د. حامد أبو العز في المشهد الديناميكي والمعقد للعلاقات الدولية، تسعى الدول غالبًا إلى تعزيز أمنها وتأثيرها السياسي وقدراتها العسكرية من خلال التعاون والشراكة مع الدول الأخرى. إن إحدى الآليات الرئيسية المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف هي تشكيل تحالفات استراتيجية في المجالين السياسي والعسكري. التحالفات الاستراتيجية هي ترتيبات تعاونية بين دولتين أو أكثر، مصممة لتعزيز المصالح المشتركة، وتحقيق الأهداف المشتركة، وتقوية المواقف على الساحة الدولية.

إشكالية التعريف في المجال السياسي، تنطوي التحالفات الاستراتيجية على إقامة شراكات بين الدول ذات القيم أو الأيديولوجيات أو الأهداف الجيوسياسية المتشابهة. تهدف هذه التحالفات إلى الاستفادة من الجهود الدبلوماسية الجماعية، وتعزيز القوة التفاوضية، والتصدي للتحديات المشتركة مثل الاستقرار الإقليمي، والإرهاب، وتغير المناخ، والتنمية الاقتصادية. من خلال مواءمة مصالحها، يمكن للبلدان أن تشكل جبهة موحدة بشأن القضايا الرئيسية، مما يؤدي إلى زيادة التأثير في المنظمات والمحافل الدولية مثل الأمم المتحدة أو مجموعة العشرين أو غيرها من المنظمات. لقد أصبح مصطلح “التحالف الاستراتيجي” مصطلحاً معقداً ومثيراً للجدل ولفهم هذا المصطلح ومقوماته وأركانه لا بد من الاستعانة بتحقيقات عابرة للتخصصات إذ أن الوصول إلى فهم دقيق وعميق لهذا الموضوع يتطلب إلماما بالفلسفة السياسية من جهة والعلاقات الدولية وتاريخها من جهة أخرى. ويتعّقد موضوع التحالف الاستراتيجي في المجالين السياسي والعسكري أكثر وأكثر عند محاولة بحثه في سياق التحالفات والعلاقات العربية-العربية. التحالف الاستراتيجي تعريفاً هو اتفاق بين دولتين أو أكثر للتعاون في تحقيق الأهداف المشتركة. يمكن أن يتخذ هذا التعاون أشكالًا عديدة، مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية أو تقديم المساعدة العسكرية أو تنسيق الجهود الدبلوماسية. وعلى الرغم من الفوائد التي سبق ذكرها إلا أن التحالفات الاستراتيجية يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر أيضًا. إذا لم تتماشى أهداف شركاء التحالف، أو إذا لم تتم إدارة التحالف بشكل صحيح، فيمكن أن ينهار. وهذا يمكن أن يؤدي إلى الصراع وعدم الاستقرار بين الحلفاء القدماء. التحالف الاستراتيجي في سياق عربي يمكن أن توصف العلاقات والتحالفات بين الدول العربية بالتحالفات التكتيكية قصيرة الأجل ويعود ذلك بشكل واسع بسبب البعد القبلي المتجذر في الجوانب التاريخية والثقافية والاجتماعية التي أثرت في التفاعلات بين الدول العربية. على المستوى العربي الواسع تستحيل إقامة تحالفات استراتيجية بين الدول العربية بسبب التشرذم السياسي. حيث يتألف العالم العربي من عدة دول، لكل منها أنظمتها السياسية وخلفياتها الثقافية ومصالحها الوطنية التي تختلف وتتفاوت فيما بينها مما قد يجعل تنوع الأنظمة السياسية، التي تتراوح من الملكيات إلى الجمهوريات، من الصعب إيجاد أرضية مشتركة بشأن القضايا الحاسمة، مما يعيق تشكيل تحالف استراتيجي موحد. وأما إذا ما بحثنا في الدول العربية ذات التجانس الثقافي والتاريخي فعلينا العودة إلى دول الخليج فعلى الرغم من التاريخ المشترك والهوية الثقافية إلا أنه هناك استحالة في تحقيق تحالف استراتيجي مستدام ويعود ذلك أولاّ إلى الصراعات الخليجية البينية. فعلى مر التاريخ، شهدت أغلب دول الخليج خلافات إقليمية وأيديولوجية وتنافس على النفوذ الإقليمي. لقد زرعت هذه الصراعات الريبة وتوترت العلاقات بين الدول والقيادات السياسية، مما جعل من الصعب إقامة تحالف استراتيجي متماسك ودائم. وثانياً بسبب التنافس على القيادة. غالبًا ما طغى السعي وراء القيادة والهيمنة داخل دول الخليج على الجهود التعاونية. تطمح بعض الدول العربية إلى أن