أخيرا وبعد تردد أو انتظار لعدة أيام بعد القصف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق وقتل عدد من الموظفين الإيرانيين ردت طهران بتوجيه مئات المسيرات والصواريخ صوب أهداف عسكرية في العمق الإسرائيلي، أصاب بعضها أهدافها (وخاصة القاعدة العسكرية التي انطلقت منها هجمة قصف القنصلية) باعتراف المتحدث باسم جيش الاحتلال، وإن كان المتحدث نفسه زعم اعتراض 99% من تلك الصواريخ والمسيرات، وهو ادعاء لا يمكن تصديقه بإطلاق، ولكن لو افترضنا أنه تم اعتراض 90% فإن هناك 10% من تلك الصواريخ والمسيرات سقطت داخل الكيان، وفي ظل سياسة التعتيم الإعلامي لن يمكن معرفة حجم الإصابات التي أحدثتها.
كان إعلان إيران مسبقا عن بدء إطلاق طائراتها ومسيراتها، وتقدير وصولها بعد 9 ساعات إلى أهدافها داخل الكيان أمرا مثيرا للسخرية لدى الكثيرين، فمثل هذه العمليات لا يعلن عنها إلا بعد وصولها حسب الخبراء العسكريين، لكن يبدو أن إيران قدمت معلومات مضللة عن مدة وصول قذائفها إلى أهدافها حيث وصلت بالفعل بعد وقت قليل من إطلاقها وليس بعد 9 ساعات.. ونشير هنا أن عنصر المفاجأة كان السبب الأكبر لانتصار القوات المصرية في حرب أكتوبر 1973، كما كان سبب انتصار عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023.
بدا من الإعلان الإيراني المسبق أن تلك الضربات جرت في إطار اتفاق وتنسيق مع الإدارة الأمريكية، وهو ما ذكرته بعض الأخبار الصحفية، بهدف منح إيران فرصة للثأر المنضبط لقصف قنصليتها وقتل رجالها، وبحيث لا يتسع الرد إلى حرب إقليمية أو عالمية، وهذا زعم ليس لمثلي تصديقه أو تكذيبه فقد سبق أن كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن إيران استأذنت واشنطن مسبقا قبل توجيه 18 صاروخا ضد قاعدة أمريكية شبه فارغة في إربيل مطلع العام 2020 ردا على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وهو الرد الذي لم يقتل أي جندي أمريكي في حينه.
وعلى فرض صحة هذا الفرضية (التنسيق المسبق بشأن الضربات وحدودها وتوقيتها) فإنها أثبتت أن إيران نفذت في النهاية تهديها بالثأر، كما يثبت أن الطرف الآخر في التنسيق وهو الطرف الأمريكي يقدر حجم الغضب الإيراني، وأحقيتها في حفظ ماء وجهها وهو مالا يفعله مع أي دولة عربية.
إن إيران ردت بطريقتها على قصف قنصليتها، وقدمت دعما كبيرا للمقاومة الفلسطينية سواء كان ذلك لوجه الله أو تحقيقا لمصالحها، وفي المقابل فإن الموقف العربي بدا أكثر ضعفا وانكشافا أمام العدو الصهيوني، فلم تستطع الدول العربية مجتمعة تنفيذ قرار قمتها في جدة بكسر الحصار عن غزة، بل شاركت عدة حكومات عربية في هذا الحصارهذه الضربات بغض النظر عن نتائجها على الأرض هي الأولى من نوعها ضد إسرائيل منذ عقود، وهي أول اشتباك إيراني مباشر مع الكيان انطلاقا من الأراضي الإيرانية، وليس عبر الأذرع الإيرانية في لبنان والعراق واليمن كما فعلت من قبل، ( لا ننسى هنا أيضا الرشقات الصاروخية العراقية للكيان إبان حرب الخليج مطلع العام 1991 والتي أوقعت خسائر مادية وبشرية)، كما أن هذه العملية كسرت خطوطا حمراء، وأفسدت قواعد الاشتباك التي فرضها الكيان الصهيوني والتي كانت تسمح له باستهداف الآخرين دون أن يتعرض للرد، وهذا ما يمنح إيران قدرا من المصداقية التي تفتقدها في تهديداتها المتكررة للكيان.
مثلت الضربات الإيرانية المباشرة دعما مهما للمقاومة الفلسطينية في غزة، والأهم أنها كرست الخوف لدى الإسرائيليين، الذين هرعوا إلى الملاجئ، وأكدت لهم أنهم سيظلون تحت خطر هذه الصواريخ والمسيرات، كما أن سفنهم وسفن داعميهم ستظل تحت الخطر في كل مكان بعد سيطرة إيران على السفينة الإسرائيلية وقبلها سيطرة حلفائها الحوثيين على سفينة أخرى ومهاجمة بعض السفن ما تسبب في تراجع الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر.
يقول البعض إن هذه الضربات الإيرانية تسببت في استعادة التعاطف الدولي مع إسرائيل بزعم أنها تتعرض لخطر وجودي، وحرب غير مبررة، والحقيقة أن إسرائيل هي التي استدرجت إيران إلى هذه الحرب بعد ضرب قنصليتها، وكانت تستهدف هذه النتيجة وهي استعادة التعاطف الدولي، إضافة إلى استعادة الوحدة الداخلية حول الحرب، وهو ما لم تظهر نتائجه بعد باستثناء مواقف معروفة لبعض العواصم الغربية لم تتأخر أو تتراجع يوما عن دعمها للكيان، وعلى كل حال فإن حالة الحرب لا تزال قائمة حتى كتابة هذه الكلمات، وسيتوقف تطورها أو اتساعها على الرد الإسرائيلي، وقدرة الولايات المتحدة على ضبط الإيقاع.
