تمتلك إيران ترسانة صاروخية كبيرة لا سيما الصواريخ الباليستية، والتي قامت بتطويرها بشكل لافت خلال السنوات الماضية، وتتضمن أنواع متعددة المدى وتتراوح ما بين 45 كيلومترا إلى 10 آلاف كيلومترا، إلى جانب أنواع أخرى خارقة للدروع ويمكن استخدامها ضد الأهداف البحرية.

ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين إسرائيلين قولهم، إن إيران أطلقت خلال الهجوم الصاروخي على فلسطين المحتلة والذي استمر نحو 5 ساعات، ما يزيد على الـ330 مسيرة وصاروخاً، رداً على هجوم "إسرائيل" على القنصلية الإيرانية في دمشق في وقت سابق.



وأطلقت إيران خلال هجومها العسكري أمس، 36 صاروخ كروز، و110 صاروخ باليستي "أرض- أرض"، إلى جانب 185 طائرة مسيرة مفخخة.

وتستعرض "عربي21" في التقرير الآتي، مراحل تطور برنامج إيران الصاروخي، والذي بدأ في حرب طهران مع العراق عام 1991، وأطلقت خلالها عددا من صواريخ "سكود-B" التي حصلت عليها آنذاك من سوريا وليبيا، عقب حرب الخليج الأولى وما شكلته من خطر حقيقي على أمنها.

واستثمرت طهران مبالغ مالية ضخمة لتعزيز قدراتها العسكرية وخاصة في تصنيع الصواريخ البالستية متوسطة وطويلة المدى، إلى جانب بناء صواريخ مضادة للسفن ذات دقة عالية.

نماذج للصواريخ الإيرانية
وخلال عرض عسكري عام 2003، عرضت طهران نماذج للصواريخ التي تمتلكها، وكان من بينها صاروخ شهاب3 الذي يبلغ مداه 1300 كيلومترا، وحمولته 700 كيلوغرام، وقدّر الخبراء في حينه عدد الصواريخ التي تمتلكها إيران من هذا الطراز بين 25 و100 صاروخ.

ويغطي هذا النوع كل مساحة فلسطين المحتلة، وجميع مناطق الانتشار العسكري الأمريكي في منطقة الخليج العربي.




ورغم الأسرار والغموض الذي يكتنف تطوير الصواريخ الإيرانية، إلا أن المعلومات الضيئلة تشير إلى طهران نجحت في إنتاج محركات صاروخية بقياسات صغيرة تعمل بالوقود الصلب، وتستعمل هذه المحركات من أجل تطوير صواريخ قصيرة المدى، ويمكن استعمالها كمدفعية بعيدة المدى.

وتقوم إيران بتصنيع صواريخ قصيرة المدى ويتراوح مداها ما بين 30 إلى 200 كيلومترا، ومنها صاروخ فجر-1 (مدى 8 كلم)، وفلق-1 (مدى 10 كلم)، وعقاب- نموذج 83 (مدى 30 كلم)، وفجر-3 (مدى 43 كلم)، وفجر- 5 (مدى 80 كلم).



ولا تقدم هذه الصواريخ قصيرة المدى أي قيمة إضافية لعامل الردع الذي تريده إيران، ولهذا السبب سخرت كل قدرتها لتطوير صواريخ أخرى قادرة على الوصول إلى أهداف مهمة في الدول المجاورة، كالكويت والعراق، مع الاهتمام بقدراتها الفنية والتدميرية.

ولاحقا، قامت إيران بصناعة صواريخ متطورة، منها صاروخ زلزال-1 (150 كلم)، وصاروخ زلزال- 2 (200 كلم)، وصاروخ زلزال- 3 (250 كلم)، وصاروخ فاتح- 110 (300 كلم)، وصاروخ شهاب-1 وهو منقول عن سكود- بي (350 كلم)، وصاروخ شهاب- 2 وهو نسخة عن سكود- سي (750 كلم)، وصاروخ قيام-1 (800 كلم).




صواريخ متوسطة وبعيدة المدى
تحدث وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عن مشروع إيراني جديد لصنع صاروخ شهاب- 4، والذي يمكن أن يتراوح مداه ما بين 2000 و3000 كيلومتر، ويمكن لهذا الصاروخ تغطية كل منطقة الشرق الأوسط، وقسم واسع من أوروبا.