تكون قوى إقليمية مهيمنة، مما يؤدي إلى التوترات والمنافسة بدلاً من تعزيز شراكات حقيقية. الديمومة إذا ما نظرنا إلى التحالفات الاستراتيجية الناجحة حول العالم نرى بأن الصفة المشركة بينها هي ديمومتها. فحلف شمال الأطلسي (الناتو) هو تحالف عسكري من 30 دولة في أمريكا الشمالية وأوروبا تأسس في عام 1949 لمواجهة تهديد الاتحاد السوفيتي. تحالف العيون الخمس وهو تحالف استخباراتي لأستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. تم تشكيل العيون الخمس في عام 1946 لتبادل المعلومات الاستخباراتية حول الاتحاد السوفيتي وحلفائه. منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) وهي منظمة أمنية إقليمية للصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان. تأسست منظمة شانغهاي للتعاون عام 2001 لتعزيز التعاون الأمني والاقتصادي في آسيا الوسطى. على المستوى العربي، يعتبر التحالف السعودي-الإماراتي الأقرب إلى هذا المفهوم عندما اتخذت الدولتين قرار التدخل في اليمن بشكل مباشر. ولكن ومرة أخرى فلم يستمر هذا التحالف بسبب التنافس والاختلاف في المصالح المشتركة. وتتحدث بعض الصحف الغربية ك”وول ستريت جورنال” الأمريكية وصحيفة “تلغراف” البريطانية عن خلاف عميق بين الدولتين مرتبط بالتنافس حول التحول إلى قوة إقليمية مهيمنة من الناحية العسكرية والاقتصادية وذلك في ظل تراجع الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط. لا ينحصر الصراع في حدود الشرق الأوسط بل يتعداه اليوم إلى مساحات أخرى في أفريقيا وأوربا ورسم حدود العلاقة مع الولايات المتحدة. ولكن الصراع الأبرز يتمثل في أهمية السيطرة على الممرات البرية والبحرية الاقتصادية العالمية. تسعى الإمارات إلى السيطرة على المنافذ البحرية المطلقة على الخليج والبحر الأحمر وظهر هذا الخلاف مع السعودية من خلال دعم المتصارعين في السودان بين قوات الدعم السريع وقوات الجيش السوداني. وظهر كذلك في المنافسة للسيطرة على موانئ اليمن ودعم المجلس العسكري الانتقالي فيه. كما ذهبت الإمارات بعيدا في المنافسة حيث تحاول السيطرة موانئ الكونغو. استثمرت الإمارات في موانئ هذا البلد الإفريقي ما يقارب 500 مليون دولار للسيطرة على موانئه وركزت اهتمامها بشكل كبير على ميناء “بوانت نوار” الاستراتيجي. وتحاول الإمارات من خلال هذه التحركات تقليص نفوذ إيران في القارة الإفريقية كذلك، وتعتمد في تحقيق ذلك على استراتيجية النفوذ في البلدان الإفريقية من خلال المساعدات الإنسانية. وعليه فالإمارات تحاول أن تخلق لنفسها نفوذ واسع في القارة الإفريقية لتحويلها إلى مركز للتبادل التجاري وطريق الوصل بين قارات أسيا وأفريقيا وأوربا. ختاماً، يعتبر التحالف الاستراتيجي بين الدول وسيلة ناجحة في تحقيق الأهداف المشتركة وهو ما نفتقده كعرب تاريخياً إذ أن أكثر الدول تجانساً من حيث الهوية والتاريخ المشترك (ونقصد هنا الدول الخليجية) لا تستطيع بناء تحالف استراتيجي مستدام وذلك للخلافات البينية ومحاولة لعب الدور المهيمن في الشرق الأوسط ولذلك فقد كانت “استحالة التحالف الاستراتيجي” الصفة البارزة لطبيعة العلاقات العربية-العربية بشكل عام. باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية كاتب فلسطيني

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الدول العربیة دول الخلیج بین الدول فی تحقیق من خلال یمکن أن

إقرأ أيضاً:

كيف ستتعامل الدول العربية مع خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على غزة؟

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الاستيلاء على قطاع غزة "صدمة" على الصعيد العالمي بشكل عام والصعيد الإقليمي خصوصا، سيما أن الرئيس يخطط إلى رفع كل من مصر والأردن إلى استقبال الفلسطينيين، بالرغم من الرفض القاطع لهاتين الدولتين.

