في قلب عاصمة الثقافة، يقف متحف الشارقة للفنون شاهدًا على التزام الإمارة الراسخ برعاية الفنون، حيث لم يقتصر دور هذا الصرح الذي افتتح في عام 1997، على رفع مستوى تقدير الفن بين أفراد المجتمع فحسب، بل أسهم وبشكل ملموس في تنمية مجتمع يدرك أهمية المتاحف ليس فقط كوجهات ثقافية، بل كفضاءات تعليمية ممتعة وجذابة تثري المجتمع.

جاء افتتاح المتحف تجسيدًا لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الهادفة لجعل الفن متاحًا للجميع نظرًا لما يملكه من قدرة على توحيد المجتمعات، ودفعها الى الإبداع، وتحفيز النمو الفكري والعاطفي فوضعت عرض التراث الثقافي الغني والتعبيرات الفنية المعاصرة، في قلب رسالة المتحف بما يبرز التفاعل الديناميكي بين التقليد والابتكار في المشهد الفني بالمنطقة.

وفي تأكيد على الفلسفة التي يقوم عليها المتحف قالت علياء الملا، أمين متحف الشارقة للفنون:” كان للمتحف الذي يعد أول متحف فني مخصص للفنون في منطقة الخليج، دور بالغ الأهمية في تشكيل مشهد الفن والثقافة على نطاق واسع،“ ويدل على ذلك استضافته لأكثر من 100 معرض لمبدعين من مختلف مدارس الفنون، بدءًا من الفن الإسلامي الكلاسيكي، وصولًا إلى الأعمال الحداثية بما يضمن لكل زائر أن يجد ما يروق له، فضلاً عن جهوده في ترويج أعمال فناني المنطقة على المسرح العالمي.

وكعلامة فارقة في تاريخه، أطلق المتحف سلسلة معارض “علامات فارقة” التي احتفت منذ إطلاقها في عام 2010 بعدد من القامات الثقافية العربية، منهم على سبيل المثال لا الحصر عبد القادر الريس، ونجاة مكي، وسامية حلبي.

موضحة أهمية علامات فارقة، تقول الملا: “يُسلط المعرض الضوء على مساهمات رواد الفن العربي الذين لم يكن ليتسنى للكثير منهم فرصة لعرض أعمالهم في متحف بهذا الحجم. لذلك، فإنه من الأهمية بالنسبة لنا أن نقدم حياتهم وإرثهم بأعلى معايير المصداقية وإتاحتها في الوقت ذاته لكافة أطياف الجمهور ومساعدتهم على فهم وتقدير أشكال الفن المختلفة”.

وتأكيداً على جهود المتحف في الحفاظ على إرث عمالقة الفن، تشير الملا الى أن المتحف يفتخر بمجموعته الواسعة التي تضم أعمالاً لبعض أشهر الفنانين من الشرق الأوسط والمنطقة العربية فتقول الملا: ”يتجاوز كل عمل فني القيّم الجمالية التي يحملها بحيث يروي قصة تعكس خلفية الفنان وتجاربه الماضية، ومواقفه الاجتماعية إزاء التاريخ المعقد للمنطقة.“ ومن بين مجموعاته الأكثر تميزاً، يبرز المعرض الدائم المكرس لأعمال الرواد من الفنانين العرب من ضمنهم لؤي كيالي، إلى جانب عظماء آخرين مثل سلوى روضة شقير، وفائق حسن، وإسماعيل فتاح.

ومنذ تأسيسه، لعب متحف الشارقة للفنون دورًا فاعلاً في ردم الفجوة بين عالم الفن والجمهور من خلال برامجه التعليمية وورش العمل والجولات التفاعلية، التي حررت الفن من صورته النمطية كموضوع جامد وحولته الى تجربة يسهل الانخراط والتفاعل معها إذ قدم المتحف خلال عام 2023 أكثر من 138 ورشة استهدفت ما يزيد عن 2661 مشارك وما يربو على 117 ورشة لأكثر من 876 مشارك في عام 2022 بينما تجاوز عدد ورش العمل في عام 2021 ال 12 ورشة استهدفت ما يزيد عن 518 مشارك، أشرف على جميعها فنانون تواصلوا مع متذوقي أعمالهم، في تجارب فريدة ساهمت بتبسيط وتقريب عالم الفن للكثيرين وربطه بمناحي الحياة المتنوعة.

وقد جاءت ثمرة جهود المتحف الحثيثة لتجعل منه منصة للفنانين، من المحترفين والهواة، لعرض أعمالهم والتواصل مع جمهور أوسع وذلك من خلال استضافته لفعاليات سنوية مثل بينالي الشارقة والمعارض المتنوعة على مدار العام وعبر التعاون مع المؤسسات الثقافية محليًا وخليجيًا وعربيًا ودوليًا، لتعزيز تواصل الثقافات والتبادل الحضاري والمعرفي ولتعزيز مكانة المتحف كمنارة للتنوير الثقافي.

ومع استمراره في الازدهار، يبقى متحف الشارقة للفنون وجهة رئيسة لكل من يتوق لاستكشاف عالم الفن النابض في المنطقة، حيث تتجاوز جهود المتحف تنظيم الفعاليات، الى تصميم البرامج بعناية لتلائم جميع أعمار وقدرات كافة أفراد المجتمع، بما في ذلك كبار السن علاوة على حرصه بأن تكون مرافقه مناسبة لأطياف المجتمع كافة وملائمة لذوي الإعاقات المختلفة، مما يعزز سمعته كفضاء ترحيبي متاح للجميع. كما يعتبر المتحف مركزًا لبث الأمل وتعزيز الروابط الاجتماعية من خلال استخدام الفن والثقافة لخدمة المجتمع وتعزيز الصحة النفسية والجسدية بالتعاون مع خبراء، حيث يحمل الفن تأثيرًا كبيرًا على الصحة النفسية والجسدية.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: متحف الشارقة للفنون فی عام

إقرأ أيضاً:

ألق نظرة على ما يدور داخل أول معرض للأزياء في متحف اللوفر

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- "الفن هو الفن، والموضة هي الموضة"، هذا ما كان المصمم كارل لاغرفيلد، يُشدد عليه طوال مسيرته الأسطورية في عالم الأزياء.