وتسعى إيران لتجهيز هذا النوع من الصواريخ بنظام رقمي قدرته التدميرية، وقامت بشراء أجهزة توجيه حديثه لهذه الصواريخ من بعض الشركات الروسية.

وتطمح إيران إلى تطوير صواريخ جوالة، رغم الحواجز والعقبات العديدة التي تواجه هذا المشروع، سواء في حقل التكنولوجيا المتطورة أو علوم الديناميكية الهوائية، أو الحاجة لميزانيات باهظة تتطلبها أبحاث التطوير.




وتستفيد إيران من إمكانية استيراد بعض المعدات ذات الاستعمال المزدوج، مثل أنظمة تحديد المواقع GPS  من أجل التقدم في تطوير أجهزة التوجيه للصواريخ، وتسعى إلى تطوير صواريخ جوالة يمكن إطلاقها من البر ومن الجو لاستعمالها إلى جانب صواريخها البالستية المتوسطة، من أجل الاستفادة من دقّة إصابتها ضد أهداف نقطية.



وبحسب معلومات غربية، فإن طهران تحاول الاستفادة من التكنولوجية الروسية والصينية من أجل تطوير قدرات الدفع وتحسين أداء أنظمة الصواريخ البحرية، لنقلها واستعمالها على صواريخ جوالة تطلق من الجو بمدى يتراوح ما بين 600 و800 كلم.

الصواريخ البالستية ذات الرؤوس النووية
أطلقت إيران عام 2015 تجربة ناجحة على صاروخ "عماد" طويل المدى، والذي له قدرة على حمل رأس نووي، ويمكن توجيهه بدقة نحو الهدف، وهو صاروخ أرض- أرض، جرى بناه على يد الخبراء الإيرانيين.

ويُعتبَر صاروخ عماد، أول صاروخ بالستي يوجَّه بدقة نحو الهدف، وفق ما تحدّث عنه وزير الدفاع الإيراني آنذاك الجنرال حسين دهقان، والذي قال: «نتابع برامجنا الدفاعية ولا نطلب من أحد الإذن بذلك».

ويمكن لهذا الصاروخ الذي يبلغ مداه 1700 كيلومتر الوصول إلى الاحتلال الإسرائيلي، وهو يعمل بالوقود السائل ووصلت دقته إلى مسافة 500 متر من الهدف، ويبلغ وزن الرأس المتفجر الذي يحمله 750 كيلوغرام.

واختبرت إيران أيضا صاروخ كروز يسمى "سومار" قادر على حمل أسلحة نووية، وجرى تصنيعه في طهران، وحلق لنحو 600 كيلو متر في أول اختبار ناجح معلن لإطلاقه.

وانضم صاروخ عاشوراء بدوره إلى مضمار الصواريخ الإيرانية الحاملة للرؤوس النووية، فعندما جربت جمهورية إيران هذا الصاروخ الباليستي بعيد المدى، أعلنت واشنطن أن هذا الصاروخ ذو القوة التدميرية الفائقة قد يُطلَق على أي هدف أمريكي في شرق أوروبا.

ويتراوح مدى صاروخ عاشوراء ما بين 2000 إلى 2500 كيلومتر، ويمكنه أن يحمل رأسا متفجرا نوويا، ويتكون من مرحلتين.

ويعد صاروخ قيام-1 هو أول صاروخ باليستي دون جنيحات تنتجه إيران، والقادر على حمل رؤوس نووية متنوعة، وهذا الصاروخ الذي يُطلَق بشكل عامودي لا مائل هو من فئة أرض-أرض ذو وقود سائل، ويبلغ مداه 800 كيلومتر، ويُعتبَر صاروخ نقطي خفيف لا يكشفه الرادار.

تواصل إيران تعزيز ترسانتها من الصواريخ النووية، وطورت عام 2019 صاروخ شهاب3 ليصبح قادرا على حمل رأس نووي، يصل وزنه إلى نصف طن على الأقل، لمسافة 300 كيلومتر بحد أدنى.



