سودانايل:
2024-11-27@10:35:49 GMT

مرتكزات ومعوقات النهضة بالسودان

تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT

بقلم: د. محمد حمد مفرح
من المفارقات العجيبة التي تسم الواقع الاقتصادي بالسودان توافر مجموعة مقدرة من الموارد بالبلاد، في وقت يتسم فيه الاقتصاد السوداني بالتدهور العام الذي ظل يطبع كل مناحي الحياة هناك و ذلك على نحو اورد المواطن موارد المعاناة الحقيقية و حال دون استشراف البلاد واقعا افضل. و من ابلغ ما قيل عن هذه الحالة الاستثنائية ان (السودان يمتلك كل شيء و لا يوجد به شيء).

و يمكن اجمال الموارد المشار إليها، بصورة عامة، في الموارد الزراعية، الموارد الحيوانية، الموارد المعدنية، الموارد البحرية و خلافها. و يبدو ان هذه الموارد التي تمثل مرتكزات أساسية لنهضة البلاد، و التي يعد بعضها نفيسا تسعى الدول بكل ما تملك للحصول عليه، كاليورانيوم و البترول و الذهب و غيرها، يبدو انها متوافرة في بلادنا بكميات كبيرة و كافية لتحقيق نهضة اقتصادية حقة مؤهلة لنقل السودان نقلة فوق العادة على صعيد النهضة الشاملة.
و تبعا لذلك فقد كثر الحديث عن تنافس الدول الكبرى في ايجاد موطيء قدم لها بالسودان، تمكنها من الحصول على موارده، في ظل شح الموارد scarcity of resources على المستوى الدولي، و بحث هذه الدول عنها في أي جهة كانت.
الا أنه و بالرغم من توافر الموارد فقد ظل الحال البائس انف الذكر ملازما لمسيرة الوطن لعقود من الزمان بلغ فيها التدهور الافتصادي منتهاه حتى صنف السودان ضمن افقر بلدان العالم. و قد انعكس هذا التدهور على كل مناحي الحياة بالبلاد بقدر أقعد السودان عن التطور و تحقيق النهضة المرتجاة، ما جعله يقبع في مربع التخلف بل و في ذيل دول العالم الثالث.
من جهة أخرى فقد تناول العديد من الكتاب و المفكرين و المسؤولين هذا الواقع المأساوي في كتاباتهم و توصيفهم لحال البلاد الاقتصادي، بل و قتلوه تناولا و بحثا و ذلك في مسعى منهم لتشريحه و وضع حد له، عبر ابتدار رؤى هادفة لاجتراح الحلول المناسبة. و من هؤلاء الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السابق، و الذي طرح العديد من الرؤى الاقتصادية العبقرية، موظفا خبراته الثرة في العمل في المجالات الاقتصادية المختلفة بالأمم المتحدة. و قد سبق له أن قام بوصع خارطة طريق اقتصادية Economic Road Map، في اطار مسعاه لانتشال البلاد من وهدة التخلف الاقتصادي. و قد قام من خلالها بتحديد محاور معينة لتطوير الاقتصاد السوداني عبر استغلال موارد البلاد، و ذلك من أجل تفكيك الازمة الاقتصادية المتطاولة prolonged Economic crisis و تحقيق النهضة المنشودة.
كما قام الدكتور ابراهيم البدوي، وزير مالية الفترة الانتقالية السابقة و الذي ظل يشغل عدة مناصب اقتصادية و مالية دولية، قام بابتدار مجموعة من الاطروحات الاقتصادية القيمة المؤهلة لانتشال الاقتصاد من وهدته العميقة و الارتقاء به، اذا ما تم دعمها و توافرت لها البيئة المناسبة. و قد عقد الدكتور البدوي مؤخرا عدة ندوات عبر (,الزووم) دفع عبرها برؤى اقتصادية مؤهلة لوضع الاقتصاد السوداني في مساره الصحيح مع تعبيد الطريق لتطوره.
علاوة على ذلك فان الدكتور صالح جبريل حامد، الحاصل على دكتوراة في التخطيط التنموي من جامعة الخرطوم و الخبير المصرفي، الحاصل أيضا على الزمالة المهنية في التمويل الاسلامي من الجامعة الماليزية الاسلامية العالمية، دفع مؤخرا برؤية اقتصادية نابهة من شأنها الاسهام في اقالة عثرة السودان الاقتصادية، إذا ما توافرت لها عوامل النجاح او مهد لها الطريق لتؤتي اكلها. و يمكن الاطلاع على هذه الرؤية التي جاءت تحت مقال بعنوان (السودان و افاق المستقبل)، يمكن الاطلاع عليها بالميديا، و منها موقعي سودانايل و الراكوبة.