وقد يُظهر معرض جديد بعنوان " Louvre Couture, Art and Fashion: Statement Pieces " عكس ما اعتقده مصمم الأزياء الألماني الراحل.

ويضم المعرض الذي يستمر حتى 21 يوليو/تموز، 45 مصممًا، من "شانيل"، و"بالنسياغا" و"فيرساتشي" و"إيف سان لوران"، وغيرهم، حيث يكشف حوارًا غير مسبوق بين الفن والأزياء من فترة الستينيات حتى اليوم.

يضم المعرض الجديد في متحف اللوفر بفرنسا قطع تابعة لمصممين مشهورين، بما في ذلك فستان مخملي أسود اللون صمّمه "Demna" لدار بالنسياغا.تصوير: Nicolas Matheus/Musée du Louvre

وسيتمكن الزوار من مشاهدة 70 قطعة من الملابس، و30 قطعة إكسسوار من مجموعة من المصممين المشهورين في هذا العرض التاريخي، الذي يُعد أول معرض للأزياء يُقام في متحف اللوفر على الإطلاق.

وقالت رئيسة المتحف، لورانس دي كارز، في مقابلة داخل اللوفر: "من المهم للغاية أن يستمر متحف اللوفر في الانفتاح على الأجيال الجديدة، وأن يقدم مساهمته الصغيرة لفهم عالم اليوم. وهذا ما يفعله هذا المعرض بالتحديد".

يشمل المعرض إبداعات أنيقة، بما في ذلك فستان من مجموعة ألكسندر ماكوين لربيع وصيف 2010 (في اليسار).Credit: Yoan Valat/EPA-EFE/Shutterstock

وتنسج المجموعة خيوطًا تربط بين الموضة، ومجموعة متنوعة من "القطع الفنية"، بما في ذلك الأعمال المصنوعة من السيراميك، ولوحات الـ"بورتريه"، وصالات العرض نفسها في متحف اللوفر.

وأكّد مدير القطع الفنية في المتحف، وأمين المعرض، أوليفييه جابيه: "يحتوي متحف اللوفر على أكثر بكثير من لوحة الموناليزا فحسب".

تبادل أنيق تعود هذه القطعة إلى مجموعة خريف وشتاء 2006-2007، وصمّمها جون جاليانو لكريستيان ديور.Credit: Yoan Valat/EPA-EFE/Shutterstock

لطالما استمد المصممون مثل لاغرفيلد وألكسندر ماكوين، الإلهام من ثروة المجموعات المعروضة بأكبر متحف في العالم.

وكان للبعض مثل كريستيان لوبوتان، ذكريات للأيام التي قضاها هؤلاء في قاعات المتحف خلال مرحلة الطفولة.

قطعة من مجموعة خريف وشتاء 2018-2019 للمصممة الهولندية، إيريس فان هيربن.Credit: Yoan Valat/EPA-EFE/Shutterstock

بالنسبة لجابيه، شكّلت العلاقة الشخصية بين المصممين ومتحف اللوفر نقطة بداية المعرض.

ويحتفي المعرض بفترات تاريخية رئيسية، ويدعو الزوار لإعادة اكتشاف القطع الأثرية باللوفر من خلال منظور المصممين المعاصرين.

وتشمل أبرز القطع فستانًا كريستاليًا من تصميم "دولتشي آند غابانا" مستوحى من عمل فسيفسائي من مدينة البندقية الإيطالية يعود للقرن الـ11. 

وهناك قطع أيقونية معروضة، مثل فستان شبكي معدني من تصميم جياني فيرساتشي في عام 1997، والذي عُرض سابقًا في معرض "Heavenly Bodies" لعام 2018 بحفل "ميت غالا".

التفاصيل شكّلت هذه الخزانة مصدر إلهام للمصمم، كارل لاغرفيلد.تصوير: Nicolas Matheus/Musée du Louvre

مقالات مشابهة

  • «السياحة»: متحف الحضارة يحقق أعلى إيرادات منذ افتتاحه في الربع الأخير من 2024
  • أمير قطر: دار الأوبرا السُّلطانية جسر حضاري للتواصل مع العالم
  • نقل "الموناليزا" إلى غرفة جديدة داخل متحف اللوفر.. لهذا السبب
  • جوهرة سانت بطرسبورغ.. متحف الأرميتاج أحد أكبر متاحف العالم
  • الرئيس الفرنسي يعلن عن خطط لتجديد متحف اللوفر ونقل "الموناليزا" إلى غرفة مخصصة لها
  • «الرئيس الفرنسي» يعلن عن خطط لتجديد متحف اللوفر ونقل «الموناليزا» إلى غرفة مخصصة لها
  • ألق نظرة على ما يدور داخل أول معرض للأزياء في متحف اللوفر
  • متحف أخناتون ينظم زيارة وورشة عن الفخار لـ الأيتام
  • أيام الشارقة التراثية تنطلق 12 فبراير بمشاركة عالمية واسعة
  • إنطلاق فعاليات بغداد عاصمة الثقافة الرياضية العربية