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية إيران ترسانة الصواريخ إيران صواريخ الحرس الثوري ترسانة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تطویر صواریخ هذا الصاروخ إلى جانب على حمل ما بین من أجل

إقرأ أيضاً:

هندسة الانتصار الرمادي: صراع إيران والولايات المتحدة وإسرائيل

في الأدبيات التقليدية للعلاقات الدولية، ارتبط مفهوم النصر بالقدرة على تحقيق تغيير جوهري في ميزان القوى عبر الوسائل العسكرية أو الاقتصادية المباشرة، إلا أن التطورات الأخيرة التي شهدها الصراع الإيراني-الأمريكي-الإسرائيلي تفرض إعادة التفكير في هذا المفهوم.

لقد استطاعت إيران، بقيادة هيكل سياسي مركب، أن تحقق مكاسب استراتيجية صلبة دون أن تدخل حربا مباشرة أو أن تتعرض لانهيار داخلي. لم ينتج هذا الإنجاز من "مواجهة" كما تفترض الأدبيات الكلاسيكية، بل من عملية أعقد وهي هندسة مستمرة للبيئة الاستراتيجية بطريقة جعلت الحرب خيارا مكلفا أكثر من أي تسوية أخرى.

في هذا الإطار، يتحتم علينا أن نقرأ ما جرى كـ"انتصار رمادي"، ليس انتصارا عسكريا صريحا ولا هزيمة سياسية واضحة لخصوم إيران، بل حالة وسطى تميزت بقدرة طهران على إعادة تعريف حدود اللعبة دون الحاجة إلى كسر القواعد القائمة. ما نفعله هو معرفة محددات السياسة الخارجية الإيرانية في الأزمات وليس تمجيدها، وهذا ما يجعلنا قادرين على تفسير المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط من التهديدات الإسرائيلية باستهداف المنشآت النووية الإيرانية إلى طاولة المفاوضات التي يقودها ترامب مع الإيرانيين.

من الخطأ اختزال الأداء الإيراني في مواجهة إدارة ترامب بأنه مجرد "صبر استراتيجي"؛ ما فعلته إيران كان أكثر تعقيدا، لقد مارست إدارة الشك بين خصومها، أي جعلت النوايا الإيرانية ضبابية إلى درجة أضعفت الحسابات الغربية
من الخطأ اختزال الأداء الإيراني في مواجهة إدارة ترامب بأنه مجرد "صبر استراتيجي"؛ ما فعلته إيران كان أكثر تعقيدا، لقد مارست إدارة الشك بين خصومها، أي جعلت النوايا الإيرانية ضبابية إلى درجة أضعفت الحسابات الغربية.

لم تتصرف إيران كفاعل يسعى إلى الصدام، لكنها في ذات الوقت لم تقدم مؤشرات استسلام أو انكسار. كل عملية (مثل إسقاط الطائرة المسيرة أو الرد على اغتيال قاسم سليماني أو العمليات التي عرفت بالوعد الصادق ضد إسرائيل) كانت مصممة لإبقاء هامش الشك مفتوحا؛ هل سترد إيران برد شامل أم محسوب؟ هل ستغلق مضيق هرمز أم لا؟

هذا التردد المنهجي لم يكن علامة ارتباك، بل أداة استراتيجية أضعفت قدرة الولايات المتحدة وإسرائيل على اتخاذ قرارات حاسمة، حيث إن الخيارات باتت تقوم على تخمينات لا على معطيات صلبة. بالتالي، الانتصار الإيراني هنا لم يكن في امتلاك القوة، بل في إدارة إدراك الخصم لهذه القوة.

وبدلا من الرضوخ للعقوبات القصوى، اتبعت إيران سياسة تقوم على استثمار الزمن لإضعاف فاعلية العقوبات ذاتها. من خلال الصبر المدروس، سمحت إيران بأن تظهر التكاليف الثانوية للعقوبات (التضخم في الغرب من ارتفاع أسعار الطاقة، تآكل شرعية الحصار دوليا، نمو المقاومة الاقتصادية محليا).

