرجُ من مِلَّة الشعر قولاً واحداً!" – ما قالته سوزان برنار عن اتحاد المتناقضات في قصيدة النثر لا في الشكل فحسب، وإنما في جوهرها كذلك: إذ هي فوضوية مدمرة وفنٌ منتظم. فهذا التباين الداخلي هو ما بُنيت عليه قصيدة النثر، وهو سرُّ حيويتها؛ رُفعت الأقلام وجفَّت الصُّحف!
✨ فالقصيدةُ لا تتوهجُ إلا بانزياحِ اللفظِ عن معناه، وتركيبِ الجملةِ عمَّا اعتدنا عليه وألِفته أذهاننا، والدلالةِ إلى دلالةٍ أخرى بعيدة الغور بابتكارها وجِدَّتها وفرادتها وغرابتها ومخالفتها لتوقعاتنا. والقصيدةُ تتوهجُ حين تُقفلُ بالنهايات المدهِشة الصاعقة مثل مسَّةٍ كهربية. والقصيدة تتوهجُ حين يتنامى نصُّها أو مقاطعها إلى ذروةٍ تضعنا في دوَّامة من التأمل اللذيذ في كنه المعاني وأبعادها، والدلالاتِ ومراميها وأوجه مساقطها – إذا تعدَّدت أو انحصرتْ. والقصيدةُ تتوهجُ حين تُفرَكُ بالاستعارات والمجازات الذهنية؛ فيمتدُ أُفق القصيدةِ آفاقاً باتساع الاستعارة، بل تستعيرُ القصيدة أجنحة الطيورِ وتحلِّقُ في سماء اللغة باجتراحِ الشاعر الفنَّان. والقصيدةُ تتوهجُ حين، وحين، وحين... إلخ من الأحيان الشعريِّة الأخَّاذة ذات الألق والاِقمار.
3️⃣

✨ في ديوان الشاعر السوداني عبد المنعم عوض عبد الرسول؛ عشرة قصائد لأشياء الحرب، وثلاث عشرة قصيدة لأشياء أخرى. كُتبتْ بصورةٍ مقطعيِّة، تتحدُّ مقاطعها اتحاداً موضوعيِّاً. وكذلك فالعشر قصائد عن الحرب كالحبَّاتِ المُرسلةِ في خيطِ المسبحة ليجمعَ تفرُّقَها، فتقرأ مقاطع القصائد العشرة جميعها في موضوعةٍ واحدة، ولكأنها قصيدةٌ طويلة، يُؤذَّن بها في سُرادق النَّوح. إنها حرب الخامس عشر من أبريل 2023، التي يومئ الشاعر عبد المنعم إيماءً بإيحائه كنايةً عنها؛ في قصيدة (وجه):
✒️
"مرَّت الحرب من أمام بيته الطيني،
وبيت جاره الخرساني،
توقفت بقرب شجرة الليمون
كان جده قد مات تحت ظلها بعد عمرٍ ناهز التسعين،
في أبريل".
✨ ونلحظ مزجَ الَّشعر بالسَّرد، باستلاف الحكائية لتنميِّة القصيدةِ بالتداخل الأجناسي، وتلك نزعة الشعر الحديث للتمرّد على القوالب المعهودة المألوفة المطروقة. ولكن الحكائية هاهنا غرائبية فلا نتوقف عندها في ذاتها بقدر ما توقفنا غرائبيتها ومفارقتها الساخرة الصارخة، المفارقة بين بيتي الطين والخرسانة، والحرب المؤنسنة المتجسِّدة المارّة لتتوقّف قرب شجرة الليمون، ولكن الإدهاش في قفلة المقطع بموت الجدِّ تحت ظلِّ الشجرة مناهزاً التسعين، ولكن أوان موته في أبريل! وهنا ندرك أن الأين "قرب شجرة الليمون" لم يكن إلا تمهيداً لمباغتة توقعنا بالأوان، أوان موت الجدِّ الموافق لحرب أبريل. إننا في سرادق النوحِ، إنه الرثاء!
4️⃣
✨ وإنَّ تشريحَ هذا الديوان ليغرقنا فيما يطول ويطول، وإنَّ اقتباسَ مقطعٍ أو مقاطع منه سيوقعنا بلا ريب في ظلم مقاطع الديوان الأُخر. فذا محض إغراء وتحريضٌ على قراءته ودعوة للكشف عليه وسبر ما تحت توهجه وبريقه من أسرار اللغة وسحر البيان. ولا ينبغي إغفال الإشارة إلى "الإشارات" التي صدَّر الشاعر عبد المنعم بها قصائده للحرب، حيث تمثِّل هذه الإشارات عتبات للقارئ. ومنها الإشارة في مدخل قصيدة (الخرطوم الثالثة، هرباً منها)، ونصُّها:
✒️
"إشارة إلى الحرب:
سأخرج إليكِ أيتها الريح المسمومة، فانتظريني خارج حدود المدينة."
✨ وابتداءً من العنوان، والعتبة الإشارية، ثمَّ فيما بقي من جسد القصيدة: نلحظ أن الشاعر اعتمد معجماً لفظيِّاً عزَّز من دلالة الهرب: (هرباً منها/ سأخرج/ خارج حدود المدينة). ثم يلتفتُ إلى الخروج في سياق آخر، لكأن الخروج كله مذموم في أي سياقٍ ورَدَ بما أن سياقات الحرب سواء، يقول:
✒️
"تفتحُ الأسلحةُ مخازنها الحديدية في الفضاء الطلق،
فتخرُج نسورُها الجارحة إلى هواء السكينة الخادعة،
لتنهش بمخالبها الوحشية أمن البيوت الوادعة".