وكان ترامب أعلن قبل أيام أنه يضغط على الأردن ومصر ودول عربية أخرى لاستقبال المزيد من اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة تحت مسمى "تطهير غزة"، ما أثار ردود فعل رافضة من القاهرة وعمان والعديد من الهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية.

وبالرغم من الرفض القاطع للبلدين، إلا أن الرئيس الأمريكي أعاد في أكثر من مناسبة تأكيده الجازم على أن كل من البلدين سيقبل بذلك "لأننا نفعل الكثير من أجلهم، وسيفعلون ذلك".

ومساء الثلاثاء، تحدث ترامب خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن عزم بلاده الاستيلاء على قطاع غزة، ما أثار ردود فعل رافضة على الصعيد الدولي.




وقال ترامب بعد محادثاته مع نتنياهو في البيت الأبيض إن "الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على غزة، وسنقوم بمهمة فيه أيضا"، مضيفا: "سنطلق خطة تنمية اقتصادية (في القطاع) تهدف إلى توفير عدد غير محدود من الوظائف والمساكن لسكان المنطقة".

وزعم الرئيس الأمريكي أن غزة "يمكن أن تُصبح (بعد سيطرة بلاده عليها وتطويرها) ريفييرا الشرق الأوسط". كما لم يستبعد إمكانية نشر قوات أمريكية لدعم إعادة إعمار غزة، متوقعا أن تكون للولايات المتحدة "ملكية طويلة الأمد" في قطاع غزة.

كما تطرق ترامب إلى ملف تطبيع العلاقات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي والمملكة العربية السعودية، معتبرا أن الرياض تريد السلام، ولا تطالب بدولة فلسطينية في المقابل.

وجاء حديث ترامب على الرغم من تأكيد المسؤولين السعوديين على كافة الأصعدة أن المملكة لن تقيم علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي دون إقامة دولة فلسطينية. ما دفع السعودية إلى التشديد على موقفها مجددا موضحة أن موقف ثابت لا يتزعزع و”ليس محل تفاوض أو مزايدات”.

وتثير تصريحات ترامب المتلاحقة بشأن غزة وتجاهله المواقف العربية الرافضة لهذا التوجه قلقا واسعا في الأوساط السياسية في المنطقة، حيث حذر محللون تحدثوا لـ"عربي21" من تداعيات خطيرة لمقترحات الرئيس الأمريكي، والتي اعتبروها تعكس "نوايا عدوانية” تجاه القضية الفلسطينية، وتمثل تهديدا لمصر والأردن والمنطقة بأسرها.

وقال الباحث السياسي محمود علوش، إن "خطة ترامب بشأن غزة تدل على نواياه العدوانية في القضية الفلسطينية"، مشيرا إلى أن "هذه النوايا لا تهدد القضية الفلسطينية فحسب، بل تشكل أيضا تهديدا لمصر والأردن والمنطقة بأسرها".

وأضاف في حديثه مع "عربي21"، أنه "سيتعين على دول المنطقة أن تتحسب لنهج ترامب العدواني تجاه القضية الفلسطينية في الولاية الجديدة برئاسته".

من جانبه، شدد المحلل السياسي إبراهيم المدهون على أن "ترامب يعتقد أن الدول العربية تعمل تحت إشراف الولايات المتحدة، وأنه بمجرد أن يصدر الأوامر، يجب أن تُنفذ. لكن هذه القراءة للموقف السياسي الدولي مغلوطة”، موضحًا أن “الدول العربية بدأت تدرك أكثر من أي وقت مضى أهمية مصالحها واستقلالية قراراتها، وهي ليست مجرد أدوات في يد الإدارة الأمريكية”.

وأشار المدهون في حديثه مع "عربي21"، إلى أن "الردود على تصرفات ترامب قد تكون مفاجئة له، خاصة في ضوء الاستقلالية السياسية المتزايدة لبعض هذه الدول".

كيف يتعامل العرب مع مخطط ترامب؟
وأكد علوش أن "مصر والأردن بطبيعة الحال مستهدفتان في هذه الخطة، ولا تمتلكان خيارا سوى المعارضة، حتى لو كانت هذه المعارضة تنطوي على عواقب كبيرة، لكن هذه العواقب ستبقى أقل بكثير من عواقب الرضوخ لهذه الخطة”.