مع مرور الوقت، لم تعد العقوبات أداة ضغط فاعلة، بل تحولت عبئا على من فرضها، مما أجبر بعض القوى الأوروبية على التراجع التدريجي أو البحث عن قنوات خلفية للحوار مع طهران. بكلمات أخرى، لم تسعَ إيران لإسقاط العقوبات فورا، بل لجعل استمرارها أكثر كلفة من رفعها، وهو منطق مختلف جذريا عن نماذج "المواجهة المباشرة" أو "التفاوض التقليدي".

وفي مقابل الرغبة الإسرائيلية في حسم عسكري سريع، والإصرار الأمريكي على فرض اتفاق استسلام اقتصادي، اتبعت إيران استراتيجية "التآكل البطيء"، فهي لم تهدف إلى كسر أعدائها بضربة مفاجئة بل إلى إنهاك إرادتهم على مدى زمني طويل عبر مجموعة مركبة من الضغوط النفسية، والدبلوماسية، والعسكرية المحدودة، والاقتصادية.

وهكذا، لم تحقق إيران نصرا عسكريا كلاسيكيا، لكنها فرضت تحولا استراتيجيا؛ خصومها وجدوا أنفسهم يتراجعون عن سقوفهم القصوى دون تحقيق أي مكسب جوهري.

بعيدا عن التصورات التقليدية للصراع، نجحت إيران خلال فترة المواجهة مع إدارة ترامب في إدارة بيئة معقدة من القوى المتنافسة، مستغلة ما يمكن تسميته بتشظي الأولويات الإقليمية. فقد كانت الأطراف المحيطة بالصراع تتباين في حساباتها بشكل حاد، إسرائيل تدفع باتجاه الحسم العسكري السريع مهما كان الثمن، مدفوعة بمخاوف وجودية، بينما بدا أن دول الخليج، رغم خصومتها التقليدية مع طهران، أكثر ميلا إلى تجنب سيناريوهات الحرب الشاملة التي قد تهدد استقرار أنظمتها الاقتصادية والسياسية. في الوقت ذاته، كانت أوروبا، من موقع مختلف، ترى أن الحفاظ على الاتفاق النووي، رغم تعثره، لا يزال الخيار الأقل كلفة لمنع الانزلاق إلى فوضى إقليمية أوسع.

هذا التباين في أولويات اللاعبين الأساسيين لم يمر دون أن تستثمره إيران ببراعة محسوبة، بل سعت ضمن استراتيجية مدروسة إلى إبراز التناقضات القائمة وتعميقها بطريقة تمنع بناء جبهة معادية موحدة. فبينما استمرت طهران في إرسال رسائل تطمينية لبعض دول الخليج عبر القنوات الخلفية، فإنها عمدت إلى توظيف التصعيد الإعلامي ضد إسرائيل بشكل مدروس، مما وضع الأخيرة في موقف المتشدد الوحيد أمام عواصم دولية باتت أكثر حذرا من مغامرات عسكرية مفتوحة. أما مع أوروبا، فقد حافظت إيران على الارتباط بالحد الأقل، مستخدمة الخطاب الدبلوماسي الرسمي كوسيلة للإبقاء على فكرة أن طهران ما تزال تؤمن بالحلول الدبلوماسية، ما وفر غطاء سياسيا ساعد في كبح جماح الضغوط التصعيدية الأمريكية.

رسمت إيران معادلة جديدة للصراع الإقليمي والدولي، معادلة تحتم على كل من يفكر بمستقبل الشرق الأوسط أن يتعامل مع طهران لا باعتبارها مجرد لاعب عنيد، بل بوصفها مركز ثقل استراتيجي مستقل بذاته
في موازاة ذلك، برز سلوك إيران في إعادة تعريف معادلة القوة بعيدا عن النماذج التقليدية للردع. فعوضا عن الاعتماد على الحشود العسكرية التقليدية أو عرض عضلات مكشوف، لجأت إيران إلى ممارسة نوع من استعراض القوة الرمزية، قوامه الكشف التدريجي عن عناصر قوة غير مرئية بالكامل. بناء المدن الصاروخية تحت الأرض، والحديث عن برامج أسلحة متقدمة مثل أنظمة البلازما، كانا موجهان ليس لإشعال الحرب، بل لصناعة بيئة إدراكية مشوشة تجعل من حسابات الخصوم مليئة بالثغرات والاحتمالات غير المؤكدة. هذا التكتيك المدروس زاد من صعوبة بناء نماذج حاسمة للرد العسكري ضد إيران، مما ساعد في ترسيخ حالة ردع غير متوازن ولكن فعّال.