و قد تطرق هذا المقال المبني على إستراتيجية تنموية تطويرية تؤسس لنهضة شاملة، تطرق الى محاور مهمة و حيوية يمكن ان يعول عليها في الأخذ بيد الاقتصاد و استشراف البلاد غدا افضل تتمكن من خلاله من اللحاق بركب التطور الدولي.
و مع ذلك فانه، و لاستحالة تطبيق رؤي دكتور حمدوك و اطروحات الدكتور ابراهيم البدوي، و رؤية الدكتور صالح جبريل، لاستحالة تطبيقها في بيئة سياسية غير صحية او غير معافاة كالبيئة السودانية، فليس من المؤمل ان تحقق هذه الرؤى التي تمثل في مجملها إستراتيجية ذكية، اهدافها ما لم يحدث اختراق سياسي Political breakthrough بالسودان يمهد الطريق لنجاحها.
و من المعلوم أن السبيل الوحيد لهذا الاختراق هو توطين و ترسيخ نظام الحكم الديموقراطي بالسودان عبر تحرر بعض القوى السياسية من روح الهيمنة و الاقصاء مع تحقيق إصلاح حزبي داخل بعض الاحزاب السودانية، من اجل تطبيق الديموقراطية الحقة. و هذا يقتضي بالضرورة إدراك مفهوم الديموقراطية من قبل بعض النخب السياسية و كوادر الاحزاب، و توافر النضح السياسي في اوساط كوادر القوى السياسية المختلفة فضلا عن توافر الحس الوطني فيهم مع تقديم التنازلات المطلوبة من قبل القوى السياسية و البعد عن الانانية، سعيا وراء تقديم مصلحة الوطن على المصلحة الذاتية و الحزبية .
من جهة أخرى هنالك حاجة لتحقيق التربية المجتمعية الهادفة الى تربية افراد الاسرة و المجتمع على القيم الفاضلة و الأخلاق التي دعا لها ديننا الاسلامي و أكدت عليها الديموقراطية الليبرالية، و ذلك مثل العدل، الصدق، الأمانة، الايثار، الحرية المنضبطة او المؤطرة بالأخلاق، الشفافية ... الخ. و لا شك من ان هذه القيم تعد ضرورية للتربية الاسرية و المجتمعية و لتحقيق الديموقراطية، كما يفتقدها المجتمع السوداني.
و من الضروري بمكان ان تتحقق هذه القيم بصورة متوازية مع إعداد و تنفيذ منهج دراسي يراعي توافر الكفاية القيمية، أي ضرورة استلهامه لقيم ديننا الاسلامي و قيم الديموقراطية.
بجانب ذلك هنالك حاجة لتوظيف الإعلام بصورة معيارية في التربية الاسرية و المجتمعية من خلال التوعية و الارشاد المجتمعي و ذلك من اجل ترسيخ القيم المشار إليها انفا، حتى يكون نتاج ذلك شخصية سودانية تؤمن بالديموقراطية بحق و حقيقة.
كذلك يجب أن تنتظم القوى
السياسية حركة بناء سياسي موازية للتربية المذكورة، تقوم على الاتفاق على برنامج لبناء الدولة السودانية عبر التوافق على رؤية كلية لهذه الدولة ثم وضع دستور دائم لترجمة هذه الرؤية، يكون مرجعية لحكم البلاد.
ثمة أمر آخر غاية في الأهمية في عملية انتشال الاقتصاد من وهدته و تحقيق النهضة الشاملة، يتمثل في وضع الاولويات المطلوبة لترجمة الأطروحات سالفة الذكر و غيرها الى واقع ملموس. و من المؤكد انه اذا ما تم ذلك فستكون بلادنا موعودة بنقلة نهضوبة مقدرة في المستقبل المنظور.

mohammedhamad11960@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة

إقرأ أيضاً:

البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع "قوات الدعم السريع" 

 

الخرطوم - أكد رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، الاثنين 25نوفمبر2024، رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع «قوات الدعم السريع»، وقال إن «التسوية التي طرحناها أن تضع تلك القوات السلاح، وتتجمع في أماكن معينة»، بعد ذلك ينظر الشعب في شأنها».