✨ والخروج كالهروب مقرونان بالذهاب والغياب والاختفاء والاحتجاب... إلخ مما تنتظم ألفاظه في حقلٍ دلاليٍّ واحد، لنقرأ:
✒️
"تكوَّرت في الهواء المهشم رائحة البارود الخانقة، وعانقت الغيومُ المنتفخة طقسَ الهزيمة الشخصية المضطرب،
كرةٌ متدحرجة من كتلة اللهب،
لتنفجر في دوار الريح،
وتحتجب".
✨ إن الكرة من اللهب لتتدحرج لتنفجر في دوَّار الريح وتحتجب، وهكذا فليس بعد الهرب من الخرطوم إلَّا خروج النسور إلى هواء السكينة الخادعة، وتدحرُّج كرات اللهب في الريح لتحتجب... لتكون المحصِّلة في الذروة المضمرة في النصِّ، إنها هزيمتنا الشخصيِّة، ففي الحرب الكل مهزوم مهما أُريقتْ في الأجواف من كؤوس النصر.
5️⃣
✨ ثم يتواصل نثر الشاعر لألفاظ تأكيدية لمعنى الهرب ودلالاته واحتمالاته، فذا هو (الركض/ واللهاث/ والتعب)، يقول:
✒️
"الرائحة النحاسية التي تنبعث من جسد النهار،
مفعمةً باليأس من لوثة البنادق المتشاحنة، تلهث متعبة من الركض نحو قبرات الموت،
الذي يسرق جسد الروح من إزاره، والثمر من أشجاره، والماء من أنهاره."
✨ ويصل الشاعر بنا إلى ذروة البناء الشعري، إلى قمَّة القصيدة، إلى قفلتها المدهشة، بتنامٍ فريد لتراجيديا الحرب ورهقها ووطأتها الشعورية الثقيلة، ليصعقنا بمغادرة الآدمي لجسده المنهك من الحرب، إنها الروح المُظلِمة المُطفأة السَّراج بعاصفة الحرب. يتوضأ الآدمي بالدماء ثم يغادر جسده، وهكذا فالهرب والخروج ووو... ينتهي كل ذلك بمغادرة الجسد، إنها المناحة الأخيرة، إذ يحبس الآدمي أنفاسه الأخيرة، يتوضأ بالدماء، يغادر جسده! فالخروج إلى الريح المسمومة خارج حدود المدينة ينتهي بمغادرة الآدمي لجسده عن سابق قصد. يقول الشاعر في المقطع الأخير:
✒️
"يحبس الآدمي أنفاسه الأخيرة، ليتوضأ من دماء الحرب، ويغادر جسده المنهك.
ليصبح الوطن الشهيد؛
خيطَ دم.
وغصةً في الحلق."
6️⃣
✨ وفي قصائد الديوان الأخرى ثمَة فرحٍ وغناء، فبينما تنقص الحرب منّا؛ يضيفُ الغناء إلى الحياة رواءً ومسرَّة. أو كما يتقلَّب النهار والليل، بين شروق ومغيب. إنها المفارقة في الحياة ذاتها، فما اتحاد المتناقضات في الشَّعر -كما في قول مولاتنا سوزان بنت برنار - إلَّا فرع من مفارقات الحياة وتناقضاتها واحتمالاتها المتعاكسة في مرايانا. يقول الشاعر في قصيدة (لنْ يستطيعَ أحدٌ أن يغنِّي وحدَهُ):
✒️
"مرَّ أول المساء حافياً من أمامي
حاملاً مسرجه الشاحب بين يديه
ويركل حجارة الضوء في الطريق بقدميه
فتقع في مستنقع الظلمة وتضيء."
✨ لقد مرَّت الحرب من قبل في قصيدةٍ للحرب، ولكن أول المساء أيضاً يمرُّ ويركل حجارة الضوء فتقع في الظلمة، فتضئ!
✨ إنها المفارقة الألمعية بطول الديوان، وإن الشاعر الشاعر لقادرٌ على إدهاشنا وحسب، وإن تأملنا في الشِّعر لهو ما يقودنا إلى اليقين بأن هناك من الشِّعر ما لم نقرأه بعد.

masarebart2019@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • القصيدةُ إذ تتوهّجُ؛
  • عاجل: رواية أمريكية حول الغارات الجوية على صنعاء قبل قليل وماذا استهدفت؟
  • الهيئة العامة للطيران المدني السوري لـ سانا: نرحب بجميع شركات الطيران الراغبة في تسيير رحلاتها من وإلى مطار حلب الدولي
  • مسؤول أمريكي يقترح وقف المساعدات للاجئين الروهينغا ولبنان
  • الاستيطان وغزة والجولان ولبنان أمام مجلس الأمن الأسبوع المقبل
  • إسرائيل ولبنان في نفق المفاوضات الحدودية
  • هل اقترب السلام بين إسرائيل ولبنان؟
  • ارتفاع حاد في حالات إفلاس الشركات الألمانية وسط الركود
  • عاجل.. فوكس نيوز: حريق في طائرة لشركة الخطوط الجوية الأميركية في مطار دنفر الدولي لم تتضح أسبابه
  • تعرف علي قائمة منتخب فلسطين في تصفيات العالم