وأشار الباحث السياسي إلى أن "مصر والأردن غير قادرتين على مواجهة خطط ترامب بشأن غزة دون مساندة إقليمية قوية لهما في هذا التحدي الكبير".

بدوره، أوضح المدهون أن "الموقف العربي واضح وحاسم في هذا الملف، فهو يرفض التهجير ولا يريد أن يكون حل القضية الفلسطينية على حساب الدول العربية الأخرى، ولهذا لن يجد نتنياهو أو ترامب أي قدرة على تسويق مثل هذه المشاريع".

ولفت إلى أن "المعيق الأكبر تجاه هذه المشاريع هو رفض شعبنا الفلسطيني وتمسكه بأرضه، وكونها ضد الحالة العربية والرفض الإقليمي. حتى الدول العربية لن تقبل بها، وتجدها تهديدا استراتيجيا طويل الأمد".


وأشار إلى أن "الأردن يعتبر أن هذا الأمر يمس وجوده، ولهذا يرفض بشكل قاطع تهجير أي من الفلسطينيين سواء من الضفة الغربية أو قطاع غزة".

وكان موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، كشف أن الأردن مستعد للحرب في حال تم إجبار الفلسطينيين بالقوة على الهجرة إلى أراضيه.

ونقل الموقع عن مصادر مطلعة في عمان والقدس قولها، إن آخر ما تريده الأردن هو الحرب، وهي حريصة على التوصل إلى حل سلمي، لكنهم يصرون على أن الأردنيين سيغلقون الحدود إذا بدأ اللاجئون في العبور إلى البلاد. 

وقال أحد المصادر للموقع البريطاني: "وإذا سعى الإسرائيليون إلى إعادة فتحه، فسيكون ذلك سببا للحرب".

وفي ما يتعلق بموقف دول الخليج، فقد ذكر المدهون أن هذه الدول "تلتزم الصمت لأنه لم يُطرح أن تستقبل أيا من الفلسطينيين، ولو تم طرح ذلك أيضا سترفض"، حسب قوله.

وفي هذا السياق، قال علوش "في حال أصر الرئيس ترامب على ممارسة الضغط على مصر والأردن من أجل القبول بخطة التهجير، هناك خيارات لدى الأردن ومصر لمقاومة هذه الخطة، لكن هذه الخيارات تقف على حدود ما يمكن أن تقدمه الدول العربية لهما من أجل مواجهة أي ضغط أمريكي محتمل في هذا الاتجاه".

وأضاف "ربما يلجأ ترامب إلى التهديد بفرض عقوبات أو بمعاقبة مصر والأردن اقتصاديًا، لأن هاتين الدولتين تعتمدان على المساعدات الأمريكية والدعم العسكري الأمريكي، لكن أيضًا يمكن لدول الخليج أن تحد من تأثير أي عقوبات أو تحركات أمريكية محتملة في هذا الاتجاه من خلال تقديم الدعم الاقتصادي لهاتين الدولتين".

من جهته، شدد المحلل السياسي حسام الدجني على أن "تصريحات ترامب لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، لأنها تعكس رؤية ومشروع متكامل تتقاطع به إدارة ترامب واليمين المتطرف في إسرائيل، وينسجم مع مشاريع استراتيجية تتعلق بغزة". 

وأضاف في حديثه مع "عربي21"، أن "هذه المشاريع تتطلب تهجير السكان في أكبر عملية تطهير عرقي عرفها التاريخ المعاصر، وأهم المشروعات الاستراتيجية تتعلق بمشروع غاز المتوسط على سواحل غزة، وخط السكة الحديد الذي طرحه بايدن في قمة العشرين، وقناة بن غوريون، بالإضافة إلى التخلص من الكابوس الأمني الذي ضرب إسرائيل في مقتل والمتمثل في الكتلة الديموغرافية في غزة".

وأشار الدجني إلى أن "المطلوب الآن هو دعم وتعزيز الموقف العربي الرسمي والشعبي الرافض للتوجه الأمريكي"، داعيا إلى "القيام بحملة دبلوماسية على المستوى الدولي لتنسيق الخطوات في كافة المحافل الدولية”. 

وأوضح أنه "من الضروري عقد قمة عربية تهدف بالدرجة الأولى لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه عبر الدفع بتطبيق البروتوكول الإنساني بكل تفاصيله".