ولدى مخاطبته مؤتمر حول قضايا المرأة في شرق السودان، بمدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، تعهد البرهان بالقضاء على «الميليشيا المتمردة طال الزمن أو قصر». وأضاف أن ما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي عن تسوية مع «قوات الدعم السريع» غير صحيح، مشيراً إلى أنها ارتكبت انتهاكات في حق المواطنين، ولا تزال تحاصر مدينة الفاشر عاصمة شمال ولاية دارفور في غرب البلاد، وفق جريدة الشرق الأوسط السعودية.

وأضاف أن الحديث عن تقدم مجلس السيادة بدعوة للقوى السياسية لعقد مؤتمر للتفاوض بمدينة أركويت في شرق السودان، «ليس صحيحاً»، مضيفاً أن «باب التوبة مفتوح، ونرحب بأي سوداني مخلص، لكن التوبة لها شروط».

وقال إن القوات المسلحة (الجيش) والقوات النظامية الأخرى و«المستنفرين» (المدنيين الذين سلحهم الجيش) يمضون «بكل عزيمة وإصرار نحو القضاء على ميليشيا آل دقلو الإرهابية المجرمة»، في إشارة إلى عائلة قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي».

وشدد البرهان على ضرورة الاهتمام بالمرأة لتسهم في بناء السودان، مشيراً إلى أن المرأة في شرق البلاد لم تنل حظها في التعليم، بسبب عادات وتقاليد كانت سائدة في المجتمع.

ميدانياً، واصل الجيش تقدمه في ولاية سنار، حيث استعاد عدداً من البلدات بعد سيطرته مؤخراً على مدينة سنجة عاصمة الولاية التي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي للبلاد. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن قوات الجيش مسنودة بعدد من كتائب الإسلاميين «المستنفرين» تمكنوا منذ يوم الأحد من استعادة السيطرة الكاملة على بلدات ريفية مجاورة للعاصمة سنجة، وهي «ود النيل» و«أبوحجار» و«دونتاي»، دون خوض معارك مع «قوات الدعم السريع» التي انسحبت، وبدأت في التوغل نحو ولاية النيل الأزرق جنوب شرقي البلاد. ووفق المصادر نفسها، أصبحت كل مدن وبلدات الولاية تحت سيطرة الجيش الذي يحاصر ما تبقى من «قوات الدعم السريع» في بلدتي «الدالي» و«المزمزم».

وكان الجيش قد أعلن، يوم السبت، استعادته رئاسة «الفرقة 17» مشاة في مدينة سنجة. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط ولاية سنار بولايتي الجزيرة والنيل الأبيض.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولايات كردفان إلى الجنوب. ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، قتل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) 2023.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع إصابات الكوليرا بالسودان إلى أكثر من 42 ألف حالة
  • الدكتور حسن مكي: ما حدث في الخرطوم غريب وقد نحتاج إلى سنوات لنفهمه
  • الاغتصاب سلاح حرب بالسودان.. حالات انتحار واسترقاق وضحايا يعانين في صمت
  • وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي المعني بالسودان
  • وزير الخارجية والهجرة يشارك في اجتماع الرباعي المعني بالسودان
  • وزير الخارجية والهجرة يشارك في الاجتماع الرباعي المعني بالسودان
  • وزير الخارجية المصري يؤكد حرص مصر البالغ على تحقيق الاستقرار فى السودان الشقيق
  • اللامركزية أداة لتعزيز تنويع الاقتصاد وتوليد فرص العمل في المحافظات
  • البرهان: لا تفاوض ولا تسوية مع "قوات الدعم السريع" 
  • حرب السودان والأسئلة الصعبة