في كل الأحوال فإن إيران ردت بطريقتها على قصف قنصليتها، وقدمت دعما كبيرا للمقاومة الفلسطينية سواء كان ذلك لوجه الله أو تحقيقا لمصالحها، وفي المقابل فإن الموقف العربي بدا أكثر ضعفا وانكشافا أمام العدو الصهيوني، فلم تستطع الدول العربية مجتمعة تنفيذ قرار قمتها في جدة بكسر الحصار عن غزة، بل شاركت عدة حكومات عربية في هذا الحصار، وإغلاق المعابر التي تمثل شرايين حياة لأهل غزة، وكان بإمكان هذه الدول وقف العدوان على غزة بإعلان بعض التدابير التي لا ترقى إلى مستوى الحرب مثل استدعاء السفراء أو تجميد العلاقات ولو مؤقتا وهو مالم ولن يحدث.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي الإيرانية إيران هجوم إسرائيل رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وهو ما
إقرأ أيضاً:
ايها المواطن ، ليحلم كل منا بشكل الدولة التي يريد
ايها المواطن ، ليحلم كل منا بشكل الدولة التي يريد ونظام الحكم الذي يشتهيه والافضل أن يكون المواطن نفسه هو الدولة والحكومة وان يهتم بعدما يحيل نفسه للتقاعد أن يكتب مذكراته ويضعها تحت الوسادة ويضع مذكرة تفسيرية قربها تقرأ : أن هذه المذكرات ليست للتداول
بعض الجهات مهمتها اصلاح الآخرين بالعنف أن لزم الأمر ولكن تظل مشكلة هؤلاء القوم أنهم لم ينظروا ولو لمرة واحدة في المرآة ليروا كم أن بينهم وبين الآدمية أعوام واعوام فكيف يتسني للاعاصير أن تخفف من غلوايها وتغير من لونها وتهدأ عل البشرية تلتقط أنفاسها وترتاح بعد لهاث طال ام قصر بسبب فئة استمرات أن يكون ذلك الإنسان المجهول يتقلب بين جنون وجنون وهم كالعادة بحلاقيمهم الاعلي صوتا من الأبواق يرسلون النظريات يمنة ويسري من علي البعد يطالبون ويلحون في الطلب بأن يقوم غيرهم بواجب الدفاع عن الأرض والعرض وهم لهم من المشاغل مايحول بينهم وبين هذه المهمة التي تحللوا منها بفتاوى صدرت لهم خصيصاً من مجالس شوراهم بأن يحافظوا علي لياقتهم البدنية ويكثروا من رياضة المشي علي الأراضي التركية والماليزية وعلي ساحات دبي وميدان البيكاديلي وحديقة هايد بارك وقصور قرطبة ونوافير سويسرا ومعالم في الطريق وامريكا روسيا قد دنا عذابها !!..
وتقول لهم الفتوي انكم في استراحة محارب وعندما تتعبوا من الراحة والدعة والخمول يكون إخوة لكم بالداخل قد جهزوا لكم أحصنة طروادة لتحملكم رأسا إلي عشقكم للحكم والتحكم وإحصاء الأنفاس وبيع ثمرة القلقاس داخل مدينتي فاس ومكناس واذا استدعي الأمر ينتقل الاوكازيون إلي كراكاس واركنساس!!..
وفي برقية عاجلة تقول لهم الفتوي عودوا عندما تعلن لكم ساعة الصفر ولكن فرادي ومن غير عوائلكم حتي نضمن لكم أن الأمن قد استتب تماما ولا توجد مقاومة تذكر ولا تسحبوا من لرصدتكم شيئا لتعودوا بها إلي الداخل وتطمئنكم بأن دقيقنا كتير بكفينا عشان كدا ماتجيبوا معاكم لا دقيق ولا طحينة ولا سخينة !!..
هذا هو الموقف حتي الآن والزمام قد فلت والعقد قد انفرط وعلي كل فرد من أفراد العائلة السودانية أن يعزف منفردا علي الكمان أو العود وان يحرص علي أن يطرب نفسه حصريا وان يشاهد مسرحية تانهسو بلدي ومنقستو ولدي وكلهم اولادي في إريتريا وفي جزر المايوركا وجزر المالديف والفولكلاند وشعب بوان في أرض الملالي وفي قصة طباخ الرئيس وقصيدة قهوة امي ورقصة الهياج واجمل ماقالت روضة الحاج !!..
ماقلناه في عاليه هو وصفة مجربة ومضمونة العواقب عشان ماتنتظروا هدنة ولا قمة ولا مؤتمر ولا بايدن ولا محكمة دولية ولا جن كلكي أو أحمر ولا اي شيئ سبق أن جربناه إلا وزاد من أمد الحرب اللعينة العبثية المنسية رغم أن البعض قال إن الحكاية قربت ضعوا في بطونكم بطيخة صيفي وقلم رصاص ودفتر وسلة مهملات ونوم طويل وحلم كله اعراس وماتم !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com