ترامب و"الصفقة الكبرى"
أوضح علوش في حديثه مع "عربي21"، أن "ترامب رجل صفقات كبرى وليس صفقات صغرى، وهو يدرك، مثل نتنياهو، أن فكرة السيطرة الأمريكية على غزة أو تهجير سكانها منفصلة عن الواقع تماما، ولو كانت هذه الفكرة ممكنة، لكانت إسرائيل نفذتها خلال هذه الحرب دون انتظار ترامب".

وأضاف: "لذلك، يبدو تصور الرئيس الأمريكي عن هذه الخطة أقرب إلى تدشين عملية مساومة من أجل تأمين نوع من الصفقة الكبرى في الشرق الأوسط، وقد يكون التخلي عن فكرة تهجير سكان غزة مقابل تطبيع سعودي إسرائيلي أحد أوجه هذه الصفقة الكبرى".

وفي هذا السياق، شدد المدهون على أن "فكرة التهجير ليست سهلة، فترامب للمرة الثانية غير قادر على قراءة حقيقة الموقف العربي وتعقيداته، فقد فشل في صفقة القرن في دورته الأولى، واليوم بدأ بخطوة أعتقد أنها صعبة التحقيق".


وشدد على أن "المطلوب حقيقة الآن من الموقف العربي أن يتم دعم وإسناد قطاع غزة، فلا يصح أن يكون هناك رفض للتهجير في حين أن هناك خيام لم تدخل من الأردن، وهناك بطء في رفع الحصار وتدفق المعونات والمساعدات ومستلزمات الإعمار".

وأكد أنه "إذا أرادت الدول العربية، وخصوصا مصر والأردن، إفشال هذا المشروع، فعليها تعزيز صمود الفلسطينيين في القطاع، ورفع الحصار فورا، وفتح القطاع للعالم أجمع، واستخدام كل ما يمكن استخدامه من أجل تخفيف الكارثة والمعاناة الإنسانية في غزة وبث الأمل هناك".

تداعيات إقليمية خطيرة
حذر الباحث السياسي محمود علوش من أن "تهجير سكان غزة ينطوي على عواقب كبيرة على القضية الفلسطينية وعلى دول المنطقة بأسرها، ويجب على دول المنطقة أن تتعامل بشكل أسرع مع هذا التصور الذي يطرحه ترامب، على أنه تهديد لها بشكل كامل، لأنه من جانب يهدد بتصفية القضية الفلسطينية، ومن جانب آخر يعزز سطوة إسرائيل على المستوى الإقليمي".

وأضاف أن طرح ترامب “سيرسل ذلك إشارات لدول المنطقة بأنه لا توجد ضوابط أو حدود أمام التوسع الإسرائيلي، فطموحات إسرائيل التوسعية لا تقتصر على الأراضي الفلسطينية، إذ إنها تحتل أجزاء من جنوب لبنان في هذه الحرب، وحتى الآن لا تبدي أي اهتمام بالانسحاب، كما احتلت أجزاء من الأراضي السورية، وقد تطمح إلى البقاء في هذه الأراضي لفترة طويلة".

وأكد أن "على مر التاريخ، لم نشهد أن إسرائيل احتلت منطقة ثم انسحبت منها فيما بعد"، مشددا على أن "السياسة العدوانية لترامب في القضية الفلسطينية ينبغي أن تشكل صدمة كبيرة في السياسة الإقليمية تجاه القضية الفلسطينية وتجاه السياسة الأمريكية".

مقالات مشابهة

  • كيف ستتعامل الدول العربية مع خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين والاستيلاء على غزة؟
  • الأعلى للإعلام: ضرورة وجود خطاب عربي موحد للدفاع عن قضايا الأمة
  • رئيس “الأعلى للإعلام” يستقبل أمين عام مساعد جامعة الدول العربية للإعلام والاتصال
  • تعاون مشترك بين الأعلى للإعلام وجامعة الدول العربية
  • تهجير الفلسطينيين بين مخطط نتانياهو وصمود العرب
  • الذكاء الاصطناعى يعيد رسم مستقبل العرب
  • الإمارات تشارك في اجتماعات مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب
  • الإمارات تشارك في اجتماعات مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب
  • الإمارات تشارك في اجتماعات مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب ببغداد
  • مدير «الأفريقي لمكافحة الأمراض»: مصر ملهمة التحالف العالمي لتصنيع اللقاحات