ولعل الأهم من ذلك، أن إيران استطاعت أن تحول هذه البيئة التي تتصف بالضبابية إلى منصة تفاوضية متقدمة. لم تذهب طهران إلى أي مفاوضات بوصفها الطرف المهزوم الباحث عن مخرج، بل دخلت المفاوضات غير المباشرة، وكأنها شريك قادر على فرض شروطه أو على الأقل التمسك بثوابته الأساسية. فلم يكن شعار العودة إلى الاتفاق النووي مجرد محاولة للعودة إلى الوراء، بل كان وسيلة لدفع الخصم إلى الاعتراف بالوقائع الجديدة التي فرضها صمود إيران: أن العقوبات لم تسقط النظام، وأن التهديدات العسكرية لم تكسر إرادته، وأن الجبهة الداخلية رغم كل الضغوط ما تزال قادرة على التكيف مع تحدياتها في الاقتصاد والمجتمع.

بهذه الطريقة، استطاعت إيران أن تتحول من موقع الدفاع إلى موقع الفعل. فعلى عكس الرهانات الغربية التي اعتبرت أن الضغوط القصوى ستدفع النظام الإيراني إلى تقديم تنازلات حيوية، بدا أن من اضطر إلى مراجعة حساباته هي الأطراف الأخرى، بدءا من واشنطن وانتهاء ببعض العواصم الأوربية.

هنا بالضبط تتجلى عبقرية الانتصار الرمادي الذي حققته طهران. لم يكن هذا الانتصار واضح المعالم بالمعنى الكلاسيكي؛ لم يرفع أحد رايات النصر، ولم ينهزم طرف بشكل معلن، ولكن في أعماق بنية القوة والسياسة في المنطقة، فرضت إيران نفسها لاعبا لا يمكن تجاهله أو فرض الإملاءات عليه. تحولت الحرب من خيار قائم إلى خيار مستبعد، وتحول الضغط الأقصى إلى ورقة مفاوضات بأثمان متناقصة.

في النهاية، ما أنجزته إيران لا يمكن اختزاله في مفردات "الصبر الاستراتيجي" أو "الممانعة"، بل هو حالة متقدمة من إدارة ديناميات القوة في بيئة معادية متعددة الأقطاب، قائمة على استثمار الزمن، والتلاعب بالإدراك، وصناعة الشكوك، وتكريس مفهوم أن التغيير الإقليمي لا يمكن أن يتم دون أخذ مصالح طهران بعين الاعتبار.

بهذا الإنجاز، رسمت إيران معادلة جديدة للصراع الإقليمي والدولي، معادلة تحتم على كل من يفكر بمستقبل الشرق الأوسط أن يتعامل مع طهران لا باعتبارها مجرد لاعب عنيد، بل بوصفها مركز ثقل استراتيجي مستقل بذاته.

x.com/fatimaaljubour

مقالات مشابهة

  • هندسة الانتصار الرمادي: صراع إيران والولايات المتحدة وإسرائيل
  • ماذا تعرف عن صاروخ بار الذي استخدمه الاحتلال لأول مرة بغزة؟
  • إيران ترد على تهديدات نتنياهو: أي مغامرة ستواجه برد ساحق
  • ترامب: سنتوصل لاتفاق مع إيران دون إسقاط القنابل
  • إيران تحدد خطوطها الحُمر في التفاوض مع أمريكا.. الصواريخ واليورانيوم
  • إيران تحدد خطوطها الحمراء في التفاوض مع أمريكا.. الصواريخ واليورانيوم
  • التفاوض بين إيران وأميركا.. دوافعه وتحدياته ومآلاته المتوقعة
  • مسؤول أمريكي: إحراز تقدم في المفاوضات مع إيران بعُمان
  • ترامب متفائل قبل جولة جديدة من المفاوضات مع إيران
  • إيران: المفاوضات مع الولايات المتحدة تقتصر على القضية النووية